مع بداية القرن الأول الميلادي، توجهت أنظار المشرق والمغرب صوب بيت المقدس، المدينة التي ارتبطت بمولد المسيح، وبرغم أن التعاليم المسيحية لم تقرر بشكل مباشر أمر الحج إلى القدس، على عكس ما عرفه المسلمون بالنسبة لمكة، فقد تولدت رغبة مبكرة لدى المسيحيين الأوائل في تتبع آثار المواضع التى تتعلق بذكريات المسيح داخل المدينة المقدسة، والتي ذُكرت في العهد الجديد. وإن كان أمر الترحال بهدف الحج خلال القرون الأولى لم يكن بالأمر اليسير، بخاصة بعد ما تم تدمير المدينة على يد القادة الرومان، وطرد اليهود منها بعد ثورتهم ضد الإمبراطورية عام 70م.

ومع بداية القرن الثالث الميلادي تبلورت فكرة الحج لدى المسيحيين بشكل عملي، وأصبح يُمكننا الحديث عن موجات من الحجيج، منذ عصر الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي حكم من 306 م إلى 337 م، والذي أضاف العديد من التغييرات الإدارية على الإمبراطورية من ضمنها مرسوم ميلانو عام 313م، وهو إعلان بالتسامح الديني مع المسيحية ورفع الاضطهاد الذي حل بأنصارها.

في الحقيقة لم يكن الحج الديني السبب الوحيد الذي دفع بالأوروبيين وغيرهم من المسيحيين لزيارة مدينة القدس، فقد كانت الدوافع الاقتصادية والرغبة في تحقيق الأرباح من الأسباب الأساسية التى دفعت بالناس صوب المدينة، فقد عقدت الأسواق بالمدينة بشكل دائم وموسمي، وذهب الكثيرون إلى بيت المقدس مُحمَّلين بالسلع التجارية لبيعها، وعادوا منها إلى أوطانهم محملين بالبضائع والمقتنيات التي حققت لهم أربًاحا وفيرة.

ولقد استمر هذا الوضع بعد سيطرة العرب المسلمين على المدينة، بل ونشأت رغبة ملحة لدى الرحالة من سكان مدن الغرب الأوروبي والمغرب الإسلامي في زيارة مدينة بيت المقدس، مرتبطة باستجلاء سحر الشرق وغموضه، وتتبع معالم المدينة التي امتزجت فيها العناصر الإسلامية مع المسيحية، واكتشاف أحوال عيشِ المسيحيين جنبًا إلى جنب المسلمين.

بيت المقدس ويسمى إيلياء، وهي مدينة حسنة ولها سوران عظيمين بين جبلين وفي طرفها الغربي باب المحراب وعليه قبة داود عليه السلام، وفي طرفها الشرقي باب الرحمة، وكان يقفل فلا يفتح إلا من عيد الزيتون، ومن الباب الغربي يسار إلى الكنيسة العظمى المسماة بكنيسة القيامة، وتحج إليها الروم من سائر الأقطار، وبها مقابر الفرنج، وشرقية المسجد المعظم المسمى الأقصى.





سراج الدين بن الوردي في كتابه «خريدة العجائب وفريدة الغرائب”

ازداد أعداد الرحالة والحجاج الأوروبيون، بشكلٍ كبير، أثناء فترة الحروب الصليبية التي استمرت على نحو قرنين من الزمن، هما القرنان الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، والتي بدأت باستيلاء الفرنج المسيحيين الأوروبيون على المدينة من يد حكامها الفاطميين المسلمين الشرقيين عام 1099م.

وقد ساعد على ذلك ما ظهر بالمدينة خلال عصر الحروب الصليبية من هيئات دينية مسيحية، قدمت دعمًا كبيرًا للحجاج والوافدين إلى المدينة، وفي مقدمتها هيئة فرسان الاسبتارية التي جمعت بين العمل الحربي والعمل الديني، والتي اتسع ملجأها لألف حاج، فضلًا عن المشفى الكبير المخصص لعلاج المرضى من الوافدين والعناية بهم، بل وقدمت تلك الهيئات تسهيلات ائتمانية ومالية للحجاج، وحرست طريقهم من يافا وعكا إلى بيت المقدس.

لا شك أن انتماءات هؤلاء الوافدين لمناطق جغرافية متعددة وكذلك اختلاف عقائدهم الدينية قد انعكست على طبيعة نظرتهم إلى المدينة، والتركيز على جوانب بعينها، فغالبًا ما ركز الرحالة المسيحيون على وصف أماكن المزارات الديانة المسيحية ورصد الدور الاجتماعي للمؤسسات الدينية على المسيحيين الذين سكنوا المدينة فترة حكم الأوروبيين، بينما انشغل الرحالة اليهود بتتبع أعداد سكان المدينة من اليهود، ورصد نشاطهم الاقتصادي، وطبيعة علاقتهم بجيرانهم من المسلمين والمسيحيين.

