انتقلت الصواريخ التي تجتاح إسرائيل منذ الثلاثاء الماضي إلى الصحافة العبرية التي انفجرت خلال اليومين الماضيين نتيجة الوضع المخيف، الذي وصلت إليه المعركة بعد أن وصلت الأضرار والإصابات إلى داخل العاصمة تل أبيب، وأظهرت حالة الرعب والذعر التي تعيشها دولة الاحتلال بعد أن استهدفت المقاومة الفلسطينية قلب إسرائيل بما يقرب من 150 صاروخًا.

وجَّهت الصحافة الإسرائيلية سهام انتقاداتها إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي منذ أن تولى مقاليد السلطة وهو لا يكفُّ عن الحديث عن سلاح المقاومة الفلسطينية، وبذله العديد من المساعي لتقزيم هذا السلاح والإعلان عن ذلك في كل اجتماعاته ومشاوراته مع قادة العالم، وهو دائم التصريح بذلك للصحافة العبرية.

على مدى خمسة أيام منذ اندلاع الأزمة الأخيرة أيقنت الصحافة الإسرائيلية أن سبب ذعر نتنياهو الكبير من المقاومة هو أن هذه الأحداث ستضعف صورته التي سعى إلى بنائها طوال الفترة الأخيرة؛ ليقنع المواطن الإسرائيلي بأنه الوحيد القادر على حماية أمن إسرائيل، وهو تحديدًا ما ركزت عليه الصحف الإسرائيلية التي تنتمي للتكتل اليساري والليبرالي، خلال تناولها التصاعد الكبير في الأعمال القتالية.

معاريف: «نعيش حالة من الهلع، ونتنياهو هو المسؤول»

«الدولة تحترق»، كان هذا العنوان الرئيسي لصحيفة معاريف الأربعاء الماضي، والتي وصفت الصواريخ الفلسطينية المتساقطة على إسرائيل بأنها جحيم أول مرة تشهده تل أبيب منذ أعوام طويلة، وقد جعلت الإسرائيليين يعيشون أوقاتًا من الرعب والفزع، وعلى الرغم من أن القبة الحديدية حجبت معظمها لكن حالة الهلع الكبيرة التي شهدها الشارع الإسرائيلي كانت غير مسبوقة.

وفي يوم أمس الخميس، عبَّرت الصحيفة عن قلقها الشديد جراء تلك الهجمات برغم تصريحات نتنياهو حول نيته توسيع العملية العسكرية على أهداف فلسطينيةٍ، إلا أن معاريف اعتبرت أن إسرائيل لم تعد تمثل نفس قوتها العسكرية والسياسية مثل السابق، خاصة في ظل حالة التخبط التي أصابت الحكومة منذ بداية قصف الصواريخ من قطاع غزة تجاه مناطق يقطنها سكان داخل العاصمة وفي المناطق المجاورة، مثل ريشون ليتسون التي تُعتبر من أكثر المُدن الإسرائيلية تضررًا، بعدما قُتلت فيها امرأة جراء تعرضها لصواريخ حماس.

كما أكدت الصحيفة أن حركة حماس الذراع الكبرى للمقاومة أصبحت تمتلك أسلحة تمكنها من الردع والرد على أي تجاوز إسرائيلي، متوقعة أن تكون الردود الفلسطينية أكثر عنفًا وشراسة من الأوقات السابقة، فصحيح أن الجيش الإسرائيلي وسَّع عملياته العسكرية لتشمل أهدافًا مهمة داخل قطاع غزة، خاصة في حي الرمال، لكن على المستوى المقابل صواريخ المقاومة الفلسطينية اجتاحت العاصمة.

ولهذا اعتبرت معاريف أن إسرائيل تعيش أيامًا قاسية شديدة التعقيد، معتبرة أن الفصائل الفلسطينية بعدما رأت حجم إنجازاتها على أرض الواقع، ونجاحها في التسبب في هذا الكم من الأضرار والرعب لإسرائيل، لن توافق بسهولة على فكرة وقف للإطلاق النار مثل الحالات السابقة.

