اتخذ «رومان إبراموفيتش» قرارًا جريئًا الموسم الماضي بإقالة أحد أساطير النادي اللندني، جوزيه مورينيو، من منصبه كمدير فني للبلوز تشيلسي، بعد أن وصل بالفريق إلى أسوء حالة ممكن أن يصل إليها حامل لقب في تاريخ البطولة، وبعد تعيين مؤقت للهولندي «جوس هيدينك» الذي أنقذ الفريق من الوقوع كفريسة لشبح الهبوط وتسليمه في منتصف الجدول بالضبط في المركز العاشر من الترتيب، تم الإعلان عن تعيين المُدير الفني الإيطالي، والذي كان حينها على رأس الجهاز الفني للمنتخب الأتزوري، أنطونيو كونتي، في منصب الرجل الأول في الجهاز الفني لتشيلسي.

في بداية الموسم، وبمزاملة كونتي لكل بيب جوارديولا، يورجن كلوب، جوزيه مورينيو والمخضرم أرسين فينجر في دوري واحد وفي نفس الصراع، كانت الأغلبية لا تهتم بما قد يقدمه تشيلسي مع مدربهم الجديد، بل وصل الأمر إلى درجة استثنائه تقريبًا من أغلب الأحاديث الصحفية الكبيرة والتي تنتهي بتوقعات لصاحب اللقب المنتظر، لكن كونتي خالف كل التوقعات واستطاع الظفر بالتاج الملكي الإنجليزي في نهاية المطاف.

في البداية، نود التنويه عن أنه لا يمكن النيل من نجاح كونتي الذي تم تحقيقة بالظفر باللقب، لكن يمكننا فقط محاولة الخوض في سماء التوقع لما قد يقبل عليه تشيلسي في المستقبل القريب.


التشابه العجيب في البدايات

الإيطالي أنطونيو كونتي المدير الفني لنادي تشيلسي الإنجليزي.

الإيطالي أنطونيو كونتي المدير الفني لنادي تشيلسي الإنجليزي.

السيرة الذاتية للمدير الفني الإيطالي كونتي كانت مليئة بالعديد من الإنجازات، أهمها على الإطلاق: هو قدرته على إعادة رونق فريق يوفينتوس إلى قمة الفرق الإيطالية من جديد بعد فترات كبيرة من التخبط وانعدام الثقة والروح، ما سبق كان الحافز الأكبر للإدارة في العاصمة الإنجليزية من أجل اختيار كونتي كرجل للمرحلة. وفي الواقع كونتي لم يخيب ظنون الإدارة أبدًا، بل أظهر نفس النتائج بالضبط دون أي اختلافات تقريبًا حتى في أدق التفاصيل.

في يوفينتوس، نجح كونتي في موسمه الأول في الفوز بلقب البطولة دون أن يتلقى أي هزيمة، وتمكن من قيادة الفريق، الذي أنهى في الدوري السابق في المركز السابع، للوصول إلى بطولة الدوري المحلي الغائبة منذ 6 سنوات عن خزائن النادي.

ونجح في ذات الشيء في لندن، وتمكن من قيادة الفريق الذي أنهى عاشرًا بين الكبار لاقتناص لقب البطولة من كافة العظام المحيطين به. وعكس كل التوقعات، خلف الموسم الكابوسي للفريق بموسم سعيد جدًا لكافة جماهير البلوز لن تنساه ونتائجه إلى الأبد بكل تأكيد.

وكذلك فشل كونتي في البلدين، إيطاليا ومن بعدها إنجلترا، من الظفر بلقب الكأس الاول وتحقيق الثنائية، وخسر من الفريق صاحب المركز السادس في كل من البطولتين، نابولي وأرسنال على الترتيب، بعد أن وصل إلى النهائي، الأول بنتيجة 2-0 والثاني بنتيجة 2-1، بل وصل التشابه في السيناريو لأن فريق كونتي أنهى اللقائين منقوص العدد بعشرة لاعبين فقط.

