صلاح أصبح أفضل لاعب في ليفربول بمسافة عن الآخرين!

لوهلة قد تظن أن تلك الكلمات القوية هي تصريح جاء على لسان مدرب أو ناقد رياضي مصري ينحاز لابن جلدته الذي يعيش فترة ذهبية من التألق على حساب النجوم الآخرين، لكن المفاجأة أنها لم تأتِ سوى

على لسان أسطورة ليفربول

وأهم رموزه «ستيفن جيرارد» بعد انتصار عريض للريدز على ويستهام صال وجال خلاله محمد صلاح مسجلًا هدفين رائعين كشفا عن قدرة وتنوع كبيرين.

تصريح «جيرارد» لسكاي سبورت جاء فيه أيضًا اعتراف الأخير بأن الجناح المصري لم يلفت انتباهه عندما لعب لتشيلسي، بل أنه لم يكن واثقًا من مدى ملاءمة إمكانيات «صلاح» لطبيعة الدوري الإنجليزي عندما بدأ ليفربول مفاوضات الحصول على خدماته من روما، لكن كل ذلك تبدل في نظر «ستيف» وآخرين بعد 13 جولة من البريمرليج استطاع خلالهم «صلاح»

الانفراد بصدارة الهدافين

متجاوزًا كل تلك الأسماء التي تُعد من أكثر مهاجمي العالم فاعلية وشراسة أمام المرمى كـ«هاري كين، أجويرو، موراتا، لوكاكو»!

الأرقام التي تقول إن المصري يسجل هدفًا كل 102 دقيقة بدقة تصويب على المرمى تتجاوز نسبة الـ68% بددت أي شكوك تخص قدرة «صلاح» على الاندماج السريع وتحمل ضغوط الدوري الإنجليزي الذي غادره سابقًا من بوابة البلوز دون أن يترك بصمة تذكر. هذه الأرقام حجزت لـ«صلاح» مركزًا مرموقًا في تصنيف أفضل أجنحة العالم حاليًا، بل وأظهرته المقارنات متفوقًا على بعض أكبر الأسماء في مركزه، لتظهر على السطح دوامة من الأسئلة عن أي مدى يمكن لـ«صلاح» الوصول إليه إذا استمرت مسيرته بنفس هذا الزخم مع منتخب مصر أو مع الريدز. دوامة بدأت من البحث حول فرص المصري باقتناص لقب أفضل لاعب إفريقي من «أوباميانج» وامتدت لتأمل إمكانية أن ينافس «صلاح» مستقبلًا على جائزة البالون دور؛ هكذا اعتاد الناس مع مسيرة «صلاح»: ألا يضعوا سقفًا لأملهم وطموحهم فيه!


شكرًا سباليتي

اللاعب المصري محمد صلاح (يمين) وسباليتي مدرب روما السابق.

لا يوجد أي شك أن المدرب الإيطالي المخضرم «لوسيانو سباليتي» قد قدم لنا أفضل نسخة ممكنة من «صلاح» قبيل انتقاله لليفربول، فقد ظهر المصري بموسمه الأخير مع الذئاب كلاعب أكثر شمولية وتنوعًا بعد أن لعب في أكثر من مركز داخل أكثر من أسلوب لعب ورسم تكتيكي، بداية من إشراكه في مركزه المعهود كطرف أيمن عكسي، ثم ظهوره كمهاجم ثانٍ أو متأخر إلى جانب «دجيكو»، بل ولعب «صلاح» خلف البوسني رفقة «نايجولان» في مثلث هجومي قوي، وأحيانًا دفع به «سباليتي» كصانع لعب كلاسيكي يخترق عمق منطقة جزاء الخصم ويمد «دجيكو» بالفرص.

هذه المرونة التكتيكية التي اكتسبها «صلاح» انعكست أيضًا على الأهداف التي سجلها، فلم تقتصر على الهجمات المرتدة واستغلال المساحات الشاسعة بدفاعات الخصوم، بل شملت التهديف عن طريق التسديد من خارج المنطقة أو من الزاوية اليمنى، كما استغلال الكرات العرضية وتحويلها لأهداف بضربات رأسية أو بمتابعة تصويبات زملائه واقتناص أخطاء حراس المرمى، بالإضافة لاختراق التكتلات الدفاعية حتى وصل

مجموع ما سجله صلاح

بموسمه الأخير 15 هدفًا.

كما انعكست أيضًا على أسلوب «صلاح» في صناعة الفرص، فقد أصبح الأخير على قدرة أكبر من قراءة الملعب والتمرير السليم في المساحات المؤثرة حتى تربع على صدارة صناع لعب روما برصيد 71 فرصة ودقة تمريرات وصلت لـ80%، وبسبب

تلك الأرقام

فإن المهاجم

«دجيكو» قد عبر

في مطلع هذا الموسم أنه يفتقد معاونة المصري في الثلث الأخير من الملعب.

