بقلم: ثامر عبد الغني سباعنه (*)

مع
أواخر ديسمبر/كانون الأول 2019، تم تحديد فيروس كورونا المستجد، والمعروف أيضاً
باسم كوفيد-19، للمرة الأولى في مدينة ووهان التابعة لإقليم خوبي في الصين، وبداية
من 11 فبراير/شباط 2020، اصطلحت منظمة الصحة العالمية على تسمية النسخة الجديدة من
هذا الفيروس باسم كوفيد-19، وعرفته بوصفه مرضاً معدياً، ومنذ ذلك الحين، بدأ المرض
في التفشي بسرعة في العديد من دول العالم.

وحتى 19 يونيو/حزيران 2020، أحصت منظمة الصحة العالمية إصابة أكثر من 8 ملايين و600 ألف حالة؛ أغلبها في الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وروسيا والهند والمملكة المتحدة وإسبانيا والبيرو وإيطاليا وتشيلي وإيران، فيما سجلت أكثر من 450 ألف حالة وفاة.

سارعت
السلطة الفلسطينية للتعامل مع انتشار الكورونا، فأعلنت سلسلة قرارات من بينها
إعلان حالة الطوارئ في مناطق السلطة الفلسطينية، كما أصدرت الحكومة الفلسطينية
قراراً بإغلاق المؤسسات التعليمية في الضفة الغربية، وشمل القرار المدارس الحكومية
والخاصة، بالإضافة للجامعات والمعاهد.

ومنذ
الإعلان عن إغلاق المؤسسات التعليمية، سارع البعض للحث على العمل ضمن برنامج
التعليم عن بعد واستخدام التكنولوجيا والإنترنت في التعليم، وبالفعل ظهرت مجموعة
من المبادرات الشخصية.

كيف أدارت السلطة الفلسطينية موضوع التعليم في ظل الكورونا؟

هل
تملك السلطة الإمكانيات لإيجاد بدائل في العملية التعليمية؟

نبذة تاريخية

منذ
نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير
الفلسطينية و«إسرائيل»، كان استلام مسئوليات التعليم في الأراضي الفلسطينية من أول
الأعمال التي قامت بها السلطة، فتسلمت السلطة وزارة التربية والتعليم وبذلت الجهود
للنهوض بالتعليم الفلسطيني، وبدأت ببناء المدارس وترميم القديم منها، بالإضافة إلى
تعيين الكوادر التعليمية والمعلمين، وتطوير ومتابعة المناهج بشكل دوري، بالإضافة
إلى فتح مديريات التربية والتعليم في أكثر من منطقة.

إن
نسبة التعليم المدرسي في فلسطين مرتفعة، إذ تبلغ نحو 78% لدى كلا الجنسين، ولكن
هذا لا ينفي وجود مشاكل التسرب من المدارس وعمالة الأطفال. وقد بلغت نسبة الطلبة
الملتحقين بالمدارس الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة نحو 73%، أما الباقي
فموزعون على مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في
الشرق الأدنى «الأونروا» بنسبة 24%، والمدارس الخاصة بنسبة 6%.

يوضح الجدول التالي أعداد المدارس منذ استلام السلطة الفلسطينية للتعليم عام 1993 وحتى عام 2018:

أعداد المدارس منذ استلام السلطة الفلسطينية للتعليم سنة 1993 وحتى سنة 2018

أي أن هناك ارتفاعاً في عدد المدارس منذ استلام السلطة الفلسطينية للتعليم وحتى عام 2018 بلغ 1524 مدرسة، وهذا رقم كبير يشير إلى اهتمام السلطة بالتعليم على الرغم مما تعانيه من معيقات وضعف اقتصادي.

كما
أولت السلطة الفلسطينية أهمية للتعليم العالي، إذ أنشأت جامعات ومعاهد جديدة،
بالإضافة إلى فتح كليات وتخصصات جديدة.

إحصائيات

وفقاً لإحصائيات وزارة التربية والتعليم وجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني بلغ عدد الطلبة في المدارس للعام الدراسي 2018/2019، نحو مليون و282 ألف طالباً وطالبة، وبلغ عدد المعلمين 57458 معلماً ومعلمة.