ولأن هؤلاء الرحالة لم يكونوا مؤرخين محترفين بالمعنى التقليدي، لم ينشغلوا كثيرًا بالجانب السياسي والحربي، وجاءت كتاباتهم مختلفة عن الكتابات التاريخية الرسمية، غنية بالتركيز واهتمامهم بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، ومميزة بوصف المدينة ومعالمها الدينية، وعلى ذلك فإن كتابات الرحالة سواء كانوا من المسلمين المغاربة، أو الأوروبيين من المسيحيين واليهود على السواء، تقدم لنا مادة تاريخية مهمة عن شكل المدينة في هذه العصور وطبيعة تلك الجوانب الحياتية التي قلما اهتم لها المؤرخون التقليديون.

أما كتابات الرحالة المسلمين، فهي وإن ارتبطت في المقام الأول بالمعارف الجغرافية التي توارثها المسلمون رغبةً في المنافع التجارية والاقتصادية، لكنها أبدًا لم تفارق الغرض الديني، خاصة فيما يتعلق بموسم الحج إلى الحجاز، فقد كان هناك أربع من القوافل الموسمية التي تصل إلى مكة من مختلف بقاع المسلمين كل عام، واحدة منهم على الأقل كانت تزور بيت المقدس في طريقها، وهي في الأغلب القافلة المغربية التي تنطلق من مراكش ويلتحق بها سائر حجاج بلاد المغرب الإسلامي مرورًا بالإسكندرية برًا أو بحرًا.

وهكذا، لم يكن هؤلاء الرحالة سوى تجلٍّ صادق لتلك الفترة التاريخية التي عاشوا بها، وهي عصور الحروب الصليبية، العصور التي أطلق عليها مؤرخون اليوم لقب «عصور الإيمان»، فقد سيطرت النوازع الدينية على عقول الناس بشكل رئيسي، وأصبح الدين هو الدافع الأول لتحركات الناس ونزاعاتهم، في الشرق الإسلامي والغرب المسيحي على السواء».

الرحالة المسلمون

احتلت مدينة القدس في نفوس المسلمين مكانة مهمة، دفعت كافة الرحالة إلى شدِّ الرحال نحوها في مختلف الأوقات، للائتناس بزيارة المسجد الأقصى، والارتشاف من النهضة العلمية الفقهية التي شبّت في ربوعها.

1. ناصر خسرو

ولد ناصر سنة 394هـ/1003م في بلدة من أعمال مدينة بلخ وهي حاليًا ضمن أراضي أفغانستان، وقام في مرحلة شبابه بأسفار عديدة شملت أنحاء إيران والعراق وبلاد العرب وبلاد الشام ومصر، وخلف سجلًا دقيقًا عن مشاهداته واتصاله بشعوب تلك البلدان التي زارها، عُرف بِاسم «سفر نامة»، وقد ترجمت رحلته هذه إلى عدة لغات في مقدمتها اللغة الفرنسية والعربية، وأصبحت مصدرًا أساسيًا في دراسة الحضارة الإسلامية وعمرانها، وقد بلغ بيت المقدس في الخامس من رمضان سنة 438 هـ/ مارس 1047م، أي والمدينة تحت سلطة الدولة الفاطمية التي فرضت سيطرتها في ذلك الوقت على مصر وأغلب بلاد الشام والحجاز.

بدأ خسرو حديثه عن المدينة بالإشارة أن
أهل الشام وأطرافها يعرفونها بمدينة القدس، ويذهب إليها في ذي الحجة من لا يستطيع
منهم الذهاب إلى مكة، وفي بعض السنين يصل إليها في ذي الحجة فقط أكثر من عشرين ألف
شخص.

ثم يصف بيت المقدس قائلاً «هي مدينة مشيدة على قمة الجبل، ليس بها ماء غير الأمطار ورساتيقها ذات عيون، وهي مدينة كبيرة كان بها في ذلك الوقت، عشرون ألف رجل، وبها أسواق جميلة وأبنية عالية، وكل أرضها مبلطة بالحجارة، وقد سووا الجهات الجبلية والمرتفعات، وجعلوها مسطحة، بحيث تغسل الأرض كلها وتنظف حين تنزل الأمطار، وفيها صناع كثيرون، لكل جماعة منهم سوق خاصة.

ويقدم ناصر خسرو عن مسجد قبة الصخرة وصفًا دقيقًا بجميع أروقته وأعمدته وأبواب وزخارفه بقوله: «رأيت قبة من الحجر المنحوت مقامة على بيت لم أر أعجب منها، وقد بنى المسجد في هذا المكان لوجود الصخرة به، فلبثت فيه زمنًا أمعن النظر، فرأيت عند الجانب الشمالي، بجوار قبة يعقوب عليه السلام، طاقًا مكتوبًا على حجر منه، أن طول هذا المسجد أربع وخمسون وسبعمائة ذراع، وعرضه خمس وخمسون وأربعمائة ذراع» .

