شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 71 هل أصبحت مصر أم الدنيا لأنها تحتوي على حضارة 7000 سنة؟ بأي مقياس حكم المصريين على مصر أنها أم الدنيا؟ ولو أن المقياس هو عمر الممارسات الحضارية البالغة في القدم، ألا يجب أن تكون الدول الأكثر قدمًا من مصر في ظهور أول أشكال الحضارة هي أم الدنيا؟ شهدت فترة نهايات العصر الجليدي وظهور العصر الحجري وبدء استقرار الإنسان في تجمعات تشبه القبائل ظهور بعض الصور البدائية للفن التي تطورت من مجرد النقش على الحجر إلى صناعة التماثيل إلى أن ظهرت الكتابة التي أصبحت وسيلة الإنسان في تسجيل الحضارة. تعددت أشكال وأنواع الأعمال الفنية في تلك الفترة بعد أن استقر البشر في كل القارات ما عدا القارة القطبية. فكان الرسم هو أول أشكال الحضارة التي مارسها الإنسان. وقياسًا على مدى قِدم هذا الشكل من الممارسات الحضارية: فإن مصر، لا أدري لسوء الحظ أم لحُسنِه، ليست أم الدنيا. تُعد أفريقيا بشكل عام من أقدم القارات من حيث ظهور أول أشكال الفن والمتمثلة في الرسوم الصخرية التي يعود تاريخها لأكثر من 30 ألف عام قبل الميلاد. تتوزع هذه الرسوم بين الجزائر، ليبيا، المغرب، مصر، نيجر، ناميبيا، تشاد وغيرها من الدول الإفريقية. تعتبر مصر مقارنة بدول أفريقية أخرى حديثة عهد بالممارسات الحضارية مقارنة بغيرها مثل ناميبيا التي يعود ظهور أول أشكال الحضارة فيها إلى 30 ألف عام قبل الميلاد. هذا غير الموجود في آسيا وأوربا، بينما تقترب مصر من دول الأمريكتين من حيث بدء ظهور الفن الفن كفعل حضاري. مصر مقارنة بدول أفريقيا في مصر، تعود النقوش الحجرية الموجود في أحد كهوف هضبة الجلف الكبير [1] الواقعة في الصحراء الغربية إلى أكثر من 10.000 سنة أي في مرحلة متقدمة من العصر الجليدي مقارنة ببقية دول أفريقيا. تصور النقوش عدد من الرجال يسبحون في الماء، طبعًا قبل أن تصبح المنطقة صحراء قاحلة. من الجنوب الغربي لهضبة الجلف الكبير وبالقرب من ليبيا والسودان، يوجد عدد من النقوش الحجرية لعدد من الحيوانات والوحوش فيما يعرف بكهف الوحوش [2] ، يعود عمر النقوش في كهف الوحوش إلى ما يقرب 8000 سنة قبل الميلاد. اعتبرت هذه النقوش في تلك المناطق النائية القاحلة دليل على وجود مقومات الحياة فيها فيما مضى. كهف الوحوش بينما قدمت النقوشات الحجرية التي وجدت في طاسيلي ناجر [3] في الجزائر رسوم متنوعة لمشاهد الحياة اليومية مثل رعي الأبقار بالإضافة إلى صور لحيوانات أسطورية وصور نساء يمارسن مهامهن اليومية. في عام 1982، صنفت اليونسكو طاسيلي ناجر كموقع تراثي عالمي حيث يحتوي على ما ياقرب 30.000 نقش حجري يصور الحياة اليومية لتلك المنطقة التي كانت تعج بالمياه وحشائش السافانا قبل أن تصبح صحراء قاحلة في العصر الحديث. في ليبيا مثلا، يبلغ عمر الرسوم الحجرية الموجود في جبال أكاكوس الموجودة في الجنوب الغربي حوالي 21.000 عام، صورت الرسوم بعض الحيوانات ومشاهد من الحياة اليومية. في ناميبيا، أطلق عالم الآثار ولفانج أريك اسم «أبولو 11» على الكهف الذي تم اكتشافه في جنوب غرب ناميبيا ويحتوي على العديد من رسوم هندسية بالفحم والشمع لبعض الحيوانات. يعتبر كهف أبولو 11 أقدم ما تم اكتشافه في فن ما قبل التاريخ في أفريقيا حتى الآن بعمر يناهز 27.000 سنة. بشكل عام، تنتشر رسوم الحجر في العديد من الدول والمناطق الأفريقية. اقترن الرسم على الصخر بالطقوس والعبادات الدينية، كما أنه كسلوك ثقافي بدائي لا يمكن اعتباره مجرد رفاهية بل حاجة ماسة عند الإنسان البدائي وإلا ما تكرر نفس السلوك الثقافي في بقية العالم. ويعتبر عمر هذا السلوك الحضاري في مصر إذا ما قارناه ببقية دول أفريقيا حديثا نسبيًا. أوروبا شهدت الفترة الأخيرة من العصر الحجري نقلة فنية بعدما حل الإنسان بشكله الحديث محل النايندرتال[4] وقد صاحب هذا التطور ظهور أشكال من الفن الحجري تعود تقريبًا لـ 40.000 سنة قبل الميلاد. أحد أشكال هذا التطور هو كهف لاسكو الذي يقع على الضفة اليسرى من نهر فيزير في إقليم دوردونيي جنوب غرب فرنسا. تعتبر الرسوم والنقوش الموجودة في كهف لاسكو هي الأقدم في العالم حتى الآن وهو ما يجعل فرنسا بحق أم الدنيا مقارنة بمصر. تعد رسوم لاسكو الأهم بين كل النقوش الحجرية في العالم ليس فقط لأنها الأقدم، بل لأنها تحتوي على رسم لجسد الإنسان وهو فعل فني نادر في تلك الفترة، فمعظم النقوش والرسوم تصور الحيوانات. انتشر التدوين بالرسم على الصخور في بقية