محتوى مترجم
المصدر

The Conversation
التاريخ
2018/10/01
الكاتب
رفائيل بويول

في السابع من يناير/ كانون الثاني 2015، نشر الكاتب الفرنسي المثير للجدل «ميشيل ويلبيك – Michel Houellebecq»، رواية «استسلام-Sumisión»، التي تجري أحداثها في فرنسا عام 2022، حيث يكسب الانتخابات زعيم كاريزمي لحزب سياسي خيالي، ليجعل من البلد جمهورية مسلمة ويحولها إلى محور لأوروبا إسلامية جديدة. الموضوع ليس جديدًا، لكنه غذّى الخوف من أن نبوءته قد تصبح حقيقة واقعة.

نظرة خاطفة على العناوين الرئيسية لبعض الصحف تسمح لنا بالتحقق من مدى هذا الخوف. جمل من مثل: «أوروبا ستكون مسلمة في غضون ثلاثة عقود إن لم يوقفها أحد»، أو «لا تحتاج أوروبا إلى أجيال عديدة لتصبح قارة ذات نسبة مرتفعة للغاية من السكان المسلمين، قد تصل إلى 51%». هيمنة ستتحقق بفضل الهجرة (الغزو المخيف) أو «بطون نسائنا التي سوف تهبنا النصر».

ما مقدار الصحة في هذه التحذيرات وفي هذه التأكيدات؟ هل ستكون أوروبا مسلمة ذات يوم؟ وفي إطار أكثر شمولًا: هل يتكاثر المسلمون على نحو طاغٍ على الصعيد العالمي؟


ما تقوله الديموغرافيا

سوف أبدأ بمعالجة التساؤل الأخير مستخدمًا بيانات من توقعات مركز بيو للأبحاث Pew Reaserach Center. بين عامي 2010 و2030 ستكون الزيادة أعلى من المعدل العالمي، فيرتفع العدد من 1,600 مليون في 2010 إلى 2,200 مليون مسلم عام 2030. هذا يعني إضافة 3% أخرى من المسلمين إلى مجموع سكان الكوكب، حيث سيمثلون ما يزيد بقليل عن الربع (26,4%) من مجموع سكان العالم.

لكن هذه الزيادة، إذ تحدث على نطاق عالمي، بدأت تفقد زخمها. كان معدل الزيادة السنوية 2,2 % بين عامي 1990 و2010 وسيكون 1,5 % من 2010 إلى 2013. وهكذا، ليس مؤكدًا، في عالم يشهد تباطؤًا عامًا في الزيادة السكانية، أن يحافظ السكان المسلمون على المعدلات المرتفعة السابقة. ففي بلدانهم أيضًا بدأ الانخفاض، على الرغم من محافظتهم على معدلات أعلى من معدلات السكان غير المسلمين.

الزيادة الأكبر ينبغي وضعها في إطار العلاقة بثلاثة عوامل رئيسية. معدلات خصوبة ما زالت مرتفعة ما عدا بعض الاستثناءات، وعدد كبير من النساء في سن الإنجاب، وعمر مبكر نسبيًا عند إنجاب الطفل الأول.

لكن الأمور آخذة بالتغير بسرعة كبيرة. ففي البلدان ذوات العدد الأكبر من المسلمين (إندونيسيا، باكستان، الهند، بنغلاديش، مصر، نيجيريا، إيران، تركيا، الجزائر، والمغرب)، انخفضت قيم الخصوبة من 6-7 أطفال للمرأة الواحدة في الخمسينيات إلى 2-3 في الوقت الراهن. الاستثناء هو نيجيريا التي ما زالت عند رقم 5,7، بعيدًا جدًا من 1,7 الخاص بإيران، البلد الذي شهد الانخفاض الأكثر دراماتيكية والذي يضعها في ذات المستوى مع بلجيكا أو هولندا أو روسيا.


