على الرغم من الصعوبة الشديدة التي تكتنف محاولات تقديم أي تصور مستقبلي عن شكل منطقة الشرق الأوسط بعد عدة سنوات؛ بل حقيقة بعد عدة أيام أو حتى أسابيع، نتيجة التسارع الشديد في سير الأحداث؛ نحاول أن نقوم بمحاولة متواضعة لاستشراف تأثر دول الخليج بهذه الأحداث على المدى القصير.

سنحاول أيضًا خلال السطور التالية تسليط الضوء على مستقبل مجلس التعاون ذاته، ومستقبل دول الخليج في ظل وجود خطر «داعش»، بالإضافة إلى مستقبل العلاقات الخليجية مع إيران، والولايات المتحدة بعد توقيع الاتفاق النووي في يوليو/ تموز الماضي.


الجسد الخليجي

قرب تفكك مجلس التعاون الخليجي بعد الصدام والصراع بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى فيما يتعلق بالموقف من ظاهرة الربيع العربي

ظهرت التقارير والتحليلات عن قرب تفكك وانهيار مجلس التعاون الخليجي بعد الصدام والصراع البيّن بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى فيما يتعلق بالموقف من ظاهرة الربيع العربي، خصوصًا في الحالة المصرية.

وما ساهم في اكتساب هذه التحليلات بعض التماسك؛ هي خطوة

سحب هذه الدول لسفرائها

من الدوحة، وهي التي مثّلت «سابقة أولى» في تاريخ المجلس. الغريب في الأمر أن هذه الخطوة قد تمت بعد نحو عامين من

دعوة العاهل السعودي

في قمة الرياض ديسمبر/ كانون الأول عام 2011 التي دعا فها إلى «تخطي مرحلة التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر».


تعاون خليجي حقيقي!

يعود

تأسيس مجلس التعاون

إلى قمة أبو ظبي في مايو/ آيار عام 1981. ونص

النظام الأساسي

له على أنه قد تم إنشاء المجلس «إدراكًا من دوره بما يربط بينها من علاقات وسمات خاصة ومشتركة وأنظمة متشابهة، وإيمانًا منها بوحدة الهدف والمصير المشترك الذي يجمع بين شعوبها».

يظهر في هذا النص أن دول الخليج قد أنشأت هذا المجلس لأن ما يجمعها هو أكثر بكثير مما يفرّق بينها. بل إن النظام الأساسي ذهب أبعد من ذلك حين نص في مادته الرابعة، على أن هدف المجلس هو الوصول إلى وحدة هذه الدول في النهاية.



تسعى دول مجلس التعاون الخليجي في مشروع لتوحيد عملتها النقدية، لكن الخلافات بينهم، ونتائج ماحدث في تجربة اليورو في أوروبا؛ عرقلت إطلاق المشروع.

حقق المجلس طوال العقود الثلاثة الماضية الكثير من الإنجازات، على

المستوى الاقتصادي

خصوصًا؛ فحسب إحصاءات العام 2013، جاءت دول المجلس مجتمعة في المرتبة الـ12 ضمن قائمة أكبر اقتصاديات العالم. كما تعتَبَر -وفقًا لنفس الإحصاءات- خامس أهم اقتصاد في العالم من حيث حجم التبادل التجاري، والرابع كأكبر مُصدِّر في العالم بعد الصين والوايات المتحدة، وألمانيا.

تمكنت دول المجلس كذلك من تحقيق خطوات هامة في طريق الوحدة الاقتصادية؛ فبعد نجاح التوصل إلى الاتحاد الجمركي، وبدء العمل به في بداية العام 2003 بعد أن استمر العمل بمنطقة التجارة الحرة منذ 1983؛ تمكن الخليجيون بحلول نهاية العام 2008 من البدء في دخول مرحلة السوق الخليجية المشتركة.

وعلى عكس الخطوات الواسعة التي تمت في الجانب الاقتصادي، فإن الجانب السياسي

والعسكري

قد شهد فشلًا ذريعًا. فدول الخليج ظلّت لفترات طويلة تعاني من تباين الرؤى والأهداف والمصالح، خصوصًا في جانب سياساتها الخارجية، وهو ما اتضح بشكلٍ كبير خلال أحداث الربيع العربي، بالإضافة إلى عدم إمكانية حلّها لبعض الإشكاليات البينية المزمنة كمشكلات الحدود.

