شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 62 يأبى العام 2020 أن يرحل دون أن يأخذ معه المزيد من الأرواح الطيبة. خبر يتصدر الصفحة الرئيسية عبر تويتر في 29 ديسمبر/كانون الأول؛ «وفاة المخرج السوري حاتم علي إثر أزمة قلبية». قرأت الخبر عدة مرات… نعم إنه «حاتم علي» الذي أعرفه، لا يوجد حاتم علي سواه. مخرج كَبرتُ وأنا أشاهد أعماله الدرامية التي تعد درّة الدراما السورية، والتي لن أبالغ إذا قلت إنها غرست في طفولتي الكثير من الأفكار والمبادئ الجيدة، وقرّبتني لسوريا التي أفتقدها. حاتم علي، الاسم الذي إن شاهدته على «مانشيت» العمل التلفزيوني، فهذا يعني أنني سأشاهد عملًا دراميًا جيدًا جدًا. أتذكر من كل أعماله الخالدة التي تحضر لذاكرتي بمجرد ذكر اسمه؛ مسلسل «الفصول الأربعة» الدرامي الاجتماعي الدافئ؛ بجزئيه. عبّر المسلسل عن روح العائلة بحق، عائلة في القصة الدرامية، ناهيك عن بعض صلات القرابة الحقيقية التي تربط بعض طاقم العمل. أُنتج الجزء الأول من المسلسل عام 1999، والجزء الثاني 2002، وهو من تأليف «دلع ممدوح الرحبي» و«ريم حنا». ما سأكتبه هنا هو بعض من حب تجاه هذا المسلسل. حنين يأخذني إلى منزل «السّت نبيلة» تابعت هذا المسلسل برفقة عائلتي، كنت في المرحلة المتوسطة (الإعدادية)، وكنا قد اقتنينا تلفزيونًا جديدًا نتجمع حوله في كثير من الأوقات، وكان هذا المسلسل هو العمل الذي أحببناه جميعًا. البساطة هي عنوان كل جميل. منزل بسيط يحتضن العائلة الدمشقية الكبيرة. عائلة مكونة من الأب كريم وشقيقته -غير المتزوجة- جميلة، والأم نبيلة، و5 بنات (فاتن، ماجدة، شادية، نادية، والخامسة -المتوفاة- ليلى). بمجرد أن تتجول الكاميرا في منزل الست نبيلة، تجد صالة كبيرة هي مسرح كل الأحداث وكل الحكايات. كريم، رجل مسنّ يعشق التحف وكل ما هو عتيق، لديه غرفة في المنزل يقضي فيها وقته بين تحفه وخردواته. نبيلة، ربة منزل مثالية، حكيمة، طيبة المعشر تود لو أن كل النساء تُشبهها. مقاعد صالة المنزل منسوجة بقماش كحلي مُخطط بخطوط حمراء (كاروهات) متواضع يُشعِرك كأنك جالس في منزلك، وفي ركن الصالة «جرامافون» عتيق يُضيف للمكان روح قديمة شاعرية، خلفه وحدة تخزين غير مستخدمة تحتوي صحونًا ومزهريات بيضاء منقوشة بالأزرق. وفي الركن المقابل هناك مائدة الطعام الخشبية، يقابلها ركن يحتوي 3 مقاعد وتليفزيون صغير مُطفأ أغلب حلقات المسلسل. فالعائلة هي الأهم عندما تجتمع كاملة. وكما يقولون، أصابع اليد الواحدة لا تتشابه، وفي عائلة الست نبيلة والسيد كريم، تجد أن 3 بنات متزوجات، حيث تلاحظ اختلاف مستوى معيشتهن بين الكبرى فاتن، زوجة رجل أعمال مهم، وماجدة زوجة موظف في هيئة الأرصاد الجوية، موظف مثقف يعشق الكتب والحديث عن أهميتها، وشادية، زوجة محبّة لزوجها الشاعر البسيط الحالم يعيشان في منزل متواضع، والمحامي عادل، أرمل المرحومة ليلى الذي ظلّ على علاقة وطيدة ومخلصة لعائلة زوجته. طبقات اجتماعية متعددة في عائلة واحدة، هي منبع للكثير من الحكايات والمواقف. حكايات تشبهنا… ورسائل «حاتم علي» حكايات العائلة الدمشقية هذه تدور حول يومياتهم فحسب. حكايات السيدات عندما يجتمعن، وأحداث في العالم تؤثر في سير أيّامهم. تتشارك السيدات حكاياتهن بالهاتف، ويجتمعن عند والدتهن ليقلن المزيد من التفاصيل. من مسلسل الفصول الأربعة، حلقة «بنت وصبي» – إخراج: