شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 72 يرتبط سلوك الأطفال عادة بمشاعرهم، فالطفل الذي يسيء السلوك طفل محبط، وعندما يكون شعور الطفل إيجابيًا يكون سلوكه صحيحًا؛ لذلك فقد تناول كتاب «كيف تتحدث فيصغي إليك الصغار؟» -أحد الكتب الأكثر مبيعًا لخبيرتي التربية الدوليتين «أديل فابر» و«إلين مازليش»- في فصله الأول: كيفية التعامل مع مشاعر الأبناء. عادة ما يواجه الآباء مشكلة عدم قبول مشاعر الأولاد، كأن يقول الوالدان لأحد أطفالهما: «أنت لست متعبًا»، «لا يوجد سبب لكل هذا القلق»، «أنت تقول هذا فقط لأنك متعب».. إلخ. لنعرف أولًا: أثر رفض المشاعر على الأبناء وقبولها إن الرفض الدائم المستمر لمشاعر الأبناء يمكن أن يشوشهم ويغضبهم ويعلمهم أن يتجاهلوا مشاعرهم ولا يثقوا بها. ليس هذا فحسب، وإنما يتحول حديثنا معهم إلى شجار عنيف نطلب فيه من أبنائنا ألا يثقوا بمدركاتهم، بل وأن يعتمدوا على مدركاتنا بدلًا من ذلك. أما عندما نضع أنفسنا في مكان أبنائنا ويَفترض الأب والأم لو أن أحدهم كان طفلًا وشعر بالتعب أو الملل، وأراد فقط أن يبث مشاعره لأهم الأشخاص من حوله المتمثلين في والديه، يصبح لدى الوالدين القدرة على التآلف مع ما أخبروا به أبناءهم، وما مروا بتجربته من خلال حوار هادئ يمر بشكل طبيعي. لا يتطلب الأمر تكنولوجيا معينة، وإنما يتطلب أن يدرك الوالدان ما يقولونه لأبنائهما عند الإصغاء لمشاعرهم، كأن يقولون: «إذًا أنت تشعر بالتعب مع أنك كنت غافيًا في قيلولتك»، «أنا أشعر بالبرد ولكن بالنسبة لك الجو حار».. وهنا نرسخ بداخلنا وبداخل أبنائنا أن كل واحد منا شخص مستقل له مشاعره المختلفة، ولا أحد منا على صواب أو خطأ. ماذا لو وجدنا في خطاب الأبناء ما يغضبنا؟ بعد تعلم تقبل المشاعر يظل الحوار هادئًا مثمرًا بين الوالدين والأبناء، حتى إذا ما خاطبهم أحد الأبناء بأمر يغضبهم أو يقلقهم تحولوا وانقلبوا إلى طريقتهم القديمة في إنكار مشاعر الطفل أو رفضها، كأن يقول الطفل مثلًا: «أنا لا أحب أخي المولود»؛ فنجد الرد المعتاد: «ليس كذلك.. أعرف أنك في داخلك تحبه»، ومن ثم تأخذ الردود في التنوع حين نعود إلى طريقتنا القديمة، فإما أن نسدي النصيحة كأن نقول: «هذا أخوك وعليك أن تحبه هو سندك في هذه الحياة»، أو ندافع عن الطفل الثاني: «إنه يحبك ويتعلق بصره بك كلما رآك، ويبتسم إذا لعبت معه»، أو نوجه أسئلة مثل: «ماذا فعل أخوك لك كي لاتحبه؟». ولنعد هنا لنضع أنفسنا مكان أبنائنا، ففي حالة الشعور بالانزعاج والألم يكون آخر ما نود سماعه هو النصيحة، أو أن توجه إلينا الأسئلة التي تجعلنا في موضع الدفاع عن أنفسنا، والأسوأ من ذلك ومايثير غضب الإنسان أكثر، أن يقال له إنه ليس لك الحق في أن تشعر بذلك، وهذا ما يسمى برفض مشاعره وعدم قبولها وإنكارها. ولكن اجعل أحدًا ينصت لمشاعرك ويصغي إليها ويتعرف إلى ألمك الداخلي ويترك لك مجال الحديث عما يثقل كاهلك؛ ووقتها يمكن أن يخف الضيق والاضطراب ويصبح