وعسكريًا، قوات «درع الجزيرة» على سبيل المثال؛ لم يكن لها دور يُذكَر في الغزو العراقي للكويت في مطلع تسعينيات القرن الماضي. بل والأكثر من ذلك أن دول الخليج بدلًا من العمل على تطبيق مفهوم الأمن الجماعي، والاستفادة من أزمة غزو الكويت للدفع بهذا الاتجاه؛ ذهبت إلى توقيع اتفاقيات دفاع ثنائية مع الولايات المتحدة.

بيد أنه تجب الإشارة إلى أن الفترة الأخيرة قد شهدت اتخاذ بعض الخطوات في سبيل

تعزيز التعاون العسكري والأمني

. منها على سبيل المثال؛ توقيع اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك في العام 2000، والموافقة على إنشاء قيادة عسكرية موحدة، وشرطة إنتربول خليجية، بالإضافة إلى تعزيز فعالية قوات درع الجزيرة وتدعيمها في العدد والعتاد، وهي التي كان لها دور بارز في أحداث البحرين عام 2011.

ويُتوقع أن يشهد التعاون الأمني والعسكري، والتفاهم في الجانب السياسي تقدمًا ملحوظًا خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع تزايد المخاطر المحدقة بالبلدان الخليجية؛ التي تحدث في فترة تتزايد فيها مؤشرات

تراجع الدور الأمريكي في المنطقة

. أي أن زيادة التعاون والتنسيق مدفوع بظروف خارجة عن إرادة المجلس، وليست نابعة من رغبة خليجية داخلية.

وبالتزامن كذلك مع تغيُّر القيادة السعودية بعد وفاة الملك «عبدالله»، ومجئ الملك «سلمان» الذي يبدو أكثر تفاهمًا مع دولة مثل قطر من سلفه. غير أن فكرة الاتحاد الخليجي تظل بعيدة إلى حدٍ كبير وليس من المتوقع أن تحدث خلال المدى القريب، وربما المتوسط كذلك.


الانتقال من التعاون إلى الاتحاد

لا يوجد دليل على صعوبة التحول من مرحلة التعاون؛ إلى مرحلة الاتحاد الخليجي أكثر وضوحًا، من خطوة سحب السفراء من الدوحة بعد نحو عامين من دعوة العاهل السعودي للاتحاد. تشير هذه الخطوة بوضوح إلى أن العلاقات الخليجية الخليجية ليست حقًا بمثل تلك القوة والود اللذان يظهران في التصريحات بين المسئولين.

بل إن هناك خلافات عديدة وعميقة تحول ليس فقط دون الوصول إلى مرحلة الاتحاد؛ بل وتمتد للتأثير سلبًا على أي محاولات لإحداث تطوير حقيقي لمجلس التعاون كذلك. ويمكن القول بأن هذه المشكلات تتلخص في الآتي:

1. الخلافات الكبيرة بين الدول الأعضاء في الأهداف والمصالح والمواقف تجاه أحداث المنطقة، وكذلك تباين الرؤى حول مصادر التهديدات.

2. اتجاه المجلس نحو نظام الأحلاف من خلال وجود قطر بمفردها في مواجهة السعودية والإمارات والبحرين؛ بينما تلعب الكويت وسلطنة عُمان دور المحايد، وإن كان هذا العامل قد تراجع بشكل ملحوظ بعد تولي الملك «سلمان» حكم السعودية.

3. أزمة الثقة بين الدول الناتجة عن السببين السابقين.

4. عدم وجود آلية واضحة لحل الخلافات داخل المجلس، والاعتماد على الوساطات كما حدث في

توسُّط أمير الكويت

بين قطر والدول الثلاث بعد أزمة سحب السفراء. بالإضافة أيضًا إلى مركزية الحكم والحاكم في دول الخليج بشكلٍ عام، وهو ما يجعل الخلافات تأخذ طابعًا شخصيًا يمتد إلى سياسات الدولة.

