يقول الكاتب الروسي إسحق عظيموف «أؤمن بشكل قاطع بأن التعلم الذاتي هو نوع التعلم الوحيد الموجود» ونحن قد نختلف مع هذه المقولة في مضمونها بأن التعلم الذاتي هو النوع الوحيد، لكننا لن نختلف بالتأكيد على أهمية التعلم الذاتي في حياتنا في الوقت الحالي، بل قد يعتبره البعض فعليًا أفضل وسيلة للتعلم موجودة في واقعنا، فمع وجود العديد من المنصات التعليمية، أصبحت مسألة التعلم متاحة للجميع، فقط كل المطلوب منك أن تبدأ في عملية التعلم.


ما هي فوائد التعلم الذاتي؟ وما هي مشاكله؟

للتعلم الذاتي العديد من الفوائد في حياة الإنسان، نختص بالذكر بعض هذه الفوائد كالتالي: توفير الأموال اللازمة لإحضار معلم، إتمام عملية التعلم في الوقت الذي تحبه وتختاره أنت، وجود مصادر متنوعة ومختلفة يمكنك أن تختار منها ما يناسبك أنت وتبدأ منه التعلم، الاعتماد على الذات في عملية التعلم.



لن نختلف بالتأكيد على أهمية التعلم الذاتي في حياتنا في الوقت الحالي، بل قد يعتبره البعض فعليًا أفضل وسيلة للتعلم موجودة في واقعنا

وتتعدد الفوائد التي يحصل عليها الإنسان في عملية التعلم الذاتي، لكن برغم ذلك فإن وجود العديد من المصادر والمنصات قد يؤثر بالسلب على الراغب في عملية التعلم، فقد يجد الشخص نفسه حائرًا في وسط كل هذه الأشياء، يعجز عن تحديد أي شيء يرغب في تعلمه بالتحديد، وأي منصة عليه أن يقصدها لتحقيق غرضه، كما أن تحقيق التعلم الذاتي يتطلب من الإنسان شغفًا كبيرًا ورغبة حقيقية في التعلم، وكم من دوراتٍ بدأ فيها البعض لكنه لم يكملها بسبب عدم تحمله قضاء الوقت في التعلم عبر شبكة الإنترنت، أو لأنه اكتشف بأنه أخطأ في اختيار المصدر الصحيح للتعلم.

لذلك نذكر في هذا المقال خطوات يمكن للإنسان الالتزام بها من أجل إتمام عملية التعلم الذاتي بشكل صحيح.


التحضير لعملية التعلم جيدًا:

الخطوة الأولى: ما الذي أرغب في تعلمه بالتحديد؟

على الرغم من كون هذه الخطوة بديهية، لكن على الشخص أن يحدد لنفسه بشكل واضح ما الذي يرغب في تعلمه بالضبط، فمثلًا قد تقول «أنا أرغب في تعلم التسويق» لكن هذه الرغبة عامة جدًا وتشتمل على العديد من النقاط، وعليك أن تكون أكثر تحديدًا في رغبتك، فيمكنك إيجاد المصدر الذي يحقق لك ما ترغب بدلًا من أن تخوض رحلة مع التعلم ثم تكتشف في النهاية أنه ليس هذا ما كنت تبحث عنه.

الخطوة الثانية: اختيار المصدر المناسب.

مع وجود العديد من المنصات التي تساعد الإنسان على إتمام عملية التعلم، عليك أن تختار لنفسك المصدر الذي يناسبك، فهناك من يفضل مثلًا اختيار مصدر مقروء يعتمد عليه في التعلم، وهناك من يرحب بالمصادر المرئية أكثر، وبالتالي على كل شخص أن يختار المصدر الذي يناسبه.



تحقيق التعلم الذاتي يتطلب من الإنسان شغفًا كبيرًا ورغبة حقيقية في التعلم، وكم من دوراتٍ بدأ فيها البعض لكنه لم يكملها

كذلك فإن عملية اختيار المصدر المناسب تكون من أجل إرضاء رغبتك في التعلم، فمثلًا لو كنت ترغب في دراسة كيفية عمل المقابلات الشخصية التابعة لعلم الموارد البشرية، بناءً على إجابة السؤال المطروح في الخطوة الأولى، فاختيارك مصدرًا يوفر دورة كاملة عن الموارد البشرية قد لا يكون ذا نفع، بل عليك أن تبحث عن المصدر الذي يكون مختصًا أكثر بما تريد.

ومن المهم في العديد من الأوقات أن تختار لنفسك أكثر من مصدر في أثناء عملية التعلم، بحيث لا تكون معلوماتك كلها معتمدة على وسيلة واحدة فيتاح لك مراجعة المعلومات التي تأخذها من كل مصدر وتتأكد من صحتها.

الخطوة الثالثة: تحديد مدى المعرفة عن الموضوع.

قبل أن تبدأ، حاول أن تحدد لنفسك مستوى المعرفة الذي تملكه حول الموضوع الذي ترغب في تعلمه، بحيث يمكنك بسهولة التعامل مع المصادر التي تجدها، وتختار منها ما يلائم معرفتك ومدى رغبتك في التعلم.

كل هذه الخطوات يجب عليك إتمامها قبل البداية، وعندما تنتهي من تحديد رغبتك بالضبط، وكذلك تختار المصدر الذي يناسبك ويناسب معرفتك عن الموضوع، يمكنك أن تنتقل إلى المرحلة التالية.


إتمام عملية التعلم

الخطوة الرابعة: البدء في عملية التعلم.