الإنسان أقدر في التغلب على مشاعره ومشكلاته، كل هذا لا يختلف عما يحدث مع الأبناء. إن بوسع أبنائنا أن يساعدوا أنفسهم إذا وجدوا أذنًا صاغية واستجابة متعاطفة. ولكن لغة التعاطف لا تأتينا بشكل طبيعي، إنها ليست جزءًا من لغتنا الأم، فإننا ننشأ وبداخلنا مشاعر مرفوضة لم نتمكن من التخلص منها. 4 طرق تساعدك على التعامل الصحيح مع مشاعر أبنائك ولكي ينطلق لساننا بلغة المشاعر الجديدة علينا أن نتعلم ونمارس طرقها، ونعرض هذه الطرق في 4 خطوات تساعد في فهم مشاعر الأطفال: 1. اصغ إليهم بانتباه عدم الانتباه يعطي شعورًا للطفل بالإحباط، لأنه لا يفيد أن تحاول إيصال ما تريد إلى شخص لا يصغي إليك تمامًا. أما الانتباه الكامل للطفل يمنحه شعورًا بالثقة والأمان، أن بإمكانه أن يعبر عن نفسه بسهولة لأهل يعطونه أذنًا صاغية، فقط كل ما يحتاجه: صمت متعاطف. 2. أظهر اعترافًا بمشاعرهم مع كلمات ملائمة مثل: إممم، نعم، حسنًا من الصعب على الطفل أن يفكر بوضوح أو بشكل بناء إذا كان أحدهم يستجوبه ويلومه وينصحه، لذا بدلًا من توجيه الأسئلة أو النصيحة يمكن للوالدين أن يساعدوا الطفل من خلال الإنصات التام لما يقول، مع بعض الكلمات البسيطة مثل: ممم، نعم، لقد فهمت وغيرها.. يشعر الطفل وقتها أن ما يحكيه وما يعبر عنه مقبول ومرحب به، ويساعده ذلك القبول أن يعالج أفكاره ومشاعره، وقد يصل بمفرده إلى حلول ملائمة لمشكلته. 3. أعط أسماء لمشاعرهم عند تعرض الطفل لصدمة معينة كفقدانه لقطته مثلًا، فإنه يعبر عن حزنه وألمه لوالديه، فيظن الوالدان أن الرد الأنسب لذلك هو كلمة: «لا تحزن يا صغيري»، فيترتب عليها بكاء الطفل بشكل أكبر، فيتدرج الوالدان في إنكار مشاعر الطفل بشكل أكبر وهما يظنان أنهما متعاطفان معه، فنجدهما يقولان: «لا تبك إنها مجرد قطة»؛ فيزداد نحيب الطفل ويشعر بالاستهانة بمشاعره، ثم يُزاد الطين بلّة بقول: «توقف عن البكاء سنشتري لك قطة غيرها»، فيزداد بكاء الطفل ونحيبه.. من الغريب أننا عندما نلح على الطفل على أن يتخلص من شعور موجع؛ ولو كنا نعامله بلطف، أن الطفل يزداد حنقًا وغضبًا، وهو ما يخشى الوالدان أن يحدث إذا أعطوا للشعور اسمًا. فإذا تمكن الوالدان من تسمية مشاعر الطفل ربما يرون نتيجة مغايرة لما كانوا يظنونه من قبل، فعندما يقول الطفل: «ماتت قطتي» ،نقول «يا إلهي، إنها صدمة»، فيقول: «فقدتُ صديقتي»، فنقول: «مؤلم حقًا فقد الصديق». والحقيقة أن الطفل الذي يسمع كلمات تعبر عما عاناه وأُثير في نفسه، فإنه يشعر براحة أكبر؛ لأن هناك من اعترف بتجربته الباطنية. 