5. المشكلات الحدودية الكثيرة بين دول المجلس. فهناك مشكلات حدودية بين السعودية ومعظم دول المجلس تقريبًا. بالإضافة إلى المشكلات الحدودية بين الدول الأخرى، وبعضها البعض كما بين البحرين وقطر. فإذا كانت هذه الدول غير قادرة على تسوية مشكلات الحدود؛ فهل يكون بمقدورها الدخول في كيانٍ واحد؟

6.

الميول الاستقلالية

للدول تطغى على رغبات الاتحاد. فمن الصعب أن يتخلى أي حاكم عن سلطته المطلقة التي يتمتع بها في بلاده حاليًا بإرادته لصالح سلطة أو طرف آخر!.

7. التركيز على تحقيق التكامل الاقتصادي، وإعطاء الأولوية له على حساب المجالات السياسية والأمنية كما لو كان المجلس مجلسًا للتعاون الاقتصادي بين الأعضاء.

8.

الموقف العُماني

المعارض للاتحاد، والذي وصل إلى حد التهديد بالإنسحاب من مجلس التعاون في حال اتخاذ الدول الخمس الأخرى إجراءات في سبيل تحقيق هذا الاتحاد.أدى ذلك إلى سحب المشروع لاحقًا للحفاظ على الجسد الخليجي. بل إن مواقف سلطنة عُمان تتجاوز مجرد رفض الاتحاد، إلى رفض إجراء أي تطوير حقيقي في عمل مجلس التعاون، خصوصًا في الجانب العسكري.

فنجد وزير الشئون الخارجية العُماني «يوسف بن علوي» يقول:

إذا كانت هناك ترتيبات أخرى أو جديدة لدول المجلس نتيجة للصراعات الموجودة أو المستقبلية؛ فنحن لسنا طرفًا فيها ولن نكون… ينبغي علينا أن ننأى عن الصراعات الإقليمية والدولية.

الجدير بالذكر أن سلطنة عُمان لم تشارك في «عاصفة الحزم» مع أشقائها دول الخليج، كما أنها تتمتع بعلاقات ممتازة مع إيران، وترفض اعتبارها مصدرًا للتهديد في الوقت الذي تعتبره دول خليجية أخرى -ونعني بالتحديد السعودية والبحرين- مصدر التهديد الأول لها في المنطقة.

القبول بصيغة مجلس التعاون منذ البداية كان بدافع

درء المخاطر وليس تحقيق المكاسب

، كما يقول الدكتور «محمد السعيد إدريس». فقد كانت هذه الدول محاطة بخطر إيران الثورية، وعراق «صدام حسين»، وتهددت بشكلٍ كبير من الحرب التي نشأت بينهم. بالإضافة إلى دخول السوفييت الشيوعيين إلى أفغانستان؛ فكل هذه مخاطر كان على دول الخليج مواجهتها في حينها من خلال الإشتراك في كيانٍ جامع لها.

غير أن الأمر في هذه الفترة مغاير بشكلٍ كبير. على سبيل المثال؛ ردود أفعال إيران على مثل هذه الخطوة غير مضمونة العواقب، خصوصًا في ظل وجود مساحات رخوة كبيرة في الجسد الخليجي كما في البحرين وعُمان. بالإضافة إلى قلق بعض الدول الخليجية الأخرى على مصالحها في المنطقة كقطر التي تشترك مع إيران في أكبر حقل غاز في العالم، والإمارات التي تتمتع بعلاقات اقتصادية كبيرة مع إيران، بالإضافة إلى مؤشرات تراجع الدور الأمريكي في المنطقة.

فحينما أُعلِن إنشاء مجلس التعاون في 1981، كانت إيران منهكة بشكلٍ كبير نتيجة خروجها من الثورة الإسلامية، ثم دخولها في حرب عنيفة مع العراق، وشعورها بالقلق من الولايات المتحدة بعد أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران. جميع هذه العوامل ساهمت في إخراج مجلس التعاون إلى النور دون أن يكون هناك ردود أفعال غاضبة في المنطقة.


الخليج الكبير

كما ساهمت أحداث الربيع العربي في إخراج فكرة الاتحاد الخليجي إلى السطح مرة أخرى؛ ساهمت كذلك في طرح فكرة توسيع مجلس التعاون الخليجي ليضم دول مثل المغرب والأدرن إلى المجلس، وكما قال أمين عام المجلس «عبد اللطيف الزياني» حينئذٍ؛ أن هذا الأمر يأتي في سياق

تحرك يهدف للتصدي للإضطرابات الإقليمية

.

