الحدث: قافلة العودة النوبية

التاريخ: نوفمبر/تشرين الثاني 2016

على طريق أسوان- أبوسمبل تجمعت قافلة تضم 25 سيارة عند مدخل مدينة أبوسمبل، وذلك اعتراضا على اقتراح الحكومة المصرية منح النوبيين الأولوية في شراء الأراضي المحيطة بالقرى القديمة الخاصة بهم، وذلك مقابل إنهاء احتجاجهم، وقد رفض النوبيون هذا الاقتراح مدافعين بأنه لا يُعقل أن يشتري أحد أرضا يملكها بالأساس، وقد استند أهل النوبة في دفاعهم عن حقوقهم إلى المادة 236 من الدستور، والتي تنص على:

تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات.


الحدث: تهجير أهالي النوبة للمرة الثالثة بسبب بناء السد العالي

التاريخ: مارس/آذار 1964

داخل أحد أقبية المعتقلات المصرية خلال عام 1964 كان الكاتب النوبي محمد خليل قاسم يمسك بقلم كوبيا بإحدى يديه، وباليد الأخرى كان يتشبث بورق سجائر مهترئ مقرراً أن يكتب روايته «الشمندورة» عن قريته البعيدة «قتة».

تلك القرية التي تعرضت للغرق جراء التعلية الثانية لخزان أسوان، وبالتالي حدث التهجير الثاني لأهالي النوبة عام 1933، ومن الصفحات الأولى لقراءة الرواية يتضح لكل قارئ أن الكاتب كان يستهدف التوثيق من وراء كتابة الرواية، ولذلك كتب عن التهجير الثاني، ولم يكتب عن التهجير الثالث، فقد خاف أنه تخونه الذاكرة فيما بعد.

حيث جاء العمل ليقدم وصفا تفصيليا دقيقا للغاية لكل أرجاء القرية، بداية من وصف البيوت، مرورا بوصف الشوارع وعروجا على وصف النيل بكل تقلباته، حتى لتكاد تشعر وأنت تقرأ صفحات العمل بأن الكاتب وراء قضبان السجون كان قد أغمض عينيه، متنقلا على أطراف أصابع قدمه بين أزقة الذاكرة الوعرة، ليحفظ كل تفصيلة وكل حدث وكل رائحة؛ حتى روائح البيوت وروائح الأطعمة ذكرها الكاتب في الرواية بحيث تشعر وأنت تقرأ العمل بأن الكاتب رسم الكلمات على ورق سجائره رسما بطريقة تجزم بها أنه لو وُجد رسام مع الكاتب داخل نفس الزنزانة لاستطاع من خلال كلماته فقط رسم لوحة فنية بديعة لمنطقة طواها النسيان وابتلعها النيل منذ زمن بعيد.

وعطفا على رسم المكان سيتسنى للرسام أيضا أن يرسم شخوص الرواية؛ فملامح حامد وشريفة وداريا سكينة وبرعي وفضل وبدر أفندي نُحِتت جميعها داخل صفحات الرواية بكل إتقان، حامد الطفل الذي ظل طوال عمره يحلم بالدخول إلى المدرسة ويهاجر إلى مصر أم الدنيا.

ذلك البلد الذي ظل يعتز به لوقت طويل حتى كان يتغنى دائما في كلمات متكسرة ( مصر العزيزة لي وطن) وفضل العاشق لتراب أرضه، والذي كُسرت قدمه في النهاية لأنه اضطر لمغادرتها، وبدر أفندي الذي ناضل كثيرا ودخل المعتقل أكثر من مرة للدفاع عن الحق في أرضه، ثم مات قبل مغادرتها، وشريفة تلك الصبية التي لا تفارقها مسحة الحزن أبدا بسبب أخيها الذي هاجر إلى مصر وابتلعته القاهرة ولم ترجعه مرة أخرى، حيث تزوج هناك من فتاة مصرية ونسي أهله.


الحدث: اشتباكات بين الشرطة العسكرية وأهالي النوبة

التاريخ: نوفمبر/تشرين الثاني 2016

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارين أضرا بالقضية النوبية بشكل كبير: الأول هو القرار رقم 444 لسنة 2014، وذلك بخصوص تحديد المناطق المتاخمة لحدود مصر، وبموجبه تم تخصيص مساحات من الأراضي كمناطق عسكرية، ولا يجور الإقامة فيها، ومن ضمن تلك الأراضي 16 قرية نوبية.

والقرار الثاني يحمل رقم 355 لسنة 2016، والذي تضمن تخصيص 922 فدانا مملوكا للدولة لصالح مشروع تنمية توشكى، وهو القرار الذي أضر بأهل النوبة، وذلك بجعل أراضي توشكى بالكامل غير مخصصة لإعادة توطين النوبيين. وعليه، وكرد فعل على هذين القرارين، قام أهالي النوبة باحتجاجات واسعة وقامت الشرطة العسكرية بإغلاق عدد من الطرق داخل أسوان، ووقعت اشتباكات بسبب قيام مجند من الشرطة العسكرية بإطلاق الرصاص الحي على ثلاثة من المواطنين النوبيين.