فيما
بلغ عدد الجامعات والكليات الجامعية وكليات المجتمع المتوسطة في فلسطين 50 جامعة
وكلية في العام الدراسي 2018/2019 (33 في الضفة الغربية، و17 في قطاع غزة)،
بالإضافة إلى جامعتين للتعليم المفتوح: جامعة القدس المفتوحة ولها 17 فرعاً في
الضفة الغربية، و5 فروع في قطاع غزة، والجامعة العربية المفتوحة في رام الله.

وبلغ
عدد خريجي هذه الجامعات والكليات 46 ألف خريج وخريجة وذلك للعام الدراسي 2017/2018.

وتفيد
بيانات الإحصاء الفلسطيني بأن أكثر من ثلث الأسر الفلسطينية لديها جهاز حاسوب، وأن
نحو 65% منها لديها قدرة على استخدام الإنترنت في المنزل، عدا عن الإنترنت في
الهواتف الخلوية، وأن أكثر من 80% من الأفراد يمتلكون المهارات الأساسية
لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

مشكلات التعليم في فلسطين

على الرغم من إدراك السلطة الفلسطينية قيمة وأهمية التعليم في فلسطين، فإن هناك مجموعة من الإشكالات التي يعاني منها قطاع التعليم في فلسطين، نذكر منها:

  1. اكتظاظ الغرف الصفية، ويعود ذلك لحاجة العديد من المناطق الفلسطينية لبناء مدارس جديدة، والأمر طبعاً يعود لعدم توفر الدعم المالي لبناء المدارس.
  2. ارتفاع في أعداد الطلبة الخريجين في تخصصات محددة مع قلة التوظيف، وبالتالي بطالة في السوق الفلسطيني.
  3. قلة الإقبال على التعليم المهني.
  4. مشاكل التعليم في القدس من حيث المنهاج والسيطرة على المدارس هناك.
  5. انخفاض رواتب المعلمين.
  6. فقدان الدافعية للتعلم لدى الطلبة.

التعليم في زمن الكورونا

في
5 مارس/آذار 2020، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن تسجيل أول 7 حالات إصابة
بفيروس كورونا في فلسطين، تم تسجيلها في مدينة بيت لحم، وهو ما دفع الرئيس
الفلسطيني، وفي خطاب متلفز، ألقاه بالنيابة عنه رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية،
إلى الإعلان عن حالة الطوارئ في فلسطين، مدة 30 يوماً قابلة للتجديد.

تعاملت الجهات الرسمية الفلسطينية مع هذه الأزمة بمنهج وقائي، حيث أدركت أن الفلسطينيين إذا وصلوا لمرحلة الإصابة والعلاج، فلن يكون بمقدورهم التعامل مع هذه الأزمة؛ لعدم توفر الإمكانيات اللازمة، وتم تجديد الطوارئ مجدداً لمدة 30 يوم في 3 إبريل/نيسان 2020، بعد أن ارتفع عدد المصابين لـ 161 مصاباً وحالة وفاة واحدة. ووصل عدد الحالات في الضفة الغربية حتى 18 يونيو/حزيران 2020 إلى أكثر من 750 حالة.

ومع
إغلاق المدارس والجامعات الفلسطينية وتوقف العملية التعليمية، بدأت المؤسسات
التعليمية بالبحث عن بديل عن التعليم النظامي، وبرزت هنا فكرة التعليم عن بعد
واستخدام التكنولوجيا في التعليم. وبالفعل بادر مجموعة من المعلمين في استخدام
البرامج الإلكترونية المختلفة للتعليم وللوصول إلى الطلبة، ومع توقع طول فترة
الطوارئ، وإغلاق المؤسسات التعليمية، بدأت وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم
العالي بالبحث عن بديل عن التعليم النظامي، واستخدام التعليم عن بعد، وصدرت مجموعة
قرارات وتوجهات لمديريات التربية والتعليم والجامعات لإدارة موضوع التعليم عن بعد.