4. امنحهم ما يجنح إليه خيالهم بالأمنيات عندما يطلب الطفل شيئًا لايستطيع الحصول عليه يشرح الكبار لهم عادة لم لا يستطيعون الحصول عليه بأسلوب تفسير منطقي، كأن يطلب طبقًا من البسكويت الذي صنعته أمه، فتجاوبه الأم بأن البسكويت قد انتهى ولم يعد لديهم منه، فيصر الطفل على ما يطلب، وكلما كان شرح الأم أعمق كان الرفض أشد وأعمق، حتى لو أنها أعطته بديلًا ليأكله يقابله بالرفض القاطع. لكن عندما يطلب الطفل البسكويت المحبب لقلبه فتقول الأم: «ليت عندي منه في البيت، أعرف كم تحبه وتريده»، ويرد الطفل: «نعم أريده ليت عندي منه الآن»، فتضمه الأم وهي تبتسم وتقول: «ليت عندي قوة سحرية لأجعل منه الكثير الآن أمامك»، فيجيب الطفل ببديل لحل مشكلته كأن يقترح أن يأكل شيئًا مختلفًا. فمجرد فهم الأم لمدى لهفة الطفل وتوقه للحصول على شيء ما يجعله يتحمل عدم الحصول عليه بشكل أسهل. احذر الرغبة الجامحة في إصلاح الوضع أو الحلول السريعة! لعل من أصعب المهارات الأربع الإنصات إلى التدافع الانفعالي، ومن ثم إعطاء المشاعر اسمًا، فهي تتطلب مرانًا وتركيزًا وقدرة على النظر في مضمون قول الولد لإدراك ما يمكن أن تكون عليه مشاعره، ومن ثم نتمكن من إعطائه مفردات تعبر عن واقعه الداخلي. وعندما يكون لدى أولادنا الكلمات الملائمة لما يعيشون من تجارب يصبح بوسعهم أن يساعدوا أنفسهم. ولكي يدرب الوالدان أنفسهما على ذلك لا بد من مقاومة إغراء إصلاح الوضع في نفس اللحظة والابتعاد تمامًا عن إعطاء النصح للأبناء، رغم أنه أمر مغر للغاية، كأن يقول الطفل: «أمي أنا جائع»، فتجيب الأم: «إذن تناول شيئًا من الطعام».. فبدلًا من ذلك يمكننا أن نعطي أنفسنا المساحة للتفكير ثم منح نفس المساحة للطفل كي يدرك ما يريد بُناءً على مشاعره. عندما نعترف بمشاعر الأولاد نسدي إليهم خدمة عظيمة. إننا نضعهم أمام واقعهم الداخلي، وإذ يكون واضحًا أمامهم ذلك الواقع يستجمعون قوتهم ليبدؤوا معالجته وتصحيحه. ما المشكلة في سؤال الطفل مباشرة: لماذا تشعر على هذا النحو؟ يستطيع بعض الأطفال أن يقولوا لماذا هم خائفون وغاضبون وتعساء، ولكن بالنسبة للعديد منهم يضاف السؤال: لماذا، إلى مشكلتهم، فبالإضافة إلى ضيقهم الأصلي عليهم الآن أن يحللوا السبب ويدركوا ويقدموا تفسيرًا معقولًا، وغالبًا ما يجهل الأولاد سبب شعورهم على هذا النحو، وفي أحيان أخرى يقاومون التكلم في هذا الموضوع لأنهم يخشون أن تكون أسبابهم المذكورة غير كافية للكبار، ويتلقوا ردًا مثل: «أَمِن أجل هذا تبكي؟»، فمن الأسهل أن تتكلم مع شخص راشد يتقبل شعورك على أن تتكلم مع شخص يضطرك أن تقدم له تفسيرات. هل يحتاج الأبناء موافقة الآباء على مشاعرهم؟ يظن بعض الآباء أن عليهم أن يخبروا أولادهم بالموافقة على مشاعرهم، لكن الأطفال لا يحتاجون لمن يوافق على مشاعرهم لأن تعبير الموافقة قد يمنحهم شعورًا بالرضا للحظات، لكنه قد يمنع الطفل من التفكير في الأشياء المعتلجة في نفسه. ما يحتاجه الناس في جميع الأعمار في لحظة الضيق ليس موافقة الآخرين أو مخالفتهم، بل يحتاجون إلى من يعترف بما يعانون. وإذا افترضنا أنه في حالة توصيف مشاعر الطفل كان التوصيف خاطئًا، فلا بأس فالطفل بنفسه سوف يصلح ذلك، ويجيبك بما يشعر، فإنها جرأة أن يدعي شخص أنه يعرف مشاعر شخص آخر، لكننا كل ما نحاول عمله هو السعي لفهم مشاعر الطفل، وقد لا ننجح دائمًا، لكن مساعينا