كما يشير خسرو إلى أرضية المسجد المغطاة بحجارة موثوقة إلى بعضها بخام الرصاص، وقد حفرت فيها أحواض وصهاريج يجتمع فيها ماء المطر، فينتفع به في الوضوء، ويشير أيضًا إلى اتساع أروقته المنقوشة كلها بالفسيفساء، وأعمدة الرخام العالية المزينة بالقناديل والمسارج، معددًا أسماء محاريب المسجد.

للمسجد رواق جميل وقبة جميلة لطيفة مكتوب عليها هذا محراب زكريا، عليه السلام، وفي الجانب الشرقي من هذا المسجد محراب مريم عليها السلام، وعلى هذين المحرابين آيات القرآن التي نزلت في حق زكريا ومريم عليهما السلام.

ويذكر كنيسة القيامة فيقول: وللنصارى في بيت المقدس كنيسة يسمونها «بيعة القيامة» ولها عندهم مكانة عظيم، ويحج إليها كل سنة كثير من بلاد الروم، ويزورها ملك الروم متخفيًا، حتى لا يعرفه الناس، ويضيف «هذه الكنيسة فسيحة تسع ثمانية آلاف رجل، وهي عظيمة الزخرف، من الرخام الملون والنقوش والصور، وهي مزدانة من الداخل بالديباج الرومي والصور، وزينت بطلاء من الذهب وفي أماكن كثيرة منها صورة عيسى، عليه السلام، وهذه الصور مطلية بزيت السندوس».

2. ابن العربي

هو أبو بكر محمد بن عبدالله بن العربي المعافري، من مواليد إشبيلية سنة 468ه/1075م، وينتهي نسب بني معافر إلى قحطان وهم من عرب اليمن انتقلوا مع الفتوحات العربية إلى شمال أفريقيا ولهم بيوت متفرقة بالأندلس وبخاصة قرطبة 14.

وصل إلى بيت المقدس وهو ابن السابعة عشرة مع والده، في طريقهما إلى مكة لأداء فريضة الحج في سنة 485ه/1092م، والحكم فيها آنذاك بيد سلاطين السلاجقة التابعين للخلافة العباسية ببغداد، وقد شهد عهدهم ازدهارًا علميًا وإحياءً في علوم الفقه والحديث، وشهد ابن عربي ببيت المقدس مدارس للمذاهب الحنفية والشافعية، يعقد بها العلماء والمشايخ حلقات الدرس على اختلاف مذاهبهم، وعندما وجد ابن العربي نفسه أمام هذا العدد الكبير من العلماء والفقهاء، قرر البقاء في بيت المقدس والتفرغ للعلم والدراسة.

يحكي: «دخلنا الأرض المقدسة، وبلغنا المسجد الأقصى، فلاح لي بدر المعرفة، فاستنرت به أزيد من ثلاثة أعوام، وقلت لأبي إن كان لك نية في الحج فامض لعزمك، فإني لست برائم عن هذا البلد حتى أعلم علم ما فيها، وسلما إلى مراقيها».

وينقل لنا ابن عربي طبيعة الحياة العلمية في المدينة ومظاهر النشاط الفكري السائد بها، وحرية العقيدة التي نعم بها أهل المدينة على اختلاف مذاهبهم وممللهم، وطبيعة المحاورات والمناظرات التى دارت بين فقهاء المسلمين بمختلف مذاهبهم، وعلماء المسيحية واليهودية بيت المقدس، متحدثًا عن أول مؤتمر ديني شهدته المدينة، شاركت فيه جميع الطوائف الدينية.

يقول: «حضرنا يومًا مجلسًا عظيمًا، وتكلم التستري الحبر اليهودي عن دينه، ورد عليه الشيخ الفقية الطرطوشي، وانقضى حكمه، وبهت خصمه، واستحسن ذلك الحاضرون وأطنبوا في الثناء عليه».16

وقد كان ابن عربي مع انشغاله بالدراسة مغرمًا بالتجول في أقاصي المدينة، يزور قبور الأنبياء والصالحين، مسجلًا مشاهداته وما لها من أثر في نفسه، وأبرزها قبر يوسف، عليه السلام، وفيه قوله «شاهدته في قبلة قبور آبائه، إبراهيم وإسحاق وزوجاتهم، زرناه مرارًا، وبتنا فيه آمنين».

وكذلك قبر يونس، عليه السلام، ويذكر عنه «قصدت قبره مرارًا بقرية جلحون، في مسيري من المسجد الأقصى إلى قبر الخليل، وتقربت إلى الله بمحبته، ودرسنا كثير من العلم عنده».