لا يوجد

تعريف واحد حول التعليم عن بعد

يمكن أن يشمل التعريف مصطلح التعليم عبر الإنترنت باستخدام جهاز كمبيوتر شخصي أو مصطلح التعليم الإلكتروني. فهو بصفة عامة، تعليم يعتمد على الاتصال بالإنترنت، وتتم التفاعلات عبر المنتديات، وتقسم الدورات التعليمية إلى وحدات تحتوي على الفيديوهات والمواد المقروءة التي توفر المعلومات التي تحتاجها لإكمال الواجبات. ومن المميزات التي يقدمها لك التعليم عن بعد هو توفير المسافة والوقت، ولا يشترط أن يكون معلمك موجوداً معك في المكان نفسه.

لقد
ظهرت فكرة التعليم عن بُعد في نهايات السبعينيات من القرن العشرين بواسطة الجامعات
الأوروبية والأمريكية؛ حيث كانت ترسل البرنامج التعليمي للطلبة بواسطة البريد،
وكانت تتمثل حينها بالكتب، وشرائط التسجيل، والفيديوهات؛ لتقدم شرحاً وافياً حول
المناهج التعليمية، وكان الطلبة يندمجون مع هذا النمط التعليمي، ويلتزمون بما يوكل
إليهم من فروض وواجبات، ولكن تشترط الجامعات على طلبتها القدوم إلى الحرم الجامعي
في موعد الاختبارات النهائية.

التعليم عن بعد في الضفة الغربية

يرى الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور أن فلسفة الوزارة باعتماد التعلم عن بعد على أنه تعلم تفاعلي، لإدراكها لبعض المعطيات التي أكدت التباين في مستوى ومردود هذا النوع من التعلم على الطلبة، لاعتبارات تقنية وخدمة الإنترنت، وعدم توفرها عند جميع الطلبة، وكذلك الفروق الفردية بينهم.

وعلى الرغم من تأكيد الخضور الإشادة بمبادرات المعلمين لابتكار أساليب للتعليم عن بعد، لكن هذا النوع من التعلم على الرغم من أهميته كرافد بالعملية التعليمية لا يشكل بديلاً عن التعليم الوجاهي، ولن يخضع الطلبة فيه للتقييم حال عودتهم للمدارس.

اتخذ
مجلس عمداء الجامعة العربية الأمريكية، دون الارتباط بأزمة كورونا أو أي أزمات
أخرى، قراراً بالتحول جزئياً إلى التعليم الإلكتروني، وعلى هذا الأساس بدأت
الجامعة بتجهيز بنية تحتية لتنفيذ القرار، ومع بدء أزمة تفشي فيروس كورونا، وما
رافقها من إجراءات أبرزها تعطيل المؤسسات التعليمية، وجدت الجامعة نفسها مضطرة إلى
التحول إلى هذا النوع من التعليم بنسبة 100%.

وقال
نائب رئيس الجامعة لشئون التخطيط والتطوير،

الدكتور
أحمد صالح

: «كنا قد اتخذنا قراراً بإدخال التعليم الإلكتروني في برامج الجامعة
بنسبة 20–30% من كامل البرامج التعليمية في الجامعة، وبدأنا تجهيز الكادر والبنى
التحتية على هذه الأساس، والهدف كان استقطاب الطلاب من الخارج. مع تفجر أزمة
كورونا، وجدنا أنفسنا مضطرين، ليس فقط في تسريع خططنا المقرة أصلاً، وإنما للتحول
الى التعليم الإلكتروني بنسبة 100%».

وضع مؤسس

منصة التعليم عن بعد «I Teacher»

عبد الله قدح، وبعد إعلان الحكومة الفلسطينية عن حالة الطوارئ وإغلاق المدارس، المنصة التعليمية تحت تصرف وزارة التربية والتعليم، وفتحها بشكل مجاني أمام الطلبة للاستفادة من المواد التعليمية، ويوضح قدح أن «I Teacher» أول منصة تعليم إلكتروني توفر المنهاج الفلسطيني من خلال فيديوهات مسجلة، عبر معلمين معتمدين من وزارة التربية والتعليم، وتشمل مواد للمرحلة الثانوية ومدققة للمحتوى، وتحتوي على 8.500 فيديو مسجل.

