شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 69 تعتبر كتابة القصة من الأمور التي يستمتع بها العديد من الأشخاص، وذلك لما تحتويه من مشاعر يمكنها أن تؤثر في القارئ فعلًا، ولعلك تتذكر قصتك المفضلة بشخصياتها وأفكارها وكل ما جاء فيها، بل إنها تترك في داخلك تأثيرًا حقيقيًا يغير من حياتك بالكامل، ولذلك نتحدث في هذا المقال عن القصة وكيف تُكتب. ما هي القصة؟ القصة هي حكاية تُستمد من الواقع أو الخيال أو منهما معًا، لها قواعدها في الكتابة حسب نوع الفن المقدم. يتم تقسيم هذا النوع من الفن إلى ثلاثة أنواع: القصة القصيرة، القصة، الرواية. والفارق بين هذه الأنواع يتمثل في أن كل نوع له طريقة كتابة معينة، فالقصة القصيرة مثلًا الفن الذي يناسب هذا العصر حسب آراء العديد من الأفراد، لأنه لا يحتاج إلى وقت طويل في الكتابة أو حتى القراءة، أما القصة فهي أكبر من القصة القصيرة، لكنها لا ترتقي لأن تصبح رواية لأنها فن له طريقة كتابة أكبر من القصة، ويشتمل على قواعد أكبر. ونحن سنتناول المقومات المشتركة بين هذه الأنواع الثلاثة، ثم سنخصص بعض الحديث عن أنواع القصة القصيرة. مقومات كتابة القصة توجد مجموعة من المقومات المشتركة بين الرواية والقصة والقصة القصيرة، والاختلاف بين هذه المقومات يظهر فقط في حجم كل عنصر في كل عمل من الأعمال الثلاثة. 1. الفكرة تعتبر الفكرة هي الأساس الذي يقوم عليه بناء القصة، والتي يجب أن يقررها الكاتب من البداية، حيث أنه من خلال هذه الفكرة يمكنه أن يحدد العمل المناسب لتقديمها. عرض الفكرة في القصة لا يعني بالضرورة تقديم حلول للمشكلة المطروحة، فهذا الأمر ليس إلزاميًا على الكاتب، بل إن الغرض من القصة هو تسليط الضوء على وضع معين، لمساعدة القارئ مثلًا أن يرى الوضع من منظور مختلف لم يعرفه من قبل، أما تقديم الحلول، أو حتى محاولة القارئ تقييم العمل بناءً على الحل الموجود ومناسبته معه، فهو أمر خاطئ لا تختص به القصة في المقام الأول، ولذلك لا يجب أن يعتمد الكاتب في فكرته على تقديم الحلول، بل المهم أن يركز على عرض فكرته في إطار القصة بشكل يجعل القارئ قادرًا على فهمها، سواءً تم عرضها بشكل مباشر من الكاتب، أو بشكل غير مباشر بحيث تقع مسئولية تحديد الفكرة على القارئ. 2. الشخصية نجاح القصة يعتمد في الأساس على مقدرة الكاتب على صياغة الشخصيات بما يتوافق مع الفكرة التي يريدها، فالفكرة لن تصل إلى القارئ دون أن تكون الشخصية ذات تأثير حقيقي بالنسبة له. لذلك نجد الكاتب مسئولًا عن وضع شخصيات تؤثر في القارئ حقًا، وصياغة الشخصيات على مدار العمل الفني أمر يحتاج إلى حديث طويل، لذلك نذكر هنا بعض الأساسيات حول الشخصيات. تنقسم الشخصيات في القصة إلى نوعين: الشخصية الرئيسية والشخصية الثانوية. كذلك يوجد تصنيف آخر للشخصيات داخل العمل، وينطبق على الشخصية سواءً كانت رئيسية أو ثانوية: الشخصية الثابتة والشخصية النامية. حتى ينجح الكاتب في صياغة الشخصية بشكل صحيح في العمل، يجب عليه أن يفهم الفارق بين هذه الشخصيات، وكيف يمكنه توظيف كل نوع في قصته. الشخصية الرئيسية في الغالب هي محور جميع الأحداث، لكن هذا لا يعني أن التركيز يجب أن يكون عليها فقط، بل يجب أن تحصل الشخصية الثانوية على نفس القدر من الاهتمام، فالقارئ قد يرتبط ببعض الشخصيات الثانوية أكثر من ارتباطه بالشخصية الرئيسية. الشخصية الثابتة هي الشخصية التي تظهر في العمل بشكل مكتمل من البداية، دون أن يحدث أي تغيير في تكوينها خلال العمل بالكامل، فنجد أنها تتصرف بشكل ثابت في القصة، سواءً كانت شخصية رئيسية أو ثانوية، والتغيير الذي يحدث فقط هو ارتباطها بالشخصيات في القصة حسب تصاعد الأحداث. الشخصية النامية وهي الشخصية التي يحدث تغير وتطور في سلوكها وأفكارها خلال العمل، فتبدأ القصة دون أن تكون واضحة بالكامل، ومع تصاعد الأحداث تبدأ في النمو والاكتمال. يجب أن يهتم الكاتب دائمًا باختيار شخصيات تناسب القصة التي يعرضها، وكذلك يجب أن يهتم بتوضيح الصفات التي تميز كل شخصية، وأن يجعل كل شخصية تتصرف طبقًا لهذه الصفات، وعندما يحدث أي تغيير في التصرفات يجب أن يصاحبه تغير في صفات الشخصية، بحيث يكون الأمر مقبولًا للقارئ. 