إشبيلية 1-2 برشلونة: لأنهما لم يتعلما الدرس

من الوهلة الأولى قد يبدو الأمر طبيعيا، إشبيلية يخسر على ملعبه من فريق بحجم برشلونة بفارق هدف واحد، لكن غير الطبيعي هو العملية التي قد أدت لذلك وأداء الفريقين ما قبل تلك المواجهة.

إشبيلية بدأ الموسم كما كان مُتوقعًا من فريق يُدربه سامباولي؛ ثورية في طرق اللعب التي بمجرد تعاقده مع سمير نصري ظهرت بوضوح الـ 3-3-1-3 الشهيرة لتلميذ مدرسة اللوكو بييلسا، واللعب على غلق منافذ تمرير الخصوم عن طريق الضغط طولًا وعرضًا عليه. سامباولي طالما كان عند حُسن حظ متابعيه، مفاجأته السارة في كأس العالم 2014 والفوز بكوبا أمريكا مرتين متتاليتين مع تشيلي وطدت الإحساس القوي بأنه رجل يُمكن الوثوق به لعمل شيء كبير في أوروبا.

بدأ مع إشبيلية أصعب بداية ممكنة، مواجهة ريال مدريد في السوبر الأوروبي وبرشلونة في السوبر الإسباني، وخسارة البطولتين لم تمنعه من بداية رائعة في الليجا، حتى قبل تلك المواجهة كان يبتعد 3 نقاط فقط عن ريال مدريد المتصدر بعد مرور 10 جولات بفريق كان يتوقع له الكثيرون التخبط بعد رحيل أوناي إيمري عنه بعد سنوات من النجاح.

على الجانب الآخر برشلونة لا يريد أن يُعطينا مؤشرًا عن موسمه وهو أمر منطقي في حال وجود مدير فني كإنريكي يعتمد على إمكانات لاعبيه بشكل أكبر من قدراته على تغيير مجرى اللقاء أو وضع خطة مفاجئة للخصوم، وبالتالي ارتفاع أو هبوط مستوى اللاعبين خصوصًا الـ MSN هو المُتحكم الرئيسي في مسيرة فريق كتالونيا.

قبل أيام من مواجهة ملعب رامون سانشيز بيزخوان في الأندلس تلقى كلًا من سامباولي وإنريكي درسين مختلفين ولكنهما لم يستطيعا تطبيق ما عرفاه في تلك المواجهة، فإنريكي هُزِم من سيتي جوارديولا 1-3 مع الرأفة في ملعب الاتحاد حيث لعب بيب بالضغط العالي على دفاع ووسط برشلونة مُستغلًا غياب بيكيه، كانت النتيجة أنه خنق برشلونة وأحرز 3 أهداف وأضاع مثلهم في حين كان إنريكي لا يعرف ماذا يفعل كي يتفادى موجات الضغط التي تجتاح مناطقه، وتغييراته جاءت نمطية وغير مؤثرة وتحضيره للاعبيه لمواجهة موقف كهذا تقريبًا لم تكن موجودة. الغريب أن إنريكي يعرف أن بيب يلعب بتلك الطريقة أي أنها لم تكن مفاجأة، الغريب أكثر أنه بعد درس الاتحاد القاسي كان يعلم أنه ذاهب لمواجهة خورخي سامباولي الذي يلعب هكذا أيضًا، الأغرب أنه لم يُحضر لاعبيه للتعامل وتركهم ضحية ضغط الخصم للمرة الثانية تواليًا!

أما خورخي فقد تميزَّ عن إنريكي في قدرته على تحضير فريقه تكتيكيًا لمواجهة كتلك فالفريق بدا وأنه يعرف كل شيء إلا شيئًا واحدًا وهو كيف سيُسجل؟

في المباراة السابقة لإشبيلية تعادل في ملعب خيخون 1-1 ، بالطبع نتيجة غير مرضية لفريق وضع نفسه منافسًا على اللقب. وهذا بعد أن كان مسيطرًا طوال أحداث المُباراة ولكنه لم يستطع تسجيل أهداف سوى هدف واحد كان سهلًا تعويضه من خيخون، واستمرت المباراة على وتيرة واحدة وهي إضاعة الفرص السهلة من الفريق الأندلسي، حتى انتهت المباراة بفقدانه نقطتين في مسيرته نحو اللقب.

كان يجب على سامباولي هنا الحديث مع لاعبيه عن أهمية حسم المباراة عندما تُتاح الفرص لأن قانون الكرة واضح هنا، كان يجب عليه إفراد مساحة من تمريناته للاعبيه أمام المرمى لأنهم إن لم يسجلوا تلك الفرص فكأنما لم يفعلوا شيئًا من الأساس.