وبالإضافة إلى ما ذكره أمين عام المجلس، فإن دوافع هذا الأمر ربما تشمل أيضًا توثيق الصلات بين النظم الملكية في المنطقة، وحمايتها لبعضها البعض من السقوط، خصوصًا أن الأردن والمغرب في هذه الفترة كانت تشهد اضطرابات سياسية ومطالبات بالإصلاح.

وبدل اعتماد صيغة «انضمام المغرب والأردن إلى المجلس»؛ يبدو أن الخليجيين قد ارتضوا بصيغة «التعاون الإستراتيجي» مع الأردنيين والمغربيين الذين أصبح لهم دور بارز في التحركات الخليجية.

كما حدث في الانضمام للتحالف المضاد لـ«داعش»، أو في «عاصفة الحزم»؛ التي بدأتها الدول الخليجية في اليمن، والأردن خصوصًا قد تطابقت تقريبًا مواقفها من المواقف السعودية – الإماراتية خصوصًا من الربيع العربي في كل من سوريا، ومصر وليبيا.

وبعد التدخل الخليجي في اليمن؛ ظهرت إلى السطح مرة أخرى أحاديث عن انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، غير أن هذا الأمر يبدو مستبعدًا.

يبقى السبب الأبرز في وجهة نظرنا لعدم إمكانية حدوث هذا الأمر في المستقبل القريب؛ هو الموقف العُماني المهادن لإيران، ورغبتها في عدم انخراط المجلس في الصراعات الإقليمية. فانضمام اليمن إلى المجلس في مثل هذا الوقت يشكل بالتأكيد ضربة لإيران، بعد أن تحولت البلاد إلى ساحة للحرب بين دول المجلس -عدا عُمان- وحلفاء إيران في اليمن (الحوثيين).

وعلى هذا الأساس فإن عُمان ستكون رافضة لأي طرح لهذا الأمر -في المستقبل القريب على الأقل-، وستؤدي رغبة الخليجيين في الحفاظ على كيان المجلس إلى الإستجابة للرغبة العُمانية، بل ربما لا يتم طرح الأمر بشكلٍ رسمي أصلًا.

غير أن هذا الأمر لن يمنع حدوث طفرة في علاقات الخليجيين باليمن وانخراطهم فيه، خصوصًا في مجال الإعمار في مرحلة ما بعد «الحوثيين، وصالح»، وهي صيغة لا تغضب عُمان وفي نفس الوقت تتلافى مشكلة إهمال اليمن سابقًا.

إذًا فإن الخليج لن يضم دولًا جديدة مستقبلًا -في المدى القريب على الأقل-، وفي المقابل فإن صيغة التعاون والتحالف الإستراتيجيين سوف تسودان في العلاقات مع بعض الدول؛ كالمغرب والأردن واليمن.


ماذا عن انتقال الحكم؟



مرت نحو 4 سنوات على موافقة مجلس التعاون الخليجي على انضمام كلّا من المغرب والأردن إليه، لكن الأمر أصبح طي النسيان، ولم يتحدث عنه أحد في أيّ مناسبة. ربما يكون السبب؛ هو رؤية المجلس أن هاتان الدولتان سيجلبنا بعض «المتاعب» لدول المجلس حال اعتمادهم دولًا تابعة له رسميًا، وعلنًا.

بالتركيز على الحالة السعودية -باعتبارها أكبر دول الخليج وأهمها دون نزاع-؛ فإنه بالرغم من أنها قد شهدت انتقالًا للحكم منذ فترة بسيطة لم تتجاوز عدة أشهر، فإنه يُتوقع أن يكون هناك انتقال جديد للحكم مرة أخرى خلال الفترة القليلة المقبلة؛ نظرًا للحالة الصحية والعُمرية للملك «سلمان» الذي تولى الحكم وهو في الـ79 من عمره تقريبًا!.