3. الحبكة تتكون الحبكة من مجموعة الأحداث التي نجدها في القصة، حتى نصل إلى منطقة الصراع أو العقدة، ومن ثم نخرج بها إلى نهاية القصة. صياغة الحبكة تعتمد على الفكرة التي يريد الكاتب توصيلها في النهاية، وكذلك الشخصيات الموجودة في القصة وكيف تتعقد العلاقات بينها، وكيف تتطور الحكاية حتى نصل إلى العقدة. يجب أن تكون الأحداث مرتبطة في القصة، فأيًا كان الحدث الذي يستخدمه الكاتب، يجب أن يجعل القارئ يشعر بمنطقية هذا الحدث، وأن حدوثه ليس أمرًا عجيبًا طبقًا للحكاية والشخصيات، فوجود هذا الترابط بين الأحداث يساعد القارئ جدًا على الاندماج في القصة، كذلك يجعل الحبكة أقوى ومؤثرة بالنسبة له. 4. السرد والحوار السرد هو الطريقة التي يستخدمها الكاتب في وصف جزء من الأحداث في القصة، أو في وصف العالم الداخلي للشخصيات وما يدور بها من خواطر وصراعات. يوجد للسرد مجموعة من الطرق المختلفة من أمثلتها: السرد الوصفي: ويعني أن الكاتب يعتمد على وصف الأحداث من منظور المشاهد البعيد عن الأحداث، فيعتمد على ضمير الغائب في ذكر الأحداث. والسرد الذاتي: وهنا الكاتب يدوِّن الأحداث في القصة على لسان المتكلم، وبالتالي يمتزج الكاتب هنا مع الشخصيات. أما الحوار في القصة فينقسم إلى نوعين: حوار مع الغير وهو يمثل الحوار بين شخصيات القصة وبعضها البعض. وحوار مع الذات ويعبر عما يدور في داخل الشخصيات من أحاديث قد لا ترغب الشخصية في التعبير عنها لبقية الشخصيات. 5. المكان والزمان آخر مقومات القصة هي اختيار المكان والزمان لها، ولا توجد قواعد تفرض على الكاتب اختيار مكان أو زمان محدد، لكنه يختارهما بناءً على الفكرة التي يريدها في القصة. المكان والزمان كلاهما يؤثر في الشخصيات داخل القصة، وفي الصفات التي يخلقها الكاتب لكل شخصية. كذلك فإنهما صورة لأحداث القصة، بحيث يكون القارئ قادرًا على استيعاب القصة بالكامل كما يريد الكاتب التعبير عنها. ما هي أنواع القصة القصيرة؟ إن اختيار المقومات المناسبة للقصة يعتمد على نوع القصة التي يعبر عنها الكاتب، وكما تحدثنا فإن التركيز هنا سيكون على القصة القصيرة وبعض أنواعها. 1. قصة الحادثة: في هذا النوع من القصص يكون التركيز الأساسي على الأحداث والوقائع في القصة، ولا تظهر الشخصيات كمحور أساسي في القصة، بل إن اختيارها يأتي بناءً على الحادثة. 2. قصة الشخصية: على عكس النوع الأول من القصة القصيرة، فإن هذه القصة تركز أكثر على الشخصية وما يحدث معها، وبالتالي فإن الأحداث تتشكل بناءً على الشخصية. 3. قصة الموقف: وهي تهدف إلى التركيز على موقف معين في حياة الشخصية، فتكون ظروف القصة كلها تدور حول هذا الموقف، ولا تظهر كل جوانب الشخصية بوضوح إلا المرتبط منها بالموقف. 4. قصة الفكرة: وهنا يكون التركيز الأساسي على فكرة معينة يريد الكاتب توضيحها، فنجد أن الشخصيات في القصة تتصرف لتوضيح هذه الفكرة، ولا يكون التركيز الأساسي على الشخصيات وما تقوم به، بل إن كل صفاتها ومواقفها تأتي فقط في صالح فكرة الكاتب. ما هي القصة القصيرة؟ عندما كنت أبحث عن تعريف محدد للقصة القصيرة، لم أجد تعريفًا ثابتًا يمكن الاعتماد عليه، وإن اشتركت أغلب التعريفات حول أن القصة القصيرة تُكتب في مجموعة صغيرة من الأوراق، وكذلك فإنها تتناول جوانب محددة بعينها في الحياة، لذلك رأيت أن أبدأ بكتابة الأنواع، فكل نوع مما ذكرناهم في الفقرة السابقة يعبر عن الجوانب المحددة للقصة القصيرة. والقصة القصيرة تنطبق عليها جميع مقومات القصة التي ذكرناها، لكن الكاتب يختار هذه العناصر ويصيغها وفقًا لما يريد كتابته، بجانب أن القصة القصيرة تتميز بطابع التكثيف والوحدة. التكثيف