فوض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إلى قاسم سليماني الصلاحيات كافة، فالحشد الشعبي يعتبر سليماني مندوبًا لخامنئي في العراق.

بهذه

الكلمات

عقب «حامد الجزائري»، القيادي بميليشيات الحشد الشعبي على إقرار البرلمان العراقي قانون الحشد الشعبي، والذي أضفى صفة الرسمية على هذه الميلشيات الشيعية المدعومة من إيران، في فصل جديد من تعزيز أدوات الهيمنة على العراق، وخلق أداة فعالة في حروب الوكالة الدائرة والمستقبلية في المنطقة.


ظروف النشأة

ساهم الاحتلال الأميركي في تعزيز وإذكاء الطائفية المنتشرة في العراق، والتي خلقها من قبله نظام صدام حسين، فهي من قسمت الجيش والمناصب السياسية على أساس طائفي منذ احتلالها العراق، لنصل اليوم إلى تقنين الحشد الشعبي؛ وهو عبارة عن فصائل عسكرية يهيمن عليها الشيعة، أُسست في 13 يونيو/حزيران 2014 بناء على فتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني لمواجهة داعش.

ويتكون الحشد من عدة ميلشيات شيعية منها ما هو موجود منذ الحرب العراقية-الإيرانية مثل فيلق بدر إضافة إلى منضمين جدد، و

تتراوح

أعداد المقاتلين تحت راية الحشد ما بين 120-140 ألف مقاتل. وبهذا حصل الحشد على غطاء ديني تبعه دعم حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والذي اعتبره جزء من المنظومة الأمنية، وفي يوليو/تموز 2016

أمر

العبادي، بهيكلة الحشد وتحويله إلى مكون عسكري يماثل جهاز مكافحة ويتمتع بالتدريب والتسليح ذاته، ويعمل وفق القوانين المتبعة أيضًا.

ورغبةً في التغطية على الانتهاكات التي يرتكبها مسلحو الحشد الشعبي بحق السنة

أقر

مجلس النواب قانون «هيئة الحشد الشعبي» يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رغم مقاطعة النواب السُنة، ونص القانون على أن يكون الحشد قوة رديفة إلى جانب القوات المسلحة العراقية وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، لكن مع احتفاظها بحقها في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها ما دام ذلك لا يشكل تهديدًا للأمن الوطني العراقي.

وبهذا يكون الحشد الشعبي قد حصل على غطاء ديني وتنفيذي وتشريعي، ويضاف إلى ذلك الغطاء الدولي، الذي منحته له الولايات المتحدة. فقد سمحت بمشاركته في العمليات ضد داعش، رغم تهديدها أكثر من مرة بوقف دعمها للعمليات العسكرية، إلا أنها لم تف بذلك وتغاضت عن هذه الجرائم.


التسليح


http://gty.im/523887350

تمتلك أغلب قوات الحشد الشعبي درجة تسليح جيدة أتاحت لها المشاركة في تحرير بعض المناطق من داعش، وحصلت على الأسلحة من الحكومة العراقية إلى جانب إيران، وما يميز قوات الحشد ليس الأسلحة التي تمتلكها فقط ولكن التدريب الذي وفرته له إيران إلى جانب التماسك الطائفي إلى حد ما.

ويعتبر البعض أن قوات الجيش والشرطة ليست متجانسة طائفيًا وهو ما ادعته الحكومة بتورط سنة داخل الجيش في تسليم بعض المدن إلى داعش، ويعتمد الحشد على التسليح البري فهو ليس لديه قوة جوية أو دفاع جوي أو قوة بحرية، ولكن ليس من المستبعد أن تعمل طهران على تدريبه في إنشاء وحدات بحرية على غرار الحرس الثوري فهي تريد نسخة أخرى من حرسها السابق.

ومن

الأسلحة

التي يمتلكها الحشد بنادق الكلاشينكوف وقذائف الهاون وبنادق القنص مثل الصياد الإيرانية، وبسبب تطور دوره في المعركة ضد داعش ضاعف الحشد من تسليحه لتشمل عربات نقل صغيرة وشاحنات مثل سيارة «سفير» الإيرانية وقطع مدفعية قصيرة ومتوسطة المدى.