حاتم علي في إحدى الحلقات بعنوان «بنت وصبي»، كانت الحلقة تدور حول «نارا»، ابنة المحامي عادل وابنة المرحومة ليلى. الصبيّة الصغيرة التي تأثرت بأحداث الانتفاضة الفلسطينية، ومشاهد العنف والموت، وكانت تتابع الأخبار دائمًا لدرجة أنها أثّرت على مجرى حياة العائلة بأكملها في ذلك اليوم. وجدتْ أن هذه الحلقة، هذه الصبية تشبهني كثيرًا، لأنني في صغري في المرحلة الإعدادية في المدرسة، كان لديّ اهتمام واسع بالقضية الفلسطينية، كتبت كثيرًا عنها في الإذاعة المدرسية، حتى أنني كنت أجمع قصاصات الصحف والصور واحتفظ بها إلى الآن. لهذا كنت أعتبر المسلسل ليس عملًا دراميًا اجتماعيًا بسيطًا فحسب، بل هي حياة تُشبهنا نوعًا ما. كان المسلسل عامرًا برسائل وضعها «حاتم علي» وزوجته الكاتبة «دلع ممدوح الرحبي» في كل حلقة، رسائل مخفيّة تصل إليك مباشرة دون أن تتكبد عناء البحث عنها. في الحلقة السابق ذكرها، كانت القضية الفلسطينية هي محور حياة صبية في مكان ما في الشام، تشبه واحدة في العالم العربي. حلقات المسلسل مستقلة، كل حلقة بعنوان وقصة مختلفة. ورغم اختلاف الأحداث لكن كل حلقة حملت دفئًا وحبًا ومشاعر أسرية افتقدناها. رحل حاتم علي، وترك إرثًا ضخمًا من الأعمال الدرامية التي تنوعت بين التاريخي والاجتماعي، شاهدت معظمها، لكن بإلقاء نظرة على ردود أفعال الناس عبر السوشيال ميديا على خبر وفاته، كان مسلسل «عمر» بلغته العربية الفصحى، هو العمل الذي أثّر في شريحة كبرى منهم، لذا سأضعه على قائمة الأعمال التي سأشاهدها في 2021، لكن يبقى مسلسل «الفصول الأربعة» بالنسبة إليّ أبديّ، لما يحمل في طياته من دفء وحب عميق لا يُفقد. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً أزمة في برشلونة الأخلاق: ابتكار الأقوياء أم صنع الضعفاء؟ إني راحلة: قضية فتاة ظلمها المجتمع! الصراع الخفي في أذربيجان شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram مي السيد شرف الدين Follow Author المقالة السابقة مشكلات إدارة رواق المغاربة ومصائرها المقالة التالية «أبيض» هو لون ثيابه قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك العرب والعداء للقراءة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك رومانسية «مالكوم إكس» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك معضلة الترولي: حتمية القرار و اللاقرار 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الأقباط وأنسنة الضحية: تاريخ موجز من العنف المادي والرمزي 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الصياد الذي تناول حبة الفيل الأزرق: عن «موسم صيد الغزلان» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أوقاف محمد علي ومخصصات تكية مكة في أيام الشوربة والتوسعة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تجربة اللجوء أو في إحراج مفاهيم الحداثة السياسية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أشهر الأخطاء في مجال العمل الحر: كيف تربح أكثر وتعمل... 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أزمة العقل العربي في علاقة المثقف بالجمهور 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «Inglourious Basterds»: التاريخ على طريقة تارانتينو! 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.