3. الإدريسي

هو محمد بن الشريف الإدريسي أحد أهم أعلام الجغرافيا المسلمين، ولد في مدينة «سبتة» عام 493هـ/1100م، ودرس بجامعة قرطبة وطاف الأندلس وشمال أفريقيا، وصولًا إلى بلاد الشام وآسيا الصغرى، وخلف لنا عام 548هـ/ 1154م موسوعة جغرافية ضخمة حملت اسم «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» ترجمت إلى اللاتينية في بداية القرن السابع عشر الميلادي، وصف من خلالها جميع الأقاليم المعروفة للكرة الأرضية حينها، مستعينًا بما شاهده بنفسه في رحلاته، وبما جمعه من مؤلفات الجغرافيين السابقين.

زار الإدريسي مدينة بيت المقدس منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، وهي تحت حكم الفرنج المسيحيين، وقدّم لنا في كتابه وصفًا عمرانيًا وافيًا لملامح المدينة على هذا النحو:

بيت المقدس مدينة جليلة قديمة البناء أزلية، وكانت تسمى إيلياء، وهي على جبل يصعد إليها من كل جانب، وهي في ذاتها طويلة وطولها من المغرب إلى المشرق وفي طرفها الغربي باب المحراب، وهذا الباب عليه قبة داوود، عليه السلام، وفي طرفها الشرقي باب يسمى باب الرحمة وهو مغلق لا يفتح إلا من عيد الزيتون لمثله، ولها من جهة الجنوب باب يسمى باب صهيون، ومن جهة الشمال باب يسمى باب عمود الغراب

كما يتناول معالم المدينة الدينية الإسلامية والمسيحية على السواء، ويبدأ حديثًا طويلًا عن كنيسة القيامة، قائلاً: «وإذا دخل الداخل من باب المحراب، يسير نحو المشرق في زقاق شارع إلى الكنيسة العظمى المعروفة بكنيسة القيامة، وهي الكنيسة المحجوج إليها من جميع بلاد الروم التي في مشارق الأرض ومغاربها، فيدخل من باب في غربها فيجد الداخل نفسه في وسط القبة التي تشتمل على جميع الكنيسة، وهي من عجائب الدنيا، ولها باب في جهة الشمال ينزل منه إلى أسفل الكنيسة على ثلاثين درجة، ويسمى باب شنت مرية، وعند نزول الداخل إلى الكنيسة تلقاه المقبرة المقدسة المعظمة، ولها بابان وعليها قبة معقودة قد أتقن بنيانها وأبدع تنميقها، وهذان البابان أحدهما يقابل الشمال حيث باب شنت مرية، والباب الآخر يقابله من جهة الجنوب ويسمى باب الصلوبية، وعليه قنبنار الكنيسة، ويقابلها من جهة الشرق كنيسة عظيمة كبيرة جدًا يقدس فيها إفرنج الروم ويقربون».

ثم ينتقل إلى وصف المسجد الأقصى بقوله: «وإذا خرجت من هذه الكنيسة العظمى وقصدت شرقًا ألفيت البيت المقدس، وهو المسجد المعظم المسمى بالمسجد الأقصى، وليس في الأرض كلها مسجد على قدره إلا المسجد الجامع الذي بقرطبة، وصحن المسجد الأقصى هو في تربيع طوله مائتا باع في عرض مائة وثمانين باعًا، نصفه مما يلى المحراب مسقف بأقباء صخر، والنص الثاني صحن لا سقف له، وفي وسط الجامع قبة عظيمة تعرف بقبة الصخرة، مرصعة بالذهب».

وفي مواضع أخرى يُعدِّد الإدريسي أسماء الكنائس التي ملأت ربوع المدينة، فيذكر كنيسة قدس القدس وهي بالقرب من الباب الشرقي للمسجد، والتي تحولت بعد سيطرة الفرنج الأوروبيين على المدينة إلى بيوت يسكنها أعضاء هيئة الداوية وهي تعني خدام بيت الرب.

كما يذكر الكنيسة المعروفة باسم السيدة مريم وهي مكان قبرها، وفي طريق الصعود لجبل الزيتون كنيسة تسمى «باتر نصتر»، وأعلى الجبل كنيسة أخرى حسنة معظمة، فيها رجال ونساء محبوسون يبتغون بذلك أجر الله.

4. أبو الحسن الهروي

هو علي بن أبي بكر بن الهروي، ولد بمدينة الموصل، وقد كان مغرمًا بالأسفار، وطاف أنحاء الشرق والهند وبلاد الشام ومصر وصقلية وغيرها من جزر البحر المتوسط، لم يصل إلى موضع إلا وكتب خطه على حائطه، حتى لقب بالهروي السائح، وقد انتهى به المطاف في رعاية الملك الظاهر بن صلاح الدين الأيوبي وأقام بمدينة حلب حتى وفاته عام 611هـ/ 1214م.

