شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 65 بمجرد أن هلَّت بشائر رمضان، موسم الدراما الأول في الوطن العربي، فاجأت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، برئاسة تامر مرسي، الجميع بإعلانها تدشين منصة إلكترونية خاصة تعنى بعرض أعمالها الفنية عبر الإنترنت أطلقت عليها اسم «Watch IT»، مقابل اشتراك سنوي ناهز 1000 جنيه. لا يمكن اعتبار أن هذه الفكرة مبتكرة على الساحة العربية، سبقتها منصة «شاهد. نت» التابعة لقناة MBC، تلتها تجربة «فاشلة» قامت بها قناة النهار الموسم الماضي، إلا أن قوة التجربة هذه المرة تأتي من قوة صاحبها، وهي الشركة التي تتكاثف الهمسات في الأوساط الفنية وغيرها على وجود دعم أمني بلا حدود لها في السنوات الأخيرة، قاد صاحبها لامتلاك معظم شركات الإنتاج وتركيع بقيتها ومعظم القنوات الفضائية الرئيسية ودمج بقيتها، لدرجة أوصلته هذا العام ليكون صاحب 15 مسلسلًا من 18 قدَّمتها الدراما المصرية. وقد بقي الفضاء الإلكتروني طوال السنوات الطويلة الماضية بعيدًا عن اتجاهات الاحتكار، فظلَّ «يوتيوب» متنفسًا لكل مَن يرغب في الاستمتاع بمسلسلات «تامر مرسي» دون أن يمنحه مقابلاً مباشرًا، خرقًا أعلنت «المتحدة» رتقه هذا الموسم، وأصبح المشاهد أينما ولَّى وجهه شطر تامر مرسي، الذي وضع لبنته الأخيرة في سعيه الدءوب نحو احتكار المُحتكر. «شاهِد حيث شِئت فخراجك لي» ربما تكون هذه العبارة هي أدق ما يمكن استخدامه لتوصيف علاقة تامر مرسي بالمشاهد المصري حاليًا، بعدما أصبح الرجل رقمًا صعبًا في المعادلة عقب (تأميم / تأمير) كل وسائل العملية الإنتاجية الفنية؛ بداية من شركات الإنتاج وحتى القنوات الفضائية، والآن بات له «يوتيوبه» الخاص به لتزداد وسائل حصار السوق الفني على كل مَن فيه، ليصبحوا جميعًا مُهددين؛ من أول نجومه الكِبار ومنتجيه الأثرياء إلى أصغر عمال البلاتوهات ومشاهدي الشاشات، بأن يتحوَّلوا إلى مجرد قطع شطرنج في أيدي أصحاب «الشركة المتحدة»، الذين وضعوا بالطبع عشرات الاحتمالات في حساباتهم قبل إعلان هذه الانطلاقة فصَّلوها جميعًا إلا أمرًا واحدًا، أن ينهار «التطبيق» بعد يوم واحد من تدشينه. وفقًا لإحصائية «جوجل بلاي» فإن التطبيق تم تحميله حتى الآن 50 ألف مرة، وهو رقم ضئيل للغاية إذا ما قورن بنسب المشاهدات الهائلة التي تحققها المسلسلات عبر يوتيوب في السوق المصرية، إحجام جماهيري قد نفهم أسبابه في ظل المشاكل التقنية وتأخر الإعلان عن التطبيق وارتفاع سعر الاشتراك فيه، إضافة إلى وجود منافسين نجحوا بالتدريج في جذب المشاهد المصري إليهم بمحتوياتهم شديدة التميز، في ملعب لا يمكن لداعمي «المتحدة» أن يمارسوا نفوذهم فيه. لا أتحدث هنا عن العملاق الأمريكي «نيتفليكس» الذي يقدِّم خدماته في 130 دولة حول العالم وحسب، لأنه بات خارج كل منافسة محلية، وإنما عن العملاق القادم من شرق آسيا «Viu» الذي لا يخفي ميوله الاحتكارية أبدًا، لكنه على عكس زميله التعس watch it يدرك أن حتى الاحتكار لا ينجح بمجرد إصدار القرار، وإنما بفن اتخاذه، وبكل ما يمكن فِعله قبلها، حتى يكون وقت نفاذه أمرًا مقضيًا لا يقاومه الجمهور أبدًا، بل يقبلون عليه بشغف ويطلبون من صانعه المزيد. «خاطبوا الناس بلغاتهم» في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 قررت شركة الاتصالات العملاقة PCCW، التي تتموضع في هونج كونج، أن تقتحم عالم الميديا عبر إطلاق تطبيق ترفيهي أسمته Viu، نجح سريعًا في اكتساب زخم جماهيري كبير حتى بات أولى القِبلات المفضلة لأهل جنوب شرق آسيا مع بدايات العام 2016، وذلك عبر سياسة حذقة يمكن تلخيصها في عبارة واحدة «خاطبوا الناس بلغاتهم، وقدِّموا لهم ما يريدون مشاهدته». التطبيق المجاني الذي حُمِّل 10 ملايين مرة منذ لحظة تدشينه وحتى الآن وعد المشاهدين بحزمة من المزايا وأوفى، فهو لا يقتصر على عرض الأفلام والمسلسلات فقط بجودتي HD وSD، وإنما يمتد لتقديم باقة من أهم البرامج التليفزيونية وأحدث