محتوى مترجم
المصدر

The Jerusalem Post
التاريخ
2016/08/11
الكاتب
مايكل لايتمان

يوم سيء على اليهود

يقول التلمود: «أشياءٌ خمسة حدثت لآبائنا يوم السابع عشر من تموز، وخمسة أشياء حدثت لهم يوم التاسع من آب (يوما بداية ونهاية الأسابيع الثلاثة «Bein Hametzarim»). في يوم السابع عشر من تموز كُسرت الألواح الأولى، أُطفئت النار الأبدية، اختُرق جدار المدينة، أحرق أبوستوموس التوراه، ووضع وثنًا في الهيكل. وفي التاسع من آب، مُنع آبائنا من دخول الأرض، وخُرّب الهيكلان الأول والثاني، سقطت قلعة بيتار، و(في نفس اليوم بعد عام) دُمرت المدينة».

التاريخ المليء بالرعب الخاص بالتاسع من آب لا ينتهي بخراب المعبد. فعلى مر التاريخ، كان هذا اليوم (التاسع من آب) من العام مليءً بالمصائب. فيه طُرد اليهود من إنجلترا عام 1290، ثم الطرد سيء السمعة لليهود عام 1492 من أسبانيا. والأقرب إلى عصرنا، في عام 1942، بدأ النازيون ترحيلًا جماعيًا لثلاثمائة ألف يهودي من جيتو وارسو إلى معسكر إبادة تريبلينكا.

منذ مولد أمتنا، كانت يوم التاسع من آب يومًا سيءً على اليهود.


لماذا هذا اليوم تحديدًا؟

يعكس التقويم العبري أكثر من تاريخنا. فعلى مستوى أعمق، يعكس عملية تحولٍ من أشخاصٍ أنانيين – قلوبهم شريرة منذ حداثتهم، مثلما تروي التوراه (التكوين 8:21) – إلى أمة مسئولة بشكل مشترك ومتصل، والتي يتحد أعضائها «كرجلٍ واحد بقلبٍ واحد». وفي هذه الدورة، يُمثل التاسع من آب نقطة أزمة، حين ندير ظهورنا للاتحاد ونتغاضى عن الأنانية.

بالتأكيد يعد خراب الهيكل الثاني الحدث الأكثر مأسوية الذي وقع يوم التاسع من آب. ومع ذلك، فإنه ليس الكارثة نفسها التي يجب أن نأسف لها، بل هي فقداننا للحب لبعضنا البعض، وهو ما نتجت عنه الكارثة.


بين الحب والكراهية

في دورة تطورنا، نبدأ كأشخاصٍ أنانيين تمامًا. لا نريد شيئًا سوى الجيد لنا، دون أي اهتمام بالآخرين. «عند الباب خطيئة رابضة»، حسبما تخبرنا التوراه، وهكذا نتصرف جميعًا.

ومع ذلك، إن كان غرض حياتنا أن نكتفي بالتربع على قمة الهرم الغذائي، فلن نسعى إلى الخلود، والتفوق، والشهرة، والطموحات الأخرى الإنسانية بشكل فريد. ما كنا لنحتاج إلى اختراع كل شيء ابتكرناه على مر القرون؛ بل كانت الرماح والأسهم لتكفي. يتطلع البشر باستمرار إلى الكمال والأبدية. نريد أن نعرف من خلق العالم، كيف يعمل، ولماذا خُلق. باختصار، تريد البشرية أن تكون مثل خالق العالم – مالكته.

ورغم أن ذلك قد يكون غير صحيحًا بالنسبة لك ولي شخصيًا، فإنه دون تلك الدوافع الأساسية ما كنا لنطور العلوم، والتفكير النقدي، والمسابقات الرياضية، أو لنبحث في جميع الارتباطات التي تتعلق بوجودنا الإنساني، بما يتجاوز بقائنا الجسدي.

يختلف الغرور الإنساني عن نظيره لدى الحيوانات. فهو يمثل القوة المحركة وراء تطورنا. وبينما توازن الطبيعة المصلحة الذاتية للحيوانات، تتطلب موازنة الانهماك البشري بالذات جهودنا الواعية.

