أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب أنه يفكر في إقامة مناطق آمنة للسوريين في محاولة للهروب من الحرب الاهلية المستمرة منذ ست سنوات، وقال إن أوروبا ارتكبت خطأ كبيرًا بقبول ملايين اللاجئين من سوريا ومناطق أخرى مضطربة من الشرق الأوسط، وهو ما يريد أن تتجنبه الولايات المتحدة الامريكية. هذه الخطوة تبدو ظاهريًا تحولاً كبيرًا فى السياسة الخارجية الأمريكية في سوريا، فقد طالبت الحكومة التركية كثيرًا إدارة أوباما، بإنشاء منطقة حظر للطيران في سوريا على الحدود مع تركيا ولكن دون جدوى. تصريح ترامب لم يقابل بترحاب كبير فى تركيا فقد أثار مخاوف المسئولين الأتراك لأسباب عديدة.


ما معني «المناطق آمنة» و لماذا رفضها أوباما؟


http://gty.im/621770710

هى مناطق يمكن للمدنيين العيش فيها دون خوف من استهدافهم من قبل أي طرف في الحرب الدائرة حاليًا في سوريا، إدارة ترامب ترى أن المناطق الآمنة هي الوسيلة الفعالة لمنع هجرة السوريين إلى أوروبا والدول الأخرى، بل ويمكن لمن هاجروا بالفعل من السوريين أن يعودوا لبلادهم مرة أخرى.

وفقًا لرويترز فمن المتوقع أن يقوم البنتاجون ووزارة الخارجية بوضع خطة فى غضون 90 يومًا، لتوفير مناطق آمنة في سوريا أو فى الدول المحيطة بها، وهي الخطوة التى تجنبها دائمًا باراك أوباما، لأن إنشاء مناطق آمنة يعني ازدياد التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، لما يتطلبه ذلك من قوات برية لحماية المدنيين، مع فرض حظر جوي في تلك المناطق، وسيكون من الصعب التأكد من أن أفراد الجماعات الإرهابية لم يتسللوا الى المناطق الآمنة للاحتماء بها.

روسيا أيضًا ترى فى إقامة المناطق الآمنة خطورة على النظام السورى نتاجًا لتشككها فى تخطيط الدول الغربية لتغيير النظام كما حدث فى ليبيا. ولأن هذه المناطق ستكون الملاذ الآمن لمقاومة النظام السوري.

لكل هذه الأسباب وغيرها، نأت إدارة أوباما عن دعم مقترح المناطق الآمنة، نظرًا لتكلفتها الكبيرة وخوفًا من تورط الولايات المتحدة أكثر في الصراع السوري، أو أن يجعلها ذلك في مواجهات مع روسيا. وللمفارقة فإن دونالد ترامب أثناء الحملة الانتخابية انتقد هيلاري كلينتون لتحمسها لإنشاء مناطق آمنة لنفس الأسباب، و قال إنه اقتراح لـ«حرب عالمية ثالثة».


أسباب المخاوف التركية بعد تصريحات ترامب

تلقت تركيا دعوة ترامب لإقامة مناطق آمنة في سوريا بخوف وحذر بدلًا من الترحيب بها. تركيا تخشى أن تكون هذه خطوة نحو منح الحكم الذاتي للأكراد السوريين. خاصة أن ترامب لم يذكر تفاصيل بشأن ما يمكن أن يشكل منطقة آمنة، أين يمكن إقامتها ومن سوف يدافع عنها؟ هل يعني ترامب مناطق آمنة محمية بمساعدة من حزب الاتحاد الديمقراطي/حزب العمال الكردستاني في الأراضي السورية، أم أنه يعني منطقة آمنة تحت رقابة دولية بموافقة الحكومة السورية؟

السبب الآخر المثير لقلق تركيا هو ما أكده المحلل السياسي مراد يتكين في عموده في صحيفة حريت، أن ترامب دعا الملك سلمان لتأييد فكرة المناطق الآمنة، بدلًا من أردوغان، الذي سعى لإقامة منطقة آمنة في سوريا منذ سنوات.

يقول يتكين إن الموافقة على فكرة المناطق الآمنة دون التشاور مع القيادة التركية هو مؤشر غير مطمئن بالنسبة لتركيا. لكن تقل أهمية هذا المؤشر إذا أخذنا في الاعتبار ردود الفعل الروسية الغاضبة بعد تصريحات ترامب، حيث قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الولايات المتحدة لم تتشاور معهم في هذا المشروع، مشيرًا إلى أنه «يجب أن يفكر في كل العواقب». وكان ذلك تحذيرًا واضحًا من بوتين لترامب، ورسالة أخرى أيضًا واضحة: إذا كان لديك مشروع في سوريا، لتقُل لنا، وعلينا أن نفعل ذلك معًا.

خطط ترامب بالنسبة لسوريا ليست هي المصدر الوحيد للقلق التركي، الخطط السياسية لروسيا من أجل مستقبل سوريا تمثل الذعر الأكبر للمسؤلين الأتراك. فتركيا قلقة بشأن ورقة غير رسمية تم تسريبها للصحافة عن مشروع الدستور السوري الجديد الذي تدعمه روسيا، حيث شملت الورقة إعطاء حق الحكم الذاتي للأكراد السوريين على طول الحدود التركية، فبالإضافة إلى أن جماعات PYD تحظى بدعم واشنطن منذ سنوات (و لم يتخل ترامب عن هذه السياسة)، ستصبح تركيا على خلاف مع روسيا والولايات المتحدة وهي تواجه مشكلة تهدد أمنها القومي. لتكون الطرف الأضعف في هذه المعادلة وليس لديها سوى قدرة محدودة على تعزيز مكانتها على الأكراد أو لوضع بصمتها على المستقبل السياسي لسوريا.


المراجع




  1. Trump wants ‘safe zones’ set up in Syria. But do they work?

  2. The Syria safe zone may not be as Turkey wanted

  3. Trump says he will ‘absolutely do safe zones’ in Syria