شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 128 رغم الجدل التاريخي الحاد بين الكيميائيين حول ما إذا كانت كلمة خامل inert أو نبيل Noble هي الأجدر بوصف عناصر المجموعة الثامنة، إلا أن الهيليوم كان دائمًا نقطة التقاء. كان العنصر ذو الاسم المشتق من إله الشمس يمثل تعريف الخمول بذاته. قد نختلف حول ما إذا كانت مركبات الزينون أو الكريبتون قد نفت عنهما صفة الخمول إلا أننا عندما نتحدث عن الهيليوم فإن الخلاف يتداعى. كان الهيليوم لا يتفاعل، تحت أي ظرف، ومع أي عنصر. كان هذا هو الواقع في معامل الأبحاث وعلى صفحات الكتب، حتى نشرت دورية نيتشر Nature الورقة الثورية الجديدة التي أثارت جدلاً واسعًا بين أوساط المتخصصين ما بين مؤمن بثوريتها وقدرتها على تغيير معنى اللا تفاعلية Non-reactivity، وبين رافض للتصديق ومطالب بمزيد من الأدلة والتكرار والاختبار قبل أن يعترف بأن البشرية قد استطاعت أخيرًا تكوين مركب ثابت للهيليوم. لا يري.. لا يسمع.. لا يتكلم http://gty.im/489061272 هو ثاني أكثر العناصر وفرة في الكون. مع الهيدروجين، يكون الهيليوم 98% من كل المادة الموجودة في الكون. يمثل كونه أخف من الهواء العامل الأساسي في استخداماته المبكرة في ملء المناطيد وسفن الهواء، الأمر الذي أصبح غرضًا للترفيه في وقتنا الحالي بعد أن كان إحدى أكثر وسائل النقل رفاهية إبان الحرب العالمية الأولى. أما صفة الخمول الشديد، فبجانب أنها ساهمت في جعله أكثر أمانًا في ملء المناطيد إلا أنه بتطور الصناعات الحديثة، أصبح الهيليوم أيضًا وسيلة محورية لصنع بيئة خاملة تمامًا للتفاعلات المختلفة المرغوبة. يعمل الهيليوم كدرع تحمي التفاعل من مخاطر الحيد عن مساره في وجود الأكسجين أو أي شوائب أخرى. ولأنه يستخدم في اللحام والليزر وكبديل أكثر أمانًا للنيتروجين في عمليات الغوص – الأمر الذي يهم البحرية الأمريكية كثيرًا – حيث يتم صنع مخلوط من الهيليوم 80% والأكسجين 20% وضغطه في أسطوانات التنفس تحت الماء، شكل الهيليوم منتجًا مهمًا من وجهة صناعية، الأمر الذي جعله يبرز على الساحة السياسية في الولايات المتحدة على هيئة ثلاثة مراسيم نظمت تعاملات الدولة فيما يخصه عرفت باسم مراسيم الهيليوم The helium act. الآن وبعد قرن ونصف بعد أن تراءى الهيليوم لمكتشفه بيير جانسن في الهند، نجد طبيعة جديدة للعنصر لم نعهدها، طبيعة تفاعلية. تجاذب الأضداد http://gty.im/137864124 كما أسلفنا، فإن الهيليوم عنصر شديد الخمول، حتى أصبح هو تعريف الخمول بتركيبه الإلكتروني المغلق تماما، وطاقة تأينه المدهشة. على الجانب الآخر، فإن الصوديوم يمتاز بميل شرس للتفاعل. يعيش الصوديوم في حالة توق شديد لفقد إلكترونه الحادي عشر لذرة غير فلزية ليدرك استقراره المنشود. تلك هي طبيعة الصوديوم في الظروف العادية. أما في وجود ظروف متطرفة مثل ضغط يصل إلى 113 جيجا باسكال (حيث الجيجا باسكال يساوي ما يزيد قليلا على 9869 ضغط جوي)، فإن نشاطه يصل لمستوى غير مسبوق، مستوى يستطيع معه كسر إصرار الهيليوم على البقاء منفردًا. في الورقة التي اشترك فيها علماء من الصين والولايات المتحدة وروسيا، اتضح من التحليل المحوسب Computational الذي قام به أوجانوف والنتائج المعملية التي حصل عليها جونكاروف بأن الهيليوم يمكنه نظريًا تكوين مركبات مع عدة عناصر. من بينها، كان الصوديوم فقط هو ما استطاع تكوين مركب ثابت مع الهيليوم. تشكلت البلورة على النمط Na 8 حيث شغلت ذرات الهيليوم نصف أماكن الذرات في البلورة الصوديومية، وبدى