لماذا يتناقص عدد السكان المسلمين؟

كعوامل تفسيرية للانخفاض يمكن أن يقال إنها الأسباب نفسها التي اشتغلت في مناطق أخرى. أربعة منها مؤثرة على وجه الخصوص:

1. الانخفاض في معدل وفيات الأطفال، ما يسمح بالحفاظ على غالبية الأطفال المولودين.

2. تحسن المستوى التعليمي للنساء، وهو قد يكون العامل الذي يلعب الدور الأكثر أهمية.

3. الهجرة الريفية، التي تركِّز السكان في المدن وتعدِّل السلوكات الخصبة.

4. والاستعمال المتزايد لوسائل التحكم في النسل، على الرغم من أن النسب المئوية في بعض البلدان ما زالت منخفضة (نيجيريا هي المثال الأكثر أهمية والتوصية الرسمية هي المباعدة بين الولادات بدلًا من ممارسة التحكم الصارم).

بالنسبة إلى التركيبة العمرية، لا يزال السكان المسلمون شبانًا نسبيًا، لكن أقل مما كانوا في الماضي القريب. ففي نهاية التسعينيات، كان ثلثا السكان في البلدان التي كانوا أغلبية فيها تحت سن الثلاثين عامًا. اليوم، انخفضت هذه القيمة إلى 60% وستكون 50% عام 2030. كرد فعل، ازداد عدد السكان البالغين وعدد المسنين بما أدى إلى اندراج هذه الدول في عملية الشيخوخة العامة في الكوكب بأكمله.

من هذه البيانات تُستخلص نتيجتان عامتان رئيسيتان:

1. الأولى هي أن المسلمين يتزايدون بكثافة أكبر، ويمتلكون معدلات خصوبة أعلى، وأعداد سكان شباب أكبر من غير المسلمين.

2. الثانية هي أن جميع المؤشرات بدأت بالانخفاض: انخفض معدل الزيادة، وتناقصت الخصوبة، وفقد الشباب وزنهم النسبي. باختصار، يشهد السكان المسلمون تباطؤًا في الزيادة في جميع المناطق حيث يستقرون، وإن كان ذلك بدرجات مختلفة.

هذه هي الاتجاهات العامة، لكن، كما تساءلنا في البداية، ماذا يحدث في أوروبا؟ هل ستصبح القارة العجوز مسلمة يومًا ما؟ أسارع إلى رفض هذا الافتراض الذي تغذيه أحزاب وجمعيات عنصرية أو كارهة للأجانب لا تصمد أمام التحليل الإحصائي الأولي.

في بدايات هذا العقد، مثَّل المسلمون، وهم أربعون مليون نسمة، ستة بالمائة من سكان القارة العجوز. وسيزيد هؤلاء السكان ليصبحوا ثمانية وخمسين مليونًا في 2010، لكن هذا سيعني 7,7 بالمائة فقط من 751 مليونًا من الأوروبيين.

سيكون النمو أكثر قوة إلى حد ما في بلدان أوروبا الغربية والشمالية، لكنه في أي منها لن يمثِّل أبدًا أكثر من 10 بالمائة من سكان بلد الإقامة.


سياسات من أجل التعايش

أنه سيكون هناك المزيد من المسلمين، فهذا شيء، وأنهم، بالولادات الطبيعية أو بالهجرة على وجه الخصوص، سيصبحون العرق والدين المهيمنين في أوروبا، فهذا شيء آخر مختلف تمامًا.

لا يمكن استخدام الديموغرافيا، كما يتطلع إلى ذلك البعض، من أجل تسويغ مواقف أو تموضعات محددة لا تتوافق مع البيانات.

ما ينبغي فعله هو مواجهة الحقيقة الإحصائية المتمثلة بعدد متزايد من السكان المسلمين بالسياسات الملائمة لكي يحدث وجودهم في أفضل الشروط الممكنة للتعايش السلمي واحترام القوانين التي شرعناها.

ستكون أوروبا الغد للأوروبيين، رغم أنه ينبغي علينا العيش مع أناس سوف يأتون من جميع أنحاء الكوكب، ومن بينهم المسلمون أيضًا.



مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.