وشنَّت الصحيفة، أمس أيضًا، حملة قوية ضد الحكومة الإسرائيلية وحمَّلتها التقصير الكبير فيما وصل له الحال داخل تل أبيب، وحالة الهلع التي يشعر بها المواطنون، مؤكدة أن هذه أول مرة يشعر فيها الرأي العام العبري بوجود عشوائية وتخبط في إدارة الأزمات العسكرية، بالرغم من أنه من المفترض أن جهاز الأمن العام «شاباك»، يمتلك كل التفاصيل التي يحتاجها الجيش للتعامل بشكل أفضل مع التصاعد المستمر.

وحمَّلت معاريف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دون غيره، نتائج ما وصل إليه الوضع الحالي، لأسباب جعلته غير قادر على التعامل مع الوضع الحالي، منها حالة عدم الاستقرار التي يمرُّ بها بسبب قضايا الفساد المتهم فيها والتي تُلاحقه منذ مدة، والاضطراب السياسي الذي تعاني منه الحكومة منذ عامين، وإجراء أربعة انتخابات، ما أدى إلى عدم القُدرة على تشكيل حكومة ائتلافية قوية تستطيع قيادة الأمور بنجاح.

يديعوت أحرونوت: «الجيش عاجز أمام المقاومة»

صحيفة يديعوت أحرونوت

تحت عنوان «انتصار الآخر» اعترفت صحيفة يديعوت أحرونوت، أول من أمس الأربعاء، بقدرات المقاومة العسكرية التي اخترقت قلب إسرائيل بقوة وقسوة، وجعلت الإسرائيليين يشعرون بالفزع والهلع منذ وقت طويل، خاصة أن الصواريخ كانت شديدة الدقة والتوجيه، وهو أمر يراه الإسرائيليون للمرة الأولى.

واعتبرت يديعوت أحرونوت أن القيادة الإسرائيلية تعاملت بتهاون واستخفاف مع قدرات العدو، ولم يتوقعوا أن تصل قوة الردع لهذا الشكل الدامي والمتتالي منذ يوم الاثنين الماضي، وعبرت الصحيفة عن القلق الشديد نتيجة الإحساس بالرعب الذي يسيطر على المواطنين وشعورهم بعجز الجيش أمام قدرات المقاومة.

وقالت الصحيفة، أمس الخميس، إن أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية بحاجة إلى إعادة هيكلة؛ لأنه يبدو أن كل المعلومات التي يصرح بها قادة تلك الأجهزة بأن المقاومة الفلسطينية لا تمتلك أي إمكانيات أو صواريخ قادرة على تدمير تل أبيب كانت معلومات خاطئة، وآخرها وأخطرها التصريح الذي أعلنه رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية أفيف كوخافي، يوم الأحد الماضي، الذي قال فيه إن المقاومة ستهدد تل أبيب «لكن من بعيد»، ولن يكون لديها الجرأة أو الإمكانيات على التصعيد.

وأضافت أن هناك حالة من الجهل لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالتقدم المريع في أساليب ومعدات القتال وأسلحة الردع التي بات الفلسطينيون يمتلكونها، بالإضافة إلى التقصير المعلوماتي حول الوضع السياسي الداخلي في حركة حماس حول التحالفات والتوازنات التي تمت بين يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس ومحمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام.

وتحت عنوان «التعادل غير مقبول» قالت صحيفة يديعوت أحرونوت أيضًا إن تلك الحرب يجب أن تنتهي بانتصار إسرائيلي حاسم والوصول إلى أقصى النقاط المركزية للمقاومة داخل قطاع غزة؛ لأن أي نتيجة أخرى غير الانتصار سيستغلها العدو لصالحه، مؤكدة أن الوصول إلى حل وسط بوقف إطلاق النار والمواجهات الحالية أو عدم توسيع العملية العسكرية أكثر سيؤدي إلى الهزيمة في المواجهة المقبلة، فإسرائيل الآن تمر بأوقات حرجة وعصيبة بعدما اجتاحت صواريخ المقاومة العاصمة وتسببت في أضرار بالغة الخطورة في الجنوب.

هآرتس: «أصعب مواجهة في تاريخ إسرائيل»

أما صحيفة «هآرتس» فقد جاء عوانها، أمس الخميس، «إسرائيل في أصعب مواجهة في التاريخ»، فمنذ ثلاثة أيام والصواريخ تنهال على العاصمة ودوي الانفجارات لا يتوقف وصفارات الإنذار ظلت تدق باستمرار، وهناك قتلى وجرحى في معركة هي الأصعب والأقوى وحتى الآن غير معروف نتائجها وما العواقب المادية والضحايا البشرية التي ستتعرض لها إسرائيل.

