في مناقشات كرة القدم هناك دومًا كارت يرميه أحدهم لينهي النقاش الدائر حول مستوى لاعب ما، بأن كرة القدم أرزاق. هناك لاعبون أكثر من رائعين، لكن كرة القدم تعطيهم ظهرها، بينما تبتسم لآخرين هم أنصاف مواهب في الأساس. يتحول النقاش بشكل مفاجئ إلى فكرة الإيمان بالقدر، بدلًا من مناقشة تفاصيل كرة القدم.

لا يمكننا أبدًا أن ننكر أن كرة القدم تحتوي على مئات التفاصيل القدرية في مسيرة كل لاعب، مثل الإصابات أو التعامل النفسي مع اللعبة، إلى آخره. لكن فكرة التسليم أن هناك ثقبًا أسود يمر به اللاعب الناشئ، فإما يعبره ويصبح لاعبًا محترفًا أو يبتلعه الثقب إلى الأبد تبدو فكرة غير منطقية بالفعل.

قررت

جريدة الجارديان

عام 2014 أن تضع قائمة بأفضل المواهب الشابة للاعبي أندية الدوري الإنجليزي. كل نادٍ يمثله لاعب وحيد على أن تتم متابعتهم لمدة خمس سنوات لمعرفة مدى تقدمهم.

كان محور الفكرة هو محاولة التعرف على مدى صعوبة أن تصبح لاعب كرة قدم محترفًا، على الرغم من كونك أحد أفضل لاعبي إنجلترا في سن 16 أو 17 عامًا.

كانت النتيجة مثيرة للغاية، فمن بين 20 لاعبًا من الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2014-2015، يلعب ثلاثة فقط في أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بعد مرور خمس سنوات.

هؤلاء اللاعبون هم ماركوس راشفورد ودومينيك سولانكي وحمزة شودري. زاد العدد إلى أربعة لاعبين خلال الموسم الحالي بعد صعود توسن أداربيو رفقة فريق فولهام.

لكن الأمر الأكثر غرابة أن هناك اثنين من تلك القائمة توقفوا عن لعب كرة القدم بشكل كامل. كيف تتحول مسيرتك من واحد من أهم المواهب إلى رجل لا يصلح للعب كرة القدم، هذا أمر يستحق التنقيب بالطبع.


متلازمة شريف أشرف

هناك دومًا اسم لاعب ناشئ يتردد بقوة في أوساط جماهير كل فريق، فيما يمكن أن نطلق عليه متلازمة شريف أشرف. لمع اسم شريف أشرف دون أن يراه أحد. لكن الجميع أكد أنه الهداف التاريخي للأهلي في مراحل الناشئين، لا يعلم أحد مصدر هذا التأكد في بلد لا يزال به خلاف على عدد أهداف أسماء مثل الشاذلي وحسام حسن، لكن يبدو أن شريف أحرز أهدافًا كثيرة دون شك.

قرر شريف أن يترك الأهلي قبل تصعيده؛ لأنه يرى نفسه هدافًا حقيقيًّا ويستحق عقدًا جيدًا، ليقرر الذهاب للزمالك في ترقب شديد من جماهير كرة القدم في مصر لمستقبل هذا الشاب.

ثم تكتشف أن مستوى شريف أشرف أكثر من عادي، ثم مع الوقت يقبع الرجل كمهاجم لفريق القناة في الدرجة الثانية من الدوري المصري.

فكرة اكتساب صيت ذائع دون مجهود أصبح هو السمة الثابتة في عصر السوشيال ميديا، حيث يمتلك كل لاعب صغير جماهير ومتابعين بالفعل لمجرد كونه لاعب كرة قدم ينتسب إلى نادٍ جماهيري ما، وتلك أزمة كبرى، ربما تجيب لك عن السؤال التقليدي لماذا لا تنتج الأندية الكبيرة لاعبين كبارًا؟

في بداية مسيرتي المهنية شاهدت مراسم التحاق الناشئ بالفريق الأول، حيث تجريد الشخص من ملابسه وغمره بملمع الأحذية قبل الركض حول ملعب التدريب لتوضيح كيف تغيرت الحياة. إذا حاول لاعبو الفريق الأول فعل الشيء نفسه اليوم فربما يتعين على الناشئ المعني أن يخلع أقراط الماس الخاصة به وساعته الرولكس أولًا.






Secret footballer

لاعب كرة قدم لا ينشر اسمه يكتب مقالات وكتب عن خبايا كرة القدم.

ربما هذا يفسر لك أيضًا لماذا لمعت أسماء مثل سيد نيمار وحسام عبد المجيد رفقة فريق الزمالك. السبب ببساطة أن هؤلاء لم يكن أحد في انتظارهم أو يعرفهم من الأساس. كانوا دون صيت ذائع وعملوا جيدًا لإثبات أنفسهم.

يتناسى الفتيان العمل الشاق الذي يجب القيام به لكسب هذا النوع من نمط الحياة. لا يوجد عدد كافٍ منهم لديهم نفس التفاني، وهذا شيء أشعر به بشدة. إنهم يعتقدون أنهم حققوا إنجازًا بالفعل.






فرانك لامبارد


ربما هذا ينقلنا لمرحلة ما بعد ترك الأندية الكبيرة.


