شهد العام 2015 عرض الفيلم الأمريكي The Revenant من بطولة ليوناردو ديكابريو، توم هاردي، ودومنال جليسون، حيث يستند الفيلم على روايةٍ تحمل نفس الاسم للمؤلف مايكل بانك.

يثير موقع History vs Hollywood عدة أسئلة حول مدى التقارب بين القصة التي عرضها الفيلم، والحياة الحقيقية للبطل الذي يجسده ديكابريو، هيو جلاس. ويذكر الموقع في ذات السياق تعليق المؤرخ جون تي كولمان: “طاف صناع الفيلم دون تقيّدٍ بالحقائق، ما عكس بشكلٍ ما الروح الكامنة في قصة هيو جلاس. لقد أعيد سرد القصة على نحوٍ شديد الإبداع لإنتاج قصة الرجل الذي مات ثم عاد إلى الحياة”.


هل كان هيو جلاس الحقيقي صائد فراء؟

مشهد من الفيلم

مشهد من الفيلم

نعم. تؤكد القصة الحقيقية أن تلك المعلومة تعتبر واحدة من الحقائق القليلة المؤكدة عن هيو جلاس الحقيقيّ. لقد كان مقيمًا على الحدود وصائد فراء. وخلال عام 1823، اشترك في حملةٍ مدعومةٍ من الجنرال

ويليم هنري آشلي

والضابط

أندرو هنري،

اللذيْن أسّسا معًا شركة (روكي ماونتن فار) عام 1822، (يجسد الممثل دومنال جليسون شخصية هنري في الفيلم)، حيث علق آشلي إعلانًا في جريدة

ميسوري

ولوحة إعلاناتها العامة باحثًا عن (مُغامرٍ شاب)، فكان في تلك الحملة أن تعرض هيو جلاس لهجوم دبٍّ رماديّ، وهو الحدث الذي حوّل قصة جلاس إلى أسطورةٍ بارزة؛ إلا أنه يصعب فصل الحقيقي عن الزائف بالنسبة لتلك الأسطورة، فمن المؤكد أنها قد نُمقت مع كل محاولةٍ جديدةٍ للسرد.

هل أمر هيو جلاس الصيادين بالفعل بمغادرة قواربهم والتوجه إلى الجبال بعد خوض معركة أريكارا؟

لا. بعد قتال قبيلة أريكارا، أمر داعموا الحملة، ويليم آشلي وأندرو هينري وليس جلاس، صائدي الفراء بمغادرة قواربهم والتوجه سيرًا على الأقدام أو على أحصنتهم إلى الجبال.


هل كان لهيو جلاس بالفعل زوجة من السكان الأصليين؟

لا يُعرف الكثير عن الحياة الحقيقية لجلاس قبل هجوم الدب عام 1823، فأغلب المعلومات المتوفرة تستند على التخمينات؛ بما في ذلك زواجه من امرأةٍ من الهنود الحمر، والتي من المفترض أنه قد وقع في حبها بعد أسره من قِبل هنود

باوني

والعيش معهم لسنوات. ومثلما نمت أسطورته، نمت أيضًا القصص عن حياته السابقة، التي تضمنت أيضًا اختطافه من قبل القرصان الفرنسي الأمريكي

جان لافيت

، وهو مصير هرب منه، وفق المزاعم، بعد عامين عبر القفز من السفينة والسباحة إلى شاطئٍ قريب من ميناء

جالفيتون

الحالي بولاية تكساس. نعلم بالفعل أن جلاس كان مغامرًا متمرّسًا وصيادًا ماهرًا؛ ولكن السؤال حول كيفية وموقع اكتسابه لتلك المواهب يظل مطروحًا للتخمينات.


هل تعرض هيو جلاس الحقيقي لهجوم دب؟

نعم. رغم غياب أي روايات لمن شهدوا تلك الحادثة؛ إلا أن القصة الحقيقية تكشف أن الحادثة قد جرت في صيف 1823، بعد خمسة أشهر من انضمام جلاس إلى حملة

ساوث داكوتا

لصيد الفراء، الممولة بواسطة الضابط أندرو هنري وويليم هنري آشلي. حدث الهجوم في مكانٍ ما على ضفاف نهر ميسوري، حيث واجه جلاس على نحوٍ غير متوقع دبة واثنين من أطفالها، فمزقت الدبة الأم فروة رأس جلاس، ثقبت حلقه، كسرت ساقه، وتركته يأنّ لجروحه البليغة. وعلى إثر ذلك سمع زملاؤه الصيادون صرخاته وسارعوا لنجدته، حيث استلزم الأمر أكثر من طلقة لإسقاط الدبة.


