شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 64 ماذا لو اجتمع كل البشر في مكانٍ واحدٍ على الأرض؟ ماذا لو تجمّدت كل الأنهار فجأة؟ ماذا لو اختلّت فجأة كل قواعد الفيزياء التي تحكم الكون؟ | «ماذا لو #WhatIf» | سلسلة من المقالات التي يجيب فيها «راندل مونرو»، فيزيائي أمريكي على بعض الأسئلة الفيزيائية الغريبة، ويشرح الاحتمالات الخيالية المصاحبة لبعض الفرضيّات العلمية المستحيلة، والتي يرسلها له القراء. ماذا لو فجرنا أقوى قنبلة نووية صنعها الإنسان في خندق ماريانا (أعمق منطقة على سطح الأرض، تقع في غرب المحيط الهادئ، ويصل عمقها حتى 11 كيلو مترًا تحت سطح البحر)؟ تخيل أنك تعيش على سواحل المحيط الهادئ في اليابان أو الفلبين، ثم علمت أن دولة نووية كبرى قررت أن تفجر أقوى قنبلة نووية صنعها الإنسان في خندق ماريانا أعمق نقطة على سطح الأرض، بعمق يصل حتى 11 كيلو مترًا تحت سطح البحر، والذي يقع بالقرب من الساحل حيث تسكن. ماذا ستفعل؟، ما الذي تتوقع حدوثه؟، وهل هناك فرصة للهرب؟. mariana_map النتيجة المتوقعة مفاجئة بالفعل، خصوصًا لو قارنتها بما سيحدث لو قمت بتفجير القنبلة النووية تحت سطح البحر مباشرة. وبشكل عام، فهذا التفجير النووي تحت سطح الماء لن يكون الأول، فقد قامت الدول ذات القدرات النووية بالكثير من التفجيرات من هذا النوع. لكن أغلب تلك التفجيرات تتضمن استخدام قنابل نووية صغيرة وفي مياه ضحلة. لكننا هنا سنتاول الاسوأ؛ قنبلة تسار. بقوة 53 ميجا طن، تحتفظ قنبلة تسار بسيادة العرش كأقوى قنبلة نووية صنعها وفجرها إنسان. وهي قنبلة هيدروجينية روسية تعرف هناك بقنبلة إيفان الكبير. فجرها السوفييت في 30 أكتوبر عام 1961 فوق المحيط الشمالي المتجمد. ولم يحدث أن فجر الإنسان قنبلة نووية بمثل تلك القوة تحت المياه، ناهيك عن تفجيرها تحت مثل هذا العمق. في عام 1962، كتب الفيزيائي الأمريكي فريمان ديسون مذكرة يناقش فيها 8 أفكار مبتكرة لأنظمة تسليح جديدة، جميعها كان متوقعًا تصنيعه في المستقبل القريب. وقام بتوضيح كل الاستخدامات العسكرية والمخاطر المحتملة من استخدام تلك الأسلحة المستقبلية. لم تنشر تلك المذكرة حتى بعد رفع السرية عنها. لكني استطعت الاطلاع عليها لحسن الحظ، والشكر هنا محفوظ لجورج ديسون -ابن فريمان- المؤرخ العلمي، والذي حاز نسخة من المذكرة عن والده، وكان من الطيبة الكافية ليسمح لي بالاطلاع عليها. في تلك المذكرة، كانت واحدة من الأفكار الثمانية تقترح استخدام قنبلة نووية بقوة 1 ميجا طن كمولد للأمواج. ويحكي فريمان عن فكرته في فقرة مرعبة تحكي عن تفجير القنبلة تحت سواحل أمريكا الشمالية: «الدراسات الكمية للقدرة التدميرية للانفجار لم يتم تقديرها. لكن، بعض التقديرات تشير لأن ارتفاع الأمواج الناتج عن تفجير مثل هذا سيصل حتى 100 متر فوق سطح البحر، وستغمر مسافة حتى 450 كيلومترًا بداخل البر». انتهى هنا كلام فريمان، لكن، ولحسن حظ سكان المدن الساحلية، قدمت الأبحاث الدقيقة صورة أقل سوءًا بكثير من توقعاته. قدم العالمان برنارد لي ميهوت وشين وانج تقريرًا لوزارة الدفاع الأمريكية بعنوان ( موجات الماء المولدة بتفجيرات تحت سطحية ) من 400 صفحة، قاما فيه بفحص ودراسة وتلخيص كل الأبحاث العلمية المتعلقة بالموضوع. ويبين التقرير أنه عند تفجير قنبلة نووية تحت الماء، تتولد كرة عملاقة من الغازات الساخنة، ثم تنهار فورًا. ولو كان الانفجار بالقرب من السطح، ستتولد أمواج من الماء، قد يبلغ ارتفاعها مئات الأمتار حول نقطة الانفجار نفسها. لكن، ولأن تركيبة تلك الأمواج مختلفة عن التسونامي، فهي ستنحسر سريعًا، وربما تسبب بعض المشاكل للسفن بالقرب من الشاطئ، لكنها ستكون أقل تأثيرًا بكثير على الشاطئ نفسه، أقل كثيرًا من تأثير تفجير نووي مباشر. وربما لن يتعدى تأثيرها تأثير عاصفة شديدة. لكننا نتحدث حتى الآن عن تفجير نووي ضعيف وسطحي، والأمر سيختلف -قليلًا ربما- في خندق ماريانا. عند تفجير قنبلة تسار في أعماق خندق ماريانا ستتولد كرة عملاقة من البخار شديد السخونة وسيزيد حجمها بسرعة. ويمكن حساب نصف قطرها من معادلة نشرت في ورقة بحثية عام 1971 تسمى «قياس العديد من النماذج النظرية لانفجار تحت الماء Evaluation of Various Theoretical Models For Underwater Explosion». equation حسب المعادلة، سيصل قطرها لكليومتر بعد حوالي ثانيتين، وسينبعج سطح الماء فوق نقطة الانفجار قليلا، ثم بعد ذلك سيتسبب الضغط المتولد عن ارتفاع 11 كيلومترًا من الماء لأن تنهار الكرة الغازية على نفسها لثوان قليلة حتى تصل لأقصى حجم ممكن، قبل أن تتمدد مرة أخرى. ستكرر الدورة عدة مرات قبل أن تتشتت طاقة الانفجار كاملة كما يقول التقرير: (كتلة من المياه الدافئة المضطربة مع شظايا الانفجار). وحسب التقرير أيضًا، لن تنتج أي أمواج سطحية مدمرة -كما كنا نتخيل- بسبب هذا الانفجار. (كتلة المياة الدافئة المضطربة) هذه جوهرية في أثر الانفجار. فعمود الماء الدافئ المتصاعد من مركز الانفجار سيخلق منطقة في المحيط أكثر دفئًا من المياه حولها بعدة درجات مئوية، وهي المنطقة التي ستظل موجودة لفترة طويلة، وسيكون لها أثر بيئي ضار بالتأكيد. فمنذ فترة مر إعصار استوائي شديد يسمى (سانفو) من فوق خندق ماريانا، ولو مر بعد الانفجار لتسبب الماء الدافئ في تحويله إلى تايفون typhoon كارثي، وهذا ما يحدث في خليج المكسيك الذي تحول مياهه الدافئة العواصف العادية إلى أعاصير شديدة. وبجانب الشدة، سيحمل الإعصار بقايا مشعة ناتجة عن الانفجار ليتحول إلى زوبعة مشعة مدمرة. mariana_sanvu كل هذا الأثر ما زال مرتبطًا بمرور إعصار فوق منطقة الانفجار، وهو ما نعتبره احتمالًا ضئيلًا، وعدم حدوثه يعني أن كل تأثير انفجار مرعب هذا لن يكون تأثيرًا دراميًّا كما يوحي السؤال. لكن! ماذا لو افترضنا أن القنبلة أقوى مليون مرة؟ ماذا لو كان هناك سلاح كهذا بالفعل؟ ماذا لو أخطأت في حساب المعادلة؟ ماذا لو قفزت قطتي فوق الحاسوب وأضافت بقدمها 6 أصفار للمعادلة؟ equation2 لو كان هناك ما يكفي من الماء، حينئذ، سيصبح قطر كرة الغاز أكثر من 110 كيلومتر. لكن في الحقيقة، فالمحيط ليس عميقًا بما يكفي لكرة غازية كتلك. وبديلًا عن ذلك سيتسبب الانفجار في ثقب القشرة الأرضية أسفل المحيط، مسببة فجوة ملتهبة الصهارة أسفل قشرة الأرض. في بداية القرن العشرين، اكتشف العلماء حقولًا مختلطة من الأخشاب المتحجرة والرمال مدفونة تحت شواطئ لويزيانا وتكساس. وتبين لهم أنها بقايا غابات تم جرفها بسبب موجات تسونامي عملاقة. والمتهم في هذا التسونامي هو النيزك أو الشهاب العملاق الذي ضرب الأرض منذ 65 مليون عام، مسببًا انقراض أغلب الديناصورات. ولعبت البقايا دورًا هامًا في اكتشاف موقع الاصطدام المفترض. قنبلة نووية بقوة 53000000 ميجا طن تساوي تقريبًا قوة الانفجار الذي نتج عن الاصطدام النيزكي، وأباد الديناصورات. وانفجار بمثل هذه القوة في خندق ماريانا سيتسبب في موجات بارتفاع قد يبلغ كيلومترًا كاملًا. موجات ستدمر سواحل أندونيسيا، وكاليفورنيا، وسواحل شمال غرب المحيط الهادئ، والصين. سيدفع الانفجار بكميات كبيرة من المياه والصخور إلى الفضاء، وخلال ساعة ستغطي بقايا الانفجار السماء كاملة قبل أن تهبط الأحجار الثقيلة وتحترق كالشهب أو كالألعاب النارية الكوكبية، وسيغمر البخار والاهتزازات مكان الحفرة الناتجة عن الانفجار. الآن، اختفى خندق ماريانا من الوجود، وكذلك جزر ماريانا، ولم يتبقَ مكانهما سوى فتحة على باطن الأرض تعج بالصهارة. بسبب انقطاع ضوء الشمس، ستموت أغلب النباتات وستنهار السلسلة الغذائية تمامًا. وبين المجاعات والحرائق، ستنقرض الحياة على كوكب الأرض. المراجع 1 قد يعجبك أيضاً بين النجم والكوكب: الأقزام البُنيّة دليلك لاستكشاف سماء ليل الوطن العربي – ديسمبر/كانون الأول 2017 ممرات الحمم المزدوجة: اكتشاف سر براكين هاواي الأغرب تقنيات السيارات في 2017: الذكاء الاصطناعي يتقدم شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram أحمد السيد Follow Author المقالة السابقة السرطان؛ من النظرية إلى العلم المثبت المقالة التالية كيف ساعدنا العلم في التعامل مع السرطان؟ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك سقوط الحصن الأخير: «الهيليوم» العنصر الأكثر خمولاً يتفاعل 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أزمة المياة: مشكلة نقص أم ازدياد؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دواء للملاريا ومضادات فيروسية: هل وجدنا علاجًا لكورونا؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك اقتصاد الألعاب: عالم خفي ينافس أقوى اقتصادات العالم 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك رحيل «عادل محمود» بروفيسور اللقاحات الذي أنقذ الملايين 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل يمكن لنظام أن ينشأ من الفوضى؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك من إسرائيل لأوبر: بطارية هاتفك تكشف نقاط ضعفك 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك متحور «أوميكرون»: بين التحور العلمي والتحوير السياسي 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل العلم عقلاني؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف تحقق في رمضان نقلة صحية نوعية؟ 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.