يعني محاولة الكاتب طوال الوقت أن يجعل القصة موجزة، فيحذف من القصة الزوائد التي يمكن للقارئ فهمها، أو يحذف الأحداث التي لا ترتبط بشكل أساسي بنوع القصة التي يكتبها. أما طابع الوحدة في القصة القصيرة يعني التركيز على أن يكون نوع القصة واضحًا، فإن كان التركيز على قصة الموقف، فإنه من الأفضل أن يكون موقفًا واحدًا، وإن كانت قصة الشخصية، فإنه من الأفضل أن يكون التركيز على شخصية واحدة. يقول الكاتب الأمريكي إدجار آلان بو (واحد من أفضل كتاب القصة القصيرة) “يجب أن تملك القصة القصيرة طابعًا واحدًا، وكل جملة في القصة يجب أن تساهم في بناء الحكاية حتى تصل القصة إلى هذا الطابع.” فمن خلال هذه المقولة نجد أهمية التكثيف والوحدة في القصة القصيرة. وفي القصة القصيرة هناك من يرى أنه يجب على الكاتب في ختام القصة أن يصيغ نهاية محددة، وأن النهاية المفتوحة لا يجب أن تتواجد في القصة القصيرة، لكن هذا الأمر في رأيي يعتمد على رغبة الكاتب في الأساس، فإن كان نوع القصة يتطلب نهاية محددة فإن هذا يحدده الكاتب من البداية. تدريب المقال *فكرة التدريب: هو نشاط أو مجموعة من الأنشطة التي يؤديها الشخص عندما ينتهي من قراءة المقال، وهي مبنية على رغبة الشخص في التعلم، لذلك فإنه يؤدي النشاط بمفرده في المنزل ليتأكد من فهم المقال بالشكل الصحيح. في هذا المقال نستعرض مجموعة من التدريبات المختلفة التي يمكن تنفيذها: 1. حدد لنفسك مجموعة من الشخصيات بصفات محددة، ثم ضع هذه الشخصيات في مواقف بعينها، مثلًا كيف يمكن أن تتصرف الشخصية التي كتبتها في موقف خيانة، أو في موقف وفاة شخص قريب منها. 2. اختر عنوان رواية بشكل عشوائي، واكتب عنه قصة قصيرة بمختلف أنواعها. 3. اختر بشكل عشوائي، جملة من بداية فصل في رواية لتكون مقدمة قصتك، وجملة من نهاية فصل في رواية أخرى لتكون خاتمة قصتك، واكتب بهما قصة قصيرة بمختلف أنواعها. الغرض من التدريب الأول إجادة الكاتب وضع شخصيات مختلفة في العمل، والغرض من التدريبين الثاني والثالث ممارسة القصة بمختلف أنواعها. تحدثنا في هذا المقال عن مقومات كتابة القصة، وركزنا على ذكر القصة القصيرة وأنواعها، في المقال القادم نختتم هذه المجموعة من المقالات بالحديث عن بعض النصائح الهامة في الكتابة، نلتقي على خير إن شاء الله. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً الأوقاف والتضامن الاجتماعي: لماذا وزارتان لهدف واحد؟ أوقاف الحاج إبراهيم باشا بن محمد علي باشا 10 كتب عن الحرية في مائة عام في حب الكتابة شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram معاذ يوسف Follow Author المقالة السابقة الدين كما أفهمه – النقل المقالة التالية عقلية المحارب: لماذا تظن أنك مصيب وإن كنت مخطئًا؟ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك مستر كروكر في كل مكان 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مسلسل «هند والدكتور نعمان»: مرارة الواقع في قالب كوميدي 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ما بعد الثورة التونسية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك باسل الأعرج: ثائر ومثقف وشهيد 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك حوار مع صديقي المثقف: لماذا نقلد أهل العلم؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك قصة أبو زبيدة: وقائع لم يذكرها صقور إدارة بوش 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك انعطافة مأساوية أخرى في مسار المسألة «الكردية-التركية» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك اعتذار 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك على أعتاب معرض الكتاب: ما لا يسعك جهله 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نحو التجديد والإصلاح.. أزمة الفكر نموذجا 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.