دول أوربا بعد ذلك مثل الدول الاسكندنافية، شمال روسيا، إيطاليا وأسبانيا. بشكل عام تحتوي أوروبا على ما لا يقل عن 200 كهف تنتشر بهم الرسوم الحجرية، تتوزع الكهوف بين: فرنسا بشكل كبير، أسبانيا، البرتغال، رومانيا وروسيا إلا أن لاسكو هو أقدم كهف في العالم ويحتوي على أقدم فعل حضاري حتى الآن. رسوم كهف لاسكو أستراليا حتى مصر إذا ما قارناها بأستراليا، فإن أستراليا أقدم منها في نشأة الحضارة. تحتوي أستراليا على أمثلة فريدة من النقوش الحجرية والتي يعود تاريخها لأكثر من 30 ألف سنة قبل الميلاد إلا أن رسوم لاسكو هي الأقدم على الإطلاق. عبرت رسوم الكهوف والأحجار في أستراليا عن نفس ما عبرت غيرها حول العالم من نقوش للحيوانات وملامح الممارسات اليومية. الأمريكتان تعتبر الأمريكتان آخر القارات التي عمرها البشر في العصر الحديث. إلا أن الرسوم الحجرية والنقوش التي وجدت في كهوف باتاجونيا تعود إلى 10.000 عام قبل الميلاد، وهي بذلك قريبة من مصر من حيث قدم هذا السلوك الحضاري. آسيا رسوم كهف لاسكو في الهند، نقلت النقوش الحجرية الموجودة في كهوف تلة البشمارهي طبيعة الحياة في تلك الفترة من حيث ممارسات الصيد والحيوانات والأدوات المستخدمة في الصيد. هناك أيضًا بعض الأمثلة على النشاط الفني المبكر مثل «غار ظلام» في مالطا وتماثيل النساء التي تمثل الإلهة. في الصين، يعتبر موقع «جاهو- بالإنجليزية: Jiahu» أحد أقدم المواقع التي عرفت الكتابة في العالم وكان لسكانه نظام اجتماعي قوي. كذلك يَعتبر علماء الآثار أن أول من صنع الأواني الفخارية هم اليبانيون، كما صنعوا العديد من الأدوات الأخرى من الطين اللبن والعصى والحجارة وكان هذا قبل الميلاد بـ 11.000 عام. أي أقدم من مصر بألف عام حسب ما تم اكتشافه عن مصر حتى الآن. ختامًا، فنون ما قبل التاريخ الموجودة في مختلف القارات ليست «حركة فنية» بل فترة فنية سببتها حالة من التطور البشري، هذة الحالة التي بدأ فيها الإنسان بالتعبير عن نفسه ومحيطه وطقوسه اليومية فبدأ بالرسم كمعبر عن مفاهيمه الروحية. ولو اعتبرنا أن قِدم الممارسات الحضارية لدولة ما هو ما يؤهلها لأن تكون مهد الحضارة أو أم الدنيا: فإن فرنسا بلا أدنى منازع هي أم الدنيا. [1] الجلف الكبير هو هضبة تقع في منطقة نائية في جنوب غرب مصر. مساحتها 7770 كيلومتر مربع، تقريبا تساوي مساحة السويد. (المصدر: ويكيبديا)[2] كهف الوحوش Cave of the Beasts هو كهف في وادي صورة بهضبة الجلف الكبير على الحدود الجنوبية الغربية لمصر مع ليبيا والسودان.[3] طاسيلي ناجّر أو تاسيلي نعاجر هي هضبة في سلسلة جبلية تقع في ولاية إليزي في الجنوب الشرقي للجزائر. (المصدر: ويكيبديا)[4] إنسان النايندرتال هو أحد أجناس هومو (الجنس الإنساني) الذي استوطن أوربا وأجزاء من آسيا.[5] مستوطنة من العصر الحجري تقع في السهول الوسطى من الصين القديمة. قد يعجبك أيضاً مهرجان «كان» 2016: ما لا يجب أن يفوتك نقوش – الحلقة الثانية «قرية ظالمة»: التاريخ ﻻ يعيد نفسه، نحن من نكرر أخطاءنا «حفلة التفاهة»: ثنائية الإيروتيكا والمعاناة الإنسانية شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram هند مسعد محمد Follow Author المقالة السابقة ما الفن؟ المقالة التالية رؤية الفلسفة للموسيقى (مترجم) قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك فيلم «كفر ناحوم»: ما بين الفن والدعاية السياسية 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيلم «Hannah and Her Sisters»: عن معنى الحياة- كتب بواسطة... 05/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيلم «Ready Player One»: سبيلبرج يعود إلى اللعبة 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مسلسلات رمضان 2018: أن ترضى بما هو عادي أو أقل 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيلم «Avengers Infinity War»: دليلك لقمة عالم الأبطال الخارقين 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أفلام «الجزء الثاني» تسيطر على سينما 2017 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لارس فون ترير: الاكتئاب كمجاز أنثوي 05/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك منير الذي لم ينتبه إلى تعليقات «الساوند كلاود» 05/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هشام يخفي سرًا – الحلقة الخامسة 01/03/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.