ترك لنا عدة مؤلفات في التاريخ وأدب الرحالات على رأسها كتاب «الإشارات إلى معرفة الزيارات»، الذي أتم كتابته عام 604هـ، وقد اشتمل على فوائد جغرافية وحقائق تاريخية، وأوصاف عن المآثر العمرانية التي شهدها في زيارته لمدينة القدس والخليل عام 569ه/ 1170م بعد مرور أكثر من سبعين عامًا على سقوطها تحت سلطة الفرنج الأوروبيين.

ويبدأ حديثه عن المدينة بوصف مسجد قبة الصخرة فيقول: «وهو موضع عرج بالنبي، وبه الصخرة التي عرج من عليها وقدمه فيها، وهذه الصخرة رأيتها في زمان الفرنج ودائرها درابزين من الحديد، وتحتها دكة وهي عليه مبنية، وعلوها مقدار ذراعين، وتحتها مغارة الأرواح، ينزل إلى هذه المغارة في أربع عشرة درجة، وقرأت كتابة في سقف هذه القبة بالفص المذهب»، وهذه القبة لها أربعة أبواب، وقبالة الباب الذي إلى المغارة صورة سليمان بن داود، وغربية باب من الرصاص عليه صورة المسيح ذهب مرصع بالجواهر، والباب الشرقي مكتوب عليه اسم القائم بأمر الله أمير المؤمنين، وسورة الإخلاص وتحميد على سائر الأبواب لم تغيره الفرنج».

ثم ينتقل الهروي بالإشارة لعدة مواضع داخل المدينة، فيذكر كنيسة اليعاقبة والبئر التي اغتسل منها المسيح، وهو موضع زيارة السامرية اعتقادًا أنها موطن إيمانهم، وكنيسة صهيون وهي موضع المائدة التي نزلت على الحواريين، ويذكر مواضع الصالحين وقبور رابعة العدوية بالجبل، وموضع قبر أم يوسف الصديق على اليمين من الطريق الواصل من القدس إلى الخليل، كما يذكر بيت لحم البلدة التي ولد بها عيسى، وموضع كنيستها وما زينت به من رخام وذهب.

ويذكر في كنيسة القيامة .. «وأما زيارات الملة المسيحية فأعظمها كنيسة القيامة، وعمارتها من العجائب، وهيكلها، ولهم فيها المقبرة التي تسمى القيامة، لاعتقادهم أن المسيح قام من هذا الموضع».

5. ابن جبير

هو محمد بن أحمد بن جبير الكناني، ولد بالأندلس في مدينة بلنسة عام 539ه/1145م، ودرس على علماء مدينة غرناطة وشاطبة، توجه نحو الشرق في ثلاث رحلات، كان أولها في 578ه/1183م، مستهدفًا بلاد الحجاز في المقام الأول، وقد سجلها في كتابه المشهور باسم «تذكرة بالأخبار عن اتفاق الأسفار».

وقد لقي كتاب ابن جبير اهتمامًا كبيرًا من المستشرقين الأوروبيين، ما دفعهم لترجمة أجزاء منه إلى الفرنسية عام 1846م، ثم طباعته كاملًا عام 1852م، وترجع أهمية ما خلفه لنا ابن جبير في كتابه، كونه سجلًا حافلًا بمواضع البلدان وشؤونها السياسية عامة، والوقوف على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي أحاطت مملكة بيت المقدس الصليبية بشكل خاص، في تلك الحقبة التاريخية التي شهدت فصلًا مهمًا من فصول الحروب الصليبية بعد صعود قوة الأيوبيين في مصر بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

وقد يفاجأ كثيرون بما يشير إليه ابن جبير من طبيعة العلاقات المركبة التي جمعت بين المسلمين والمسيحيين من أهل مدينة بيت المقدس وما جاورها، وأولوية النشاط الاقتصادي برغم ما هم عليه من صراع وتقاتل، فيذكر متعجبًا:

ومن أعجب ما يحدث أن الفتنة تشتعل بين الفئتين، وربما يلتقى الجمعان، شاهدنا من ذلك خروج صلاح الدين بجميع عسكر المسلمين لمُنازلة حصن الكرك، وهو أعظم حصون النصارى، بينه وبين القدس مسيرة يوم، وهو سرارة أرض فلسطين، فنازله السلطان وضيق عليه وطال حصاره، واختلاف القوافل على بلاد الافرنج غير منقطع، وتجار النصارى أيضًا لا يمنع أحدًا منهم ولا يعترض، يؤدون في بلاد المسلمين على سلعهم، والاتفاق بينهم والاعتدال، فالأمن لا يفارقهم  في جميع الأحوال، سلمًا أو حربًا.

