شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 45 لم تُرِد 2020م أن تنتهي إلا وقد حملت معها الفناءَ للبشرية .. هنيئًا لعبوركم الصعب مرحلة الكوفيد -19، والآن ننتقل إلى المستوى الأعلى كوفيد-20. لقد أصبح فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد -19 أشد فتكًا بعشرة أضعاف، وسيصبح عدد الوفيات بإصاباته عشرات الملايين في خلال أسابيع. وباء كوفيد-19 سيُنسي العالم ذكريات وباء الإنفلوانزا الإسبانية الفتَّاك الذي عصف بأرواح مائة مليون إنسان. اختبئوا جميعًا في منازلكم ولا تخرجوا منها إلا للضرورة القصوى، فحتى الكمامات واللقاحات الجديدة لن تجدي مع السلالة القاتلة الجديدة. باختصار: ما فات «حمادة»، والقادم «حمادة» آخر! اكتظَّت مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك عناوين الأخبار لا سيَّما في صحف الإثارة، خلال الساعات والأيام السابقة بأمثال العبارات المخيفة السابقة، أو أشباهها من تعبيرات الكوميديا السوداء التي علَّق بها الآلاف حول العالم على الأنباء الصادمة التي جاءت من بريطانيا بأنه أصبح من شبه الأكيد وجود سلالة أشد خطرًا من فيروس كوفيد-19، وأنها مسؤولة على تزايد معدلات انتشار الإصابة بفيروس كوفيد-19 في عدة مناطق من بريطانيا، مما دفع بعض الدول حول العالم لحظر الطيران من وإلى بريطانيا، رغم الإعلان عن أن تلك السلالة قد غادرت حدود بريطانيا بالفعل ووصلت إلى إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرهما. اقرأ أيضًا: مائة عام على الإنفلوانزا التي أزهقت مائة مليون روح في تلك الأجواء المضطربة، ومع تصاعد ضوضاء مواقع التواصل الاجتماعي ومئات الملايين من مستخدميها، والملايين من مؤثريها من محبي الظهور، والمرضى بالشهرة، تضيع الحقائق، وتصبح الأخبار الإثارية والانفعالية لا سيَّما السوداوية منها في الواجهة، بينما يتوارى المعرفة المفيدة، والعلم المبني على بعض الأدلة إلى الأركان المظلمة. ولذا سنبذل الجهد في تفادي كمائن المبالغات في هذا الاتجاه أو ذاك، ونعرض أكثر المعلومات موثوقية أو على الأقل أقلها تضليلًا بخصوص ذلك التطور اللافت في مسار الوباء الذي حصد أرواح ما يقترب حثيثًا من المليونيْ إنسان في عام واحد، من أصل 80 مليون إصابة مؤكدة، وما خفيَ كان أعظم. ما الذي نعرفه حتى الآن عن السلالة المستجدَّة؟ قبل أن نعرض بعض أهم الأسئلة بخصوص تلك السلالة وإجاباتها، لا بُدَّ من التأكيد أن كل ما سنذكره هو مبني على ما توافر من المعلومات الأكثر موثوقية حتى لحظة كتابة تلك السطور ليلة 21/22 ديسمبر 2020م، وأنَّه قد تستجدُّ معلومات لاحقة خلال الأيام والأسابيع المقبلة، تؤكد أو تنفي ما سنذكره كليًا أو جزئيًا. 1. هل هذا هو التحور الأول الكبير للفيروس؟ سيتفاجأ كثيرون بإجابة هذا السؤال. هناك بالفعل عشرات الآلاف من الطفرات التي حدثت في فيروس كوفيد -19 خلال الشهور الفائتة، والغالبية العظمى من تلك الطفرات هامشية وغير مؤثرة في مسار المرض والوباء، وانتهت من الوجود سريعًا. والفيروسات عمومًا قابلة للتحور، وحتى اللحظة، فإنَّ تحورات كوفيد-19 بطيئة وأقل جذرية بالمقارنة مع فيروسات الإنفلوانزا الموسمية التي تضطر الباحثين لإنتاج لقاح جديد لها كلَّ عام. في نوفمبر 2020م، قامت السلطات الدانماركية بإعدام الملايين من حيوانات المنك بعد إثبات حدوث طفرة في فيروس كوفيد-19 من خلالها. ومنذ سبتمبر 2020م، كذلك ظهرت في أكتوبر 2020م سلالة متحورة بين عمال إحدى المزارع الإسبانية، وانتشرت منها إلى أوروبا. لكن لم تحظَ هاتيْن السلالتيْن بزخمٍ كبير، لأن التحورات المتسببة فيهما لم تسبب زيادة ملحوظة في قابلية الإصابة بالعدوى أو شدتها. والشكوك في وجود السلالة المستجَدَّة في بريطانيا تتصاعد منذ سبتمبر 2020م، لا سيَّما في منطقة لندن، التي تشهد أقل الإجراءات صرامة في تطبيق التباعد الاجتماعي في بريطانيا، ولذا قدَّر الباحثون البريطانيون نسبة المصابين بها بالسلالة الجديدة من إجمالي المصابين الجدد 25% في نوفمبر و60% بمرور شهر ديسمبر. وقدرة الفيروس- أي فيروس- على التحور، تزداد مع زيادة انتشاره، وتنوع أهدافه، وكذلك طول مدة العدوى داخل وسيط معين، كأن يصاب به مريض محدود المناعة، فيسبب ما يشبه العدوى المزمنة التي تعطي وقتًا أكبر للفيروس لكي يعدل مادته الوراثية، ويكتسب ما يساعده على التحور. 