«سباليتي» كان يعتمد بقوة على «محمد صلاح»، كان مهتمًا باستغلال إمكانياته والوصول بمستواه لأعلى نقطة ممكنة، ولم يتردد في إضافة مهام أكثر تعقيدًا لمسئوليات اللاعب المصري تقوم على خلق المساحة وضرب تكتلات الخصوم. المدهش كان مدى تعامل «صلاح» مع تلك المهام والتحديات الجديدة، فقد استجاب وتألق وفرض شخصيته للدرجة التي دفعت المدرب الإيطالي

للتصريح بنهاية الموسم

مادحًا «صلاح» فقال إنه أفضل لاعب مر عليه خلال مسيرته التدريبية الممتدة منذ عام 1995!

هذه النقلة الكبري في أداء وشخصية النجم المصري دفعت «كلوب» للتحرك سريعًا في بداية الميركاتو الماضي للحصول على خدماته، فالمدرب الألماني سعى لاستقطاب لاعب سيخدم مشروعه وأسلوب لعبه الذي يقوم على اللامركزية والحركة الدائمة وتبادل الأدوار بين لاعبي الوسط والأطراف ورأس الحربة، وسيمنحه حلولًا إضافية بعد أن عانى كثيرًا من الإصابات وهبوط المستويات خلال الموسم الماضي.

«كلوب» راهن على تأقلم «اللاعب المصري وتحمله مسئولية إعادة ليفربول من جديد للمنافسة، فأقدم على تعديل خطته بتغيير مراكز «ماني، وكوتينهو» ليجد للاعبه الوافد مركزًا أساسيًا ثابتًا، أصاب الألماني في رهانه هذا حتى ولو أخطأ في رهانات أخرى!


بعيون تيري هنري

أضف إلى معلوماتك أن اللاعب الفذ «تيري هنري» الذي فاز بكل شيء رفقة أرسنال وبرشلونة كما منتخب الديوك قد أبدى إعجابه أكثر من مرة بأداء «محمد صلاح»، أحدها كان منتصف الشهر الماضي عندما سُئِل عن الفرص السهلة التي أهدرها المصري في مباريات ليفربول مع واتفورد، هوفنهايم، ليستر سيتي برغم تسجيله ما هو أصعب،

ليجيب «تيري»

بأن «صلاح» الآن قد يحتاج ثلاث أو أربع فرص للتسجيل لكن مستقبلًا لن يحتاج سوي فرصتين، قد يخطئ حاليًا بتوقع الكرة وباختراق الدفاعات لكنه لاحقًا لن يكرر مثل تلك الأخطاء، يستكمل الفرنسي أن نمط عمل «صلاح» قائم أصلًا على مراكمة الخبرات والمضي نحو الأمام متجاوزًا العقبات.

الفرنسي توقع أن «كلوب» سيدفع بالمصري في مهام أكثر على المرمى نظير أدوار أقل بصناعة اللعب على طرف الملعب، وبتلك الطريقة سيتمكن «صلاح» من تحسين معدله التهديفي حيث ستنصب أغلب جهوده داخل مناطق الجزاء بدلًا من تحضير وتوزيع الهجمات التي يجيدها آخرون مثل «كوتينهو أو فينالدوم».

الأرقام بالفعل تثبت أن «كلوب» أقدم على ذلك التغيير، فبمراجعة إحصائيات مباريات ليفربول مطلع الموسم، ستكتشف أن لاعبين مثل «كوتينهو أو ماني أو فيرمينيو» كانوا الأكثر تسديدًا على المرمى أمام كريستال بالاس أو ليستر سيتي أو نيوكاسل، فيما انشغل «صلاح» بمحاولات الاستلام على الجوانب واختراق التكتلات التي تواجه «كلوب» دومًا. لكن ذلك تبدل خلال المواجهات الأخيرة عندما ظهر «صلاح» كحل ليفربول الأول أمام المرمى، فقد أجاد الاستلام في المساحات الخطيرة مستغلًا تبادل المراكز الذي يقوم عليه لاعبو الأنفيلد بهدف خلق ثغرة بدفاع الخصم، عندها يتغول «صلاح» ويطلق تصويباته التي أمنت لناديه نقاط المباريات الأخيرة، هذا النمط الذي لجأ له «كلوب» تفصح عنه بوضوح أرقام مباريات ساوثهامتون، ويستهام، وبالتأكيد تشيلسي حيث

خرج «صلاح»

كأكثر المسددين على مرمى الخصم بتلك المواجهات الثلاثة!