ويؤكد ابن جبير على استمرار مختلف الأنشطة الاقتصادية داخل مدينة بيت المقدس وضواحيها، مشيرًا لاستقرار أحوال الفلاحين وأمانهم على حالهم، غير مكترثين للصراع الحربي الدائر بين الأمراء، واصفًا ذلك بقوله «وطريقنا كله على ضياع متصلة وعمائر منتظمة، سكانها كلها مسلمون، وهم مع الإفرنج على حالة ترفيه، وذلك أنهم يؤدون لهم نصف الغلة عند أوان ضمها، وجزية على كل رأس دينار، ولا يعترضونهم في غير ذلك، وكل أحوالهم متروكة لهم، وكل ما بأيدي الإفرنج على هذه السبيل، رساتيقهم (مواقع الزراعة) كلها للمسلمين».

الرحالة الأوروبيون

وبالمثل، لم يتوقف الشغف بالمدينة المقدسة على الرحالة المسلمين وحسب، وإنما امتدَّ أيضًا إلى الرحالة الأجانب، الذين اهتموا بزيارة المدينة في أوقاتٍ كثيرة، واعتنوا بتسجيل تفاصيل الحياة اليومية بها في كتاباتهم.

1. سايولف «Saewulf»

وسايولف رحالة إنجليزي لا يُعرف عنه الكثير سوى كثرة ترحالة عبر البحار، حتى لقب بـ «كلب البحر»، وتحتل رحلته إلى مدينة بيت المقدس التي قام بها في حدود عام 497ه/1103م، مكانة خاصة بين الرحلات التي قام بها الأوروبيون، كونها جاءت خلال السنوات الأولى لاستيلاء الفرنج الصليبيين على بيت المقدس، وقد ترجمها المستشرقون إلى الإنجليزية والفرنسية في القرن التاسع عشر.

وقد استطاع سايولف أن ينقل لنا صورة مبكرة عن طابع حرب العصابات الذي اتخذه المسلمون ضد الفرنج بعد استيلائهم على بيت المقدس، راصدًا كذلك محاولات جيش الفاطميين في استعادة المدينة، وملقيًا الضوء على الصعاب والمخاطر التي واجهت الحجاج الأوروبيين من أجل الوصول إلى بيت المقدس في تلك الفترة على اختلاف طرقهم.

يحكي: «يحدق الخطر في الطريق ليس فقط بالفقير أو الضعيف، بل أيضًا بالثري والقوي، والكثيرين يقتلون على أيدي العرب، إن العناية الإلهية أنقذتنا من الوقوع في قبضة الأعداء».

ورغم تركيز سايولف على تأثير الصراع الحربي على أحوال الحجاج، فإنه لم ينشغل عن الأوضاع العمرانية للمدينة، فقد سجل مشاهدات مفصلة لكنائس المدينة وأديرتها قبيل استقرار الفرنج وإضافة تعديلاتهم الخاصة لتلك الأبنية المسيحية، ويخص بوصفه تفاصيل كنيسة الضريح المقدس، وهي القطعة المعمارية الأولى التي يراها زائر المدينة، بسبب أنها أكثر الكنائس المزدانة المحتفى بها، إلى جانب كنيسة القديسة مريم، وكنيسة الروح المقدس.

ومن الجوانب المهمة في رحلة سايولف إشاراته إلى موضع مستشفى القديس يوحنا المعمدان بجوار كنيسة القديسة مريم، وهو المستشفى الذي أسسه الأمالفيون أهل مدينة أمالفي الإيطالية، والتي أصبحت نواة هيئة فرسان الاسبتارية، وهي إشارة مبكرة لنشأة هذه الهيئة التي لعبت دورًا رئيسيًا في استمرار وجود الفرنج في الشرق على مدار قرنين هما زمن الحروب الصليبية.

2. يوحنا الورزبرجي «John of Wurzburg»

وهو أحد رهبان كنيسة مدينة ورزبرج الواقعة في جنوب غرب ألمانيا على بعد 62 ميلًا من مدينة فرانكفورت، قدم من خلال زيارته لمدينة بيت المقدس التي جاءت وفق آراء أغلب المؤرخين فيما بين عامي 1160/1170م، وقدّم وصفًا جغرافيًا مفصلًا عن المدينة المقدسة والمناطق المجاورة لها، وسجلًا تاريخيًا مختصرًا لأحوالها السياسية والاجتماعية.

وتأتي أهمية ذكريات الورزبرجي كونه شاهدًا على التغيرات التي أجراها الفرنج بعد ما استقرت أيديهم على المدينة، فقد حولوا قبة الصخرة إلى كنيسة أطلقوا عليها «معبد السيد»، وقسموا المسجد الأقصى إلى ثلاثة أقسام، استخدم الجزء الأول منها كنيسة تستقبل الحجاج في الأعياد الدينية المسيحية، والثاني مسكن للفرسان، والثالث، مخزن للأسلحة، وحولت سراديبه إلى اسطبلات للخيول.

