ما الذي يمكن أن أراه في سماء ليل سبتمبر/أيلول 2020؟

حسنًا، لقد جاء شهر السعادة بالنسبة لمحبي الطقس البارد، حيث اقترب الخريف ومن بعده الشتاء، وانتهت الموجات الحارة (تقريبًا) لمدة تزيد عن ثمانية أشهر قادمة، كنا لنصبح أكثر سعادة لو لم تكن الأجواء وبائية كما ترى، لكن عسى أن تسلينا سماء الليل الخريفية قليلاً.

أهم الأحداث

5 سبتمبر

القمر يقف في الطور الأحدب المتناقص إلى جوار المريخ في مشهد بديع، يمكنك رؤيته مع بداية الظلام لكنه سيكون أجمل كلما ارتفع الرفيقان معًا، هذه الأيام هي أجمل فرصة لرصد المريخ فهو قريب من الأرض ويلمع بوضوح في السماء، المشهد سيستمر طوال الليل.

6 سبتمبر

في تمام الساعة 08:31 بتوقيت مصر يكون القمر في أبعد مكان له من الأرض على مسافة 405606 كيلومتر (الأوج)، أما في 18 سبتمبر فإنه يكون في الحضيض على مسافة 359081 كيلومترًا.

8 سبتمبر

حول منتصف الليل، القمر يقف على مقربة من “الثريا” Pleiades، وهو أحد ألمع التجمعات النجمية المفتوحة في السماء ليلاً، يوجد في كوكبة الثور، وبه عدة آلاف من النجوم لكن لا يمكن لأعيننا أن ترصد منها حوالي 7 إلى 9، وكان البشر قديمًا يتثابرون من منهم أحدّ بصرًا فيرى عدد نجوم أكبر من الثريا.

9 سبتمبر

حول منتصف الليل، القمر يقف إلى جوار نجم “الدبران” Aldebaran، ألمع نجوم كوكبة الثور Taurus، لاحظ لون الدبران الأحمر، النجوم المتوسطة الكتلة كالدبران والشمس تتضخم في نهاية أعمارها لتتحول إلى عملاق أحمر، إذا كان بحجم كرة سلة لكانت الشمس الآن بحجم حبة عنب، حينما تنظر إلى الدبران الليلة فتذكر أنك تنظر إلى مستقبل الأرض بعد حوالي 5 مليارات من السنين، من سيكون هنا ليشهد الحدث يا تُرى؟

11 سبتمبر

بعد منتصف الليل، القمر يتوسط سداسي الشتاء، وهي مجموعة من ستة نجوم لامعة تميز فصل الشتاء وتتخذ شكلاً مميزًا، هذه النجوم هي رجل الجبار Rigel من كوكبة الجبار، والشعرى اليمانية Sirius من كوكبة الكلب الأكبر والشعرى الشامية Procyon من كوكبة الكلب الأصغر، ونجمي التوأم Castor & Pollux من كوكبة التوأم، والعيوق Capella ألمع نجوم ممسك الأعنة، والدبران Aldebaran أو عين كوكبة الثور.

في تمام الساعة 01:05  صباحًا، بتوقيت مصر، يكون القمر في العقدة الصاعدة، القمر لا يدور على الأرض في نفس المستوى، بل يصعد قليلًا عنه، في أثناء دورته، ثم ينخفض قليلًا، ويلتقي مع مستوى الأرض مرتين كل شهر قمري: الأولى هي العقدة الصاعدة، والثانية هي العقدة النازلة، وتكون الأخيرة يوم 23 سبتمبر في تمام الساعة 14:33.

كوكب نبتون في التقابل، بالطبع لا يمكن أن نراه بعيوننا المجردة لذلك ستكون فرصة جيدة لرصده في تلسكوب متوسط، نبتون ينضم إلى فئة العمالقة الثلجية Ice Giants، بالطبع هناك فارق واضح في الحجم بين العمالقة الغازية (المشتري وزحل) والعمالقة الثلجية (أورانوس ونبتون)، لكن الفارق الرئيسي بينهما هو التركيب، إذ يسيطر الهيدروجين بشكل أساسي على العمالقة الغازية، ثم الهيليوم، بينما يسيطر الميثان والأمونيا والماء في الجهة المقابلة على العمالقة الثلجية.