وتحكي: عاشت إسرائيل ثلاثة أيام هي الأصعب، وهرع السكان للاختباء في الأدوار الأرضية للاحتماء والاختباء، فقد كان وصول الصواريخ إلى العاصمة مرعبًا ومخيفًا، وإشارة سلبية تجاه مستقبل محفوف بالمخاطر على الشعب اليهودي، فلم تكن التوقعات تشير إلى أن الصواريخ الفلسطينية ستصل إلى هذا المدى، وأن تكون بهذه الدقة، بعدما تمكنت من تدمير بعض أجزاء من مطار رامون، الذي يبتعد 222 كم عن قطاع غرة، وهو ما تناقَض مع جميع التصريحات التي خرجت من الجيش وأجهزة الاستخبارات بأن أقصى مدى يمكن أن تصل له صواريخ المقاومة هو 160 كليومترًا.

واعتبرت الصحفية أن إسرائيل في هذه المعركة غير المتوقعة وصلت لنقطة لا عودة، فالتسليم والاعتراف بالفشل سيكون له ردود أفعال سلبية في المستقبل، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع العدو الفلسطيني الذي أظهر للمرة الأولى قوة موازية لإسرائيل.

وفي عنوان آخر لنفس الصحيفة أول من أمس الأربعاء «قرارات خاطئة تسببت في  انفجار كبير»، حملت الحكومة والجيش مسؤولية ما حدث بسبب الخطوات التصعيدية غير المبررة تجاه الفلسطينيين منذ شهر رمضان، من خلال وضع الحواجز الأمنية في باب العامود وتضييق الخناق على المصلين داخل المسجد الأقصى، ثم الإصرار على ترحيل سكان حي الشيخ جراح باستخدام القوة المفرطة من قبل قيادات وأفراد الشرطة، في الوقت الذي لم تتوقع فيه السلطة الإسرائيلية هذا الرد القوي والقاسي من جانب المقاومة الفلسطينية الذي أفقد إسرائيل توازنها تمامًا.

يسرائيل هايوم: «خيار التطبيع مع العرب فشل»

صحيفة هآرتس

أكدت صحيفة «يسرائيل هايوم»، أمس الخميس، أن هذه المعركة تعد الأقوى والأعنف منذ عملية الجرف الصامد على قطاع غزة عام 2014م، فقد تدهور الأمر وفُقدت السيطرة تمامًا داخل إسرائيل، مساء الثلاثاء الماضي، والنتائج التي وصلت لها تلك المعركة ستؤثر سلبيًّا على مكانة إسرائيل في المنطقة إقليميًّا، والترويج المستمر لنفسها بأنها أهم قوة عسكرية في المنطقة.

وهي الصورة التي ستهتز ولا شك، بعد أن أجبرت المقاومة ملايين من الإسرائيليين على الاختباء في الملاجئ التي أنشأتها الحكومة لحمايتهم، علاوة على القرارات الأخيرة التي تثبت ارتعاش الأيدي العبرية، من ضمنها إعلان حالات الطوارئ في بعض المدن وتعليق حركة الطيران وإغلاق مطار بن جوريون، وفي الوقت نفسه حققت المقاومة مكاسب مادية ومعنوية ودولية جديدة.

أمام برج “خليفة”، رجل يقرأ صحيفة تعلن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات

وتبنت الصحيفة وجهة نظر مغايرة عن نظائرها خلال تلك الأزمة، وأشارت إلى أن المعركة الحالية أكبر دليل على أن إسرائيل خاسرة في رهان التطبيع مع الدول العربية، فالعرب جميعًا يتسابقون لتقديم المساعدات المادية والمعنوية للفلسطينيين، وهناك حالة التفاف في الشارع العربي حول الأزمة، وهو عكس ما حاول نتنياهو نقله للمواطن الإسرائيلي طيلة الأشهر الماضية حول الاتفاقيات والصداقات التي دشنها مع بعض من الدول العربية، والتي اعتبر بموجبها أن العرب أصبحوا غير مهتمين بالقضية الفلسطينية، وهو ما ثبت عكسه فور اندلاع الاشتباكات.