ويرصد الورزبرجي صعود قوة الهيئات المسيحية بالمدينة، ونشاطهم العسكري والاجتماعي، والقوة الحربية التي وصل إليها فرسان هيئة الداوية، وثراؤهم الشديد الذي يسر لهم امتلاك إسطبلاً عظيمًا يتسع لألفين من الخيول، مبرزًا الدور الذي قدموه في صد هجمات المسلمين، وهو نفسه ما ذكره المؤرخ الدمشقي ابن القلانسي الذي عاصر الفترة التاريخية ذاتها.

كذلك تناول الورزبرجي بحديثه هيئة الاسبتارية وعدد القلاع التي تمتلكها الاسبتارية وتستخدمها في ردع هجمات المسلمين، والذي يصل إلى خمسة وعشرين قلعة، وهم في ذلك يتفوقون على هيئة الداوية، كما يتطرق بالوصف لمستشفى الاسبتارية واتساعها واحتوائها على حجرات عدة تستوعب قرابة ألفين من المرضى رجالًا ونساء، كان أغلبهم من الحجاج الذين وقعوا فريسة للمرض أثناء رحلتهم.

ولا يغفل الورزبرجي أن يشير إلى التنافس السياسي والاقتصادي بين تلك الهيئات، بل يضيف أن هذا التنافس قد امتد ليشمل مختلف شعوب الغرب الأوروربي من الذين شاركوا في هذه الحروب، وسكنوا أحياء المدينة بعد الاستيلاء عليها من يد المسلمين، مؤكدًا أن أغلب الألمان الذين جاءوا مع جيوش الحملات الصليبية الأولى والثانية قد عادوا إلى بلادهم، فلا يجد الورزبرجي تجمعات لبني جنسه من الألمان بالمدينة، بعد ما تقاسم أحياءها شعوب الفرنسيين والإيطاليين واللوريين.

3. الرحالة الألماني ثيودريش «Theoderich»

يرجح المؤرخون حضور ثيودريش إلى مدينة بيت المقدس بعد عام 1170م، في نهاية حكم الملك الصليبي «عموري» الذي حكم بين عامين 1162/ 1173م، كما أن المعلومات المتاحة عن ثيودريش وحياته الشخصية لا تتجاوز اسمه وجنسه، وتلك الرحلة التي قام بها إلى الشرق وسجلها بعد منتصف القرن الثاني عشر وقبل سقوط المدينة في يد الأيوبيين المسلمين عام 1187م.

وإن كان ثيودريش يسير في تسجيل تلك الرحلة على طريقة يوحنا الورزبرجي عبر التركيز على رصد الدور الحربي والاجتماعي الذي لعبته هيئات الفرسان المسيحية في المدينة، إلا أنه يمتاز في حديثه برصد الثراء الفاحش الذي وصلت إليه تلك الهيئات، بعد ما فرضت السيطرة على مجمل أراضي المدينة وما يحيط بها من الأراضي الزراعية، مبديًا إعجابه بما يقدمونه من علاج الفقراء، وإيواء الحجاج.

في الحقيقة فقد صب ثيودريش جل اهتمامه على الجوانب الاقتصادية للمدينة ورصد النشاط التجاري داخل أسواقها، وقدّم لنا وصفًا دقيقًا للعديد من الأسواق الرئيسية، والذي يعقد أحدها بشكل موسمي أمام الباب الرئيسي لكنيسة القيامة خلال عيد الفصح، وما به من تحف وصور القديسين والصلبان والمسابح، التس تباع للحجاج، إلى جانب عدد كبير من التجار السلع الشرقية التي يحصل عليها التجار لبيعها في بلادهم.

ولا شك فإن عملية استجلاب السلع الشرقية وصناعتها قام به المسلمون في المقام الأول، بل إن ثيودريش يشير إلى أن قطاعًا كبيرًا من المسلمين امتهنوا العمل داخل الأراضي الزراعة التي امتلكها الفرنج الأرووبيين حول المدينة وضواحيها، يشرح «إنهم (المسلمين) يسكنون في المدن والقرى، ويحرثون الأرض لملك بيت المقدس والاسبتارية والداوية في ظل معاملة سلمية».

4. بنيامين التطيلي «Benjamin of Tudela»

هو أحد رحالة مدينة طليطلة الأندلسية انطلق منها نحو الشرق عبر جنوب فرنسا وبلاد اليونان، ويرجح المؤرخون أنه وصل إلى مدينة بيت المقدس بين عامين 1165/1170م، وتحتل رحلته مكانة مميزة بين الرحالة الأوروبيين الذين قدموا إلى بيت المقدس نظر لقلة ما وصلنا من مؤلفات الرحالة اليهود في القرن الثاني عشر، والتي جاءت اهتماماتهم مغايرة لما اعتدناه من الرحالة المسيحيين.

