شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 32 مع عودة مواسم الأعياد والصيف تطل علينا اتهامات سرقة أفكار الأفلام المصرية من أخرى أجنبية، وتُبَح أصوات المدافعين عن الأفلام المصرية في محاولات تُبيِّن الفارق بين عدة مصطلحات نخلط بينها ونعتبرها كلها سرقات أو «نحتًا» باللفظة الدارجة، وبين مصطلحات مثل «تمصير، تعريب، اقتباس، معالجة محلية، تشابه التيمات… إلخ»، بين هذه وتلك تتوه الحقائق وتُلصق تهم السرقة بكل من كتب نصًّا حقق به نجاحًا جماهيريًّا. بداية، لا يسعنا سوى العودة لتقسيم الكاتب الفرنسي «جورج بولتي» للحبكات، والذي أكد لنا أن الحبكات ست وثلاثون حبكة، تندرج تحتها كل القصص التي كُتبت وستكتب إلى يوم القيامة. بالطبع هناك فارق بين «الحبكة» و«القصة»، ربما يسعنا المجال في وقت آخر للحديث عنهما باستفاضة. نستنتج مما قاله بولتي أن التشابه بين فيلم وآخر صار حتميًّا، ويبقى الاختلاف في المعالجات والتناول. يضرب الكاتب الأمريكي «ستيفن كينج» مثلًا للمعالجات المختلفة، فيحكي قصة عن سيدة ضعيفة الشخصية بلا أي خبرات، تتزوج رجلًا يوسعها ضربًا كل يوم. السيدة تخشى الطلاق لأنها لا تعرف كيف تعيش وابنها الرضيع بلا رجل ينفق عليهما، يفيض الكيل بالمرأة يومًا فتستغيث بالجيران الذين يتصلون بالشرطة. يُودَع الزوج عنبر الخطرين في مصحة عقلية. لتبدأ المرأة قصة كفاح تتعرف فيها على الحياة وتواجه مصاعبها. وعند استقرار الأمور يهرب الزوج وعدد من المساجين الخطرين معه، وتشعر الزوجة بأن هناك من تسلل إلى بيتها ويختبئ فيه. إلى هنا والقصة مشوقة ولطيفة، لكن يتوقف كينج عن الحكي، ويطلب منك استبدال الزوج بالزوجة، حيث تضرب المرأة المختلة زوجها الضعيف معدوم الخبرات، تُودَع الزوجة عنبر الخطرات، يواجه الزوج العالم وقسوته بطفل على كتفه، تهرب الزوجة وعدد من النساء معها، ويعدن ليفتكن بالرجل! الفكرة صارت أكثر جنونًا وغرابة، مواجهة نسوة خطرات مختلات أكثر تشويقًا وغرابة من أحداث القصة الأصلية. هكذا أمسينا نملك قصتين ببعض التباديل والتوافيق. ربما ببعض التغييرات الأخرى البسيطة لن يعرف أحد أن مصدر القصتين واحد. نشاهد فيلمين أمريكيين في عام واحد 2014، (تسامي) من بطولة جوني ديب، و(لوسي) من بطولة سكارليت جوهانسون، ولا ندرك أننا نأكل نفس الوجبة، لكن بتوابل وطريقة طهي مختلفة. مصطلح آخر، وهو «الاقتباس»، ونبدأ رحلتنا معه بفيلم شهير، وهو الساموراي السبع إصدار عام 1954. وهو فيلم ياباني عن قرية يابانية تتعرض لهجمات من عصابة تأخذ نصيبًا من محصولها كل عام. فيستعينون بسبعة من محاربي الساموراي «الرونين» للخلاص من الخطر الذي يهددهم. والتالي عدد من الاقتباسات والمعالجات التي تعود إلى نفس الفيلم الياباني: The magnificent seven 1960 Battle beyond the stars 1980 The seven magnificent 1984 Samurai 7 2004 animation series من تلك الأفلام ما يحمل طابع الغرب الأمريكي، ومنها ما يتسم بلمسة من الخيال العلمي وحروب الفضاء، ومنها فيلم تمت معالجته بحيث تدور المواجهات بين محاربين ونصف إله روماني. بل إننا في مصر نمتلك إحدى المعالجات الشهيرة، وهي «تمصير» ممتاز للفيلم الأصلي تحت اسم «شمس الزناتي»، بطولة عادل إمام، إخراج سمير سيف عام 1990. بل إن الاتهامات امتدت إلى فيلم