الحدث: محاولة اغتيال رئيس الوزراء إسماعيل صدقي على يد النوبي حسين طه

التاريخ: أغسطس/آب 1930

داخل صفحات رواية الشمندورة يذكر الكاتب محمد خليل قاسم أن أحد أبطاله الحقيقيين قد قام بمحاولة اغتيال لرئيس الوزراء إسماعيل صدقي الذي تجاهل جميع مطالب النوبيين كأنهم غير موجودين، ولم يكونوا على هذه الأرض يوما، وقال الكاتب على لسان حسين طه، أحد أبطال الرواية:

وعن رد فعل إسماعيل صدقي يذكر الكاتب أنه نظر بشدة إلى حسين طه، كان ينظر إليه في عجب واستنكار، ذلك لأنه لم يكن يتوقع أبدا أن تأتيه الضربة من رجل أسود – على حد قول الكاتب – فهو لم يعتبرهم في يوم من الأيام أناسا يمكنهم التفكير في أمور الدنيا ويمكنهم الانتقام من الظلم.


الحدث: إصدار القرار 6 لعام 1933

التاريخ: فبراير/شباط 1933

وفقا لهذا القرار واستنادا إلى رواية «الشمندورة» فقد نص هذا القرار على نزع ملكيات أهالي النوبة نزعا كاملا، ماعدا مناطق توماس وتوشكى غرب وأبوسمبل وبلانة وأرمنا، فهذه البلاد لن تنزع ملكيتها نزعا كاملا، وبالنسبة للتعويضات، فقد تم تقدير النخلة بجنيهين والبيت على حسب مساحته، وكانت التقديرات قليلة جدا، ونص القرار على أن الحكومة ستتحمل نقل الأهالي إلى بيوتهم الجديدة، وهو الذي لم يحدث.

فقد أذاعت الحكومة بيانا بعد هذا القرار يقضي بأن الأهالي أمامهم مهلة 15 يوما فقط، وبعدها سيحل الطوفان، وبالتالي وجد الأهالي أنفسهم مضطرين إلى التعامل مع الانتقال بمفردهم ودون مساعدة من الحكومة، ولكن لم يكن هذا هو كل شيء، فقد تعرض الأهالي لصدمة مدوية عند الانتقال لمكانهم الجديد الذي لم يكن يصلح للسكن على الإطلاق؛ فعطفا على ضيق الأماكن وعدم صلاحية الأرض للزراعة فقد كانت دورات المياه مشتركة واحتوت البيوت على الثعابين والعقارب.

ولكن كل هذا لم يكن يساوي شيئا بجوار عدم وجود النيل بجانبهم في المكان الجديد؛ فالذي يقرأ الرواية بتمعن يعلم بشدة ماذا يعني النيل لأهالي النوبة، فهو ليس مجرد شريط مائي يمر بجوار أرضهم، وليس مجرد ينبوع يقوم بري أرضهم الزراعية، وإنما هو فرد من أفراد العائلة وركن من أركان كل بيت، ووتد يرتكز عليه وجدان النوبي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولذلك شكل غياب النيل أزمة كبرى للأهالي وغصة داخل قلوبهم ووجعا لم يندمل رغم مرور كل تلك السنوات.


الحدث: انعقاد مؤتمر «العودة حق» بقرية دابود

التاريخ: سبتمبر/أيلول 2016

دعا عدد من المنظمات النوبية لعقد مؤتمر «العودة حق»، وقد خرج هذا المؤتمر بعدد من التوصيات، أهمها أن يقوم الرئيس بإصدار قرار بتشكيل هيئة عليا، وذلك بهدف توطين وإعمار النوبة القديمة، هذا إضافة إلى تعديل القرار رقم 444، بحيث لا يتعارض مع حق العودة، وذلك عبر استثناء النوبيين من عدم السكن بتلك المناطق العسكرية التي ذكرها القرار.


الحدث: كتابة شكوى لمكتب القاهرة

التاريخ: ديسمبر/كانون الأول 1935

أنا أفهم أهمية الخزان وضرورته بالنسبة لمصر، ولكني أفهم أيضا أهمية أن يتم هذا كله في ظل حكومة دستورية، حكومة من الشعب.. أن يتم على يد أناس يحسنون تدبير مصائر الناس، وخصوصا إذا كان هؤلاء الناس يضحون بكل شيء، بكل ما يملكون.

بعد أن استقر أهالي قرية «قتة» بمنطقتهم الجديدة حاولوا زراعتها بكل الطرق، رغم كونها أراضي صحراوية، وخلال محاولتهم التعايش والتأقلم على الوضع الجديد شب حريق هائل بكل القرية الجديدة، وقام حامد بطل الرواية بكتابة الشكوى التالية لمكتب القاهرة:

نحن منكوبي التعلية الثانية، احترقت خيامنا والتهمت النار تعويضاتنا، وداس الفيضان زراعتنا. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. كانوا ينادون قلوبا ميتة تجلس هناك في القاهرة خلف مكاتب لامعة لا تبالي عاش الناس من أبناء الشعب أم ماتوا! ولماذا يبالون وحياتهم تجري في يسر.

وبعد أن بعث حامد بالشكوى أخد يطل من بعيد على الشمندورة الغارقة في الماء تلك الشمندورة التي وضعتها سلطات الري المصرية كعلامة على النيل لقياس الأعماق والمناسيب وربطتها بسلاسل معدنية مثبتة في قاع النيل ومنذ نعومة أظافره يراقب حامد تلك الشمندورة وهي تناضل لكي تتخلص من تلك السلاسل المعدنية؛ تناضل في الظهيرة وعند الأصيل وعند السحر.. لا تخلد إلى اليأس أبدا.


المراجع



  1. محمد خليل قاسم: الشمندورة (رواية)

  2. معتصمو قافلة «العودة» النوبية يرفضون عرض الحكومة: لن نشتري أرضًا نملكها

  3. محمد خليل قاسم.. رائد الأدب النوبى وصاحب رواية «الشمندورة»