مطاريد الأندية الكبيرة

أحب لاعبي كرة قدم الشوارع. أعتقد أن كل اللاعبين الكبار يأتون من الشارع. لكن الأطفال في أكاديميتنا يلعبون في مكان مثالي، يحصل الفتيان على أموال أكثر بكثير مما حصلنا عليه عندما بدأنا. ما يحدث هنا أنهم يدخلون في منطقة مريحة من العمل في مكان جميل، ومن ثم تكون صدمة كبيرة لهم عندما يتعين عليهم المضي قدمًا للفريق الأول أو الاستغناء عنهم.






ستيفن جيرارد خلال عمله كمدرب لفريق ليفربول تحت 18 عامًا


يحاول كل نادٍ خاصة الأندية الضخمة خلق بيئة عمل مثالية للناشئين من تدريبات تكنولوجية وتغذية وإعداد، لكن في المقابل قد تبدو تلك المثالية هي الأزمة الأساسية. يحتاج لاعب كرة القدم في تلك المرحلة إلى التفاني لمحاولة إثبات الذات كعامل مهم وأساسي للتطور بغض النظر عن الظروف.

لكن بيئة العمل المثالية تلك، والتي من المفترض أن تجعل اللاعب كل تركيزه على كرة القدم، قد تكون سببًا في جعل اللاعب غير مدرك أنه لن يجد تلك الظروف في مسيرته المقبلة، ستلعب تحت ضغوط هائلة وجماهير غاضبة ومنافس يتعمد الإيذاء، ثم إنك ربما تترك النادي الذي تلعب له وتلتحق بنادٍ لا يعلم عن بيئة العمل نفسها شيئًا، فهل ستتوقف عن لعب كرة القدم من فرط المفاجأة؟

العائدون من الثقب الأسود

لا يستطيع كل لاعب أن يصل لذروة أدائه في سن صغيرة، لذا قد يحتاج بعض اللاعبين إلى وقت أطول للتألق أو إبراز موهبتهم الحقيقية. أي إنه ربما يبتلع الثقب الأسود أحدهم ثم يلفظه مرة أخرى.

في تجربة مشابهة لمقال الجارديان قرر

موقع أتليتيك

تناول مسيرة عدد من اللاعبين الذين تم تصنيفهم كنجوم مستقبلية في فرقهم، وكان أحد هؤلاء هو جيريمي بوجا. انضم لاعب خط الوسط المهاجم إلى أكاديمية تشيلسي في سن الثانية عشرة بعد انتقال عائلته إلى المملكة المتحدة من مرسيليا في جنوب فرنسا، وسرعان ما ترك بصمته.

اختاره أنطونيو كونتي في التشكيلة الأساسية، حيث استضاف تشيلسي بيرنلي في اليوم الافتتاحي للبطولة موسم 2017-18. ومع ذلك فقد استمر ظهوره الأول لمدة 18 دقيقة فقط، وليس بسبب أي خطأ ارتكبه.

تم طرد كاهيل بسبب خطأ ما، لذلك قام كونتي بإشراك المدافع كريستنسن ليحل محل لاعب خط الوسط بوجا، وهو أمر مفهوم تكتيكيًّا، لكن الغريب أن الإيطالي لم يختره مرة أخرى وحكم على الرجل بالنسيان.

تخبطت مسيرة بوجا حيث شعر أنه أصبح لاعبًا في الفريق الأول بالفعل، ولم يفهم هذا التجاهل بعد ذلك والعودة للناشئين. لكنه نجح أن يعود ويترك بصمته في الدوري الإيطالي، حيث لعب أكثر من 100 مباراة مع ساسولو بعد انتقاله إلى هناك مقابل 3.5 مليون جنيه إسترليني قبل أربع سنوات. في يناير وافق على الانضمام إلى أتالانتا، ليؤكد الجميع أنه ربما سيعود إلي الدوري الإنجليزي قريبًا.


التعامل مع الإصابات

تبدو دومًا الإصابات هي شبح النهاية لكل لاعب كرة قدم. لكن يصبح الأمر أخطر عندما تكون شابًّا يعرفه الجميع ثم تقع بك الإصابة في فخ النسيان. ربما قصة الإنجليزي

آدم بيبر

هي الأكثر وضوحًا هنا.

قبل عقدين من الزمن تم التأمين على بيبر مقابل 5 ملايين جنيه إسترليني، مما جعله أغلى لاعب يبلغ من العمر 11 عامًا في كرة القدم العالمية. في ذلك الوقت كان لديه مجموعة كبيرة من الأندية، مثل مانشستر يونايتد وتشيلسي وبرشلونة وأياكس، التي تقاتل من أجل توقيعه.

عندما بلغ من العمر 14 عامًا اختار الانضمام إلى أكاديمية ليفربول في منحة دراسية مدتها ثلاث سنوات، مع وعد بثلاث سنوات أخرى كلاعب محترف. أصبح قائدًا لكل فريق ناشئين لعب معه وتدرب في ميلوود تحت قيادة رافا بينيتيز.

لكن في عام 2009 كانت الإصابة الخطيرة التي تعرض لها هي العامل الفارق في القصة. كان يمكن له العودة، لكنه لم يستطع أبدًا أن يتعامل مع فكرة أنه أصبح شخصًا عاديًّا ولاعبًا غير مميز.

ربما يمكننا الآن النظر داخل الثقب الأسود نفسه وانتزاع بعض المواهب، التي ربما مع القليل من الجهد والوعي تعود إلى التألق واستغلال الموهبة التي كانت رزقهم الحقيقي، وألا نكتفي بالتأكيد بأن كرة القدم أرزاق.