في إطار تعاون بحثي مصري-بريطاني للكشف المبكر عن سرطان الكبد، تعمل الدكتورة «زهراء الخطيب»، استشاري أمراض وأورام الكبد، وهي أول طبيبة أورام كبد في مصر، على

مشروع تحت إشراف

«إمبريال كوليدج» في إنجلترا للكشف عن دلالات أورام الكبد في بول المريض المصاب بسرطان الكبد، وذلك للوصول إلى تقنية سهلة ومريحة للمريض الذي يعاني نفسيًّا وجسديًّا. وبذلك توفر الدراسة الوقت والجهد لكل من الطبيب والمريض.

ويُعد سرطان الكبد خامس أكثر أنواع الأورام الخبيثة شيوعًا، والثالث من حيث التسبب في الوفاة من بين أنواع أمراض السرطان. ويتم تشخيص أكثر من

نصف مليون حالة

سنويًّا.

ووفقًا لأحدث

بيانات منظمة الصحة العالمية

المنشورة عام 2018، فقد بلغت وفيات سرطان الكبد في مصر حوالي 18009 حالات، أي ما يعادل 3.24% من إجمالي الوفيات. ويبلغ معدل الوفيات حوالي 27.37 لكل 100 ألف من السكان، مما يضع مصر في المرتبة الرابعة على مستوى العالم.

تحليل البول كتشخيص مبكر

يتم تشخيص العديد من الأمراض عن طريق تحليل البول في معامل التحليل، فيتم تتبع مرض السكري وأمراض الكلى عن طريق كروت خاصة، كما يتم الكشف عن أنواع المخدرات في البول، وتُستخدم السيدات كروت الحمل المنزلي في البول، فيكون هرمون الحمل في البول، وعن طريق الاختبار تتأكد السيدة من الحمل.

فهل يكون تحليل البول أملًا جديدًا لتتبع مرض سرطان الكبد؟

أوضحت الدكتورة زهراء سبب اختيار أن تكون التقنية على بول المريض، وذلك لأن البول يمكن الحصول عليه وتجميعه بسهولة بدون تدخل جراحي، كما أن البول سائل حيوي به كثير من المواد الكيميائية والبيولوجية، كالسكريات والبروتينات والهرمونات الثابتة، وهي المناسبة لعمليات التمثيل الغذائي. فيسهل استخدام البول في الفحص والمراقبة على نطاق واسع بالمقارنة باختبارات الدم، التي تُسبِّب عدم الراحة والضرر للمريض.

وتشير الدكتورة زهراء إلى أن المعيار الحالي للكشف عن أورام الكبد هو تحليل «ألفا فيتو بروتين» AFP، وهو غير دقيق في أغلب الحالات. حيث يُظهر التحليل في الدم حوالي 70% من حالات سرطان الكبد فقط، أي حوالي ثلثي الحالات. وهذا يُسلِّط الضوء نحو الحاجة إلى علامات حيوية تشخصية مبكرة أكثر دقة، لأن تحليل «ألفا فيتو بروتين» ليس كافيًا للكشف المبكر عن دلالات أورام الكبد.

وتصف الرابطة الأمريكية لدراسة
أمراض الكبد (AASLD)
أن تحليل «ألفا فيتو بروتين» يفتقر إلى الحساسية الكافية والنوعية للمراقبة
الفعالة والتشخيص.

أهمية التشخيص المبكر

غالبًا لا تظهر أعراض على المريض بسرطان الكبد في المراحل المبكرة، فيظل المريض الحامل للمرض على قيد الحياة لمدة 5 سنوات أو أقل بسبب تأخر الأعراض. ولذلك تستخدم حاليًّا الولايات المتحدة عمليات الفحص الدوري بالموجات فوق الصوتية كل 6 أشهر، وتحديد مستوى AFP في المصل لتشخيص سرطان الكبد المُكبر، لأنه يسهل علاج سرطان الكبد إذا تم اكتشافه في المراحل المبكرة.

