قد يبدو من المنطقي أن نقص المياه قد يسبب مشكلة كبيرة، ولذلك فعندما تعلم أنه تبعًا لمنظمة الصحة فإن 1.8 مليار إنسان على الأقل يستخدمون مصدرًا ملوثًا لمياه الشرب، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2025 سيكون نصف سكان الأرض يعيشون في مناطق تعاني من الإجهاد المائي، يكون من الطبيعي أن تصاب بالقلق (

يمكنك قراءة المزيد هنا

). لكن هل تعلم أن زيادة المياه لا تختلف كثيرًا في ضررها عن نقص المياه!.

تبعًا لتقرير للأمم المتحدة، فإن أكثر من مليوني مصري سوف يفقدون منازلهم خلال العشرين سنة القادمة، ووفقًا لنفس التقرير فإن ما لا يقل عن ستة ملايين سوف يصبحون بلا مأوى بنهاية القرن الحالي نتيجة لارتفاع منسوب مياه البحر الناجم عن تغير المناخ، حيث يشير التقرير إلى أن ارتفاع مستوى مياه البحر بمقدار 50 سم فقط، سوف يؤدي إلى تآكل الشواطئ بشكل ملحوظ، وزيادة الفيضانات، وارتفاع منسوب المياه الجوفية، مجبرًا مليوني مواطن من قاطني الساحل الشمالي والدلتا على ترك منازلهم.


كيف يغزونا المحيط

1

تؤكد مختلف آليات القياس أن متوسط ارتفاع سطح البحر قد ارتفع خلال القرن الماضي بمستوى يتراوح ما بين 10 إلى 20 سم، وبمزيد من التدقيق نلاحظ أن معدل الزيادة خلال العشرين عامًا الأخيرة حوالي 3.2 مليمتر سنويًّا، ما يمثل ضعف المعدل السنوي للزيادة خلال الأعوام الثمانين التي تسبقه، حيث تسببت الأنشطة البشرية المختلفة في إطلاق كميات كبيرة جدًا من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، مما تسبب في زيادة درجة حرارة سطح الأرض، وتمتص المحيطات حوالي 80% من هذه الزيادة مما يتسبب في زيادة متوسط درجة حرارة مياه المحيط. ويرتبط ارتفاع مستوى سطح البحر بثلاثة عوامل رئيسية يمكن ربطها جميعًا بالتغير المناخي العالمي المستمر:



  • التمدد الحراري:

حيث يتمدد الماء حين تزداد درجة حرارته، ويعزى حوالي نصف الارتفاع في مستوى سطح البحر خلال القرن الماضي إلى هذه الظاهرة.



  • انصهار الأنهار الجليدية والقمم الجليدية القطبية:

من الطبيعي أن تتعرض الكتل الجليدية الكبيرة كالأنهار الثلجية والقمم الجليدية للانصهار بدرجة ما خلال الصيف، لكن ثلوج الشتاء التي تتكون بشكل أساسي بسبب تكثف المياه المتبخرة من المحيطات والبحار غالبًا ما كانت كافية للحفاظ على توازن تلك الكتل الجليدية. لكن الارتفاع المستمر لمتوسط درجات الحرارة مؤخرًا نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري أدى إلى زيادة معدل الانصهار الذي تتعرض له تلك الكتل الجليدية صيفًا، وكذلك أدى إلى نقص كميات الثلوج المتساقطة شتاءً، مما أدى إلى زيادة معدلات ذوبان الثلوج مقابل معدلات تكونها وتبخر المحيطات، مما أدى إلى ارتفاع مستوى سطح البحر.



  • انحسار الجليد في جرينلاند وغرب القطب الجنوبي:

كما هو الحال مع الأنهار الجليدية والقمم الجليدية، فإن زيادة الحرارة تتسبب بذوبان الطبقات الجليدية الضخمة التي تغطي جرينلاند والقطب الجنوبي بوتيرة متسارعة. كما يعتقد العلماء أن المياه الذائبة على سطح الجليد، ومياه البحر من تحته تتغلغل خلال تلك الطبقات مما يتسبب في زيادة سرعة انصهارها وتوجهها للبحار. وعلاوة على ذلك، فإن درجات الحراة المتزايدة لمياه البحر تتسبب في تآكل الطبقات الجليدية الضخمة من الأسفل مما يتسبب في انهيارها وانفصالها عن الكتل الجليدية المرتبطة بها مما يزيد من سرعة انصهارها.


ما الذي ينتظرنا في المستقبل؟

ما لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة تضمن التحكم في كميات الغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، فإنه من المتوقع أن يكون مستوى سطح البحر بنهاية القرن الحالي (بنهاية عام 2099) أعلى مما كان عليه عام 1990 بمعدل يتراوح ما بين 17 و 55 سنتيمترًا، ويمكن أن يكون أكثر من ذلك إذا ازداد معدل انصهار الطبقات الجليدية الضخمة التي تغطي جرينلاند والقطب الجنوبي.