الدرس الثاني الذي لم يتعلمه خورخي هو نفسه الدرس الذي طالما عانى فيه أستاذه بييلسا، سقوط اللياقة البدنية للاعبين في الشوط الثاني من المباراة وفي النصف الثاني من الموسم، من يتذكر مسيرة اللوكو في بلباو والسقوط نهاية الموسم وخسارة نهائيي كأس إسبانيا وكأس اليوروبا ليج رغم أداء رائع طوال الموسم سيعي أهمية المحافظة على لياقة الفريق حتى نهاية السبق، تلك المُشكلة التي عانى منها أيضًا في أثناء تدريبه لمرسيليا الفرنسي.

المباراة

بدأت المباراة بتغيير سامباولي لطريقة اللعب بـ 3 مدافعين لإصابة ميركادو ودفع بإيسكوديرو ظهيرًا أيسر و رامي وكاريكو في قلب الدفاع وماريانو ظهيرًا أيمن، تحولت إلى 4-1-4-1 بتواجد نزونزي أمام الدفاع وأمامه ساربيا ونصري وفاسكيز وفيتولو يتقدمهم فييتو. في حين بدأ إنريكي بالـ 4-3-3 المعتادة والتي حل فيها أومتيتي مكان بيكيه ودينيس سواريز مكان إنيستا.

الضغط العالي منذ صافرة البداية الذي مارسه لاعبو سامباولي بـ 8 لاعبين في مناطق برشلونة أجبر لاعبي برشلونة على التمرير الخاطئ مما أدى لصناعة فرص عديدة من طرف الفريق المحلي في الشوط الأول خصوصًا في النصف ساعة الأولى، وبالتالي كان تقدم إشبيلية بهدف واحد فقط هدية قدمها لاعبو سامباولي لإنريكي فقد أضاع إشبيلية أهدافًا كانت كفيلة بحسم المباراة من شوطها الأول.

الشوط الأول كان مثالا حيا على عدم استيعاب كلٍّ من إنريكي وسامباولي الدروس السابقة، فالضغط العالي فاجأ إنريكي وكأنه لم يكن يدري أن ذلك سيحدث أو أنه لم يُلاقِ جوارديولا منذ أيام قليلة ولقنه درسًا قاسيًا، فلم يُحضر إنريكي لاعبيه لموقف كان يعلم الجميع أنه سيحدث. كذلك سامباولي لم يعِ أنه أمام خصم ضعيف كخيخون دفع ثمن إضاعة الفرص وعدم حسم المباراة، بالتأكيد الوضع أمام ميسي وسواريز أصعب.

الشوط الثاني اختلف تمامًا لعدة أسباب أهمها هبوط المستوى البدني للاعبي إشبيلية الذي لم يعد قادرًا على ممارسة الضغط كما كان في النصف ساعة الأولى، كذلك لويس إنريكي الذي غيَّر شكل ثلاثي الـ MSN ليهرب من الضغط الكثيف ويحاول صنع الفرص وهو ما نجح فيه. قام اللوتشو بتحريك ميسي من مركز الجناح الأيمن لقلب الملعب ليساعد لاعبي الوسط في خروج الكرة وليقوم بتحرير نيمار وسواريز من رقابة نزونزي كلما استلما الكرة في وسط الملعب.

أزمة واضحة

يُعانى برشلونة بشدة في مركزي الظهيرين الأيمن والأيسر فسيرجيو روبيرتو في النهاية ليس داني ألفيش بل ليس ظهيرًا أيمن من الأساس، كما أن لوكاس دين لم يتأقلم بعد على اللعب في هذا المستوى العالي.

يجب أيضًا على إنريكي إيجاد حل مناسب لهبوط مستوى بوسكيتس الواضح، فبوسكيتس هو مركز لعب الفريق الذي يحرر الأظهرة والنقطة الأولى للصعود بالكرة كذلك مساندة قلبي الدفاع، لم يعد مستواه كما كان سابقًا فأصبح أبطأ بكثير وهذا شيء طبيعي للاعب يلعب دون بديل منذ 8 سنوات تقريبًا.

ما زالت الخدعة مستمرة

فوز برشلونة برباعية على السيتي كان خدعة لفريق إنريكي حيث تفوق بيب في كل شيء تقريبا وفاز برشلونة بمهارة ميسي وأخطاء مدافعي مانشستر، كذلك فوز برشلونة على إشبيلية فالفريق لم يُعالج أيًا من أسباب الضعف.

الفوز رغم وجود أخطاء شيء جيد ليعطيك الوقت الكافي لإصلاحها ولكنه بالتأكيد قد يكون مُكلفا جدًا إذا انخدع به المدرب.

لقطة المباراة

سارابيا وهو منفرد بشتيجن تمامًا ويمتلك الفرصة لتعزيز التقدم ليلعب الكرة بكعبه خارج منطقة الجزاء. ففيم كان يفكر؟

سارابيا منفردًا بمرمى شتيجن

سامباولي قادم

في السنوات القادمة ومع أندية أكبر من إشبيلية وبلاعبين ذوي جودة أعلى، قد نرى شيئا ممتازا من خورخي، إن لم يكن مفاجأة مُدوية هذا الموسم بالفوز بالليجا، لا لن تكون مُفاجأة.