إنها واحدة للزمن، لقد خطفنا لقب الكأس ولا أظن أنني سأشاهد شيئًا مماثلًا، ربما يكون جرس إنذار للكبار؛ فعام واحد تراجعوا فيه كان كافيًا لنا. الأموال تلعب دورًا كبيرًا في عملنا، ورغم ذلك أظن أنه إنجاز عظيم، لأنه يثبت أنه مازال للرومانسية مكانًا في كرة القدم

«مارتن أونيل» بعد فوزه بالكأس مع «ليستر» عام 2000

في هذه الأيام ستفكر كثيرًا قبل أن تكتب حرفًا واحدًا عن ليستر، التجربة مازالت غير مفهومة للأغلبية الساحقة، لذا لن تجد بسهولة الإجابات المنطقية لدى جمهور اللعبة إذا سألت السؤال الأهم؛ كيف؟

ولكن من قال أن كرة القدم منطقية من الأصل؟ نحن نحاول دائمًا البحث عن المنطق في كل ما يحدث حولنا، ربما بسبب طبيعتنا البشرية القاصرة التي تحاول إيجاد تفسير لكل حدث، كي نشعر بالأمان، ونتأكد أن كل شيء حولنا يسير طبقًا لنظام محدد لأن أي تفسير آخر سيعني الفوضى.

مواقع الإحصاء أظهرت كل أوجه تفوق الثعالب، والكل تحدث عن شغف الجمهور ومنظومة «رانييري» ونظرة كشافيه الثاقبة، لكن كلها عوامل توافرت لعشرات التجارب التي لم تقترب حتى من إنجاز مشابه، فلمَ ليستر تحديدًا؟

رانييري صنع ظاهرة، لكن في كرة القدم لا توجد معجزات، فقط مكافآت إذا عملت بالجد الكافي

زين الدين زيدان


كيف.. لماذا.. وأين؟

أحيانًا تكون أعقد الأمور وأكثرها عصيانًا على الفهم هي أبسطها، وربما يكون السبب هو أن الكل انشغل بالبحث في المكان الخطأ، بينما كانت الإجابات ملقاة تحت أعينهم في تصريحات رانييري، والأرجح هو أن التعامل معها باستخفاف كان السبب الرئيسي في فشل كثير من المحللين في تحليل معجزة الكينج باور حتى الآن.

كل نجاح قابله فشل، وكل معجزة لها وجهان، لكن تجربة ليستر لم تكن بهذه السهولة. نعم بسيطة، لكن لا سهولة هنالك.

الأمر بسيط. عيون صافية، قلوب عامرة، لن يخسروا

الكاهن التايلاندي الذي «يبارك» فريق «ليستر» لأحد المراسلين


قليل من المنطق

كأي حدث جماهيري كبير، سيصاحب تتويج ليستر الكثير من الشغف والفرحة والإشادة والكثير من الهراء أيضًا. ستستمع إلى 39478652 تحليلًا عن ليستر قبل أن يمر يومان على تتويجه، لكنك ستقضي قرونًا في البحث عن سبب منطقي واحد قبل أن تجده، فالإيطالي بداية اكتفى بفترة إعداد من خمس مباريات أمام فرق تراوحت بين الدرجة الثانية والرابعة وفاز فيها كلها، أفضل لاعبيه من الموسم الماضي «جيفري شلوب» أصيب لفترة طويلة وحل محله «كريستيان فوكس» القادم من «شالكة»، بينما خيب المخضرم «جوكان إنلر» الآمال المعقودة عليه منذ بداية الموسم، لم يمتلك أكاديمية مميزة كـ«ساوثامبتون» أو «توتنام» وحتى منتجات ناشئيه كـ«شيلويل» و «كينج» لم تكن أكثر من بدائل خجولة.

إنها بلا شك أكبر وأفضل قصة رأيتها في حياتي في أي رياضة

بطل البريمييرليج موسم 95-96 مع «بلاكبيرن آلان شيرر»

المعجزات تستمر، فالمثير للدهشة أن فريق «التينكرمان» لم يكن فريقًا شابًا عمل على تطويره منذ فترة كتجربة «كلوب» مع «دورتموند» أو «سيميوني» مع «الأتليتي»، فمعدل الأعمار يتجاوز 28 عامًا وهو أعلى معدل أعمار في البريمييرليج، إلى جانب «مانشستر سيتي»، يقف خلف كل ذلك إدارة تؤمن أن الكهنة التايلانديين والبخور هم أقصى ما يمكنها تقديمه من مساعدة. حتى «آلان شيرر» يظن أنها مستحيلة، لأنه يعلم جيدًا أن تتويج «الروفرز» لم يكن ليأتي من دون ملايين «جاك ووكر» التي جعلته أغلى لاعب في العالم آنذاك بـــــــــ ـ15 مليون باوند في صفقة انتقاله من «السينتس».