13 سبتمبر

فجرًا، مشهد بديع للهلال يقف فيه بين ثلاثة أجرام لامعة، على مقربة منه يقع نجم رأس التوأم المؤخر Pollux، ألمع نجوم كوكبة التوأم Gemini، في الجانب الآخر يقف نجم الشعرى الشامية Procyon من كوكبة الكلب الأصغر، وكلا الكلبين (الأكبر والأصغر) كان رفيقًا للجبار في رحلات صيده بحسب الأسطورة القديمة. ويزين المشهد رفيق الخريف، كوكب الزهرة، بالأسفل.

14 سبتمبر

فجرًا، يقف الهلال إلى جوار كوكب الزهرة الذي يزين سماء الفجر في مشهد بديع، على مسافة 4 درجات فقط بينهما، الزهرة مستمر معنا حتى الشتاء، ويمكن كل ليلة أن نراه حول هذا الموعد.

16 سبتمبر

فجرًا، الهلال الرفيع جدًا الخاص بآخر محرّم يقف قبل الشروق مباشرة إلى جوار نجم المليك أو قلب الأسد Regulus، ألمع نجوم كوكبة الأسد Leo، هذا النجم يبعد عنا نحو 77 سنة ضوئية، وهو نجم يافع، إذ يبلغ عمره بضع مئات الملايين من السنين فقط، النجم يقع بالضبط على دائرة البروج مما يجعله رفيقًا شهيرًا للقمر، وقد يحتجب خلفه أو خلف أحد الكواكب.

22 سبتمبر

بعد الغروب، القمر يقف أعلى قلب
العقرب Antares ألمع نجوم برج العقرب Scorpius، سمّي كذلك
بسبب لمعانه باللون الأحمر فكأنه ينافس لمعان المريخ، والممثل لإله الحرب آريس Anti-ares في الأسطورة
القديمة. قلب العقرب هو عملاق أحمر فائق يعيش آخر أيامه.

في تمام الساعة 15:31 سوف تتعامد الشمس تمامًا على خط الاستواء إيذانًا ببدء فصل الخريف، سُمي بالاعتدال الخريفي لأن الليل والنهار فيه يتساويان في الطول، في الفترة المقبلة سوف يبدأ الليل في الحصول على عدد ساعات أطول مع الأيام، سوف تبرد درجات الحرارة شيئًا فشيئًا وتصبح الأمور أكثر هدوءًا. سوف يبدأ سكان أقصى شمال العالم في التجهيز لليل طويل طوله ستة أشهر، كذلك سوف تتجهز بعض أنواع الحيوانات لبيات شتوي طويل، وسوف تهاجر أنواع من الطيور إلى بيئات جنوبية أكثر دفئًا، وسوف تستمر الحياة.

بعد الغروب، اخرج للبحث باتجاه الغرب عن عطارد المائل للون الأصفر واقفًا إلى جوار جرم آخر لامع مائل للأبيض، هذا هو ألمع نجوم برج العذراء Virgo، ويسمى Spica السماء الأعزل، إنها أقرب مسافة بينهما هذا العام، المشهد بديع ويستحق أن تبذل جهدًا لرصده، لأنه سيتواجد قريبًا جدًا من الأفق. السماك الأعزل يبتعد عنا 270 سنة ضوئية تقريبًا، لكنه رغم ذلك يقتنص ترتيبًا متقدمًا في قائمة ألمع نجوم السماء، والسبب هو أن ضيائية النجم تفوق الشمس بـ 2000 مرة، فهو عملاق أزرق، وبالتالي فهو يحرق هيدروجينه بسرعة شديدة، لذلك فهو قصير العمر. درجة حرارة سطح السماك الأعزل تصل إلى 23 ألف درجة تقريبًا مقارنة بحوالي 6 آلاف درجة فقط لسطح الشمس.