كان أبراهام (إبراهيم)، رجل الرحمة، أول من توصّل إلى أسلوبٍ لاحتواء الغرور الإنساني. وطوره هو وذريته وصولًا إلى تشكيل أمة قائمة على الرحمة والاتحاد. لكن عند سفح جبل سيناء «Sina’a» (أي الكراهية بالعبرية)، خضعنا لأنانيتنا وبدلًا من تلقي التوراه، قوة الاتصال، لجأنا إلى وثن الأنانية – العجل الذهبي. وبالتالي، تحطمت الألواح.

ومع ذلك، خرجت أمتنا من تلك الأزمة. تعهدنا أن نكون «كرجلٍ واحد بقلبٍ واحد»، وبالتالي تلقينا التوراه، وكُلفنا بمهمة أن نكون «نورًا للأمم» عبر نشر قوة الاتحاد.

في المعركة بين الحب والكراهية، كان القصد من الأسلوب الذي طوره العبرانيون القدماء قيادة العالم إلى الانتصار النهائي للحب على الكراهية. يقول هذا الأسلوب بكل بساطة أنه إن وازنا بين أنانيتنا وحبنا للآخرين، فإننا نسمح لكل شخصٍ بأن يدرك إمكانياته الكاملة، مع استخدام هذا الإدراك للصالح العام. بهذه الطريقة، «نغطي» أنانياتنا بالحب، أو مثلما يقول الملك سليمان (الأمثال، 10:12): «البغضة تُهيّج خصومات، والمحبة تستر كل الذنوب». وبفعل ذلك، نستفيد من قوة الاتصال التي خلقت العالم، وتحافظ عليه الآن. هذا هو المعنى الداخلي لتلقي التوراه.


المواجهة الأخيرة

في كل عام تحل ذكرى «تيشا بآف» (التاسع من آب)، ونأسف على خراب الهيكل بسبب الكراهية التي لا أساس لها. ومع ذلك، في كل عامٍ نجعل الكراهية المتبادلة أكثر ترسخًا. فما نفع دموعنا؟

ما فائدة البكاء على خراب ماضينا إن كنا في الوقت نفسه نعد تدميرنا لنفس السبب تحديدًا الذي حطمنا من قبل؟ أحقًا لم نتعلم شيئًا من ماضينا؟ كم يلزمنا من الخراب بسبب البغض المتبادل لننتبه في النهاية؟

الإبادة التي تلوح في الأفق للشعب اليهودي سوف تُقزّم أي شيء عشناه مطلقًا، بما في ذلك خراب الهيكل الثاني، بل وحتى الهولوكوست، الذي محا، عرضًا، الأغلبية العظمى من عائلتي.

نحن في المحطة الأخيرة من الرحلة، المواجهة الأخيرة في المعركة بين الحب والكراهية. الكراهية التي تظهر الآن سوف تكون الأشد مطلقًا، وسوف تحوّل غضبها صوب اليهود. لا يمكننا تخفيفها على الإطلاق، لكن يمكننا، ويجب علينا، أن نغطيها بالحب، مثلما فعلنا مسبقًا.

هذه هي دعوتنا كيهود. إنها تحقيق مهمتنا أن نكون «نورًا للأمم». مثلما قلت لمراتٍ عديدة من قبل، على الإنترنت وفي صفحات «نيويورك تايمز»، يجب أن نغطي كراهيتنا بالاهتمام لأمر بعضنا البعض، وبالتالي نضرب للعالم مثالًا على الاتحاد. يمكننا أن نفعل ذلك عن طيب خاطر وسرور، أو سوف نُجبر عليه بواسطة غضب العالم. بطريقة أو بأخرى، سنفعل ذلك.

لذلك ففي هذا التاسع من آب، دعونا نفكر بشكل أكبر بشأن مستقبلنا ودورنا، وبشكل أقل بشأن ماضينا. دعونا نركز على بناء المستقبل، وجعل أطلال الماضي حجر زاوية مستقبلنا السعيد والآمن.