المعروف عن أنطونيو أنه حسن التعامل جدًا مع اللاعبين، ومن كبار المدربين المسيطرين على غرف خلع الملابس للفرق التي يتولى تدريبها، والعجيب أنه اعتمد على قائدي يوفينتوس وتشيلسي في مساعدته في القيام بذلك الشيء في موسمه الأول في المرتين، وكلا القائدين أعلن عن تعليق حذائه للمرة الأخيرة في نهاية الموسم الأول لكونتي في الناديين. «أليساندرو دل بييرو» في يوفينتوس و«جون تيري» في تشيلسي.


المخاوف من دوري الأبطال

لكن يتبقى هناك مخاوف تضرب عقل جماهير فريق تشيلسي في حال تم تكرار السيناريو الذي جرى في إيطاليا وتمت إعادته في إنجلترا مرة أخرى، لا سيما النتائج غير الجيدة لكونتي داخل دوري أبطال أوروبا، وهي البطولة التي تطمح الجماهير اللندنية في إعادتها للخزائن مرة أخرى بكل تأكيد.

لكن لسوء الحظ التجارب التي سبقت لكونتي في تلك البطولة مع يوفينتوس والتي لم يتمكن في أي منها من الوصول إلى الأدوار النهائي بعد أن خرج من دور ربع النهائي على يد بطل نسخة 2013، بايرن ميونخ، بالخسارة بهدفين للاشيء في الذهاب والإياب، ثم لحقها بخروجٍ مبكر في نسخة 2014 بعد فشله في الصعود من المجموعات لصالح ريال مدريد وجالطة سراي، وتحوله للدوري الأوروبي ومن ثم خروجه على يد بنفيكا البرتغالي بعد خسارة في ملعب النور بلشبونة بهدفين لهدف، وفشله في إحراز أية أهداف في العودة لينتهي اللقاء بالتعادل السلبي والخروج المؤسف من ربع نهائي البطولة.

الهدف في الرحلة العملية، المشروع، العمل المبذول أو في سباق ما دائمًا يتباين عند كُل منّا. يمكن أن تظل الأول لأميال وأميال، وقبل خطوات من الخط النهائي، تسقط. هل يمكن حينها أن تقول إني فاشل؟، لقد جريت بكل قوة طوال الطريق، الموضوع أكبر من أنك جيّد إذا فُزت وسيئ إذا خسرت.





خوانما ليو.

بالرغم من كافة الإيجابيات التي يتحدث عنها الجميع في موسم تشيلسي الأول مع كونتي، لكن يجب ألا يغفل الجميع الثغرات التي تظهر في البلوز هذا الموسم. دائمًا ما تُغطي الانتصارات على كافة السلبيات، الجميع ينظر للأمر من الجانب المشرق فقط، لكن السلبية الأكبر والتي قد تؤثر جدًا على موسم تشيلسي القادم تحت أضواء دوري الأبطال هي قلة عدد اللاعبين المعتمد عليهم في الفريق.

بعد نتائج غير مجدية في بداية البطولة، أقحم كونتي خطته الجديدة 3-4-3 في الملاعب الإنجليزية، أو بالأحرى اعتمد عليها اعتمادًا كليًا لأول مرة في إنجلترا، حيث إن «ماوريسيو بوتشيتشينو» كان يذهب إليها من حينٍ لآخر، لكن المأخوذ على الإيطالي أن عدد اللاعبين المستخدمين في خطته لا يتخطى الـ 15 لاعبًا، وهو رقم ضعيف جدًا لفريق يسعى للظفر بكافة الألقاب التي يشارك بها.

أنطونيو كونتي.

القلة في عدد اللاعبين المعتمد عليهم لا يضرب فقط عمق الفريق من جهة القوام، لكنه يهدد التركيبة التكتيكية كذلك خاصة في حالة كونتي. في الجولة 33 من عمر بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز الذي فاز به تشيلسي، التقى الأخير مع مانشستر يونايتد بقيادة جوزيه مورينيو داخل معقل «أولد ترافورد»، قبل اللقاء أُعلن عن غياب الجناح الأيسر للبلوز، ماركوس ألونسو، ليعتمد كونتي على أزبليكويتا في الجانب الأيسر مع دخول زوما كقلب دفاع ثالث.