لكن
برزت مجموعة من الملاحظات حول التعليم الفلسطيني في زمن الكورونا:

  1. تأخرت وزارة التربية والتعليم في التعامل مع حالة الطوارئ، وأدخلت المؤسسات التعليمية في حالة ترقب وبحث عن إجابات.
  2. جل المبادرات للتعليم عن بعد كانت مبادرات ذاتية من المعلمين ودون تنسيق مع الوزارة أو مديريات التربية والتعليم.
  3. تركت وزارة التعليم العالي للجامعات والكليات حرية التصرف، وتركت للمؤسسات التعليمية اتخاذ القرارات المتعلقة بالفصل الدراسي، وهذا أوجد حالة إرباك سواء لطلاب الجامعات أم للمؤسسات التعليمية.
  4. أظهر التعليم عن بعد ضعفاً تعاني منه العملية التعليمية في الضفة الغربية، فقد برزت قلة الخبرة لدى المعلمين، وضعف البنية التحتية المتعلقة بهذا الشكل من التعليم، بالإضافة إلى قلة إقبال الطلبة وخصوصاً طلبة المدارس، إذ يحتاج التعليم عن بعد وجود بعض المهارات عند المتعلمين والمدرسين، لذلك يجب تدريبهم على طريقة استخدام الإنترنت بشكلٍ عام، وعلى استخدام بعض البرامج التي تخدم العملية التعليمية بشكلٍ خاصٍّ، ليستطيع كلٌّ منهما التواصل بشكل صحيح وسليم.

    أبرز المشكلات التي ظهرت

    هي أن البنية التحتية، ووفرة المتطلبات من أجهزة ومعرفة لدى الكادر التعليمي والطلاب، غير مؤهلين لاستخدام التعليم عن بعد. وكان قد برز قبل الأزمة جدال كبير في العالم العربي بين مدرسة التعليم التقليدي والتعليم عن بعد، إلى حد أن وزيرة التعليم العالي في إحدى الدول العربية نعتت التعليم الإلكتروني «بالعبط»، علماً أن أعرق الجامعات العالمية (هارفارد، أوكسفورد، برنستون، وأمستردام، وغيرها) تمنح شهادات بكالوريوس وماجستير ودكتوراه عن طريق التعليم عن بعد.
  5. عدم توفر الإنترنت أو أجهزة الحاسوب أو الأجهزة الذكية لعدد من الطلبة، وبالتالي عدم تمكنهم من المتابعة مع معلميهم أو جامعاتهم.

  6. التكلفة الاقتصادية العالية،

    إذ إن تجهيز المادة التعليمية يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة، كما أن عملية توزيعها على الطلاب تحتاج إلى رصد مالي كبير، بالإضافة إلى تكلفة الإعدادات والتجهيزات، ففي وقتنا الحالي اعتمد الطلاب ومراكز التعليم على شبكة الإنترنت كوسيلة للتعليم عن بعد.
  7. أظهرت المدارس الخاصة سرعة وفاعلية أكثر في التعامل مع موضوع التعليم عن بعد، وقد يعود ذلك كون الطالب يدفع مقابل التعليم، والمدرسة مُلزمة باستمرارية العملية التعليمية على الرغم من حالة الطوارئ.

يمكننا القول إن

المشكلات المرتبطة بالتعليم الإلكتروني

ليست وليدة اللحظة، بل هي مشكلات لها ارتباطاتها البنيوية؛ فحديثنا مثلاً عن المشكلات المرتبطة بالجوانب التقنية سابق للأزمة، ومرتبط بالبنية التحتية لشبكة الإنترنت في البلد. أما الحديث عن مشكلة التضارب في مهماتنا كطلبة ومهماتنا كأبناء، فإنني أقصد هنا وبالذات الطالبات والمهمات الاجتماعية الملقاة على عاتقهن داخل المنزل. لقد وُضعت الطالبات الآن أمام تحدٍّ جديد في الموازنة ما بين مهماتهن كطالبات وبين مهماتهن كفتيات عليهن تدبير أمور المنزل، فالأعمال الأساسية المرتبطة بالمنزل ملقاة على عاتق الفتيات، وهذا ما عبرت عنه الطالبات في كثير من الأوقات بقولهن إنهن غير قادرات على الالتزام بالوقت وإنجاز جميع ما يطلب منهن ضمن المساقات.