24 سبتمبر

القمر يقف إلى جوار ألمع أجرام مساء سبتمبر، كوكب المشتري، عملاق المجموعة الشمسية، الكوكب الذي يمكن لنا أن نضع ألف أرض بداخله، وملك الآلهة في الأسطورة القديمة. سمي “المشتري” وليس “المشترى”، لأنه يستشري بين الكواكب، أي يلج ويمضي بلا فتور ولا انكسار.

25 سبتمبر

في مشهد بديع بعد الغروب، يقف القمر
بين كوكبي المساء اللامعين، المشتري وزحل، زحل هو كوكب الحلقات، ونقول “حلقات
زحل” وليس “حلقة زحل”، لأنها ليست حلقة واحدة، بل هي مجموعة أو
منظومة من الحلقات التي تحوي فواصل فيما بينها، تتكون حلقات زحل من حُبيبات من
الثلج بشكل أساسي، والصخور بشكل أقل، تتراوح أقطارها بين الميكرومتر الواحد
والمتر، ويمكن لتلك الحلقات أن تحتوي على أقمار لزحل تدور حولها.

ألمع نجوم الشهر

أطوار القمر سبتمبر 2020

أوضاع الكواكب سبتمبر 2020

عطارد: يمكن لك بداية من 17 سبتمبر أن تراه أعلى الأفق الغربي بعيد الغروب، يرتفع يوما بعد يوم.

المريخ: يمكن أن تراه طوال الليل كل يوم.

الزهرة: يمتلك السماء الشرقية خلال سبتمبر،
حيث يكون في أفضل موعد لرصده حول الفجر.

المشتري وزحل: يمكن أن تراهما بعد
الغروب مباشرة كل يوم، لكنهما لا يستمران في السماء سوى عدة ساعات.

مشهد مميز لشهر سبتمبر 2020

بما أنه شهر الخريف، ربما لا يعرف الكثيرون أن
موضع شروق وغروب الشمس يختلف من شهر لشهر، فهو يكون في منتصف الأفق تمامًا (الأفق
شرقي أو الغربي) في الربيع أو الخريف، ويكون مائلًا ناحية الشمال في الصيف وناحية
الجنوب في الشتاء. يحدث ذلك بسبب ميل محور الأرض ناحية الشمس في الصيف وبعيدًا
عنها في الشتاء، بينما في الربيع والخريف تقابلها بشكل متساوٍ، لهذا السبب تجد أن
الشمس ربما تشرق أو تغرب من بلكون بيتك، أو الشباك الخاص بحجرتك، أو شارعك، لمدة
أيام أو أسابيع محددة كل سنة.

علامات رصدية

بحلول
الخريف تتجهز ذات الكرسي
Cassiopeia للسيطرة
على المشهد السماوي بحلول الساعة العاشرة مساءً، ومع السيدة “كاثي” فإن مربع
الخريف، الهيكل الرئيسي لكوكبة الفرس الأعظم Pegasus، يتجهز هو الآخر لتسيد سماء الليل، رغم ذلك
فإن المثلث الصيفي، بكوكباته الثلاثة “العقاب” و”الدجاجة” و”القيثارة”
لا زال مسيطرًا بشكل أو بآخر، إلا أنه سيميل قريبًا ناحية الغرب.

استخدم المثلث
الصيفي، كما تعلمنا من قبل، للوصول إلى ثلاثة أشكال مميزة لثلاث كوكبات، وهي هرقل
وقيفاوس والتنين، ورغم خفوت نجوم تلك الكوكبات إلا أنه يمكن لك تأمل نجومها
بسهولة؛ لأنها الألمع في المناطق التي تسكن بها، كذلك يمكن أن تُشرك بذات الكرسي
والدب الأصغر في عملية البحث لتوضح باقي نجوم تلك الكوكبات.

يمكن لك أن
تستخدم مربع الفرص الأعظم للإمساك بكوكبتين جنوبيتين ممتعتين: الأولى هي قيطس Cetus  ونجمها اللامع الضفدع  Diphda، والثانية هي الحوت الجنوبي Pisces Australis عن طريق نجمها اللامع فم الحوت Fomalhaut، وكلا النجمين هو الألمع في المنطقة المحيطة
به لذلك يمكن لك بسهولة أن تجده.