كيف يؤثر هذا علينا؟

يشكل ارتفاع مستوى سطح البحر تهديدًا للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الساحلية، حيث سيتعرض سكان المناطق المنخفضة للمزيد من الفيضانات، كما قد تتعرض بعض المناطق المنخفضة للغرق تمامًا. كذلك يسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الضرر للنظم البيئية الساحلية الهامة مثل الشعاب المرجانية.

2

كما قد يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تسرب/تسلل المياه المالحة لتصل إلى المياه الجوفية الصالحة للشرب؛ مما يؤدي إلى إفسادها والقضاء على مصدر مهم من مصادر المياه الصالحة للشرب.


المناطق الساحلية

يشكل تغير المناخ العالمي تهديدًا على السواحل والمباني والمدن الواقعة على طولها، حيث يعيش مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم في المناطق المنخفضة القريبة من الساحل والتي من الممكن أن تغمرها المياه مع ارتفاع مستوى سطح البحر. كما قد يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر أيضا في تآكل الشواطئ وتلف العديد من الأراضي الساحلية الرطبة (wetlands) التي تقوم بحماية الشواطئ من الفيضانات، والتي تشكل نظامًا بيئيًّا مستقلًا ومتميزًا وتوفر بيئة صالحة للمعيشة للعديد من الكائنات من طيور وزواحف وغيرها. كما يمكن للعواصف والأعاصير الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات أن تتسبب في محو بعض الجزر والشواطئ من على سطح الأرض تمامًا.


النظم البيئية المتضررة

تعيش معظم النباتات والحيوانات في مناطق ذات ظروف مناخية محددة للغاية، بدءًا من درجة حرارة محددة وصولًا إلى نمط ومعدل معين للأمطار. يؤثر كل تغيير في المناخ على النباتات والحيوانات التي تعيش هناك، فضلًا عن تركبية النظام البيئي بأكمله.

3

وتتعرض الحياة البحرية للعديد من الأضرار نتيجة لزيادة درجة حرارة المحيطات، حيث تتعرض الشعب المرجانية على سبيل المثال للابيضاض (coral bleaching) بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه، وتوضح الصورة الفارق بين الشكل الطبيعي للشعب (في الخلفية) والشكل بعد الابيضاض. كذلك تزداد حمضية مياه البحار والمحيطات بسبب امتصاص كمبيات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وقد يتسبب هذا في عدم قدرة الكائنات التي تستخدم الخياشيم في التنفس على استخلاص الأكسجين من المياه مما يسبب موتها.


ما هو المطلوب منك الآن؟

يقع الدور الأعظم في تجنب كل تلك المشكلات على الحكومات التي تسن القوانين وتتابع تطبيقها، لكن يمكن لكل منا المساهمة بدور ولو بسيط جدًا في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ومن ثم تجنب ارتفاع مستوى مياه البحر وما يترتب عليه من مخاطر. يمكن لكل من الخطوات التالية أن تساهم (ولو بجزءٍ ضئيل) في حل المشكلة:

  • حاول تنظيم استخدامك للطاقة ليكون أكثر كفاءة: فكلما كان استهلاكك للطاقة أكثر كفاءة كلما قل الضغط على آليات توليد الطاقة المعتمدة بالأساس على الوقود الحفري والتي تساهم بجزء كبير في المشكلة.
  • قم باستعمال المنتجات التي يتم استخدامها أكثر من مرة بدلًا من المنتجات التي تستعمل مرة واحدة ثم تلقى في القمامة.
  • حاول أن تقلل استعمالك للسيارات قدر الإمكان: الاستعمال الأقل للسيارات يساوي معدلًا أقل من الانبعاثات الضارة وبالتالي يساهم في علاج المشكلة، بالإضافة إلى أن المشي أو استخدام الدراجة كبديل للسيارة يساعدك على تحسين صحتك.
  • إذا كنت من محبي النباتات فإن اقتناء نبتة يعتبر شيئًا جميلًا، حيث تعطيك شكلًا جماليًّا كما تساعد في الحفاظ على البيئة.
  • تناول الطعام الطبيعي غير المصنع، ليس فقط لفائدته الصحية لك، لكنك أيضا تساعد على تجنب العمليات الصناعية التي تستهلك الطاقة التي تدخل في صناعة الأغذية المصنعة.

المراجع




  1. WHO – Drinking-water

  2. sea levels worldwide have been rising

  3. Higher seas endanger coastal communities

  4. sustainable development

  5. Top 10 Things You Can Do to Reduce Global Warming

  6. 35 Easy Ways To Stop Global Warming