بالنسبة لـ 43% من

الأشخاص الذين تم تشخيص

إصابتهم بسرطان الكبد في مرحلة مبكرة، فإن معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات هو 35%. أمَّا إذا انتشر السرطان إلى الأنسجة أو الأعضاء المحيطة أو العقد الليمفاوية، فإن معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات هو 12% فقط. وإذا انتشر السرطان إلى جزء بعيد من الجسم، فإن معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات يكون 3%.

ومع ذلك، حتى إذا تم العثور على
السرطان في مرحلة أكثر تقدمًا، فإن العلاجات متاحة لمساعدة العديد من الأشخاص
المصابين بسرطان الكبد. وإذا كانت الجراحة ممكنة، فإنها تؤدي بشكل عام إلى ارتفاع
معدلات البقاء على قيد الحياة في جميع مراحل المرض.

التمثيل الغذائي للخلايا السرطانية

توضح الدكتورة زهراء أن

دراستها تعتمد

على تطبيق نظرية العالم واربورغ Warburg، حيث يختلف الأيض (أي التمثيل الغذائي) في الخلايا السرطانية عن الأيض في الخلايا السليمة، فالخلايا السرطانية أكثر شراهةً للجلوكوز، وهو من السمات المميزة لخلايا السرطان. وبهذا يمكن تتبع أيض الخلايا السرطانية عن طريق تتبع نواتج أيض الخلايا السرطانية في بول المريض المُصاب.

وتستخدم الدراسة تقنية «التحليل
الطيفي» باستخدام H-NMR،
وهي تقنية في الكيمياء التحليلية وتُستخدم لتحديد بنية البروتين والتركيب
الكيميائي لـلسوائل الحيوية، عن طريق الكشف عن ذرات الهيدروجين في المركب،
وبالتالي يمكن مراقبة المركبات الناتجة عن التمثيل الغذائي للخلايا السرطانية
والكشف المبكر عن سرطان الكبد.

وتعد تقنية التحليل الطيفي باستخدام H-NMR، أكثر قوةً ومتعددة الاستخدامات، كما تتميز بتحضير أبسط العينات ونتائج أكثر قابلية للتكرار، ولكن الجهاز المُستخدم غالٍ في التكلفة والتصنيع.

بتحديد المؤشرات الحيوية الأولية لأورام الكبد في البول يمكن استخدام تلك التقنية في المعامل وتوفيرها لتكون رخيصة ومتاحة بسهولة في المستشفيات، والمساعدة في تحديد وجود سرطان الكبد كشرائط الكشف في التحليل الكيمائي في البول، والكشف عن السكري والحمل.

وبالتالي يمكن متابعة مرضى الكبد من خلال تلك التقنية والكشف الدوري عن سرطان الكبد، وبدء العلاج مبكرًا، ويمكن شفاء المريض دون الدخول في المراحل المتأخرة.

أسباب سرطان الكبد عالميًّا

عند الحديث عن الإحصائيات عن سرطان الكبد عالميًّا، نجد أن 80% من الإصابات العالمية تحدق بشرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث يبقى عامل الخطر الرئيسي هو حدوث التهاب الكبد الوبائي B المزمن، والذي يُسبِّب تليف الكبد، مما يهيئ لسرطان الكبد.

كما أن التهاب الكبد الفيروسي C هو عامل الخطر الرئيسي للإصابة بسرطان الكبد في أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان. فما يقرب من 3-5% من الأفراد المصابين بتليف الكبد الوبائي C يُصابون بسرطان الكبد كل عام. وتؤدي العدوى إلى التهاب الكبد المزمن C، ومن ثَمَّ تليف الكبد، مما يؤدي إلى خطر الإصابة بسرطان الكبد أيضًا.

والعوامل المسببة لسرطان الكبد كثيرة، ولكن الشائع منها أن 70-90% من حالات سرطان الكبد تحدث بسبب التهاب الكبد المزمن وتليف الكبد الناتج عن التهاب الكبد الوبائي B، أو التهاب الكبد الوبائي C، أو شرب الكحوليات، أو بسبب سم «الأفلاتوكسين»، وهو ناتج نوع معين من الفطريات التي تنمو على بعض الحبوب في بعض الدول، ويؤدي ابتلاعها إلى الإصابة بسرطان الكبد.



مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.