شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 159 لن تجدي الكلمات في رثاء المثقف الثائر باسل الأعرج فكل كتابة عنه ستكون ناقصة… لأن قضيته لم تكتمل بعد، ولن تجدي الحروف في التعزية ولا العبارات الحزينة في الإسهاب في فلسفة استشهاده فقد اختار باسل بين التساقط أو الارتقاء شهيدًا، وقد أحسن الاختيار. للبطولة طعم آخر في اللحظات الحاسمة يكاد باسل الأعرج يتفرد بين أبطال الشعب الفلسطيني، وقد جاء في ذروة الانهيار؛ ليعلن أن الشعب الذي تحفر القبور لدفن قضيته ما زال مفعماً بالحياة، وأن مقولات اليأس الرسمية ليست أكثر من رماد يواري الجمر المتقد في أعماق الشعوب. ورغم عمره القصير صنع باسل الأعرج الكثير، فقد أدرك منذ البداية أنه يسابق الزمن حين قرر العمل على نسف جدر الهزائم التي عملت عليها التسويات السياسية المزعومة، التي لاحقت الشرفاء أمثال باسل وغيره من الأبطال الذين تربوا على ثقافة لا يمكن أن تمد الأيدي لتصافح القاتل، والقدس أنبتت الجراح زهورها ثأراً وإن تسق الخيانة تذبل، هذا التراب مضمخ بدمائنا فكيف يباع لجند الباطل! لم ولن تتنهي قوافل الشهداء فرياح الجنة تطيب لها نفوس العاشقين، كلما وطئ أرض المحشر عدو وغريب، فهم قدر الله الذي يبعث فينا جذوة الإحساس ألا خلاص إلا بالقلم والرصاص، لقد كان باسل مثالاً لدور المثقف الشاهد، الذي يشهد على التاريخ وعلى الظلم، فيتمرد على الواقع ويشكك في الأفكار السائدة. أفكار الهزائم التي منينا بها حتى ركنت الكثير من النفوس لسقط المتاع! لم يقبل باسل أن ينكفئ على نفسه لأنه يدرك تماماً أن من يفعل ذلك يخون قضيته يخون الشهداء والثكالى، وهذا تماماً ما يميز المثقف الثائر الذي يعي تماماً أن الصدام مشروع انحسار للعدو ومواجهة لا تخبو ولا تنحصر في البندقية وإن كانت البندقية أبرز تجلياتها، مواجهة شاملة على مساحة الوطن المغتصب لمنع تزوير التاريخ والجغرافيا وكي الوعي. جاء استشهاد باسل ليقول لنا إن الإنكفاء مشروع خاسر، لم يعد يجدي نفعاً السكوت على فعل الاحتلال المستطير في طمس الهوية والأرض والإنسان. استشهد باسل فتعلمنا منه أن المقاومة بالكلمة والبندقية لا ترتبط بلحظة عابرة، ولكنها روح متقدة تسري تبحث على امتداد الوطن للمتشابهات فيه فينتظم العقد وهذا ما عمله باسل ورفقته في تشكيل جبهة وطنية تعيد المسار إلى طبيعته. وما زال المتدفقون يكملون المسير. استشهد باسل وما زال السؤال قائمًا: لمَ خذلناه، لماذا تمت ملاحقته، لماذا سجن ورفاقه،إلى متى ستبقى الضفة مستباحة، متى سينتهي نفق أوسلو المظلم؟ استشهد باسل المثقف الثائر، فأين المثقفون الثائرون؟ الذين ينتقدون الباطل ويسعون للتغيير، ما أحوجنا إلى إعادة تعريف المثقف ليخرج بذلك أولئك الذين يدافعون عن ثقافة الهزيمة ويساقون كالقطيع في ردحات المشاريع المشبوهة حتى غدو عبئاً على كاهل الشعب. في هذه اللحظة التاريخية فلتلتئم الجهود؛ لدعم كل جهد يدافع عن الثقافة الوطنية وأخص بالذكر لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية، والتي أطلقتها مجموعه من المثقفين والأكاديميين وعلى رأسهم الدكتور عبد الستار قاسم من أجل إعادة الاعتبار لثقافة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني. الثقافة الوطنية في خطر بكل تجلياتها وفروعها الأدبية والفنية والتراثية والحضارية، الثقافة الوطنية في خطر لأنها العنوان الأبرز والأهم في تشكل الهوية والشخصية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وهي خط الدفاع المتقدم عن الأهداف الوطنية الكبرى. الثقافة الوطنية في خطر لأنها أصبحت منساقة مع الرواية الإسرائيلية أو على الأقل أصبحت تحت إمرتها، فما عادت قادرة لمواجهة الرواية الصهيونية الإسرائيلية التي تحاول طمس الثقافة الفلسطينية العربية، وسرقة مخزونها وموروثها التاريخي بكل مكوناته، ولم تعد هذه الثقافة حاملة راية الرواية الفلسطينية، وناقلة أمينة لها عبر الأجيال المتعاقبة. استشهد المثقف الثائر فهل وعينا الدرس؟ مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً وليم شيبرد: خرافة التقدم في كتابات سيد قطب (3-3) «البحر بيضحك ليه»: السينما في مواجهة التنين الأكبر مع دخول الدراسة: 8 تطبيقات لا بد منها لكل طالب زلزال يناير شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram رائد رضا Follow Author المقالة السابقة أبي والفقد المقالة التالية بعد تلك الحدود توجد تنانين! قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك يقف وحيدًا على رصيف المحطة — نصوص قصيرة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ما اللغة؟ رحلة مع اللسانيات الحديثة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك روايات «الجيب» أكثر من مجرد تسلية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك حرب النفط المقدسة: هل ضاع حلم الأكراد بدولة مستقلة؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل يمكننا تربية الطفل دون اللجوء للضرب؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الحركة الإسلامية ونقص الكفاءات 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لنكن أمة قوس قزح! 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك موضة الاشتغال بالردود، ودفاع عن الشيخ الأكبر! 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نشأة الأوقاف في مصر 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «التُّهمة» وفقه الحرية عند المذاهب الفقهية 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.