عندما تنهي التحضير لعملية التعلم بالشكل الجيد، لا يعود أمامك سوى البدء في عملية التعلم، وهذه الخطوة الأولى يجب أن تبدأها متحليًا بالشغف الكافي لإتمام عملية التعلم، فكما أوضحنا في مشاكل عملية التعلم الذاتي أن العديد من الأشخاص يبدأ في تعلم شيء ما، ثم لا يكمله بسبب عدم وجود الشغف الكافي لديه، ولذلك فإن أفضل شيء هو أن تجعل شغفك يحركك ولا تؤجل البداية للغد لو أنه يمكنك البدء الآن.

الخطوة الخامسة: تحديد الوقت المناسب للتعلم.

أفضل خطط التعلم قد تفشل بسبب عدم توافر الوقت المناسب لإتمامها، وهو خطأ قد يقع فيه العديد من الناس بسبب مشاغلهم اليومية، لذلك إن كنت تريد تعلم شيء عليك أن تمنحه الوقت الكافي حتى لو كان ذلك يتطلب مجهودًا يوميًا منك، فبدون الوقت المناسب لن تحصل على المعرفة التي تريدها، ولذلك فإن الوقت دائمًا ما يرتبط بإجابة سؤالك عن الشيء الذي ترغب في تعلمه، فإن كنت تدرك من البداية أن الوقت المتاح لك قليل، لا تسعَ إلى تعلم العديد من الأشياء، فلا تتمكن من تحقيق ما تريد، دائمًا حدد الوقت المناسب لإشباع الرغبة المطلوبة.

الخطوة السادسة: تنظيم عملية التعلم.

أيضًا من الأمور الهامة بالنسبة لك أن تكون عملية التعلم منظمة، بالشكل الذي يسمح بتحقيق الناتج الذي تريده، ولتنظيم عملية التعلم يمكنك الالتزام بالنقاط التالية:

1- التقسيم: قسم المحتوى الذي تريد تعلمه إلى مجموعة من الجلسات، وحاول قدر الإمكان أن تربط هذا التقسيم بمواعيد ثابتة تلتزم بها.

2- التقييم: في نهاية كل جلسة أسأل نفسك، ما الذي تعلمته اليوم؟ ما هي الأشياء التي قمت بإنجازها حتى الآن؟ ما هي المشاكل التي تواجهني في عملية التعلم؟ هل أحقق الاستفادة المطلوبة؟ وقبل أن تنتقل إلى الجلسة التالية قم بإتمام التقييم حتى يمكنك المتابعة والاستمرار، فإن وجدت أي مشكلة قم بحلها قبل الانتقال إلى التالي.

3- التدوين: تسجيل ما تعلمته يثبّت لك المعلومة بشكل كبير، فهو يتيح لك فهمها أكثر خصوصًا عندما تبدأ التدوين بطريقتك الخاصة لما تتعلمه، كما أنه يتيح لك مراجعة المعلومات في الوقت الذي تريده، كذلك البحث وراء المعلومات للتأكد من صحتها قبل العمل بها.

4- الممارسة: التجربة هي المعلم الأقوى للإنسان في العديد من الأحيان، فالبعض يعتبر أن المعرفة موجودة في أي مكان، لكن الأهم هو المقدرة على التطبيق، وبالتالي فإن ممارستك لما تتعلمه يؤكد لك أن عملية التعلم تسير في الطريق الصحيح، وأنك تحقق استفادة فعلية، أما إذا لم يكن الأمر كذلك فتبدأ في معالجة المشكلة قبل أن تستمر في التعلم.


بعض المنصات العربية المجانية للتعلم المفتوح:



من الأمور الهامة بالنسبة لك أن تكون عملية التعلم منظمة، بالشكل الذي يسمح بتحقيق الناتج الذي تريده

بعد أن أدركت الخطوات اللازمة لإتمام عملية التعلم الذاتي، كل ما عليك هو أن تبدأ في تحديد الموضوع الذي ترغب في تعلمه، ثم تختار المصدر المناسب لذلك، وإليك بعض المنصات العربية التي تهتم بالتعليم المفتوح، والمتاحة في أي وقت تريده:

1- موقع رواق:

https://www.rwaq.org/

2- موقع إدراك:

https://www.edraak.org/

تتميز هذه المواقع بأنها تقدم المحتويات العربية بصورة احترافية، كما أنها تعتمد على طريقة المحاضرات الأسبوعية والتي تسهل عليك متابعة التعلم بشكل أسبوعي، كذلك يوفر بعضها اختبارات مع كل محاضرة لمراجعة ما تتعلمه بشكل دوري دون الانتظار حتى نهاية الدورة التدريبية، وتتميز هذه المواقع بأنها توفر محاضرين متميزين وعلى دراية شاملة بالموضوع الذي يقوم كل محاضر بتقديمه للملتحقين، وتتيح لك أن تطرح أسئلة عليهم وتناقشهم في المحتوى أو في أي شيء يتعلق بالموضوع، وكذلك توفر في أغلب الدورات شهادات للملتحقين بها، كل هذا بشكل مجاني تمامًا.

ها قد توفرت لك كل السبل لإتمام عملية التعلم الذاتي، لم يعد مطلوبًا منك سوى القرار في أن تبدأ في التعلم، كل شيء يعتمد عليك وعلى رغبتك أنت، لذا كن شغوفًا وآمن بأهمية التعلم وتأثيره عليك، وكيف يمكن أن يجعل حياتك أفضل، ولا تضيع الفرصة، وأبدأ من الآن.