الطريق إلى الجولة 23

حتى الجولة الثالثة والعشرين، كان ليستر أقرب ما يكون لـ«ساوثامبتون» المواسم القلية الماضية، وكان هذا إنجازًا في حد ذاته؛ أداء مفاجىء شبه ثابت، حماس كبير، شكل تكتيكي واضح متكرر في كل مباراة تقريبًا، ومجموعة من المجهولين، كان أبرزهم «روبرت هوث» قلب الدفاع الألماني الذي حظي بتجربة سابقة مع تشيلسي لم تُكلل بالنجاح.

لا أعلم لماذا يستحيل التغلب على فريق أكثر ثراءًا؛ ففي حياتي لم أشاهد جوالًا من المال يسجل هدفًا

يوهان كرويف

التصدر المؤقت الذي حظوا به في بداية الموسم لم يكن مدلولًا قويًا على ما يمكن أن يحدث، فالأمر تكرر في إيطاليا وإسبانيا دون تأثير في مسار البطولة.

ليستر سيتي

ليستر سيتي

الأحد، الرابع والعشرين من يناير، كان أول مرة يتصدر فيها الثعالب المسابقة بعد أن ألقى الجميع بكل أسلحتهم في المواجهة، فوز على «ستوك» بثلاثية في «الكينج باور» وضع ليستر في المقدمة التي لم يتراجع عنها حتى نهاية المسابقة.

سنستكمل الركض للمقدمة، لم لا؟ نحن مثل فورست جامب، ليستر هو فورست جامب

الإيطالي يصك تعبيرًا عبقريًا عن حالة ليستر.

ليستر ما قبل هذا التاريخ لم يفز على أيِ من نجوم البريمييرليج الكبار باستثناء تشيلسي الذي حظي بأسوأ بداية في تاريخه حتى ما قبل أموال «أبراموفيتش»، خسر من «ليفربول» و«آرسنال» ونجح في التعادل مع «السيتي» و«اليونايتد».

نتائج ممتازة لفريق في قيمة ليستر، ولكن «ويستهام» حقق ما هو أفضل بكثير، أما بعد هذا التاريخ، فقد فاز على «ليفربول» و«السيتي» تباعًا وخسر من «آرسنال» في الدقيقة الأخيرة قبل أن يتعادل مع «اليونايتد» جامعًا سبع نقاط من أصل 12 مقابل خمس من أصل 15 في مرحلة ما قبل التصدر بزيادة قدرها 25% تقريبًا.

7 ديسمبر، بعد الفوز على «سوانزي» بثلاثية سمح رانييري للاعبيه بالسفر لكوبنهاجن احتفالًا بالكريسماس وكانت تلك هي النتيجة (صحيفة ميرور)


يحدث في «البريمييرليج» فقط

ليستر كان عليهم التغلب على السيتي، مانشستر يونايتد، آرسنال، ليفربول وتشيلسي. إذا نظرت لتلك الفرق وكم الأموال الرهيب الذي أنفقته على اللاعبين والمدربين، يالها من قصة!

آلان شيرر

حتى من قبل تأسيسه بشكله الجديد في 1993، كان مستوى التنافسية في البريمييرليج يعد هو الأعلى بين الدوريات الأوروبية، وفي ذلك الوقت لم يمتلك زعيم إنجلترا المتوج «ليفربول» أكثر من 18 لقبًا، ما يعني أنه خسر البطولة أكثر من 80 مرة لأندية مختلفة في وقت لم تكن المسابقة فيه تحظى بنسب مشاهدة عالية أو اهتمام عالمي من أي نوع، بل لا مبالغة هنالك إن قلنا إنها كانت الأفقر على المستوى الفني والتكتيكي بين مسابقات أوروبا الكبيرة.

قلت للاعبين: انظروا، إما الآن أو أبدًا، نحن نمنح الأمل للجميع في عصر تعد فيه الأموال كل شيء.

