مر ما يقرب من ثماني سنوات على رحيل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو عن صفوف مانشستر يونايتد من أجل الانضمام إلى ريال مدريد مقابل صفقة قياسية في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين لم تتوان إدارة اليونايتد وجماهيره أيضا في البحث عما أسموه «رونالدو الجديد »، فمع كل صفقة جديدة يبرمها النادي تجد أنصاره متحمسين من أجل ظهور ذلك اللاعب الفذ الذي يستطيع سد الفراغ الذي تركه البرتغالي منذ رحيله، ولكنهم لم يجدوا ضالتهم حتى الآن.

وفي فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة وجدنا أن آخر من أُطلق عليهم لقب «رونالدو الجديد» الهولندي ممفيس ديباي يعلن مغادرة الفريق بعد موسم واحد، متجهاً إلى ليون الفرنسي، بعد فشله في مهتمه التي جاء من أجلها، محاولا البحث عن مسيرة أخرى، بعيدا عن كل هذا الضغط، وبالتأكيد فإن ما حدث مع ديباي ليس أول مرة، وغالبا لن تكون الأخيرة، فلماذا يفشل كل هؤلاء اللاعبين في مهمتهم، وإلى متى سيصبح الأمر متعلقا بأمل ظهور رونالدو مرة أخرى.


فيرجسون ليس مثل غيره

يبدو أن البحث عن خليفة لرونالدو يتناسب طرديا مع إيجاد خليفة لمدربه أليكس فيرجسون، فبدون الأخير لم يكن ليظهر الأول بهذا الشكل، فمع قدرة المدرب الكبير في التعامل مع اللاعبين صغارا وكبارا، وخبرته التي لا تضاهى، استطاع أن يجمح كباح رونالدو، فحوله من جناح ناشئ يريد استعراض مهاراته أمام الجميع إلى لاعب من الطراز الأول يصول ويجول في الرواقين الأيمن والأيسر، ويحرز الكثير من الأهداف، واستمر في دفعه للتطور حتى وصل إلى القمة والتتويج بالكرة الذهبية لعام 2008 .


http://gty.im/84281935

وبعيدا عن المقارنات الفنية والتدريبية بين فيرجسون ومن خلفوه في قيادة الفريق، كـ ديفيد مويس ولويس فان جال، فإنهم بالطبع لم يأخذوا الوقت الكافي الذي حصل عليه فيرجي مع البرتغالي من أجل تطوير لاعب ما كان يُعتقد أنه سيكون خليفة لكريستيانو، فالأول استمر موسما واحدا والثاني موسمين، وبالطبع هذه المواسم الثلاثة لم تخل أبدا من المشاكل والآثار الجانبية التي ضربت الفريق منذ رحيل السير، والتي مازال يعاني منها حتى الأن.


القدرات الفردية

أمر اكتشاف رونالدو جديد لا يتوقف فقط عند ظهور ناشئ صغير كـ « عدنان يانوزاي » أو لاعب واعد كـ «لويس ناني وممفيس ديباي» أو حتى نجم كبير ذي قدرات فائقة كـ «أنخيل دي ماريا»، فكل من هؤلاء وغيرهم بمجرد أن يُعلن عن انضماهم للفريق، وبعد الترحيب بهم، ثم مع أول مباراة لهم على مسرح الأحلام تبدأ المقارنات ومحاولات إيجاد التشابهات والفروقات بينهم وبين رونالدو.

كما أنه في بعض الأحيان عند تقديم أحدهم لبعض المباريات الجيدة ترتفع التوقعات كثيرا، ولكن مع أول تعثر تبدأ الانتقادات تنهال عليه، فإما أن يكون مصيره دكة البدلاء أو الرحيل، ونعود مرة أخرى إلى دائرة البحث عن رونالدو الجديد.

الشيء اللافت للانتباه أنه قد يكون بعض هؤلاء اللاعبين في الأصل يمتلكون الجودة الجيدة والكافية للاستمرار في صفوف الفريق، وليس مطلوبا منهم بالضرورة أن يقدموا ما قدمه رونالدو، فتلك المقارنات هي ما توقعهم في فخ الفشل وتنهي مسيرتهم مع النادي قبل بدايتها.


فشل بعض النماذج في خلافة الدون

أنطونيو فالنسيا:

لاعب ذو سرعة فائقة وأحد أوائل الذين كان مأمولا منهم أن يسدوا فراغ رونالدو، ولكن لسوء الحظ أنه بعد عدة مواسم قضاها مع الفريق كجناح جيد نوعا ما انتهى به الحال للعب دور الظهير الأيمن.

لويس ناني:

هو أكثر اللاعبين الذين ارتفعت معهم الآمال لإنجاز تلك المهمة، لما لا وقد كان فيه كل شيء يشير إلى أنه يستطيع خلافة مواطنه، فهما يلعبان في نفس المركز وأسلوب لعبهما متقارب ونشآ في نفس البلد والنادي من قبل، ولكن كان الفارق الجوهري بينهما هو العقلية الاحترافية والتنافسية والرغبة في التطور، وهو ما منع لاحقا حدوث ما كان يأمله الجمهور .

آنخيل دي ماريا:

الوحيد من ضمن القائمة الذي جاء اليونايتد نجما متوجا مع فريقه السابق، ولا يوجد أي شك في امتلاكه المهارات اللازمة، بالإضافة إلى أنه وقتها كان أغلى صفقة أبرمها الشياطين الحمر في تاريخهم، ولكن لسوء الحظ وقف عدم انسجامه مع الفريق والمدينة نفسها عائقا أمامه لاستكمال مهمته فلم يستطع البقاء أكثر من موسم واحد ليشد بعدها الرحال إلى فرنسا.

ممفيس ديباي:

بعد رحيل دي ماريا عن الفريق طلب الهولندي لويس فان جال ضم جناح أيندهوفن، وقد كان، وبدأ الأمر بارتداء اللاعب للرقم 7، ثم تقديم مباريات مبشرة في البداية، وما هو إلا وقت قصير وأصبح مثل سابقيه حبيسا لدكة البدلاء، ثم مع قدوم جوزيه مورينيو ابتعد عن قائمة الفريق تماما، وانتهى به الأمر بالرحيل معارا لليون الفرنسي.


http://gty.im/456200920

جمهور اليونايتد سئم من التجارب الفاشلة فطالب بعودة رونالدو نفسه

وأخيرا، أعتقد أن الوقت قد حان من أجل أن يتوقف بحث النادي عن خليفة لرونالدو ويدركوا أن ما قدمه البرتغالي عبر ستة مواسم مع الفريق وتحت قيادة فيرجسون صعب أن يتكرر حدوثه، وليبحثوا عن اللاعب الذي يقدم لهم ما يريدون في إطار قدراته ومؤهلاته، ويكفي كم الضغوطات التي توضع على بعض اللاعبين الجيدين، فهي كفيلة بفشلهم، فقط لأنهم لم يظهروا كرونالدو منذ مباراتهم الأولى، فكما أنه يصعب العثور على من يخلفه، فإنه من الصعب أيضا إيجاد خليفة لريان جيجز أو لرود فان نيستلروي أو ريو فيرناند.