في السنين الأخيرة من عمر الساحرة المستديرة تمكن الاتحاد الإنجليزي من إيجاد كل الطرق التي تمكنهم من وضع البطولة التي ينظمونها على رأس كل البطولات في العالم. أظهروا –في ذلك- حسن استخدام واضح لجميع الإمكانيات التي تقع تحت أيديهم، وتمكنوا بالفعل من جعل الدوري الإنجليزي هو الأقوى في الشعبية على مستوى كل الفرق في كل المقارنات وباستخدام كل المعايير. وأحد أهم الأدوات التسويقية التي اعتمدت عليها الإدارة الإنجليزية بالاتحاد الإنجليزي كان تدشين لعبة «فانتازي»، أو الواقع الافتراضي الخيالي للدوري الإنجليزي الممتاز.

من المعروف في جميع الدوريات الأوروبية أن هناك بعض الفرق القوية التي تستحوذ على جزء كبير من تاريخ اللعبة في بلادهم، وبالضرورة الشعبية الجماهيرية الجارفة، لقاءات تلك الفرق فقط هي التي تمتلك أعلى نسب مشاهدة دائمًا داخل دورياتهم المحلية. البداية التسويقية الحقيقية التي اعتمد عليها منظمو الدوري الممتاز في المملكة هو كيفية تسويق كل اللقاءات للمشاهدين كافة، بذات الأهمية، بمعنى أنك تشاهد مباراة بين المتربع في المركز العاشر من ترتيب الدوري ضد صاحب المركز الثاني عشر، بنفس الشغف الذي تشاهد به لقاءات في صراع القمة أو في صراع القاع.

من هنا تحديدًا تبدأ عملية اقتصادية كبيرة يصعب الحديث عنها باختصار في الوقت الحالي، لكن في عجالة فإن عملية مشاهدة كل مبارايات البطولة سيساعد أكثر وأكثر في جلب مال أكثر، وبالتالي جذب أكثر لكل المقومات المطلوبة من إعلانات وحتى لاعبين يرغبون في وضع أقدمهم فقط داخل هذه الدولة دون النظر لاسم الفريق في غالب الأمر، وبما أنه «الفانتازي» كان أحد الأذرع الأساسية في ذلك؛ فهو يستحق حديثًا أكثر استفاضة.


كيف تحكم الخيال فيما تراه أعيننا حقيقة؟

القيم المادية العظيمة التي ظهرت مؤخرًا في الدوري الإنجليزي لا يمكن إرجاعها لأسبابها الأصلية دون إغفال قيمة الدوري الافتراضي الذي ظهر في آخر سنوات في اللعبة الحقيقية. لعبة صغيرة غير مكلفة بالمرة تُقدم كخدمة مجانية لأكثر من 5 ملايين متابع في الوقت الحالي، كانت سببًا حقيقيًا في زيادة القيمة التسويقية لدوري بهذه القيمة التاريخية.

وفقًا لمعايير مختلفة سنتولى شرحها في الأسطر القادمة، كان على كل مريدي اللعبة أن يختاروا لاعبيهم بأعداد محدودة من كل فريق، ثلاثة لاعبين بحد أقصى –شرح اللعبة بات معروفًا للجميع فلا داعي للخوض فيه بقوة- يعني أنك تحتاج على الأقل لخمس فرق لكي تملأ تشكيلتك الافتراضية داخل اللعبة، يكون أكثر من خمسة في أغلب الأحيان، يعني أنك ستشاهد ما لا يقل عن 25% من مباريات الدوري الممتاز، هنا تتحقق أول ميزة للعبة، ضمان مشاهدات أكثر من مضمونة مع زيادة التعلق باللعبة.

لكن في بطولة كالتي تقام في إنجلترا، اعتمادك على خمس فرق ربما لن يحل المعضلة التي سبق ذكرها، وهي أنك ستشاهد فقط لقاءات الفرق الكبيرة، وما أكثرها في إنجلترا، لكن مع شدة التحدي في اللعبة يكون هناك مخاطرة دائمًا باختيار أحد اللاعبين الصغار من الفرق التي لا تملك نفس الشعبية التي تملكها الفرق الكبيرة، يكن ذلك اللاعب، المفترض أنه بشعبية أقل، هو فرس الرهان في التحدي الخاص بك بين زملائك المحيطين الذين يملكون نفس الشغف باللعبة أو بين الملايين الأخرى حول العالم التي تشاركك نفس الشغف.