لذا فالقاعدة تقول إن معجزة ليستر لم تكن لتحدث إلا على عشب إنجلترا، وهي قاعدة صحيحة في الأغلب الأعم، ولكنها لا تمثل إلا نصف الحقيقة، بالضبط كتصريحي «شيرر» و«التينكرمان»، لقب «رانييري» القديم.

يقال أن بإمكان أي نادٍ تحقيق طفرة أو مشروع في مدة زمنية لا تتجاوز خمس سنوات، ومن ضمن أمور أخرى مدهشة لا تحدث إلا في البريمييرليج أن ينفق نادي كـ«ليفربول» منذ عام 2011 أكثر من 200 مليون يورو على تعاقدات اللاعبين، بعد خصم مبالغ بيع الراحلين، ولا يحقق شيئًا على الإطلاق. يكفيك أن تعلم أن هذا المبلغ يعادل ما أنفقه «برشلونة» في نفس الفترة.

حالة فردية؟ بالعكس، بل الأوقع أن تلك هي عادة كبار إنجلترا مؤخرًا، فـ«مانشستر يونايتد» أنفق هو الآخر 375 مليون يورو ليحقق لقب دوري واحد في نفس الفترة، بينما كان السيتي يتجاوز حد ـ400 مليون يورو، وهو ما يعادل ما أنفقه «ريال مدريد» و«برشلونة» مجتمعين في نفس المدة الزمنية، أما في شمال لندن فالمدرب الذي حظي بشرف العمل مع «نوانكو كانو»، «تييري هنري» و«دينيس بيركامب» يؤكد بأنه ليس بحاجة للإنفاق على مهاجم، لأنه لن يجد أفضل من «داني ويلبيك» في السوق. المال قد يعني الكثير في حسابات اللعبة بالفعل ولكن ليس في إنجلترا، وإن كان الثعالب قد أثبتوا أن المال ليس كل شيء، فكبار إنجلترا أثبتوا أن المال لا نفع له على الإطلاق.

أضف إلى ما سبق مجموعة من اللاعبين يتآمرون للإطاحة بمدربهم والأب الروحي للنادي بسبب طريقة لعبه الدفاعية المملة، فيأتي آخر يقودهم بنفس الطريقة بحذافيرها التكتيكية ليحققوا معه أطول سلسلة لا هزيمة في الموسم بـ 15 مباراة. أمور لا تحدث إلا في البريمييرليج فقط بالفعل.


توتنام، ويستهام، وآخرون

في كثير من الأوقات من عمر المسابقة شعر المتابعون وكأن الكأس ملقاة على قارعة الطريق تنتظر من يلتقطها، ولكن ليستر لم يتفوق على الكبار فحسب، بل وربما كانوا هم الأقل تهديدًا لمصالحه في مشوار البطولة، فثلاثة منهم كادوا أو فشلوا بالفعل في الوصول لمركز مؤهل لدوري الأبطال، وفي الوقت الذي قدم فيه السيتي مشوارًا مهينًا بكل المقاييس، لم يخدع مشهد تصدر آرسنال الروتيني أحدًا من متابعي البريمييرليج، بل ربما لم يصدقه مشجعو آرسنال أنفسهم.

قلت للاعبين هذه فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر. عليهم أن يجدوا نار الرغبة في أنفسهم، أن يبحثوا عنها، ألا يخجلوا منها وألا يخشوا سخرية الآخرين. كل ما أطالبهم به هو أن يحلموا.

توتنام، ويستهام، إيفرتون وساوثامبتون الحصان الأسود للبطولة في نسختيها الماضيتين؛ أربعة أسماء امتلكت تشكيلات أساسية واحتياطية تسبق الثعالب بسنين ضوئية، وتفوق ليستر على كل من سبقوا كان العصب الرئيسي لمعجزة التتويج، فبغض النظر عن أنه حقق نتائج أفضل أمام باقي فرق المسابقة، فقد نجح الثعالب في الظفر بـ15 نقطة من أصل 21 في مواجهاتهم مع الرباعي. رقم يفوق ما حققه أي فريق آخر.

الفضل فيما سبق يعود لسببين رئيسيين: منظومة «رانييري» النفسية وتلك التكتيكية، رانييري أراد جمع 40 نقطة لتجنب الهبوط وما وضعه على طريق البطولة لم يكن سوى جديته وإصراره على جمعهم مبكرًا، والذي نقله بدوره للاعبيه، الإيطالي خشي ألا ينفتح الباراشوت أثناء الهبوط فتتناثر أشلاؤه على الطريق، ليكتفي الجميع بهز رؤوسهم في أسى معلنين انتهاء قصته، كما يقول في تصريحه الأشهر.

