شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 79 المرض النفسي أشد ألمًا على المريض وأشد قسوة على أحبابه من الموت، ولعل أفضل وصف قابلته عن ذلك وصف الكاتبة «إيمان مرسال» في رائعتها «كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها»، حيث قالت: الموت أرحم من المرض النفسي، أنت لا تستطيع أن تمتلك ذكرى شخص يفقد علاقته بالعالم أمامك يومًا بعد يوم. الاكتئاب أحد أشهر وأخطر الأمراض النفسية الفتّاكة التي تقتل المرء يومًا بعد يوم بلا رحمة ولا رأفة. الاكتئاب يتغلغل للمرء بكل هدوء وربما بدون أسباب واضحة، حتى يتمكن منه ويُسقِطه أرضًا بلا قوة وربما بلا إرادة، ويظل يتغذى على ضحيته لشهور وربما لسنوات. إلى كل صديق يمر باكتئاب: أعلم ما تمر به تمامًا ومررت به لسنوات، دعني أخبرك عما تمر به بدايةً. لا تستطيع النوم من الأرق والتفكير… وإن نمت تنام قليلًا. أو لا تستطيع الاستيقاظ أو النهوض من السرير، وربما لا تريد الاستيقاظ من الأساس. تستيقظ وتتمنى لو لم تستيقظ، تشعر كأنك بلا إرادة، لا تجد مخرجًا، لا تجد معنى لشيء. تشعر أنه لا أمل أبدًا، تشعر بالوحدة والانفصال والخزي وانعدام الجدوى والفراغ الداخلي. حزين لا تسعد بشيء، وحيد لا تأنس بأحد، مُتعَب لا تقوى على فعل أبسط الأمور، ضعيف لا طاقة لك، فاشل لا تستطيع أن تنجز شيئًا، عاجز، مرهق، خائف مما تعلم ومما لا تعلم، تشعر بالتعب والإعياء طوال الوقت، تشعر أنه لا يمكنك فعل أي شيء، تشعر أنه لا أحد يستطيع فهمك. أخيرًا قد يزيد التفكير بالانتحار طوال الوقت، وكأنه الحل الوحيد! باختصار تشعر كأنك تغرق كل يوم، هكذا شعرت مثلك تمامًا، ولوقت كبير، حتى ظننت أنه لا جدوى من المحاولة. كل هذه المشاعر شعر بها من مر باكتئاب. نحاول الخروج منها مرارًا لكن لا تُسعِفنا طاقتنا، ومع وحدتنا وانعزالنا نكون أكثر ضعفًا. أُبشّرُك… الألم يزول مهما طالت مدته، لكن ذلك يحتاج منك لقليل من العمل وكثير من الأمل، ومحاولة البحث عن المعنى وسط كل ما يحدث. يقول دكتور «فيكتور فرانكل» مؤسس «مدرسة العلاج بالمعنى»: المعنى يمكن إيجاده تحت أي ظرف من ظروف الحياة، حتى في أسوأ الظروف الممكنة. ما السبيل للتعافي؟ بدايةً أسباب التعافي كثيرة ومختلفة، وما ينفعني قد لا ينفع غيري والعكس صحيح، لذلك خذْ ما ينفعك ويناسبك منها واترك ما لا يناسبك. غير أن هناك طلبًا واحدًا أطلبه منك بوضوح وهو: الاستمرار في المحاولة والسعي، ولو بقدر بسيط في أحلك/أسوأ الأوقات، ولا تستصغر عملًا، فتراكم الأعمال الصغيرة يصنع فارقًا كبيرًا، وابحث عن هذا كثيرًا، وأشهر مثال «أثر الفراشة»… فلنبدأ: الوعي بالمشكلة وأسبابها أول خطوات النجاة: وعي بالذات، ووعي بالمحيط بي، ووعي بالمشكلات وتفكيكها وصولًا لجذورها وأسبابها الأولى، هذا يُسهِّل كثيرًا في حل المشكلة. يساعدك ويساعد من حولك على مساعدتك بكل تأكيد. وغالبًا ما ستحتاج لمُتخصص يساعدك في هذا، خصوصًا إذا كانت شدة اكتئابك متوسطة أو حادة. شيئان مهمان تؤكدهما عالمة النفس الشهيرة ومؤسسة «مدرسة العلاج السلوكي الجدلي» Dialectical behavior therapy «مارشا لينهان»، لحصول التعافي وهما: قبول الحياة كما هي، ليس كيف من المفترض أن تكون. والشعور بالحاجة إلى التغيير، على الرغم من قبول الواقع. وقبول الواقع يعني التسليم بحدوثه -أنه حدث بالفعل وأصبح واقعًا- مع التعامل معه لا الاستسلام له والبكاء عليه والعيش كضحية مستمرًا في معاناتك. والشعور بالحاجة إلى التغيير يعني شعورك وحاجتك للتغيير بصدق مع السعي لتحقيق ذلك. لا تترك نفسك وحيدًا مهما كلّفك الأمر من