الرسوم المتحركة «حياة حشرة»، وزعم البعض أنه «مسروق» من فيلم الساموراي السبع. بينما يصرح صناع الفيلم بأن القصة مقتبسة من حكاية الحكيم آيسوب «النملة والجندب». على ذكر الحكيم آيسوب وقصصه الخيالية، عاش الرجل قبل ستة قرون من ميلاد المسيح، وهناك تشكيكات في نسبة القصص إليه، ويزعمون أنه جمعها ولم يؤلفها. بينما تقول نظرية أخرى إن الحكيم آيسوب لم يكن يونانيًّا، بل إثيوبيًّا والحكايات من التراث الشعبي الأفريقي. أيًا كان، فقد بات مستحيلًا أن نعرف أصل فكرة ما ومن استخدمها لأول مرة، ونتأكد أن الفرنسي بولتي على صواب. مصطلح «كوميديا البارودي» يوضع عندنا أيضًا في سلة السرقات، بينما النسخة الساخرة من فيلم جاد ما لا تعتبر سرقة، وإن أثارت غضب محبي الفيلم الأصلي في بعض الأحيان. يبقى أن ننظر للفيلم بشكل مستقل بعيدًا عن الأحكام العنيفة. ففيلم «طير إنت» أفضل في رأيي من الفيلم الأمريكي الذي تم التمصير عن قصته. بينما فيلم «حبيبي نائمًا» جاء كارثيًّا بكل المقاييس السينمائية الأخلاقية، ولا يضاهي الفيلم المقتبس عنه. نجد أيضًا مثالًا للتشابه، ولا أجرؤ على تأكيد الاقتباس، بين رواية الكاتب محمد سليمان عبد الملك «حياة جديدة» بجزأيها، والتي صدرت في سلسلة «سلة الروايات» منذ ما يزيد عن العشر السنوات وبين فيلم Selfless الأمريكي إنتاج 2015 من بطولة رايان رينولدز. فمَن سرق أو اقتبس ممَن في هذه الحالة؟! فلنستمتع بالعمل ونحكم عليه بشكل محايد خالٍ من الانحيازات المسبقة، وأدعوكم لمشاهدة المعالجات المختلفة لفيلم الساموراي السبع، فهي فعلًا أفلام مميزة تستحق نظرة مدققة. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً فيلم Shawshank Redemption: فشل تجاريا وتصدّر فنيا العلم والدين: أين يقع الصدام؟ فيلم أنا حرة والتنظير السياسي التدليس الذي يمارسه البعض: جائزة نوبل للطب نموذجًا شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram شيرين هنائي Follow Author المقالة السابقة موضة الاشتغال بالردود، ودفاع عن الشيخ الأكبر! المقالة التالية الأوقاف ومعضلات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك عمران المدينة الإسلامية: قصر الحاكم وبيوت المحكومين 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك زواج الأطفال: آلاف المطلقات وانتهاكات جسدية ونفسية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك يناير والقوة الكامنة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ملكات وطبيبات وقائدات جيوش: المرأة في التاريخ المصري 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك في حب حسين عاشور 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مسلسل «Mr. Robot»: ما بين نيتشويّة العمل وكامويّته 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك حول «آية التعدد» في القرآن الكريم 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ما بين بذاءة اللسان وبذاءة العقل 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نبوءة دانيال: التفسير الإسلامي للكتاب المقدّس (1-2) 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أوقاف النساء على «رواق المغاربة» 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.