فريقي مثل الأوركسترا، وكأي أوركسترا تحتاج إلى بعض من البوم بوم وبعض من التغريد وأحيانًا تحتاج للاثنين معًا. لو كنا نغرد فقط أو نقرع الطبول فقط لما نجحنا

الكينج يشرح مصدر الباور

فمدربي الرباعي المذكور أعلاه وبغض النظر عن أن أحدًا منهم لم يخطط للفوز بالبطولة، شأنه في ذلك شأن الايطالي نفسه، فهم اعتمدوا بالأساس – ربما باستثناء بوكيتينو – على تكتيكات رد الفعل التي تنتظر مخاطرة الخصم بالهجوم ثم استغلال المساحات خلف خطوطه للتسجيل من المرتدات، اختيار غير ذكي رغم أنه قد يصنع المجد أمام الكبار، ولكنه لن يمنحك الحلول في باقي المباريات عندما لا تتلقى نفس الأفضلية، وربما يعد «سبيليتش» قائد «ويستهام» المثال الأكثر تطرفًا بين الرباعي، فالكرواتي جمع 19 نقطة – ثلث نقاطه الإجمالية – من لقاءاته مع الخمسة الكبار، بينما لم يفز سوى مرتين في ست مباريات مع الثلاثي الصاعد حديثًا.

كاد «بيليتش» أن يقتلع ما تبقى من شعره أمام ليستر. سخونة المباراة قادته لخلع سترته ومنحها لروبرت مادلي، الحكم الرابع

محرر الديلي ميل «أليكس بايووتر»

فيديو المدرب «سلافين بيليتش»:


تكتيك الإيطالي لم يكن إيطاليًا بالمرة. «رانييري» اعتمد على الضغط العالي في كل أرجاء الملعب في أغلب مبارياته جاعلًا التمرير مهمة صعبة على خصومه، بالإضافة إلى السرعة لحظة انتزاع الكرة والتمرير العمودي الرأسي في اتجاه المرمى دون فلسفة أو تعقيد. كل ذلك اعتمد على مجهود بدني كبير تمثل في الركض والمزيد منه، وساعده على ذلك خروجه مبكرًا من مسابقتي الكأس وبعده عن المشاركات الأوروبية بالبديهة. ليس هذا كل شيء بالطبع فعوامل نجاح رانييري التكتيكية أكثر من حصرها في فقرة أو مقال، ولكن الخلاصة أن الإيطالي لجأ إلى المبادرة ومباغتة خصومه من لحظة انطلاق الصافرة بإيقاع بدني قوي وسريع وكأنه يبدأ المبارة في دقيقتها السبعين.

الاختلاف الجوهري بين تكتيك رانييري والباقين بما في ذلك أسلوب بلاده الأشهر، أنه – في أغلب مبارياته – لم يلجأ للحل الأسهل وهو التقهقر أمام مرماه لتقليل المساحات، بل انتشر لاعبوه باتزان كبير وملأوا تلك الفراغات بمجهود بدني كبير ومدروس.


حديث الأموال

في 2010 قام تاسع أغنى رجال تايلاند تايلاند «فيكاي سريفادانابرابا» صاحب مجموعة «كينج باور» للأسواق الحرة بالتعاقد مع ليستر لوضع اسم مجموعته على قميصهم وملعبهم، وفي العام التالي قام بشراء النادي بأكمله.

لديهم ملاك في منتهى الثراء في ليستر. أنا متأكد من أنهم سينفقون على الفريق وسيحاولون تدعيمه في الصيف المقبل والإبقاء على نجومه، أنا متحمس للغاية لرؤية ما سيحدث مستقبلًا.

هاري ريدناب

قدرت «فوربز» ثروة التايلاندي بــــــــــ ـ2.7 مليار دولار، ورغم آمال «ريدناب» فالرجل لم يخطط أبدًا لتحويل ليستر لمشروع مشابه لتشيلسي أو السيتي – ولا يبدو أن ذلك سيتغير – وكان يربح من الفريق أكثر ما ينفق، وحتى في العام الماضي وبعد ضمان البقاء لموسم آخر لم ينفق الثعالب أكثر من 30 مليون باوند على التعاقد مع لاعبين جدد رغم تلقيهم أكثر من 80 مليون باوند من عوائد البث التليفزيوني التي لم تلعب أي دور – للعجب – في معجزة ليستر.

