في يوم الثلاثاء، 23 من فبراير 1995م، كان نيك ليسون مدير شركة «بيرينج سيكيوريتيز» البريطانية في سنغافورة يراقب مؤشر «نيكي» للأوراق المالية على الشاشة، وهبط ذلك المؤشر المالي الياباني 330 نقطة، وفي ذلك اليوم خسرت شركة بيرينج 143 مليون جنيه إسترلينيًا في تعاملات مالية كان يقوم بها ليسون، ولا يعلم بها أحد سواه. وجاءت تلك الخسارة بعد خسارة كان مقدارها 470 مليون جنيه إسترليني، وقد أخفى ليسون ذلك عن رؤسائه.

ولما وجد أن السبل قد سُدت في وجهه، فر بزوجته إلى مكان مجهول بالساحل الشمالي لجزيرة بورنيو. وقد صُعق مديرو الشركة بجسامة المبالغ التي فقدت في سنغافورة، وفي الصباح التالي أصيب بنك بيرينج إخوان أقدم بنك تجاري بلندن بخسائر ضخمة أفضت به عمليًا إلى إعلان إفلاسه. مما جعل البعض يذهب لوصم الرأسمالية بالفاشية المالية، فكيف وجه منتقدوها سهامهم نحوها؟


1. التحول الكبير: الأصول السياسية والاقتصادية لزمننا المعاصر

يرجع نسب هذا الكتاب إلى كارل بولاني المؤرخ الاقتصادي المجري، وعالم الأنثروبولوجيا الاقتصادية والاقتصاد السياسي، وعالم الاجتماع والفيلسوف الاجتماعي التاريخي. وهو معروف بمعارضته للفكر الاقتصادي التقليدي. وقد نشر كتابه عام 1944م ووجهت له انتقادات عدة إلى أن أصبحت نظرياته في نهاية المطاف هي الأساس للحركة الديمقراطية الاقتصادية.

يحلل بولاني في هذا الكتاب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي جلبها التحول الكبير بعد الثورة الصناعية. ويصف الرأسمالية باعتبارها تنظيما ذاتيا كاملا يتطلب تحول البشر وبيئتهم الطبيعية إلى مجرد سلع، مما يؤدي إلى تهديم كامل للمجتمع والبيئة الطبيعية. ويستند المؤلف في هذا الرأي إلى تمييزه بين السلع الحقيقية والسلع الزائفة.

وبحسب المؤلف تعرف السلعة بأنها الشيء الذي أنتج لكي يباع في السوق، ووفقًا لهذا التعريف تعتبر الأرض والعمل والمال سلعًا زائفة لأنها في الأصل لم تنتج لبيعها في السوق، وذلك لأن العمل هو النشاط الذي يقوم به الإنسان، والأرض هي الطبيعة مقسمة، وعرض المال والإقراض في المجتمعات الحديثة هو بالضرورة ما ترسمه سياسات الحكومات، وانطلاق الاقتصاد الحديث من اعتبار هذه السلع سلعًا حقيقية له مخاطر كبيرة على المجتمع.

يرفض المؤلف اعتبار هذه السلع الزائفة سلعا حقيقية وذلك لسببين، الأول أخلاقي حيث يعتبر معاملة الطبيعة والبشر على أنهما أشياء يتقرر سعرهما من قبل السوق هو انتهاك للمبادئ التي سادت في المجتمعات لمدة قرون طويلة. والسبب الثاني هو دور الدولة في الاقتصاد، تلك الدولة التي يجب أن تقوم بدور مستمر في ضبط عرض المال والقروض لتجنب مخاطر التضخم والانكماش، وأن تقوم أيضا بتقديم العون في فترات البطالة.


2. عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث

جاء هذا الفيلم باقتراح من الكاتبة والصحفية اليسارية الكندية نعومي كلاين Naomi Klein، وذلك لمحاكاة كتابها «عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث» حيث كانت تتحدث عن سياسة «المعالجة بالصدمة» لفريدمان عام 1982م.

تشرح ما جرى في البلدان التي تعرضت للعلاج بعقيدة الصدمة، كما تُشرح تأثير سياسات صبيان مدرسة شيكاغو على الدول التي طبقتها، سياسيًا واجتماعيًا، من إندونيسيا سوهارتو إلى تشيلي والأرجنتين والبرازيل ثم روسيا وشرق آسيا وصولًا إلى العراق.

ويقوم مذهب رأسمالية الكوارث على استغلال كارثة، سواء كانت انقلابًا، أم هجومًا إرهابيًا، أم انهيارًا للسوق، أم حربًا، أم تسونامي، أم إعصارًا، من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالة الطبيعية، فالكارثة تضع جميع السكان في حال من الصدمة الجماعية، وتخدم تلك الصدمة الإدارة الأمريكية في تمرير سياساتها، لتطويع المجتمعات والهيمنة عليها.


3. المؤسسة: السعي المرضي وراء الربح والسلطة

لقد حاكى هذا الفيلم كتاب «المؤسسة: السعي المَرَضي وراء الربح والسلطة The Corporation: The Pathological Pursuit of Profit and Power»، لأستاذ القانون بجامعة كولومبيا البريطانية جويل باكان Joel Bakan، ويتحدث الفيلم عن مفهوم الشركات المتعددة الجنسيات ودورها في تمكين الرأسمالية.

وقد عرّف الشركات المتعددة الجنسيات على أنها شركات يؤسسها أفراد أو مساهمين وتتمتع بشكل قانوني محدد في عقد التأسيس في دولة ما تسمى دولة المقر التي يوجد فيها المركز الرئيسي للشركة، ويتم تأسيس وإنشاء الشركة وفقًا لقانون منشئها الوطني وتأخذ جنسية هذه الدولة، وتخضع لجميع قوانين دولة المقر، أو قوانين الدول المضيفة لنشاطها وفروعها والشركات التابعة لها.