هل خلّف جلاس وراءه رواية موثقة لهجوم الدب؟

مشهد الدب الشهير

مشهد الدب الشهير

لا، أو لم تُكتشف تلك الرواية أبدًا. نعلم بالفعل أن جلاس كان متعلمًا بسبب رسالة باقية كان قد كتبها إلى والدَيْ زميله الصياد،

جون جاردنر

، الذي قُتل خلال مواجهةٍ عنيفة عام 1823 مع قبيلة

أريكارا

المعادية. كما توثق رسائل بعض رؤسائه كونه موظفًا يصعب كبح جماحه؛ إلا أنه لم يترك الكثير ليوثق حياته بشكل دقيق، ولم تُكتشف أي رواياتٍ لشهود عيان رأوْا ذلك الهجوم.

ظهرت الرواية الأولى عن الهجوم عام 1825 في مجلة (فيلاديلفيا) الأدبية؛ حيث كتبها محامٍ محليّ باحثٍ عن النجاح الأدبي، ثم انتشرت القصة في أنحاء الولايات المتحدة بصحف ومجلات أخرى، لتصبح – سريعًا – قصةً أسطوريةً بارزة. أصبحت قصة جلاس موضوعًا لقصيدة بعنوان (أغنية هيو جلاس) للشاعر جون نياردت يعود تاريخها إلى عام 1915، بالإضافة إلى صدور العديد من الكتب التي تتناول القصة. كما جسد الممثل الأيرلندي ريتشارد هاريس شخصية جلاس في الفيلم المثير للاضطراب Man in the Wilderness 1970، الذي شارك في بطولته جون هيوستن أيضًا.


سمعت أن شخصية ليوناردو ديكابريو في الفيلم قد تعرضت للاغتصاب بواسطة دب، هل ذلك حقيقي؟

أنكرت شركة (فوكس)، المنتجة للفيلم، بقوة احتواء الفيلم لأي مشاهد اغتصابٍ حية بمشاركة شخصية ديكابريو ودب. جديرٌ بالذكر أن ذلك الخبر المثير للجدل قد ظهر لأول مرة في تقرير بعنوان (اغتصاب ديكابريو في فيلمٍ من إنتاج فوكس)، على موقع درادج ريبورت، قبل أسابيع من إصدار الفيلم؛ إلا أنه يبدو أن الخبر كان يحمل بعض التهويل. ويرجع مصدر تلك الشائعة إلى مقالٍ على موقع شوبيز 411، ورد في متنه: “يقلب الدب جلاس على بطنه ويبدأ في التحرش به، كان في الحقيقة يتصرف كأنه يضاجعه ولكن دون تلامسٍ فعليّ، بينما يكاد أن يلتهمه”؛ ولكن ذلك لا يبدو منطقيًا في ضوء أن الدب في الواقع كان أنثى وليس ذكرًا.


هل ترك أعضاء فريق الصيد جلاس بالفعل ليلقى حتفه؟

نعم، حيث اعتقدوا أن جلاس قد تلقى جروحًا مميتة خلال صراعه مع الدب، فأبقى قادة الحملة رجلين وراءهم في انتظار موت جلاس، بهدف دفن جلاس على الطريقة المسيحية. هذان الرجلان هما جون فيتزجيرالد و جيم بريدجر الأصغر، اللذيْن تجسدا في الفيلم بواسطة توم هاردي و ويل بوليتر، حيث بقيا مع جلاس لعدة أيام، (عدد الأيام الحقيقي غير مؤكد). وتورد القصة الحقيقية أنه بعدما وجدا رفض جسده للموت، وضعاه في قبرٍ ضحل وأخذا أسلحته وانطلقا ليلحقا بالحملة.


هل جرت الأحداث الحقيقية في الشتاء؟

لا، على الأقل ليس كلها. ورغم أن أحداث الفيلم تدور جميعها في الشتاء؛ إلا أن هجوم الدب تحديدًا قد حدث في الصيف.


هل استُخدمت المؤثرات الرقمية في الفيلم أم صُوّرت المشاهد في مواقع قاسية بالفعل؟

مشهد من الفيلم

مشهد من الفيلم

أوضح المخرج أليخاندرو جي إيناريتو منذ البداية أن المؤثرات الرقمية لن تستخدم في صناعة الفيلم، في إشارةٍ إلى توجهه للمواقع البعيدة. كما أصر على التصوير مستخدمًا ضوء النهار. حيث صرح المخرج لموقع (هوليوود ريبورتر): “إن صورنا الفيلم مستخدمين شاشة خضراء مع ارتشافنا للقهوة واستمتاع الجميع بوقتهم، سيكون الجميع سعداء، ولكن على الأرجح سيكون الفيلم سيئًا”. نتيجة لذلك، ترك بعض أعضاء الطاقم عملهم في الفيلم؛ إذ عجزوا عن تحمل البيئات القاسية التي تجري بها أحداث الفيلم، بما في ذلك درجات الحرارة التي بلغ انخفاضها سالب 25 درجة سلزيوسية. وصُوّرت مشاهد الفيلم في كولومبيا البريطانية، ألبرتا، مونتانا، وجنوبي الأرجنتين.


