إن كنت قد شاهدت التصويبة الصاروخية للمدافع الإسباني «ناتشو»، والتي قد أعلنت عن الهدف الثالث لمنتخب بلاده في مرمى نظيره البرتغالي، فعليك أن تعلم أن ذلك الهدف النادر ليس فقط هدفه الأول في البطولة، لكنه هدف من التصويبة الأولى للاعب في تاريخه داخل منافسات كأس العالم. إذن فهي تصويبة قوية جدًّا ومتقنة من لاعب بطباع دفاعية وبدون خبرات في الجانب الهجومي أو في شق تسجيل الأهداف، فقط حاول أن تضع ذلك جنبًا إلى جنب مع كل التوقعات التي نالتها كرة «تليستار 18»، والتي أنتجتها شركة «أديداس» خصيصًا من أجل بطولة كأس العالم المقامة بروسيا لعام 2018، ربما حين ذلك ستحصل على استنتاج خاص بهذه النسخة من المونديال.



الفيفا تكره حراس المرمى

قبل انطلاق البطولة بشهور أعلن الاتحاد الدولي عن كشف الستار عن كرة المونديال المنتجة بواسطة الشركة الألمانية والمستوحى تصميمها من تصميم كرة كأس العالم 1970، والمسماة بنفس الاسم «تليستار». وكتطبيق دولي معتاد، تم تجربة الكرة في عدة مباريات دولية رسمية أو ودية من أجل أخذ انطباع علمي وبين اللاعبين عن الطراز الجديد، والذي

أكد

صانعوه أنه الفئة الأكثر تطورًا في تاريخ اللعبة،كالعادة، ذلك التصريح أصبح روتينيًّا جدًّا، «إنه الطراز الأحدث والأكثر تطورًا»، التطور في حد ذاته لا يؤكد الجودة، وما بدا من اللاعبين كانطباع أولي عن هذه الكرة أنها فعلًا ليست بالجودة والاستحسان الذي ظنه منسقو الفيفا أو صانعو الكرة.


أحد الصحفيين بجريدة «آس» الإسبانية سارع في الحصول على آراء حارسي مرمى منتخب بلاده، «دافيد دي خيا» و«بيبي ريينا»، في الكرة الجديدة عقب استخدامهم الأول لها. كلاهما

اتفق

على نفس الرأي تقريبًا، هذه الكرة صعبة جدًّا في التعامل معها خصوصًا في الكرات المصوبة من مسافات بعيدة والكرات العرضية.

الأخير قد

دخل

في رهانٍ علني على أن هذه الكرة ستتسبب في تسجيل على الأقل 35 هدفًا من تصويبات بعيدة المدى. من بعد الإسبانيينِ،

أكد

حارس مرمى المنتخب الألماني وفريق برشلونة، «تير شتيجن» أن الكرة فعلًا غريبة، كما أكد أنها تتحرك كثيرًا جدًّا، على عكس الطبيعي.

خلال المباريات الـ4 الأولى من البطولة سُجل 13 هدفًا، 6 أهداف من تصويبات بعيدة المدى، و5 أهداف من كرات عرضية. الغريب أن تلك الشكاوى ليست جديدة أبدًا، الصحيفة الإسبانية قالت إن شكاوى الثلاثي يمكن أن تندرج تحت سلسلة طويلة من شكاوى حراس المرمى من كرات كأس العالم، حيث

وصفت

علم صناعة كرة القدم بأنه علم ضد حراس المرمى فقط على ما يبدو، وأن الكرة ما هي إلا عدو الحراس. ذلك لأن «بوفون» و«كاسياس» كانا قد

وجها

نقدًا سابقًا لكرات كأس العالم 2002 و2010.

إذا عُدنا

للتأكيد

السابق للأرجنتيني الفائز بكأس العالم 1978 «أوبالدو فيللول»، فإنه يعتقد أن حراس المرمى بالنسبة للفيفا ما هم إلا أعداء، هم الحائل بين الكرة والهدف، ذلك الهدف هو الشيء المرجو من كل من الفيفا والمشجعين، بالتالي كلما تمكنت الفيفا من جعل الأمور أصعب على حارس المرمى فإنها لن تتأخر في ذلك. كل الأمور تُشير إلى أن ذلك التصريح ينال جانبًا كبيرًا من الصواب.