تقدر حق قدرها. والاعتراف بمشاعر الأولاد لا يعني تقبل أخطائهم بحق الوالدين أو الآخرين لذلك، يجب أن يقيد الوالدان بعض الأفعال، كأن يقول الطفل للأم: «أنتِ لئيمة»، أو: «أنا أكرهك».. هنا يمكن للأم أن تقول: «لم يرق لي ما سمعته منك، إذا كنت غاضبًا أخبرني بطريقة تجعلني أستطيع مساعدتك»، ومثال آخر أن تقول الأم للطفل: «أعرف كم أنت غاضب من أخيك، أخبره ماذا تريد منه بالكلمات لا باللكمات». الآن وبعد حصولنا على 5 طرق ممكنة لإنقاذ الطفل من مشكلاته، أصبح لدينا فرصة لنقول لأطفالنا إننا برّ أمانهم، وإن قلوبنا براحهم الذي يمكنهم أن يبوحوا فيه بكل ما يعانون، ولدينا فرصة أخرى يصبح فيها صغارنا أصدقاؤنا، فنأوي إليهم كما آويناهم ويقبلونا كما قبلناهم. بقي أن نقول لأجل تحقيق ذلك ينبغي أن يكون موقفنا مشفقًا حنونًا بصدق حين ننصت إلى أبنائنا، فإن كل ما نتكلم به إذا لم ينبع من بصدق من قلوبنا يعتبره الطفل زيفًا أو تلاعبًا ومناورة، ولكن عندما تكون الكلمات مغلفة بمشاعرنا الحقيقية المتعاطفة تنفذ مباشرة إلى قلب الطفل. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً المدن المتخيلة في السرد العربي القديم: مدينة إرم نموذجًا هل التأمل في الموت مماثل لارتداء معطف من فرو في فصل الصيف؟ إدوار الخرّاط: العزف سردًا — والموت قصًّا النظرة الخلدونية للاحتكار وحالة الدولة المصرية العلوية شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram رحمة الظيظي Follow Author المقالة السابقة انهيار الاقتصاد اليمني: حصار خفي ونتائج كارثية المقالة التالية مذبحة المماليك: على درب «ميكافيلي» خطا «الباشا» قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك ليندا زاغزيبسكي: حول النظرية الأخلاقية الاقتدائية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك خسائر الكرة الروسية بعد عقوبات الحرب الأوكرانية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أبطال «أحمد خالد توفيق»: مميزون لأنهم غير مميزين بشيء 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك رواية «علاج شوبنهاور»: مراقبة الحياة أم المشاركة فيها؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك باروخ سبينوزا: الجوهر في وحدة الوجود 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيلم «السباحتان»: عن إفلات الوطن من أجل الحياة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دون أن تترك الوظيفة: 4 خطوات تساعدك على بدء عمل... 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل اقتصر دورُ المترجمين العرب على نقل الفلسفة الغربية؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف كانت العلاقات المصرية الأمريكية بعد ثورة 23 يوليو؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الميسوجينية: لماذا انحاز الفلاسفة ضد المرأة؟ 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.