هل قتلوا ابن جلاس بالفعل؟

لا. فقد أورد الفيلم أن مقتل ابن جلاس، مختلط العرق، على يد جون فيتزجيرالد (توم هاردي)، قد دفع جلاس إلى بدء رحلته سعيًا وراء الانتقام. إلا أن ذلك الجزء من الفيلم يعتبر خيالًا خالصًا، في ظل غياب الدليل على أن جلاس كان له ابن من الأساس، ناهيك عن ابنٍ يقتل أمام عينيه.


هل نام جلاس داخل جثث الحيوانات؟

قبل إصدار الفيلم، تصدر ديكابريو عناوين الصحف عندما صرح بأنه قد نام داخل جثة حيوان وأكل كبد ثور نيئ لمساعدته في تجسيد الشخصية. ويعتبر النوم داخل جثث الحيوانات أسلوبًا شائعًا إلى حدٍّ ما للصمود في البرية، (نام المغامر بير جريلس داخل جثة غزالة وزحف داخل جثة جمل في برنامجه Man vs. Wild). سواء أفعل جلاس الحقيقي ذلك أم لا يظل غير معروف؛ ولكن ذلك يضيف بالتأكيد إلى رصيد الأسطورة، (تذكر معظم روايات القصة أن جلاس قد أكل جثث حيوانات، وهو ما يبدو حدوثه أكثر ترجيحًا).

ظهر المزيد من التفاصيل الشائنة المحيطة بأساليب صمود جلاس في رحلته ضمن الروايات العديدة لقصته، حيث تضمنت لعق دبٍّ رماديّ للديدان التي نمت داخل جروح جلاس، وقتل جلاس، وأكله لأفعى جلجلة. تبدو التفصيلة الأخيرة محتملة بالتأكيد؛ ولكن هناك بعض الشك بشأن الأولى، التي تبدو كنتيجةٍ لإعادة سرد القصة مرات كثيرة.


ما مقدار المسافة التي زحفها جلاس بعد تركه ليموت؟

مثلما نمت الأسطورية المحيطة بجلاس، زادت أيضًا المسافة التي زحفها خلال ستة أسابيع؛ حيث قفزت من 80 ميلًا إلى 100 ميل إلى 200 ميل، إلا أن أغلب سرديات قصته تورد المسافة الأخيرة؛ بالتأكيد لأنها تجعل القصة أكثر إثارة.


هل نفّذ جلاس الحقيقي ثأره؟

لا. فقد علمنا من البحث بشأن القصة الحقيقية أن جلاس قد لحق بـ جون فيتزجيرالد وجيم بريدجر، وهما الرجلان اللذان تخليا عنه؛ ولكنه سامحهما بدلًا من الثأر منهما على نحوٍ عنيف. تجدر الإشارة مجددًا إلى أن هؤلاء الرجال لم يقتلوا أبدًا ابن جلاس، ما يجعل تسامحه أكثر منطقيةً.


ماذا يعني اسم الفيلم؟

في أبسط تفسير، يقصد بكلمة revenant الروح الميتة التي تعود إلى الحياة لترعب الأحياء. أما في سياق الفيلم، فإن جلاس (ديكابريو) ينجو من هجوم الدب، ويزحف من القبر الضحل الذي ترك فيه، فيعود بشكل رمزي إلى حياة ليرعب من خانوه، حيث يقول البطل في الفيلم: “لست خائفًا من أن أموت، لقد فعلتها مسبقًا”.


كيف سرت حياة هيو في السنوات التي أعقبت هجوم الدب؟

مشهد من الفيلم

لا يعرف الكثير عن السنوات اللاحقة في حياة هيو جلاس؛ ولكننا نعلم أنه عمل صيادًا عند مصب نهر يولوستون، لحساب شركة (فورت يونيون).


هل قُتل جلاس بالفعل على يد الهنود الحمر؟

نعم. وفق تقرير لـ يلووكي جورنال، شارك زائرٌ لـ(فورت يونيون) روايةً مشابهة عن موت هيو جلاس، حيث قال: “ذهب جلاس العجوز مع مرافقين إلى فورت كاس لصيد دب عند نهر يولوستون، وبينما كانوا يعبرون النهر على الثلوج، تعرض ثلاثتهم لإطلاق النار والسلخ على يد مجموعة مقاتلة مكونة من 30 أريكاراي


المراجع




  1. History VS Hollywood: THE REVENANT (2015)