وتجري أحداث الفيلم حول كيفية سيطرة مثل هذه الشركات على اقتصاديات الدول الناشئة والنامية؛ بحثًا عن الربح والسلطوية دون الأخذ في الاعتبار ما سوف يعود على الدول من فشل اقتصادي وتراجع في معدلات الإنتاج الوطني، حتى أنه تم وصف الشركات المتعددة الجنسيات في هذا الفيلم باعتبارها الحوت الذي يلتهم أسباب التنمية في الدولة الصاعدة.


4. أكبر من أن تفشل

أكبر من أن تفشل جاء عنوانًا لكتاب أندرو سوركين Andrew Ross Sorkin، وقد قدمه هانسون Curti Hanson المخرج السنيمائي في شكل فني يحمل نفس عنوان الكتاب ليوضح ما حدث في الدول النامية بسبب الأزمة المالية العالمية.

وبنيت أيقونته الفنية على أن الأزمة المالية العالمية أوضحت لنا أن المصالح توجه السياسات الاقتصادية الرأسمالية، واعتبر أن العالم الرأسمالي باع فلسفته الاقتصادية للدولة الرأسمالية، ولكنه عند الحاجة (عندما واجهته المشاكل) تناساها، وتدخل لصالح بنوكه، وشركاته، بطريقة لم تقم بها أشد الأنظمة الاشتراكية تعصبًا، مستكملًا وصفه للنظريات الاقتصادية الرأسمالية بالنظريات الصماء.


5. الرأسمالية: قصة حب

قدم هذا العمل المخرج والمؤلف والناشط السياسي الأمريكي مايكل مور Michael Moore والذي اشتهر بأفلامه المناهضة للسياسات التي تزيد من سلطة الأغنياء وقوتهم في الولايات المتحدة، كما عرف بمناهضته لحرب العراق ولسياسات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.

وقد قدم هذا العمل الفني لملاحقة الأرباح التي تكون على حساب الصالح العام، وقد ناقش التكاليف الاجتماعية خلف الشركات المتعددة الجنسيات باعتبارها رسول الرأسمالية في أنحاء العالم، وفي إطار ذلك طرح تساؤلًا: «لماذا يوجد هناك بطالة في المجتمع الأمريكي؟»، «ولماذا الشركات المتعددة الجنسيات تبحث عن العمالة الأسيوية الرخيصة؟»، تاركًة أبناء الولايات المتحدة في بطالة.

من نقد الرأسمالية وفي رحلة البحث عن التحرر من عبوديتها يقول الكاتبان ريتشارد ويلكنسون وكايت بيكيت، في كتابهما «مستوى الروح: لماذا تجعل المساواة المجتمعات أقوى؟»:

في هذه المرحلة، يبدو خلق الإرادة السياسية لزيادة المساواة في المجتمعات أكثر أهمية من التعويل على مجموعة محددة من السياسات المخصصة للتقليل من حالة عدم المساواة قاصدين بتلك سياسات الهيمنة.





وأضاف:

ووفقًا لهذه الأطروحات جعل البعض يفكر في أمريكا بعد الرأسمالية!


6. أمريكا ما بعد الرأسمالية

إن الإرادة السياسية تعتمد على تطوير وسائل التوجه إلى مجتمع أفضل، وهي سبل قابلة للتحقيق ومليئة بالتحفيز.

هو عنوان كتاب مهم للاقتصادي في جامعة ميريلاند، جار ألبيروفيتز، وكان هذا الكتاب دعوة صريحة لإسقاط مفاهيم الحرية الاقتصادية والدعوة إلى إنشاء اقتصاد تعاوني، حيث اقترح منح العمال والمجتمعات الفرصة والإدارة الذاتية عن طريق توسيع ودعم برامج ملكية الأسهم للموظفين، وغيرها من البرامج والسياسات (تتضمن معدلات ضرائب أكثر تقدمية، و25 ساعة عمل في الأسبوع)، والتي صممت لاستبدال الرأسمالية الحالية بما يسمى الأمة الجمعية وتصور أن أمريكا بعد الرأسمالية لا بد وأن تكون أمة جمعية.

أنشأ ألبيروفيتز تجمع جامعة ميريلاند للديمقراطية، والذي يركز على بناء الثروات في المجتمعات عن طريق خلق تعاونيات العمال والشركات المملوكة من قبل العمال، التي تعكس مشاركة العمال والمجتمعات في تصميم وإنتاج الشركات الاقتصادية الكبرى. حيث تجسد تعاونية إيفرغرين في كليفلاند في ولاية أوهايو هذا النموذج، والتي تستند على تعاونية موندراغون الإسبانية الأكثر شهرة، وهي اندماج بين عدة تعاونيات مملوكة من قبل هيئات عمالية، توظف ما يقارب 85500 شخصًا في مجالات متنوعة تتراوح بين تقنيات الطبابة وصولًا لتصنيع الأدوات المنزلية.

لقد أصبح اتحاد عمال الفولاذ راعيًا قويًا لملكية العمال، وهو يعمل لتطوير نماذج مشابه لتعاونيات موندراغون. ويظن ألبيروفيتز بأن التجارب المشابهة لتلك التعاونيات هي بذرة مستقبل اقتصاد ما بعد الرأسمالية.

وقد عرف الأمة الجمعية بأنها عبارة عن جماعة مستقلة من الأشخاص يتحدون اختياريًا وليس جبرًا لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتطلعاتهم المشتركة، من خلال الملكية الجماعية لمشروع تتوافر فيه ديمقراطية الإدارة و الرقابة.