للوهلة الأولى أن النصف الآخر بقي فارغًا. بعد مزيد من التحليل، استطاع العلماء تبين أن هذه الأماكن الفارغة تحتوي على إلكترونين يمثلان العلامة المميزة للرابطة الغريبة في المركب. رغم تواجد هذه الكثافة الإلكترونية إلا أنها ليست حرة كما في الروابط المعدنية Metallic bond. أظهر المركب الجديد في حالته الصلبة قدرة عازلة عالية بسبب محاصرة الإلكترونات في موقعها من البلورة. ويمكن استنتاج لماذا استغرق الأمر من الناشرين للبحث سنتين. ويجدر بالعديد من الأبحاث محاولة التأكد من هذه النتائج وإعادتها قبل أن نسلم بوجود مثل هذه المركبات وتحديد طبيعتها بدقة. لا تكمن أهمية الاكتشاف في تطبيقاته العملية حيث إن الضغوط المطلوبة لا تتوافر إلا في مراكز الكواكب وقلوب النجوم ومختبرات معاهد الضغط العالي كالتي أجريت فيها الدراسة التي بين أيدينا. لكن الأمر في الواقع يعتبر علامة على نهاية حقبة وبداية حقبة. فلهذا المركب القدرة على إجبار العلماء على إعادة تعريف بعض المفاهيم في عقولهم وكتبهم؛ لم يعد هناك ما يسمى بالخمول المطلق كصفة تنتمي لطبيعة العنصر بل إن الأمر أصبح يتعلق فقط بالظروف التي يتواجد فيها العنصر. ليس هذا فقط، بل بإمكان هذا النموذج الغريب لبلورة المركب الإشارة لنوع مثير للاهتمام من الروابط تلعب فيه الإلكترونات دورًا مختلفًا عما اعتادت أن تلعبه في الروابط التقليدية التساهمي منها والأيوني والمعدني. المراجع A stable compound of helium and sodium at high pressure- Nature chemistry Wheeler M. Sears -Helium-The Disappearing Element Up, up and away: Chemists say ‘yes,’ helium can form compounds Newly Created Helium Compound Could Completely Change Chemistry قد يعجبك أيضاً مؤتمر دارتموث 1956: الانطلاقة الحقيقية للذكاء الاصطناعي تبسيط العلوم: تويتات نيل ديجراس تايسون من إسرائيل لأوبر: بطارية هاتفك تكشف نقاط ضعفك الذاكرة البشرية: ما هي أنواعها؟ وكيف تعمل؟ شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram رنا عيسى Follow Author المقالة السابقة الذكاء الاصطناعي والغرفة الصينية المقالة التالية طفيلي قاتل في لعاب بعوضة: عن الملاريا قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك دخلاء في البرية: عندما دمرت الأرانب الوديعة بيئة أستراليا 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 5 خطوات صيانة أساسية للسيارة يجب عليك معرفتها 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك المرأة والتدخين: لا تقلدي الرجل في هذه الكارثة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الليرولين: كيف تستبدل الترامادول بعقار أرخص وأخطر؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نصائح مهمة حتى لا يؤذي حر الصيف صحتك 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الهندسة الاجتماعية: كيف يخترق حسابك الإلكتروني بكسب ثقتك؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ما هو مصيرنا إذا اختفت قوة الجاذبية الأرضية؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ليبرا Libra: عملة فيسبوك التي ستغير شكل الاقتصاد العالمي 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مؤتمر دارتموث 1956: الانطلاقة الحقيقية للذكاء الاصطناعي 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الجراح والمريض: ليس كل ما أوله شرط آخره نور 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.