الأغاني من مختلف الثقافات، يبلغ حجمها حتى الآن 4500 ساعة، وكلها مزودة بترجمات لكل الدول التي أعلن تفعيل الخدمات في نطاقها، وذلك في مقابل اشتراك شهري قدره 2.49 دولار أمريكي. حقق «فيو» أكثر من 1.5 مليون تحميل في هونج كونج عقب 6 أشهر فقط من إطلاقه، وبعد النجاح السريع للإصدار «الهونج كونجي» الأول اشتُقت منه نماذج أخرى في ماليزيا والهند خرجت للنور في 4 مارس/آذار 2016، وفي الشهرين التاليين من العام نفسه شهدت إندونيسيا والفلبين إطلاق إصدارين خاصين بهما، كلٌّ منهما عني بتقديم محتويات خاصة تلبي تفضيلات محددة لمواطني كل دولة، وهنا ظهر سر الاختلاف والتميز الذي ضمن لأصحابه تدفق استثمارات قيمتها 110 ملايين دولار من كبار المستثمرين لنيل حصة بالمشروع الذي يبشر بما هو أكثر. يُمكن لأي مستخدم للتطبيق من أي دولة متابعة كل الأعمال مترجمة بلغته الخاصة، كما أن لمواطني بعض الدول الآسيوية إدراج ترجمة باللهجات المحلية، فمثلاً يمكن للمواطن السنغافوري أن يتابع الأعمال مُترجمة لأربع لهجات يختار من بينها، وحاليًا اتسعت خدمات فيو لتشمل مواطني 16 دولة أكثر من نصفها عربية، وهي: هونج كونج، ماليزيا، سنغافورة، الهند، إندونيسيا، الفلبين، تايلاند، الإمارات، السعودية، قطر، الكويت، عمان، البحرين، مصر، الأردن، جنوب أفريقيا. أكبر مخزون فني درامي من اللحظات الأولى لانطلاقه، أولَى أصحاب التطبيق عناية مطلقة بالفن الكوري الذي يحتلُّ مكانة كبرى في جنوب شرق آسيا، ويمكن تشبيه تأثيره فيها بأثر الأفلام والمسلسلات المصرية القديمة على البلاد العربية. وخلال الاحتفال بانطلاق فيو في سنغافورة أكدت هذا المعنى «جانسي لي»، مديرة العمليات بالتطبيق، بأنه في كل مكان بآسيا هناك ما يقارب من 50 لـ 80% يتابعون المحتوى الكوري، موضحة أن شركتها تخطط أيضًا لإضافة محتوى صيني وياباني وتايواني، وهو ما حدث بالفعل، فبلغت مساحة المحتويات الآسيوية المحلية الأخرى في التطبيق الآن 30 ألف ساعة. وفي يناير/كانون الثاني 2019، وقع ملاك فيو صفقة تاريخية تمكنوا بموجبها من نيل حق عرض 80% تقريبًا من الأفلام التليفزيونية المملوكة لشركة JTBC الكورية، لتكون هذه أكبر صفقة توقعها الشركة الكورية في آسيا، وعلاوة على ذلك أبرمت فيو صفقات سريعة مع عدد آخر من المحطات الكورية KBS, MBC, SBS وغيرها، وبهذا أصبحوا يمتلكون أكبر مخزون فني درامي في جنوب شرق آسيا، ومن هنا بدءوا في التوسع تدريجيًّا في عرض نماذج متنوعة من الفن الدرامي الآسيوي المجهول نسبيًّا للأقطار البعيدة عن هذه البقعة من العالم، وأصبح بإمكان مشترك من الرقعة البعيدة من الدنيا، كالمشاهد العربي مثلًا، أن يُطالع أعمالًا فنية من هونج كونج وتايلند فقط عبر التطبيق. وفي مارس/آذار من هذا العام 2019، اتجهت الشركة صوب السوق الأفريقي ، والبداية كانت من جنوب أفريقيا بعدما أعلنت الشركة اقتناءها الحقوق الحصرية لعرض عددٍ من الأعمال الدرامية الكبرى للدولة الأفريقية الواعدة في المجال الدرامي، وخلال الإعلان عن هذا التدشين عادت جاسين لي لتؤكد أن فيو شهد العام الماضي (2018) تفاعل 16 مليون شخص مع التطبيق، أصبحوا 30 مليونًا هذا العام، واعدة إياهم بأن أي مكان يذهبون إليه ويفتحون منه التطبيق فإنهم سيستمتعون بـ «محتوى عظيم». منصات الديجيتال وتطور الدراما تجربة التطبيق أخذت في التطور من مجرد الاستحواذ على أكثر الأفلام والبرامج متعة وحشدها معًا في مكان واحد، وامتدت لصنع محتوى خاص به، لا يُعرض إلا حصريًّا عبر فيو، شمل أفلامًا وبرامج ترفيهية، وهو النهج الذي اعتمد على استراتيجية «المحتوى المحلي»، فهو لا يركز على أعمال عالمية الطراز كـ «نتفيلكس»، وإنما يعتمد على إنتاج محتوى فني ملائم لكل منطقة يفرد مظلة خدماته في سمائها، فيستعرض أبرز مشاكلها عبر ممثليها وكتابها ومخرجيها، وهو فقط يكتفي بلعب دور الموجِّه والمنتج والمحتكر للعرض بطبيعة الحال. وكان أول إنتاجه في الوطن العربي هو مسلسل مصري من فئة الـ 15 حلقة «أنا