https://www.youtube.com/watch?v=ABYOKt2wIHg

عمومًا موسم ليفربول لا يزال طويلًا، وأهداف النادي الإنجليزي تبدو أكثر وضوحًا هذا الموسم عن سالفه، فيأمل قطاع كبير من جمهور الريدز إحراز تقدم بجدول ترتيب الدوري والمنافسة على المركزين الثالث والثاني، مع الوصول لدور متقدم في دوري الأبطال. مشاكل ليفربول هي الأخرى تبدو أكثر وضوحًا من أي وقت مضى؛ بسبب سوء مستوى كل مدافعيه وتذبذب أداء حراس المرمى، هذه الظروف تجعل موسم ليفربول مليئًا بالتحديات والضغوط، «صلاح» كأهم عنصر بالفريق حاليًا مطالب أن تستمر لياقته الذهنية والفنية لأطول فترة ممكنة وأن يقدم حلولًا أكثر ابتكارية لأن الخصوم ستحاول إغلاق أي مساحة متاحة له في المباريات القادمة؛ فهل يفوز «هنري» برهانه على «صلاح» مرة أخرى؟

في نهاية الموسم، سيتولد تحدٍّ جديد وتاريخي لـ«صلاح» حين يقود المنتخب المصري بمونديال روسيا، بالطبع يدرك أن مستوى طموحات جماهير بلاده يرتفع مع كل هدف يسجله وبعد أي مباراة يتألق فيها بقيمص ليفربول، فبعد أن ضمن لمنتخب الفراعنة التأهل قبل الجولة الأخيرة من التصفيات تنتظر جموع المتابعين ما ستسفر عنه قرعة المونديال وستبدأ حينها الحسابات والمقارنات عن فرص لاعبي مصر بمضاعفة الإنجاز وعبور دور المجموعات واضعين جُل أملهم على «أبو مكّة».


بالون دور؟


مجمد صلاح، ليفربول، روما، تشيلسي، مصر، الدوري الإنجليزي

المصري محمد صلاح لاعب نادي ليفربول الإنجليزي.

ربما كانت كلمات «الاجتهاد، والتركيز» هي الأكثر استخدامًا للتعبير عن مسيرة «محمد صلاح»، لكن مع تكرار استخدام تلك الكلمات بكثافة بدأت للأسف تفقد كثيرًا من قوة مضمونها وتصور البعض أن الأمر يسهل تحقيقه حالما يمتلك المرء قليلًا من «الاجتهاد» مع ما يكفي من «التركيز»، هكذا بكل تلك البساطة؟ لا، الأمر أصعب من ذلك بكثير، بل ربما في حالتنا كجماهير عرب تبدو القصة أكثر تعقيدًا بعد أن شهدنا من سوء إدارة نجومنا المحترفين بملاعب أوروبا لمسيرتهم أضعاف ما شهدنا ممن أجادوا واستمروا!

«صلاح» لاعب استثنائي لأنه يمتلك العملة الأغلى والأنفس التي لم يمتلكها كثيرون بتاريخ المحترفين العرب، والعملة هي القدرة على حسن إدارة مسيرته وتشكيل أهداف جديدة حالما ينتهي من تحقيق أهداف سابقة. ارجع بذاكرتك لموسم 2013/2014 وبعد ظهوره على استحياء مع تشيلسي، فكان قراره هو الرحيل لإيطاليا حيث دوري كبير سيمنحه مشاركات مضمونة وسيضعه تحت اختبار حتمي لقدرته على النهوض وقوة شخصيته، ثلاثة مواسم كاملة أثبت فيهم جدارة منقطعة النظير وعاد للدوري الإنجليزي كأغلى لاعب بتاريخ نادي بعراقة ليفربول ليخوض اختبارًا أصعب ويتحمل مسئولية أكبر، أسطورة نادي تشيلسي «فرانك لامبارد» يسرد ذلك التحول في جملة واحدة

حين قال

: «صلاح كان معنا في تشيلسي مجرد ولد صغير وخجول، لكنه عاد لإنجلترا كنجم أول بشخصية قوية وشعور عميق بالثقة والاستحقاق!»

جناح ليفربول منغمس للغاية في اللحظة الحالية، لا يشغله ما حقق، وكم سجل، ومن زامل من نجوم، وكيف يراه الناس، بقدر ما يشغله نقاط المباراة التالية، وتأدية دوره في ظل الأدوار المطلوبة منه على أتم وجه، وتقليل نسبة الوقوع بالخطأ، لكل ذلك فإن «صلاح» لا يفكر كثيرًا بالظفر بأي جوائز مهما بلغت قيمتها طالما أنه بالفعل يسير بخطى ثابتة مع منتخبه وناديه.

«صلاح» جائع دائمًا للملعب، لا أمام الكاميرات أو في حفلات توزيع الجوائز، يحب أن يستنفد جهوده بحثًا عن مساحات خلف خطوط الظهر، أو أن يقود اختراقًا يدمر تكتلات الخصوم الدفاعية، أو حتى أن ينفذ تعليمات جديدة طلبها منه «كلوب»، لا ينحاز للحديث عن إنجاز تحقق بقدر ما يود أن يضاعف ذلك الإنجاز؛ هذه صفات لاعب اختاره

القسم الرياضي بالجارديان

من أفضل 65 لاعبًا بالعالم العام الماضي، وقد يختاره بنهاية 2017 من أفضل 30 أو ربما 20 لاعبًا!