المفترض أن فريقًا متصدرًا للدوري وأحد أقوى المرشحين لنيل اللقب كان يفترض أن يظهر بثبات تكتيكي عادي ولا يتأثر بغياب لاعب واحد، لكن ذلك لم يحدث إطلاقًا واستغل مورينيو تلك الثغرة التي حاول كونتي التغطية عليها بالتغييرات تباعًا بخروج موسيس ودخول فابريجاس ومن ثم إقحام ويليان، لكن بلا طائل، وكانت النتيجة النهائية خسارة تشيلسي وتقليل الفارق لصالح توتنهام بـ4 نقاط فقط.


البحث عن النضوج التكتيكي

لو تمت المقارنة بين توتنهام وبين تشيلسي، هناك فارق كبير بين قوامهما، توتنهام لديه 25 أو 30 لاعب يشارك في البطولات، نحن لسنا كذلك. نعم، نحتاج للاعبين أكثر من أجل خوض البطولات الأوروبية مع المحلية.

BeFunky Collage

BeFunky Collage

بعد فترة من الزمن، أكثر ما سيحفظ في أذهان المتابعين عن فترة كونتي مع تشيلسي هو شخصيته القوية وحماسه الشديد الذي يظهر في كل لقطة حاسمة للفريق، لكن بكافة العروف التكتيكية فإن كونتي لا يجيد الأداء التكتيكي بنمط متكامل، أو لتحري الدقة، فإن كونتي لا يزال يبحث عن أسلوبه بعد.

كونتي لم يحسن استغلال سوق التعاقدات الصيفي مع تشيلسي ولا حتى الشتوي، ربما يمكن ركن تلك النقطة على الإدارة، لكن كذلك أنطونيو لم يختر النمط التكتيكي الأفضل له قبل خوض البطولة. صحفي سكاي سبورت، أليساندرو ألتشياتو، كتب بعد انتهاء بطولة الأمم الأوروبية، خاض فيها في ذهن المدير الفني للمنتخب الإيطالي وقتها، أنطونيو كونتي، ذكر في ذلك الصحفي أن بعد اعتزاله قرر كونتي الذهاب إلى عالم التدريب، تأثر في بدايته بصديقه أنتونيو توما، كان الأخير مدربًا لنادي بيتزا، تأثر كونتي كان بطريقة لعب صديقه، أخذ منه طريقة تحرك الأجنحة في ال ـ4-2-4، الخطة التي استخدمها كونتي في بدايته التدريبة مع باري وسيينا وحتى في أول مواسمه مع اليوفي.

ذهب بعدها إلى لويجي ديل نري، الرجل الذي لعب طوال مسيرته التدريبية الممتدة لخمس وعشرين سنة بنفس نظام اللعب، 4-4-2، أكثر عمق دفاعي مع حرية محدودة للأظهرة.

كذلك أكد أن التغيير إلى 3-5-2 حدث بعد نقاش طويل مع جهازه الفني؛ لأنه كان لابد من إيجاد حل لثلاثي الوسط، بيرلو وفيدال وماركيزيو.

وبالعودة للفترة الأولى لكونتي، فإن الإيطالي لم يستقر على 3-4-3 الشهيرة مع تشيلسي إلا بعد بعض النتائج السلبية في البداية، بالرغم من أنه كان قادرًا على اعتماد ذلك في الفترة التحضيرية قبل الموسم، وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه قبل ذلك مع يوفينتوس. لكن هل سيكون المواجهون دائمًا في خدمة كونتي، المؤكد في إنجلترا أنه لا، فالعديد من الفرق تسعى للظفر باللقب وهو ما يصعب المهمة جدًا في المستقبل.


المراجع




  1. تصريحات كونتي بخصوص قائمة الفريق.

  2. تشابه البدايات مع يوفينتوس و تشيلسي.