2. ما الجديد في السلالة المُستَجدَّة؟ الجديد في تلك السلالة أنها قد جمعت 3 طفرات جوهرية في نفس السلالة، مما انعكس على أرض الواقع في شكلِ زيادة في حدة الوباء نتيجة زيادة فرص حدوث العدوى، وقدرة الفيروس على اختراق دفاعات الجسم، والنفاذ إلى خلاياه وأنسجته. الطفرة الأولى تُعرف بـ« N501Y »، وتسببت في تحور في شكل بعض بروتينات الشوكة الخارجية للفيروس المسؤولة عن الالتحام بمستقبلاتٍ على سطح خلايا الجسم، مما سهل قدرة الفيروس على اختراق الخلايا والأنسجة. أما الطفرة الثانية فتُعرَف بـ« deletion 69-70 » وهي تسبب تحورًا في جزءٍ آخر من البروتين الشوكي الخارجي للفيروس، مما يجعله أكثر خفاءً على قدرات خلايا المناعة في أجسامنا على التعرف على الفيروس والخلايا المصابة بها، وبالتالي تقلل من قدرة المناعة على استهداف الفيروس، وتجحيم انتشار العدوى داخل الجسم. يمكن ببساطة تشبيه تلك الطفرة بأنها نوع من طاقية الإخفاء يرتديها الفيروس. أما الثالثة، فاسمها « PH681H » وهو تعدل في تركيب السطح الخارجي للفيروس، فتسهل التصاقه بالأغشية الخارجية لخلايا الجسم، وبالتالي تحسن قدرة الفيروس على اختراقها. وللمفارقة، فكل تلك الطفرات معروفة منذ أشهر، وظهرت في سلالاتٍ عديدة حول العالم. الجديد، هو اجتماع تلك الطفرات- وغيرها- معًا في نفس السلالة، وثبات تلك السلالة لفترة، ومن ثمَّ انتشارها بشكلٍ واسع في منطقة لندن، ومناطق جنوب شرقي بريطانيا. وقدرة تلك السلالة على الانتشار والعدوي أكثر بـ40 – 70% من المتوسط العام للسلالات القائمة من كوفيد-19. 3. لماذا بريطانيا؟ بادئ ذي بدء، يرجع اكتشاف ظهور تلك السلالة في بريطانيا إلى قدرة السلطات الصحية هناك على متابعة مدى انتشار الفيروس بدقة، وتوزيعه الجغرافي، ومدى تفاقم أو تراجع الإصابة في هذه المنطقة أو تلك، وأهم وسائل ذلك هو التوسع في المسحات التشخيصية والتي جاوزت 50 مليون مسحة منذ اندلاع الوباء (يبلغ إجمالي عدد السكان 68 مليون نسمة). أما لماذا ظهرت تلك السلالة الأشد وطأة في بريطانيا بالتحديد، فلدينا نظريات عديدة قد تفسر متفرقةً أو مجتمعة تلك الظاهرة. فهناك القصور الكبير في الالتزام بالإجراءات الوقائية لدى شرائح كبيرة من البريطانيين، لا سيَّما في العاصمة لندن المزدحمة. كذلك يشير بعض العلماء بأصابع الاتهام إلى التوسع في علاج الحالات الشديدة ببلازما المتعافين في بريطانيا، لا سيَّما المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة، وتطول لديهم مدة الإصابة بالفيروس، إذ يعطي هذا الفرصة للفيروسات في أجسامهم، وكذلك الوقت الكافي، للتعرف على الأجسام المضادة في بلازما المتعافين، ومن ثمَّ التحور شيئًا فشيئًا لتقليل فاعلية تلك الأجسام المضادة على استهداف الفيروس، وبالتالي ظهور سلالاتٍ جديدة أكثر مقاومة، وأكثر قدرة على الاختراق. 4. هل أصبحت اللقاحات الجديدة في خبر كان؟ حتى اللحظة، فإنَّ الإجابة عن هذا السؤال مطمئنة، إذ لا دليل على أن السلالة الجديدة لن تستجيبَ للقاحات المتوافرة حتى الآن. وبالتالي فما تزال الآمال معقودة في كسر حدة الوباء- ولو جزئيًا كبداية- على التوزيع الواسع للقاحات الفعَّالة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، لا سيَّما على الشرائح الأكثر عرضة للإصابات الشديدة ككبار السن والعاملين الطبيين وأصحاب الأمراض المزمنة والحوامل .. الخ كبداية. وستشهد الساعات والأيام المقبلة جهودًا بحثيةً عاجلة ، لا سيَّما في بريطانيا حيث تضرب السلالة الجديدة بقوة، للتأكد من وجود مناعة مشتركة بين تلك السلالة والسلالات السابقة التي أُنتِجَت اللقاحات ضدها، وهناك أدلة عديدة قائمة تعزّزُ فرضية أن اللقاحات القائمة فعَّالة ضد تلك السلالة المستجدة. 5. هل نتوقع زيادة في أعداد وفيات كورونا مع ظهور السلالة الجديدة؟ للأسف هذا متوقع، ولكن بالأساس نتيجة زيادة قدرة الفيروس على العدوى والانتشار، وبالتالى إصابته أعدادًا أكبر من الناس، فتزداد أعداد الوفيات لزيادة المصابين. كما أن كثرة الإصابات المتزامنة، يخلق ضغوطاتٍ أشد على المنظومات الصحية المُنهَكة، ويجعلها أكثر عرضة للفشل، مما يحرم كثيرًا من المصابين من الحد الأدنى من الرعاية الصحية المطلوبة، فيصبحون أكثر عرضة للمضاعفات والوفيات. لكن لحسن الحظ، فلا دليل حتى اللحظة على أن السلالة الجديدة في ذاتها أشد فتكًا أو أكثر في فرص وقوع المضاعفات بالمقارنة بالسلالات السائدة. ماذا نفعل؟ إذًا، فما لدينا حتى الآن يؤكد أن تلك السلالة المستجدَّة تستحق الاهتمام فعلًا، لكن لحسن الحظ، فخطورتها تتركز على سرعة وسهولة انتقال العدوى، وليس شدتها. إذًا فالكرة ما تزال في ملعب الإجراءات الوقائية التي يمكن لنا جميعًا تطبيقها والالتزام بها. سنركز على 5 خطوات بسيطة – قُتِلت بحثًا ونُصحًا، ونوردُها مُجدَّدًا من باب التذكرة بالتكرار – لا شكَّ في فاعليتها في منع وقوع الإصابة أو على الأقل تخفيف حدتها ومضاعفاتها. أولًا: التوقف عن الاستسلام للهلع، وتناقل الأخبار السوداوية، التي تُشَتِّت الذهن، وتبثُّ اليأس، وتُفاقِمُ الانفعال والضغوطات العصبية، مما سيؤثر على صحتنا النفسية والجسدية وكفاءة المناعة. ثانيًا: التباعد الاجتماعي… التباعد الاجتماعي… التباعد الاجتماعي، ولو بأخذ مسافة متر ونصف المتر إلى مترين، والالتقاء في الأماكن المفتوحة جيدة التهوية مع أخد المسافة الآمنة المذكورة. ثالثًا: الكمامات… الكمامات… الكمامات، ولو كانت القماشية، فهي أفضل من لا شيء. رابعًا: غسل اليديْن بالماء والصابون أولًا بأول، أو على الأقل تعقيمهما بالكحول 70%. خامسًا: نمط حياة أكثر صحية قد الإمكان. نومٌ جيد منتظم، طعام صحي مرتكز على الخضروات والفواكه والأسماك والألبان قليلة الدسم… الخ، شرب السوائل بوفرة. اقرأ أيضًا: 10 نصائح تقلل إصابتك بالإنفلوانزا والعدوى الصدرية وتذكر دائمًا أنه كلما زاد عدد الملتزمين بالإجراءات الوقائية المذكورة في الأسرة، العائلة، فريق العمل، صف الدراسة… إلخ حمى بعضهم بعضًا، فإذا تعذَّر هذا التعاون، واضطررت للتواجد في بيئة غير مؤاتية، فاجتهد في تطبيق أقصى ما يمكنك لحماية نفسك. قد يعجبك أيضاً خوف غير مبرر: كيف تتعامل مع مريض الإيدز؟ العدسات اللاصقة: أنواعها وكيفية تجنب مخاطرها حتى لا يتحول إلى مريض نفسي: كيف تحمي طفلك فائق الحساسية؟ دراسة جديدة: شجرة تطور الثدييات تتآكل بسبب البشر شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محمد صلاح قاسم Follow Author المقالة السابقة اللقاح الصيني: كل ما تحتاج أن تعرفه عن لقاح «سينوفارم» المقالة التالية أكتئب فآكل أكثر فأكتئب وآكل مجددًا: ما حل هذه الدوامة؟ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك مستقبل استعمار الفضاء: تأهيل الكواكب أم مساكن فضائية؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مطاردة العقلانية: نظرة على فلسفة العلم عند إمري لاكاتوش 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ساحل الذهب والموت: أين تذهب مخلفاتنا الإلكترونية؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الديسثيميا: هل يمكن التعايش مع الاكتئاب لسنوات؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك إجابات «ستيفن هوكينج» الموجزة على الأسئلة الكبرى 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك العلم ليس عدوّك 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك خرافة العِرق: هل العرق مركب بيولوجي؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف يؤثر التلوث الضوئي سلبيًّا على الحياة وشكل السماء؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك إنفلوانزا الخنازير: هل هناك داع للقلق؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 13 وثائقيًا عن الكون يجب ألا تفوت مشاهدتهم 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.