بهذا تحققت المعضلة الثانية وباتت متابعتك لفرق أكثر عملية تزيد ضمانتها مع الوقت لأنك ترغب دائمًا في متابعة لاعبي تشكيلتك لتعرف قدر النقاط الذي تحصلت عليه حتى الآن. المستهدف هنا هم كل الساكنين خارج إنجلترا تقريبًا، الذين لا يعتبرون الدوري الإنجليزي هو وجهتهم الأولى ولا يملكون أي انتماء فطري لأي من فرق البطولة، بالتالي عملية جذبهم وتحويلهم إلى مشجعيين حقيقيين لم تكن بالهينة، لكن النتائج النهائية كانت تستحق المخاطرة فعلًا. الآن يمكن للجميع التعرف على جميع الفرق تقريبًا بالأسماء وربما يحفظ عن ظهر قلب أغلب لاعبي تلك الفرق، لا سيما المؤثرين منهم.

عملية كهذه ترفع من قيم اللاعبين أنفسهم، أغلب اللاعبين كذلك لم يهربوا من فخ هذه اللعبة ووقعوا فيه هم وكل المحللين والمدربين، خاصة المتقاعدين منهم، بالتالي الجذب عام للجميع، لكن بالنسبة للاعبين الأمر مختلف، اللاعب يعلم جيدًا أنه كلما زادت قيمته في هذه اللعبة زادت شعبيته كثيرًا عند الأغلبية، أحد أكثر اللاعبين المدينين لهذه اللعبة بالفضل هو الإنجليزي الشاب هاري كين.


في صراع الفانتازي، لا رحمة

التطوير الذي يضاف سنويًا لهذه اللعبة من قبل مطوريها هو الذي يضمن لها البقاء على القمة دائمًا، وبالتالي ضمان أكثر بجذب متابعين جدد ومضمونين لصالح الدوري الإنجليزي الممتاز. في كل عام يحاول القائمون على اللعبة إضافة شيء حماسي آخر من شأنه أن يحافظ على شغف لاعبيها. مع الوقت كان على الشركة المطورة والصانعة للعبة أن تصنع شيئا ما جديدا يزيد من أهمية اللعبة ويعظم من قيمتها بالنسبة للهدف السامي الذي يسعى وراءه كل إدارة الكرة في إنجلترا، بالتالي سعت الشركة بإضافة هذا التعديل للعام الحالي.

أضافت الشركة القائمة على اللعبة لعبة جديدة –منفصلة كليًا- تقوم على نفس الأساس لكن ببعض الاختلافات جعلت الأمر أكثر واقعية بعض الشيء وأكثر حماسة على نحو بعيد، يقوم في الأصل على خلق مجتمعات صغيرة بين اللاعبين، وهو ما يزيد التحدي فيما بينهم، وقبل انطلاق الموسم الحالي، أعلنت الشركة عن

تحديث جديد تحت عنوان «FPL Draft»

، وهو كما أوضح المطورون أنها تعتبر لعبة مختلفة بالمرة عن اللعبة الأصلية.

تقوم اللعبة على أساس تكوين دوري أصغر من اللاعبين، كل منهم يختار فريقا مكونا من نفس عدد اللاعبين، لكن الشرط الجديد هذه المرة هو أن اللاعب الذي يتم اختياره في إحدى الفرق لا يمكن لبقية اللاعبين داخل نفس الدوري الصغير اختياره، وهو ما يزيد الأمور صعوبة ويعظم قيمة مشاهدة باقي الفرق الأخرى التي ربما تمتلك لاعبين لن يختارهم الذين يشاركونك في نفس الدوري، بالتالي نسبة المشاهدة التي كانت معتادة أثناء اللعبة الأولى بشقيها المعروفين، مفترض لها أن تزيد الآن بعدما صار اختيار اللاعبين أقل حرية وفيه صراع أكبر.

التحديث الجديد الذي ظهر في اللعبة جعل هناك شعورا أكبر بالواقعية، عليك أن تتصارع من أجل أن تظفر باللاعب المعني قبل الجميع، وعليك كذلك تحديد القائمة التي ترغب في التعاقد معها، وقبل كل ذلك عليك اختيار فرس الرهان ضد خصومك.