بالرغم من إشارة

بعض التقارير

لوجود تنافس بين ولي العهد «محمد بن نايف» وولي ولي العهد «محمد بن سلمان»، فإن الشواهد تدل على غير ذلك. فاختيار الملك «سلمان» لـ«ابن نايف» ليكون أول الأحفاد في سلسلة خلافة الحكم، ثم بعد ذلك تولية «محمد بن سلمان» لولاية (ولاية العهد) بعد ذلك، فإنه ربما يكون قد تم في إطار صفقة تضمن لـ«ابن سلمان» ولاية العهد في حالة وفاة أبيه، خصوصًا أن تكرار سيناريو «مقرن بن عبدالعزيز» مع «ابن سلمان» يبدو صعبًا بسبب

النفوذ الكبير

الذي أصبح يتمتع به الأمير الصغير.

فقد سيطر على ولاية ولاية العهد، ووزارة الدفاع، والملف الاقتصادي والنفط؛ بالإضافة إلى رغبته في السيطرة على الحرس الوطني من خلال تضمينه في إطار وزارة الدفاع. وزيادة على ذلك، أصبح الرجل بمثابة المبعوث الشخصي لوالده إلى الخارج في عديد من المناسبات -كما في زيارة مصر الأخيرة-، وبعدها حضوره المُفتَرَض لحفل قناة السويس قبل أن يقطع مشاركته بعد تفجيرات مسجد قوات الطوارئ في مدينة «أبها» السعودية.

كما أنه أصبح من الصعب رؤية «ابن نايف» في مكان أو زيارة ما دون أن نتوقع رؤية «ابن سلمان» بجواره. وعليه يصعب توقع حدوث اضطرابات أو صراعات كبيرة على الخلافة في السعودية بعد الملك «سلمان».

وبعيدًا عن السعودية، فإن الأمور تبدو متشابهة في

الإمارات

إلى حد بعيد؛ حيث أن ولي العهد «محمد بن زايد» يدير الأمور فعليًا في ظل الحالة الصحية لأخيه خليفة، ويُتوقع أن يكون هناك انتقال سلس للسلطة في البلاد. وفي

قطر

قد تم انتقال السلطة بالفعل بشكلٍ سلس بعد تنازل «حمد بن خليفة» عن الحكم لابنه «تميم» في منتصف العام 2013.

غير أن مباعث القلق الحقيقية تحوم حول انتقال السلطة في الكويت وعُمان. فأمير الكويت قد بلغ 86 عامًا، وحالته الصحية أصبحت مبعث قلق في البلاد، وتوارث الخلافة في الإمارة قد شهد في العام 2006

أزمة كبيرة

. هناك مخاوف من تكرار مثل هذه الأزمة بسبب الصراع المستمر بين أقطاب الأسرة.

أمّا في

عُمان

، فإن مرض السلطان وبلوغه عامه الـ75 في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل؛ يضعان تساؤلات كثيرة حول مستقبل الحكم في السلطنة، ومدى سلاسة انتقال الحكم بعد السلطان «قابوس»، ومدى قدرة سلفه على السير على النهج الفريد الذي سلكه في سياسات السلطنة الخارجية، وهو ما يجعل ملفات كثيرة -وعلى رأسها ملف الاتحاد الخليجي- مرهونة بشخص خليفة السلطان «قابوس» في المستقبل.

وعلى أي حال، فإنه لا يُتوقع أن يؤدي انتقال الحكم في دول الخليج إلى تغييرات كبيرة على مستوى السياسات الخليجية الحالية، وحتى في الحالة العُمانية، فإن أبرز المرشحين لخلافة السلطان «قابوس» كانت لهم مناصب دبلوماسية رفيعة؛ أي أنه لا يُتوقع أن يحدث أي تحوُّل جذري في سياسات السلطنة بما يؤثر على العلاقات مع إيران أو ملف الاتحاد الخليجي. بالتالي يمكن القول أن انتقال السلطة في دول مجلس التعاون، لن يؤدي إلى تغييرات كبيرة عن السياسات المتبعة اليوم.

ختامًا؛ في الجزء الثاني من هذا الموضوع، نتناول تأثير وجود داعش على مستقبل الخليج، بالإضافة إلى مستقبل علاقات الخليجيين مع إيران، والولايات المتحدة وأوروبا في ظل تسوية البرنامج النووي الإيراني.