ختاماً

في
دراسة مقارنة أجرتها البروفيسور سارة جوري–روزنبلت، لمعرفة العلاقات والتوترات بين
جامعات التعليم عن بعد، والجامعات التقليدية في أنظمة التعليم العالي في خمس دول،
هي: المملكة المتحدة، وإسبانيا، وألمانيا، وكندا، و«إسرائيل»، عرضت وناقشت
التطورات التي طرأت على كل واحدة من خمس جامعات للتعليم عن بعد نشأت في أوائل
السبعينيات من القرن العشرين في تلك الدول، وذلك خلال عقدين بعد نشأتها. فأبرزت
الدراسة أوجه الشبه والاختلاف بين هذه الجامعات فيما يتعلق بالنظم الإدارية،
والتمويل، والنظم الأكاديمية، والتبعية الحكومية أو الخاصة في ظل البيئة الوطنية
لكل منها، والجامعات المشار إليها هي: الجامعة البريطانية المفتوحة، والجامعة
الإسبانية الوطنية للتعليم عن بعد UNED، والجامعة الإسرائيلية المفتوحة، والجامعة
الألمانية المفتوحة، وجامعة أثاباسكا الكندية.

ويستخلص
من التحليلات المركزة والمتعمقة الواردة في الدراسة، أن

هناك سبعة اتجاهات

ستفرض نفسها على الأهداف المستقبلية لجامعات التعليم عن بعد والجامعات التقليدية،
وستكون بمثابة تحديات مشتركة لنوعي الجامعات. وهذه الاتجاهات هي: تعدد فئات الطلبة
الملتحقين بالجامعات، ووجود أعداد كبيرة في كل فئة، وتغير في أدوار المشرفين
الأكاديميين (المحاضرين) سواء في التعليم أم الأبحاث، ومرونة كبيرة في المناهج
الأكاديمية التي تقدمها الجامعات، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لإيصال المعرفة
للطلبة وللتواصل مع معلميهم ومع زملائهم، وتحديد تعاقدات جديدة بين الجامعات
والمجتمعات المحيطة بها، وتنامي التعاون بين الجامعات في إنتاج المواد التعليمية
والأبحاث، وعولمة التعليم العالي، أي أن العولمة ستغزو التعليم العالي وستؤثر فيه
بشدة وتوجه كثيراً من أنشطته.

نحن في فلسطين، واجهنا ظروفاً صعبة، بل مؤلمة، في العقود القليلة الماضية،

وكنا باستمرار ننجح في توفير البدائل

. ففي الانتفاضة الأولى مثلاً، وفي ظل الحصار ومنع التجول، تم تنظيم صفوف للتعليم في المساجد والكنائس والجمعيات، ولم تتوقف العملية التعليمية. وفي الانتفاضة الثانية، خلال الحصار والاجتياحات، تم توظيف وسائل إبداعية لاستمرار التعليم.

واليوم، يعيش العالم كله ظروفاً مشابهة لما مرّ به الشعب الفلسطيني، وعليه أن يتكيَّف مع هذه الظروف. فالاستسلام ليس من طبيعة البشر الذين لا يعرفون المستحيل، بل يحوِّلون المحنة إلى منحة، ويستثمرون الفرص لتجاوز المحن والتحديات، دعونا اليوم نبذل الجهود لإنجاح هذه التجربة، ونوظف العقول والطاقات لحل المشكلات التي تواجهنا. ودعونا ننظر إلى المستقبل نظرة تفاؤل، فربما بعد شهور قليلة من الآن ننظر إلى الخلف لنرى أن ما كنا نعتقد أنه مستحيل، قد تحقق فعلاً، وأننا استطعنا أن نتجاوز المحن والتحديات بالإرادة والإصرار والأمل في حياة أفضل.

مطلوب
أن تكون أزمة كورونا فرصة لإعادة الاعتبار لموضوع التعليم عن بعد، وأن تعمل وزارة
التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية المختلفة على إعادة تأهيل المعلمين، وتوفير
الأدوات والمحفزات لبناء قاعدة بيانات، مع إعداد منهاج تعليمي إلكتروني لكل
المراحل التعليمية.

الهوامش:

(*) ثامر عبد الغني فائق سباعنه: مهندس وباحث في الجوانب السياسية والاجتماعية، ألَّف العديد من القصص القصيرة التي تتحدث عن فلسطين والأسرى.



مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.