في عام 1999، أراد

كيفين أشتون

والذي كان يعمل بشركة بروكتر آند جامبل في مجال التوريدات جذب انتباه الإدارة العليا الخاصة بالشركة إلى تقنية جديدة حينها تعرف بـتقنية تحديد الهوية بموجات الراديو – RFID. تقنية RFID ببساطة تتكون من رقائق إلكترونية مصنوعة من السيليكون بها هوائي يقوم باستقابل وإرسال البيانات من خلال موجات الراديو، ولأن الإنترنت حينها حديث العالم فوصف عرضه بـ«إنترنت الأشياء». لم يكن كيفين أشتون على علم بأن المصطلح الذي اختلقه سيكون حديث العالم في مجال التقنية بعد عشر سنوات تقريبا حيث بدأ مصطلح إنترنت الأشياء في الظهور على ساحة التقنية العالمية بداية من صيف عام 2010 ميلادية.


ما هو إنترنت الأشياء؟

إنترنت الأشياء هو مستقبل التقنية الذي سيجعل من حياتنا أفضل ويحسن من كفاءتها، يعتمد مبدأ

هذا المصطلح

على الربط بين أجهزة الاستشعار والآليات الموجودة بالأجهزة الإلكترونية المختلفة عن طريق شبكة سلكية أو لاسلكية، غالبًا ما تستخدم نفس البروتوكول. أي أنه يمكن الربط بين العديد من

الأجهزة المختلفة

عن طريق الإنترنت، وتجميع وتبادل البيانات بينها واتخاذ إجراء ما بشأنها، وذلك بفضل أجهزة الاستشعار والشبكات اللاسلكية المتوفرة الآن في عالمنا. هذا يدفع الأجهزة الإلكترونية المختلفة إلى اكتساب شيء من الذكاء الرقمي والتسهيل من الدمج بين العالم الرقمي والطبيعي بأقل تدخل مباشر للإنسان.


على سبيل المثال، هناك منظم حرارة ذكي يدعى نيست – Nest يساعدك على توفير فواتير الكهرباء الناتجة عن التدفئة أو التبريد، يتعرف نيست على روتين الأفراد داخل المنزل، ثم يقوم تلقائيًا بضبط درجات الحرارة بناء على الوقت الذي يتواجد فيه الأفراد داخل المنزل أو خارجه، مستيقظين أو نائمين، ليرفع من كفاءة استهلاك الكهرباء والتبريد بالمنزل. كما أنه يمكنك من خلال تطبيق الهاتف تعديل الجداول الزمنية التي استنبطها نيست وتغيير درجات الحرارة عندما تكون خارج المنزل، وتلقي تنبيهات عند وجود خطأ ما في نظام التدفئة أو التبريد.

منظم الحرارة نيست هو مثال جيد للغاية لتوضيح مفهوم إنترنت الأشياء، حيث يوضح كيفية استشعاره لدرجات الحرارة وقيامه بتحليل البيانات واتخاذه إجراءات مع أجهزة التدفئة والتبريد بالمنزل من خلال شبكة الإنترنت اللاسلكية، لتحسين من أداء وعمل أنظمة التبريد والتدفئة داخل المنزل.

كذلك تتوقع مؤسسة

جارتنر للأبحاث

في تقرير صادر عنها بأن عدد الأجهزة التي ستكون متصلة معًا سيصبح 20.4 مليار جهاز بحلول عام 2020 بعد أن كان عددها 8.4 مليار جهاز فقط بعام 2017. كما تتوقع

مؤسسة البيانات الدولية

IDC أن حجم الاستثمار المالي في ذلك المجال سيصل تريليون دولار بعام 2020 مما يوضح توسع وانتشار تقنية إنترنت الأشياء لتشمل جوانب كثيرة في حياتنا المستقبلية.


مجالات استخدام إنترنت الأشياء

إنترنت الأشياء ظهر لخلق مستوى أكثر راحة ورفاهية للمستهلكين عامة، تعزز هذه التقنية من الكفاءة والإنتاجية لمجموعة متعددة من المجالات والصناعات التي توفر مستوى أفضل من المعيشة، هنا نذكر بعض المجالات التي أضاف لها إنترنت الأشياء الكثير.

الرعاية الصحية

في السنوات الأخيرة بداية من عام 2010، ظهر تأثير

تقنية إنترنت الأشياء

في تطوير ورفع كفاءة العديد من الأدوات والتقنيات المستخدمة في مجال الرعاية الصحية. فعلى سبيل المثال، يعتمد الكثير من الأشخاص الآن على ارتداء أجهزة للمساعدة في مراقبة التمارين الرياضية والنوم وتتبع تطور الأمراض بداخلهم والتنبيه بأي خطر قريب، هذه الأمور تساعد في الحفاظ وإنقاذ الكثير من الأرواح نتيجة الملحقات الذكية المختلفة التي تستقبل البيانات وتحللها وتتخذ إجراءات بشأنها.

هذه الأشياء ما هي سوى القشرة الخارجية لكيفية تأثير إنترنت الأشياء في مجال الرعاية الصحية فقط.