فنيات لا تذكر كثيرًا في اللعبة

الدوري الإنجليزي، فانتازي، درافت، FPL Draft

الدوري الإنجليزي، فانتازي، درافت، FPL Draft

المعروف منذ بداية اللعبة أن في نهاية كل جولة يعلن عن المتصدر العالمي للجولة وعن أفضل تشكيل فيها، العجيب أنك تجد بعض اللاعبين معهم عناصر غريبة، غفلت عنها أنت وكل دائرتك تقريبًا، وكأن للسحر يدًا في هذا الاختيار ومع هذا تبدأ رحلتك في الإيمان بالما ورائيات. لكن رواد اللعبة الحقيقيين يعلمون أن لاختيار عناصر التشكيلة أبعادا أخرى غير نجم الفريق المعروف وغير المهاجمين المعتادين.

الحقيبة التي تبدأ بها لعبتك تحتوي فقط على 100 مليون باوند، بلغة السوق الحالي، هذا الرقم ضعيف جدًا أمام الهجوم المالي الرهيب، ولن يأتي لك بكل العناصر التي ترغب في المنافسة بها، ومع احتياجك لعناصر مختلفة عن تلك التي توجد في كل تشكيلة تقع عليها عيناك، بالتالي عليك التحلي قليلًا بروح الفرنسي «أرسن فينجر»، وأن تبحث عن الجودة والنوعية في بعض الاختيارات، عن الأسماء الرنانة.

كان أحد أهم الإضافات التي وضعها مطورو اللعبة في العام الماضي هو «ICT Index» أو المؤشر الذي يجمع الثلاثة الأسس التي تقيم اللاعبين بناء على أرقامهم الإجمالية.

سيرجيو أجويرو، ICT Index، الدوري الإنجليزي

سيرجيو أجويرو، ICT Index، الدوري الإنجليزي

عند اختيار اللاعبين يوجد خيار لا يهتم به الكثيرون، وهو عرض معلومات اللاعب نفسه للتأكد من جودة أرقامه لضمان الاستمرارية. في هذا القسم من الاختيارات كان يوجد ثلاثة عوامل تساعدك على اختيار لاعبك المفضل: التأثير، الإبداع والتهديد، وأضيف لها مؤخرًا ذلك المؤشر الذي يدمجها جميعًا في نتيجة نهائية.

تلك الوسائل

يمكنها مساعدتك في اختيار اللاعبين الصغار أو أصحاب الشعبية الضعيفة أو قليلي الاختيار لكي يكونوا الأحصنة السوداء ضد منافسيك، سواء في اللعبة العادية أو تلك الجديدة.

التأثير: يوضح لك مدى تأثير ذلك اللاعب في فريقه، غالبًا ما يجمع بين إحراز الأهداف وصناعة الفرص عند المهاجمين وخط الوسط، أو منع الأهداف وقطع الكرات عند المدافعين وحراس المرمى، باختصار هو يوضح قيمة ذلك اللاعب وتأثيره على النتيجة النهائية للقاءات فريقه.

الإبداع: يختص أكثر بلاعبي خط الوسط الذين يمكنهم صنع فرص سانحة للتسجيل وصنع أهداف أكثر للاعبين من حولهم، فإن كنت تبحث عن لاعب لا يخطئ التمريرة الأخيرة، فهذه خير وسيلة تقربك من مرادك.

التهديد: من اسمه يظهر أنه يخص التهديد على المرمى، بمعنى أنه يتحدث فقط بلغة الأهداف ليس إلا، وهو شيء لا يخص سوى المهاجمين في أغلب الأحيان، وعند ارتفاعه عند أحد المدافعين فهو يعني أنه مدافع هداف.

المؤشر الذي أوجده المطورون جعل هناك إمكانية لترتيب اللاعبين وفقًا لوسائل المساعدة تلك، بالتالي في حالة الحاجة للاعب ما خارج الصندوق ولا يراه الجميع، يمكنك أن تستعين بهذا المؤشر أو أحد وسائله الثلاث.

قيمة هذه اللعبة في تزايد واضح مع مرور الوقت، في حين نراها نحن شيئا ترفيهيا مجانيا لا يقدم أي نفع، فإن القائمين على تسويق الدوري الإنجليزي الممتاز يعلمون تمامًا أنها تقدم لهم خدمة عظيمة لن ينسوها في كل مرة يخططون فيها للمضي قدمًا بهذه البطولة اعتمادًا على قيمتها التسويقية.