مجموعة كينج باور تعيش أفضل عصورها بعد ارتفاع سعر أسهمها بشكل جنوني وتلقيها ما لا يقدر بثمن من الدعاية المجانية، النادي سيحصل على 125 مليون باوند من عوائد البث بالإضافة لجوائز الاتحاد الإنجليزي المالية ومكافآت التأهل للبطولة الأوروبية.


نحو مزيد من «بيللي بين»

Leicester-players-in-fancy-dress-in-Copenhagen

Leicester-players-in-fancy-dress-in-Copenhagen

في 2011 اجتمع «براد بيت» و «جونا هيل» و«بول سيمور هوفمان» في فيلم Money Ball. الفيلم يحكي عن أسطورة البيزبول الأمريكية بيللي بين المدير الفني لفريق أوكلاند أثليتيكس، ولفظة أسطورة هنا لا تعني أن «بين» نجح في تحقيق إنجازات مع فرق معينة بل أنه حسب تعبيرات البعض أعاد اختراع اللعبة حرفيًا.

«بين» اعتاد الوصول بفريق «أوكلاند» ذي الميزانية المحدودة لمباراة التتويج وخسارة البطولة في أمتارها الأخيرة، وبعد عام مخيب آخر رفضت إدارة النادي زيادة الميزانية الضعيفة لضيق ذات اليد، فكان «بين» يضطر في كل موسم أن ينافس أندية تبلغ ميزانياتها 4 أو 5 أضعاف ميزانيته حرفيًا، وحتى اللحظة مازال «بين» و«أوكلاند» من أقل 5 أو 6 ميزانيات بين فرق «البيزبول» من شرق الولايات المتحدة لغربها.

كل شيء كان يبدو محبطًا حتى زيارة «بين» لـ«كليفلاند إنديانز» في 2001 للتفاوض على بعض البدلاء مقابل بيع نجوم الفريق. «بيللي» لاحظ وجود شاب غريب في المفاوضات يهمس في أذن المدير الفني قبل اتخاذ القرار، انتهى الاجتماع وبعد مقابلة قصيرة مع الشاب كان «بين» قد علم أن اسمه «بيتر برانت» ومنحه وظيفة ليعمل معه كمحلل لأداء اللاعبين.

«برانت» كان قد بدأ إنشاء نظام إحصائي لتسجيل وأرشفة أداء لاعبي البطولة في كل المباريات، ولكن باستخدام آليات بدائية بالطبع، وعمل على استنتاج معادلات معينة ومتوسطات لأداء كل لاعب في المباراة في أوجه اللعبة المختلفة، وكان السبب في حصوله على وظيفة «أوكلاند» هو نظريته العبقرية:

في الرياضات التي تحظى بأضواء قوية من الإعلام، غالبًا ما يكون التقييم غير عادل، لأن الجماهير والمديرين الرياضيين على السواء دائمًا ما يسألون الأسئلة الخاطئة، فحكمهم مشوب بمعايير اجتماعية وعاطفية لا دور لها في اللعبة. سن اللاعب، شكله، شخصيته وتصرفاته خارج الملعب، نجوميته .. إلخ. النظام الذي وضعته هدفه اختراق كل هذا الهراء؛ فقد رأيت بعيني رامي كرات ناجح يتم استبعاده لأنه يرمي بطريقة مضحكة، آخر تغاضى عنه الكشافون، لأن صديقته قبيحة، وهذا يعني أنه لا يمتلك ثقة كبيرة في نفسه ولن يؤدي تحت الضغط.

الهجوم على الثنائي «بين» و«برانت» كان شرسًا من كل عناصر اللعبة وفي مقدمتهم الكشافين، أحدهم قال لـ«بيللي»:

هؤلاء اللاعبون مستبعدون لأسباب لا علاقة لها باللعبة، وأنا أؤمن أن بإمكاننا جمع فريق رابح من مئات المستبعدين، وكأننا نحاول جمع «بازل» من بقايا الآخرين





بيتر برانت

ما فعله الثعالب غير منطقي بأي مقياس ومحاولة الكتابة المنطقية عنه أشبه بالعبث، ربما لهذا السبب لن يتغير الكثير إن قرأت المقال من أسفل إلى أعلى.