الصناعة

يعتبر واحد من أهم المجالات التي تستفيد من إنترنت الأشياء أكثر من غيرها. يمكن لمستشعرات تجميع البيانات وتحليلها، حيث تكون مدمجة في الماكينات العاملة بالمصانع أو بأرفف المستودعات، لاستنباط المشكلات والتحذير منها وكذلك رفع كفاءة العمل والإنتاج وتوفير التكاليف بشكل كبير، نتيجة الاتصال وجمع وتحليل البيانات اللحظية واتخاذ إجراءات حيال النتائج.

السيارات

في عصر السيارات الذكية والاتجاه إلى القيادة الآلية، يلعب إنترنت الأشياء دورًا هامًا من خلال تقديم خدمات قيمة لسوق السيارات من خلال البيانات التي تجمع عن طريقه وتحليلها، والتي تخدم عدة مجالات مختلفة منها الصيانة التنبؤية والتي تحافظ على سلامة السيارات من خلال التنبيه المبكر، وكذلك خدمات التنقل المشتركة، كما يمكن لشركات التوصيل المختلفة تتبع أساطيلها من السيارات والتحكم بها عن بعد ومراقبة الطرق من خلال أجهزة استشعار للحفاظ عليها آمنة قدر الإمكان.

المنازل الذكية

يعتبر مجال

المنازل الذكية

أحد المجالات التي تتلامس بشدة مع تقنية إنترنت الأشياء، فالشركات الكبيرة مثل أمازون وجوجل وسامسونج وكذلك أبل تتنافس في هذا المجال بشدة. الأشهر على الإطلاق هو تنافسهم في مجال المساعدات الرقمية، لكن بجواره هناك المقابس والمصابيح الذكية، والكاميرات، ومنظم الحرارة، والثلاجات الذكية وغيرها من الأدوات المنزلية التي ستعمل داخل نظام واحد ناتج عن تقنية إنترنت الأشياء، للرفع من كفاءة عمل الأجهزة الإلكترونية المختلفة، وتوفير الراحة لساكني المنازل بشكل أكبر. هناك كذلك تطبيقات على سبيل المثال تساعد على بقاء كبار السن مستقلين في بيوتهم الخاصة من خلال تسهيل التواصل مع العائلة ومقدمي خدمة الرعاية الصحية لهم ومراقبة كيفية حصولهم عليها بشكل ووقت مناسبين.

مراقبة كيفية عمل منازلنا وفهمها بشكل سلس يساعدنا من خلال تقنية إنترنت الأشياء في توفير الراحة وتوفير الطاقة وخفض التكاليف بشكل مناسب وتحسين من أداء عمل الأجهزة الإلكترونية المختلفة بعد اكتسابها لبعض من الذكاء الرقمي. هناك كذلك مجالات أخرى كثيرة تشارك تقنية إنترنت الأشياء في تطويرها كمجال الاتصالات والخدمات ومجال التجزئة.

لكن هنا دعنا نسأل سؤالًا هامًا للغاية، هل تقنية إنترنت الأشياء آمنة للاستخدام ؟ هل توفر لنا الخصوصية؟


الخصوصية وإنترنت الأشياء

أي شيء متصل بالإنترنت معرض للاختراق بصورة أو بأخرى، فكما نعلم جميعًا أن عالمنا الرقمي غير آمن بالمرة. كذلك فمسألة الخصوصية هي مسألة معقدة للغاية هنا، فمع الجانب الإيجابي الناتج عن هذه التقنية، إلا أن هناك جانبًا سلبيًا ومخيفًا يكمن في الخصوصية؛ تخيل أن مع كل منتج متصل بالإنترنت هناك احتمال واضح لرصد المستخدمين دون قيود في كل شيء. فمثلًا الثلاجة الذكية توضح وتتعقب استخدام الطعام واستهلاكه، وبالتالي قد ينتج عن تحليل هذه البيانات لاستخدامها في إعلانات مرتبطة بخدمة أخرى متعلقة بالطعام مثلًا.

تخيل معي أن كل شيء في منزلك تسجل بياناته ويتم تحليلها من قبل الشركات فيعرف متى تمكث بالمنزل بالضبط، متى تدخل إلى دورة المياه، ماذا تأكل ومتى تأكل وكم استهلاكك للطعام عامة، مثل هذه التفاصيل الدقيقة الصغيرة التي تنعم بها بيومك في خصوصية تامة ستصبح ملك الشركات موفرة الخدمات لك من خلال أجهزتها المختلفة.

الأمر الواضح أن الخصوصية قد تنتهك بشكل عام ومباشر، وبالتالي سيؤدي انتهاكها إلى احتمالية تسبب الأضرار لمستخدمي تقنية إنترنت الأشياء في حياتهم واستغلال الشركات المختلفة لبياناتهم بشكل أكثر عمقًا مما هو الحال عليه اليوم.

الأمر ما زال في بدايته فدعونا نرى ماذا يحمل إنترنت الأشياء لنا في مستقبله من إيجابيات وسلبيات، وأخبرنا لو كنت تملك جهازًا ما في منزلك متصلًا بالإنترنت بشكل مباشر طوال اليوم.