بلا شك جاء بنيامين إلى الشرق مدفوعًا


بالرغبة إلى الاطلاع على أحوال اليهود في الشرق، وفي مدينة بيت المقدس بشكل خاص، لذلك حرص على تسجيل أعدادهم في كل مدينة زارها، وهو يخبرنا عن وجود مائتين يهودي ينتموا إلى أربعة عائلات يهودية بقيت في المدينة بعد أن اجتاحها الفرنج الأوروبيين عام 1099م.

وإن كنا لا نستطيع التحدث عن قدرة حقيقية للرحالة على إحصاء السكان في هذا العصر، فلا يمكن أن نغفل أن مدينة بيت المقدس بالفعل قد أصبحت طاردة لليهود منذ دخلها الفرنج، إذا ما قورنت بغيرها من مدن بلاد الشام، وهو ما أكده بنيامين أن في مدينة حلب قرابة ألف وخمسائة يهودي، مقابل ثلاثة آلاف يهودي في دمشق.

وقد ركز بنيامين على النشاط الاقتصادي لليهود داخل المدينة وانتشارهم داخل أسواقها، وقدرتهم على توفير السلع التجارية الشرقية للتجار الأجانب، إضافة إلى إتقانهم إلى عدة صناعات، وفي مقدمتها صناعة الزجاج والصباغة، حتى كادت أعمال الصباغة تنحصر فيهم.

5. بتاحيا الراتسبوني «petachia of Ratisbon»

وهو بتاحيا بن يعقوب الرباني اليهودي ولد في مدينة راتسبون الألمانية بداية القرن الثاني عشر، ثم انتقل إلى مدينة براغ، وقد ساعدته الثروة التى حصلها من التجارة على مواصلة الترحال الطويل بين بلاد الشام والعراق وفارس، سجل رحلته باللغة العبرية لكنها انتقلت إلى الألمانية والفرنسية والروسية نظرًا لأهميتها لدى المؤرخين، والذين اختلفوا في دراستهم حول تحديد موعد حضور الراتسبوني إلى مدينة بيت المقدس بين عامي 1183/1187م.

وترجع
أهمية رحلة الراتسبوني إلى تركيزها على طبيعة التواجد اليهودي داخل بيت المقدس خلال
السنوات الأخيرة من فترة خضوعها لحكم الفرنج، ويحدثنا الراتسبوني عن وجود عائلة
يهودية واحدة تسكن مدينة بيت المقدس.

وهو ما قد يبدو أمرًا غريبًا من رجل يهودي، ولكن يبدو أنه يحاول أن ينقل ما وصل له حال يهود المدينة في ذلك التوقيت، بعد أن تعمد ملوك الفرنج فرض ضرائب باهظة للغاية أضرت بتجارتهم، ما دفعهم إلى النزوح نحو تجمعات يهودية تجارية في دمشق وعكا.

ويعد ما سجله الراتسبوني بمثابة دليل إرشادي إلى المزارات اليهودية التي كانت دافع لزيارات الحجاج اليهود من الغرب الأوروبي، فيعدد مواقع المقابر والمغارات التي تنسب إلى اليهود الأولين، وفي مقدمتهم مغارة الرباني اليهود «شماي» وتلاميذهم، وهو رباني يهودي أسس مدرسة تلمودية بداية القرن الأول الميلادي.

ورغم سيطرة القصص الدينية التي ينسجها الراتسبوني حول تلك المزارات لكنها تبقى دليلًا على استمرار وفود الحجاج اليهود لزيارة المدينة حتى بعد الإجراءات المشددة من جانب الفرنج لمنع وجودهم بشكل دائم.


المراجع



  1. محمد مؤنس عوض، الرحالة الأوروبيون في مملكة بيت المقدس الصليبية
  2. رأفت عبد الحميد، الدولة والكنيسة “قسطنطين”
  3. سعيد عاشور، تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى
  4. عبد الرحمن الشيخ، رحلة جوزيف بتس إلى مصر ومكة المكرمة
  5. محمد المقديسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم
  6. زكي محمد حسن، الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
  7. ناصر خسرو، سفر نامة، ترجمة يحيى الخشاب
  8. سعيد أعراب، مع القاضي أبي بكر بن العربي
  9. محمد الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
  10. محمد بن جبير الأندلسي، تذكرة بالأخبار عن اتفاق الأسفار
  11. نبيلة إبراهيم، فرق الرهبان والفرسان في بلاد الشام في القرنين الثاني عشر والثالث عشر
  12. ابن القلانسي، تاريخ دمشق، تحقيق سهيل زكار
  13. رحلة بنيامين التطيلي، دراسة عبدالرحمن الشيخ