التأخر التكنولوجي عبر الأجيال

حتى عام 2006 كانت

تصنع

كرة القدم من 32 قطعة جلدية أو لوحة، 20 في أشكال سداسية و12 أخرى في أشكال خماسية، لكن بداية من عام 2010، بدأت الفيفا وأديداس في تصنيع شكل جديد من الكرات يحتوي فقط على 8 قطع جلدية. منذ هذه النسخة بالتحديد ارتفعت معاناة اللاعبين من خفة هذه الكرة بشكلٍ أكثر من الطبيعي. هنا الخفة لا تعني وزنًا أقل؛ لأن الوزن له معايير خاصة لا يمكن العدول عنها، لكن يعني ذلك أنها تطير أفضل.

كرة كأس العالم 2010 والمسماة «جابولاني» أثبتت خلال عمر البطولة أنها غير متوقعة بشكل كبير جدًّا.

أكد

العديد من اللاعبين وعلى رأسهم «إيكر كاسياس» أنها تشبه كرة الشاطئ أكثر منها لكرة القدم. كان من الطبيعي أن تعود أديداس عن ذلك الطريق بعد مونديال جنوب أفريقيا، وأن ترجع لاستخدام عدد أكبر من القطع الجلدية في التصنيع، لكن ذلك لم يحدث، بل زادت الأمر صعوبة، وأطلقت كرة كأس العالم 2014 «برازوكا»، لكن هذه المرة بـ6 قطع جلدية فقط، مع بعض التعديلات التي تجعل الكرة أكثر خشونة من حيث الملمس، وهو نفس الطراز تقريبًا الذي أنتج عليه كرة «تليستار 18» المخصص لكأس العالم 2018.


أجرى

فريق من الباحثين الفيزيائيين دراسات حول الطراز الحديث من الكرة ومقارنته بآخر إصدارات، قائد ذلك الفريق كان البروفيسور «جون إريك جوف» الباحث الفيزيائي ومؤلف كتاب «الميدالية الذهبية في الفيزياء – علوم الرياضة». انتهت تلك الدراسة إلى أن كرة المونديال الحالية ستكون أسرع من سابقتها بحوال 9-10% في قطع المسافات، بجانب أنها ستقطع مسافات أفقية أقصر من أجل الوصول إلى المرمى. «جوف» أكد أن الكرة يمكن أن تصل بسهولة إلى سرعة 70 ميلًا في كل ساعة إذا ركلها أحد اللاعبين المحترفين.


محاولات لإنهاء رونالدو الذي لا ينتهي

العديد من الصحف والمتابعين، وعلى رأسهم جريدة «ذا صن» الإنجليزية،

أكدوا

أن ذلك التطوير الذي عملت عليه شركة أديداس والفيفا وأنفق عليه ملايين الدولارات، وتم البحث فيه لمدة 3 سنوات متواصلة من شأنه أن يوقف كرات ملتوية في الهواء مثل التي اعتاد تصويبها البرتغالي «كريستيانو رونالدو»،

وتطلق

عليها الصحف تصويبة المفصلية أو «knuckle-ball».

تلك التصويبة التي ترتفع في الهواء ثم تنحرف مباشرة داخل المرمى في هبوط مفاجئ سعت الفيفا لإيقافها تحديدًا بشكل غريب وغير مفهوم السبب، ما جعل أديداس وصانعيها يركزون أبحاثهم على تلك التصويبة تحديدًا، أو ذلك النوع نفسه من التصويبات إن صح اعتقاد تلك الصحف، لكن بشكلٍ مجرد يمكن ربط ذلك الاعتقاد بما سبقه من فريق الأبحاث الذي رأسه «جوف» في أن الغرض الأسمى من تلك التعديلات هو جعل الكرة أسرع في الوصول إلى المرمى.

الأهم أنه لا الطراز السابق ولا الحديث نجحا في إيقاف رونالدو من توجيه ضربات بعيدة المدى، بل يمكن القول بأنه ساعده في مهمته. حيث تمكن في اللقاء الأول الرسمي له بتلك الكرة من تسجيل ثلاثية تاريخية -هاتريك- وهي الأولى في تاريخه داخل المونديال، منهم هدفان من تصويبات بعيدة المدى، كانت إحداهما من كرة ثابتة في الدقائق الأخيرة عانقت شباك الحارس الإسباني دي خيا بلا فرصة في التصدي لها.