مشقة. يُقال عندما يكون المرء وحيدًا، تتزايد الأشياء التي تتمكن من هزمه. ساعد الناس يساعدونك، اسمح لهم بذلك، شاركهم واشرح لهم ما تشعر به وما تمر به أو يمر بك، كن صريحًا وصادقًا معهم ولا حاجة لأن أقول: كن صادقاً مع نفسك قبل أي شيء. ضع نفسك في أول قائمة أولوياتك، اهتم بنفسك ولا تتهرب منها ولا تساعد الناس في ظل تعبك وإرهاقك، اجعل وقت وجود الطاقة لديك لأجلك أنت، هذه هي الأولوية الآن. تعلّم المهارات الحياتية وطبّقها متى احتجت إليها ومتى استطعت تطبيقها، حبّذا لو مهارات تساعد في حل مشكلاتك الموجودة بالفعل. من المهم جدًا طلب المساعدة من متخصص أمين تبوح له بما يُثقلك ويثقل خُطاك، هذه من أهم الأمور المهمة المُعيِنة على التعافي. فوجود شخص أمين لا يحكم عليك ويسمعك بإنصات وهدفه في الوقت الذي يقضيه معك كله مصلحتك أنت، أمر نافع جدًا وله ثماره المحققة إن شاء الله. مع الانتباه لجملة مهمة تُنسب لـ سيجموند فرويد: «إن دور المعالج النفسي أن يأخذ العميل من الحزن/الألم المرضي إلى الحزن والكآبة البشرية العادية». لذا لا تتوقع أكثر من اللازم، ولا تتوقع أن المُعالِج النفسي لديه عصا سحرية. خطة علاجية واضحة ترتكز على المرونة والواقعية، تضعها مع المعالج. السعي والمحاولة المستمرة، الصدق والدعاء والتضرع لله. والحركة البطيئة الصغيرة خير من الوقوف مكانك، فالوقوف مكانك لا يجعل التعافي أمرًا مستحيلًا، لكن من المؤكد أنه يُضعِّفك أكثر ويجعل عملية التعافي أكثر صعوبة ومشقة. من الأمور المهمة أيضًا والتي ثَبُتت أهميتها وجدواها، ممارسة الرياضة بانتظام، بالقدر الذي تستطيع، بشرط ألا يقل عن ساعتين أسبوعيًا. دعائي لك بالتعافي والنجاة والطمأنينة والسلام والحب والحياة. فالاكتئاب اضطراب حقيقي وشائع وهو السبب الأول للإعاقة والعجز الوظيفي واعتلال الصحة… لا تستهن به. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً كيف جعلني «Friends» أخسر أخي؟ هديّة — قصة قصيرة «حديث الصباح والمساء»: البحث عن «الجبلاوي» مُجددًا كل مال العالم: عن أحدث صورة لـ«ريدلي سكوت» شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram إسلام زينهم Follow Author المقالة السابقة بعد محاولة الانقلاب: تركيا نحو الديمقراطية أم السلطوية؟ المقالة التالية كوفيد-19 والسلام: تأثيرات الوباء ومحفزات التعافي قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك السعار: هل الموت في أنياب الكلاب؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ذاكرة الجدار – قصة قصيرة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك في 61 نصًا: أضواء على المجموعة القصصية «رقصة النار» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك عن الفقد والرهاب: الرهانات الجمالية في الكتابة غير التخييلية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مدخل للتعرف على علمي النحو والصرف 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مذبحة المماليك: على درب «ميكافيلي» خطا «الباشا» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هوامش على دفتر الانهيار الكتالوني 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الفسطاط: قصة مدينة انزوت تحت طبقات التاريخ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «الراية البيضاء» و«لن أعيش في جلباب أبي»: لمن ننحاز؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 6 قنوات على «يوتيوب» تمنحك متعة القراءة دون عناء 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.