شيري دوت كوم»، والذي عُرض حصريًّا عبر التطبيق وحسب، ويحكي قصة سعي «شيري» لبيع فساتين نجمات السينما القدامى عبر موقع على الإنترنت، ومن المقرر أن يُعرض العمل مجانًا خلال الأسبوعين الأخيرين لرمضان، الذي شهد إنتاج 4 مسلسلات لعرضها خصيصًا خلاله، أشهرها «زودياك»، أول عمل درامي مقتبس من إحدى قصص الراحل أحمد خالد توفيق، وذلك من ضمن 80 إصدارًا يخطط فيو لأن يُجدد مكتبته بها هذا العام. يقول أحمد حسني، منتج مسلسل «أنا شيري دوت كوم» لصالح فيو، إن الإنتاج للتطبيق لم يختلف عن نظيره للفضائيات من حيث الصورة والمحتوى، واعتبر أن المشاهدة عبر الأبلكيشن هي المستقبل، قائلًا: الإنتاج الدجيتال بقى جزء من المنظومة الإعلامية، سواء على المستوى المرئي أو المستوى المقروء. وعن تجربة watch it، أكد لـ «إضاءات» أنها تجربة وليدة يستحيل الحكم عليها من لحظة إطلاقها، وطبيعي أن تشهد إخفاقات في أيامها الأولى، مضيفًا: «لازم نصبر عليها علشان نقدر نشوف كويسة ولا حلوة بمعيار الديجيتال». وحول قُدرة المحتوى المصري منافسة شبكات عالمية حققت نجاحًا في المنطقة العربية، أكد أن وجود هذه المنصات جعل تطوير الدراما المصرية أمرًا لازمًا، لأنه يخاطب جمهورًا يختار ما يريده، ولو لم يعجبه فلن يشترك في التطبيق مجددًا، ضاربًا المثل بمسلسل «شيري» أنه أنتجه بتقنية 4Q وهي أعلى تقنية موجودة في العالم، كي يكون ملائمًا للعرض على فيو. فيما يقول محمد عبية، الذي شارك في كتابة مسلسل «زودياك»، إن تأليف عملٍ لصالح التطبيق لا يختلف كثيرًا إلا في الحرص على تسريع الإيقاع كي يكون ملائمًا لجمهور مثل هذا النوع من الأبكليشن، ومعظمهم من الشباب. وبدوره ثمَّن تجربة تدشين منصة مصرية تختصُّ بعرض المسلسلات، وإن تحفظ على قيمة الاشتراك التي اعتبرها عالية، واعتبر أن هذه الخطوة قادمة ولا شك بالسوق المصري، الذي يفرض على صنَّاعه أن يطوروا من منتجاتهم كي تصلح للمنافسة بهذا المجال. وأكد أنه لم يشترك حتى الآن في أي منصة محتوى مدفوعة، لكنه سيفعل ذلك ولا شك فور أن يوقن أنها ستُقدم له محتوى مميزًا يناسبه بطريقة عرض سهلة، لا تزعجه إعلانات طويلة ولا عناوين خادعة، كما يحدث على يوتيوب أحيانًا. قد يعجبك أيضاً القرصان بربروسا: صورة سينمائية مشوهة لسيرة بطل مسلم طه حسين وتوفيق الحكيم: عندما يلتقي طرفا المقص بين العجيب والواقع؛ لماذا حكت البشرية الأساطير؟ أزمة الرقابة السينمائية.. بزوغ جديد لسينما الدوجما شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram أحمد متاريك Follow Author المقالة السابقة دار العهد ودار الحرب: شكل العلاقات الدولية في الإسلام المقالة التالية رمضان في مصر: بين احتفاء الأحياء الشعبية وعزلة الكمبوندات قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك اختراع الدين الإلهي: جودا أكبر بين السينما والتاريخ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 5 سنوات من الصراع، هل تنجح «نقابة الأطباء» هذه المرة؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أحب كاريوكا وكرِه أم كلثوم: ذائقة إدوارد سعيد الفنية 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فلسفة الرياضيات: جدل الرقص بين الأعداد والأشياء 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «البعث من جديد»: رؤية استراتيجية لعودة الدولة المصرية 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك القرآن هو الهداية العظمى 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نيسابور: مدينة العلم والتاريخ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أمن الدولة: القصة الكاملة وراء استيلاء بن سلمان على الحكم 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ماذا يعني تعديل قانون الجنسية المصرية؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ناصر 67: يعيش جمال، ويسقط نظامه 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.