محتوى مترجم
المصدر

سي إن إن
التاريخ
2016/04/04
الكاتب
ميرا سينثيلينجام

التنمية الاقتصادية أمر جيد، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. فوفق دراسة أجريت مؤخرًا، كلما ازدادت معدلات التنمية في بلد ما، كلما ازدادت معدلات الإصابة بهذا النوع من السرطان. وكشفت الدراسة عن فارق بلغ 10 أضعاف في حالاتٍ من جميع أنحاء العالم، بناء على مستوى التنمية الاقتصادية للدولة، حيث يُعتقد أن أسلوب الحياة «الغربية» الذي يترافق مع نمو اقتصاد الدولة هو السبب وراء الزيادة في هذه المعدلات.

«يعد سرطان القولون أوضح مؤشر على التحول المجتمعي والاقتصادي»، حسبما أوضحت ميلينا أرنولد، عالمة الأوبئة المتخصصة في السرطان بالوكالة الدولية لبحوث السرطان، والتي أشرفت على الدراسة. يعد هذا النوع ثالث أكثر أنواع السرطان انتشارًا في العالم، ويعرف أيضًا باسم سرطان الأمعاء، حيث أصاب 1,4 مليون شخص في عام 2012 ويتوقع أن تزيد نسبة الإصابة به بنسبة 60 بالمئة، ليصبح عدد المصابين 2,2 مليون – و1,1 مليون حالة وفاة – بحلول عام 2030.

المعدلات العالمية للإصابة بسرطان القولون لدى الرجال (2010)

المعدلات العالمية للإصابة بسرطان القولون لدى الرجال (2010)

يمثل سرطان القولون نتيجة شائعة لاختيارات نمط الحياة السيئة مثل النظام الغذائي السيئ، انخفاض معدلات ممارسة الرياضة، التدخين، والإفراط في شرب الكحوليات. علّقت أرنولد: «يمكن الوقاية منه إلى حد كبير لأنه مرتبط بعوامل نمط الحياة». وكانت أرنولد، والخبراء الآخرون في المجال، بالفعل مدركين للتباين الجغرافي الواضح في معدلات الإصابة بهذا النوع تحديدًا، لكن مداه هو ما مثّل كشفًا جديدًا، حيث أضافت: «هناك هوة آخذة في الاتساع».


هل يؤدي الازدهار الاقتصادي إلى الإصابة بالسرطان؟

حلل فريق أرنولد معدلات الإصابة بسرطان القولون على جميع مستويات مؤشر التنمية البشرية في 184 دولة، ووجدوا أنه كلما ازداد ترتيب الدولة على المؤشر، كلما ازداد معدل الإصابة بسرطان الأمعاء بها. ففي المتوسط، كان لدى الدول ذات الترتيب المرتفع على المؤشر معدلات إصابة أعلى ستة أضعاف من الدول ذات الترتيب المنخفض. والأهم، وُجد أن مستويات الإصابة بهذا النوع تزداد في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل مع نمو اقتصاداتها.

قبل عقود، لم نشهد معدلات إصابة مرتفعة في الدول منخفضة الدخل، بل كان بها أنواع سرطان أخرى مرتبطة بالعدوى.





أرنولد

يعد سرطان العنق أحد الأمثلة على السرطان المرتبط بالعدوى، حيث قد ينتج عن العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري.لكن اليوم، تظهر أمراض – وسرطانات – نمط الحياة بشكل أكبر. وتابعت: «تزداد المعدلات في الدول منخفضة الدخل». وشملت الدول التي كانت معدلاتها للإصابة – والوفاة – بسرطان القولون آخذة في الارتفاع، أو مستقرة: الصين، روسيا، البرازيل، ودول البلطيق، حيث شهدت تلك الدول تنميةً اقتصادية سريعة خلال العقد الماضي. ومع هذا التغير يأتي أيضًا تقدم سريع نحو نظام الغذاء ونمط الحياة الغربي. انطوت الدراسة على الملاحظة والمشاهدة، حيث اعتمدت النتائج على شعوب تعيش لأعمار أطول، لكن الخبراء عرفوا منذ فترة طويلة دور نمط الحياة في التسبب بهذا النوع من السرطان.