فم الحوت هو حالة
خاصة من النجوم التي نعرفها، ليس فقط لأنه كبير بحيث يتمكن من حمل أربع كرات
كالشمس، أو حتى لأنه نظام نجمي ثلاثي، ولكن لأنه ثالث ألمع نجم في سماء الليل تدور
حوله كواكب: الأول هو شمسنا الدافئة، والثاني هو “رأس التوأم المؤخر” من
كوكبة التوأم، أما الثالث فهو فم الحوت، ويدور حوله كوكب يُعتقد أنه أكبر في
الكتلة من المشتري، ويسمى “داجون”.

ورغم أن كوكبات
دائرة البروج في شهر سبتمبر تكون خافتة وصعبة الرصد، إلا أنه يمكن لك أن تستخدم ما
سبق من إرشادات لفهم صورة كاملة عن سماء الليل، بالتالي يمكن لك، بستخدام المثلث
الصيفي ومربع الخريف، أن تتبع تلك الكوكبات بهدوء وصبر، مع نظارة معظمة يُفترض أن
يكون هذا المشهد ممتعًا.

علامات تليسكوبية

لنبدأ بأهم أجرام
مسييه لسماء الليل في شهر سبتمبر، بالنسبة للتجمعات المفتوحة فيمكن لك التقاطها
بسهولة عبر تليسكوب بسيط، أما التجمعات العنقودية فتحتاج لتليسكوبات متوسطة
وكبيرة، استخدم برنامج
Stellarium لإيجادها.

ما يمكن أن يلفت نظرنا في كوكبة الدلفين هو تجمعان عنقوديان كلاهما مذكور في أطلس كالدويل، وهو قائمة قام بجمعها باتريك مور لتكون مكملة لأطلس مسييه، التجمع الأول هو  NGC 6934 (Caldwell 47)، وهو تجمع كبير نسبيًا تجده بسهولة بجانب النجم أبسيلون من الكوكبة، يبتعد عنا 50 ألف سنة ضوئية ويمكن فقط التقاطه عبر تليسكوب متوسط أو كبير إذ إن قدره الظاهري هو 8.83، أما التجمع الآخر فهو NGC 7006 (Caldwell 42) وهو يتخطى حاجز الـ130 ألف سنة ضوئية بعدًا عنّا، يتواجد بعيدًا في هالة مجرتنا، يقترب التجمع من النجم جاما ويمكن لك اصطياده عبر تليسكوب كبير فقدره 10.6.

حكايات النجوم

غضب بوسيدن إله البحار من كاثيوبيا وابنتها أندروميدا حينما قررتا التمشي على شاطئ البحر وإثارة غيظ حوريات البحر بجمالهما الفاتن، هنا بعث بوسيدن بوحش عملاق يدعى قيطس لقتلهما، حينما علمت كاثيوبيا بذلك ذهبت مع زوجها قيفاوس للعرافة؛ عسى أن تجد لهما حلاً لتلك المشكلة، فقالت العرافة إن الحل الوحيد لإنقاذ قيفاوس وكاثيوبيا هو تقييد أندروميدا بالسلاسل في صخرة على البحر بانتظار قيطس ليأكلها فيهدأ غضب إله البحار، ويتغاضى عن قتل قيفاوس وكاثيوبيا.

في تلك الأثناء كان برشاوس يحاول أن يقطع رأس ميدوسا، تلك الرأس المليئة بالثعابين والتي إذا نظرت إليك حولتك فورًا لصخر. نجح برشاوس بذكائه في أن يقطع رأسها بدون النظر لها، وهنا أخذ تلك الرأس وذهب مسرعًا ليقف أمام أندروميدا في مواجهة قيطس رافعًا رأس ميدوسّا في وجهه، فيتحول قيطس لصخرة، وتقديرًا لعظمة تلك الحكاية قررت الآلهة رفع جميع أبطالها؛ أندروميدا، كاثيوبيا، برشاوس، قيفاوس، والمسكين قيطس إلى السماء ليشكلوا مجموعة الكوكبات، كذلك قرر لويز ليترير إخراجها للسينما في الفيلم الشهير Clash of the titans، ها هو برشاوس يرفع رأس ميدوسّا في مواجهة قيطس.