نمط الحياة والسرطان



الاستهلاك الزائد للحوم الحمراء عادة ما يترافق مع اختيارات نمط الحياة السيئة التي تؤثر أيضًا على فرص الإصابة بالسرطان.

«هناك دور بارز للنظام الغذائي ونمط الحياة في الإصابة بهذا السرطان»، حسبما قالت أماندا كروس، مساعدة رئيس مجموعة الفحص والوقاية من السرطان بكلية لندن الملكية. وتجري كروس أبحاثًا عن دور اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة في الإصابة بهذا النوع من السرطان. «هؤلاء الذين استهلكوا القدر الأكبر من اللحوم واجهوا خطرًا أكبر»، وفق كروس. ومجددًا، كانت هذه النتيجة مبنية على الملاحظة. لكن الاستهلاك الزائد للحوم الحمراء عادة ما يترافق مع اختيارات نمط الحياة السيئة، التي تؤثر أيضًا على فرص الإصابة بالسرطان. «من يميلون إلى أكل قدرٍ أكبر من اللحوم الحمراء، يكونون عادة أثقل وزنًا وأقل نشاطًا»، وفق كروس. ويكون الرجال أكثر عرضة للإصابة بالمرض، لكن أسباب ذلك لا تزال غير مفهومة بشكل كامل.


كيف تحدث الإصابة؟

«يعد سرطان الأمعاء أحد الأمراض بطيئة النمو وتتطور أعراضه في مرحلة متأخرة»، وفق كريستيان فون فاجنر، عالم الأمراض بجامعة كلية لندن. تؤثر الأعراض بشكل رئيسي على منطقة الأمعاء والبطن، وتشمل ظهور دم في البراز، الألم في البطن والدبر، أو ظهور تكتل في نفس المنطقة.

دون تطبيق برامج الفحص القياسية على الشعوب المتضررة، عادة ما يُكتشف السرطان متأخرًا جدًا؛ ما يترك فرصة 10 بالمئة للبقاء على قيد الحياة خلال السنوات الخمس التالية. «بمجرد اكتشاف الأعراض، يكون مرجحًا أن السرطان قد تفشّى بالفعل»، حسبما أوضح فون فاجر. لذلك يتمثل الحل في الاكتشاف المبكر وتوفير الفرص للفحص لدى جميع الشعوب المصابة، وليس فقط لدى الشعوب المترفة، وفق كروس، بما أن 90 بالمئة من المصابين سيعيشون لخمس سنوات إضافية إن شُخصّوا مبكرًا.


الاكتشاف والوقاية



47% من نسبة الإصابة بسرطان القولون يمكن الوقاية منها عبر الأكل والشرب بشكل صحي، ممارسة النشاط البدني والحفاظ على وزن صحي.

تقول أرنولد: «يجب أن يحدث أمر ما في الدول التي تشهد هذا التحول، حيث يكون هناك عبء متزايد. يعد الاكتشاف المبكر أمرًا هامًا ويخفض معدلات الوفاة».

اليوم، أصبح الفحص ممكنًا من خلال أدوات الاختبار المنزلية بالإضافة إلى التنظير السيني الأكثر تقليديةً للفحص داخل القولون. كذلك تعد الوقاية الأولية أمرًا هامًا، من خلال زيادة الوعي واختيارات نمط الحياة الصحية، وسيؤدي هذا بدوره إلى التأثير إيجابًا على الأمراض الأخرى، مثل السمنة المفرطة ومرض السكر، حيث ترتبط السمنة المفرطة على نحو معروف بسرطان القولون. يمكن أيضًا خفض معدل الخطر عبر تضمين المزيد من الألياف في النظام الغذائي. ويقول كروس: «هناك الكثير من العوامل القابلة للتعديل التي تساهم في الإصابة بهذا المرض، فالأشخاص الذين يأكلون أليافًا أكثر يكونون أقل عرضة للإصابة به».

ووفق الصندوق العالمي لمكافحة السرطان، في دول مثل المملكة المتحدة، تشير التقديرات إلى أن 47 بالمئة من نسبة الإصابة بسرطان القولون يمكن الوقاية منها عبر الأكل والشرب بشكل صحي، ممارسة النشاط البدني والحفاظ على وزن صحي.