ويمتلك من الصواريخ، صاروخ رجم 107 ملم من نوع فجر وراجمات حديد 122 ملم نظام متعددة الصواريخ، وصواريخ طوفان ورعد وطوسان المضادة للدروع، وتحوي ترسانة الحشد أيضًا قطع ثقيلة مثل الدبابات الأمريكية «Abrams M1» والدبابات الروسية «T-72»وناقلات الجنود المصفحة مثل «M113» وكاسحات الألغام.


وكلاء إيران يزيدون واحدًا

لعب الحرس الثوري دورًا أساسيًا في تشكيل الحشد الشعبي ليكون أحد الأدوات المضمونة له في الهيمنة على العراق وليكون أداة في مد نفوذها في الدول العربية، فقد

اعتبره

المرشد الإيراني ثروة ورأس مال كبيران للعراق ومستقبله، وطالب بدعمه، وهذا ما يؤكد أن خامنئي يشرف بشكل كبير على الحشد ويحاول ضمان نفوذ سياسي وعسكري له، ليكون الرقم الأصعب في المعادلة العراقية والمنطقة.

ويترأس ميليشات الحشد أبو مهدي المهندس الموالي لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، والذي عمل بمساعدة طهران على بسط نفوذه على الحشد وإقصاء أو إضعاف المخالفين للرؤية الإيرانية وأبرزهم مقتدى الصدر زعيم ميلشيا المهدي، الذي دخل في صدامات سابقة مع نوري المالكي وحيد العبادي، والدخول في اشتباكات مع الميلشيات الأخرى الموالية لإيران.

وتستغل إيران سيطرة الحشد على بعض المناطق وخاصة الحدودية مع دول الخليج في تكثيف وجودها العسكري هناك، فقد

كشف

مسؤول عراقي أن إيران تسعى لإقامة قاعدة عسكرية تحت غطاء الحشد في بلدة النخيب الواقعة قرب الحدود السعودية، وتضم هذه القاعدة مخازن للأسلحة وأماكن لتدريب الميلشيات التابعة لها.

وأكد هذه المعلومة

تصريح

مستشار وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام أن إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية يشمل عدة دول في المنطقة، ومنها سوريا والعراق، كما أن طهران دربت ونشرت التكنولوجيا المتعلقة بإنتاج الصواريخ، وهذا اتضح في اعتماد ميلشيات الحشد على القدرة الصاروخية على مواجهة داعش.

ولهذا يجب الحذر من تنامي القدرة الصاروخية للحشد، فسيطرة الحوثيون في اليمن على هذا السلاح بدعم إيراني ساهم في تهديد أمن السعودية فقد وصلت صواريخهم على مشارف مكة كما أعلنت الرياض من قبل، وهو ما تسعى حاليا إيران إلى تنفيذه بتطوير المنظومة الصاروخية للحشد لتهدد به دول الجوار إلى جانب دعم سيطرته على القرار الداخلي.


الحشد يغذي الطائفية


http://gty.im/480192474

مارس الحشد الشعبي العديد من الانتهاكات الطائفية خلال تحريره المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش بحق السنة، تنوعت ما بين القتل والتعذيب والتهجير، والعمل على تشكيل توازنات ديمغرافية معينة بتواطىء من الحكومة، والتي

اتهمت

بنفسها الحشد بارتكاب انتهاكات خلال مشاركته في تحرير الفلوجة مايو/أيار الماضي.

واتهمت

منظمة

العفو الدولية أيضًا الحشد بقتل واختطاف المدنيين السنة واعتبرت أن هذه الممارسات ترقى إلى جرائم الحرب، وأكدت تمويل ودعم حكومة العبادي لهذه العمليات التي ستنشر الفوضى والطائفية في العراق.

وبسبب هذه الانتهاكات والتي خشيت الحكومة من أن يلاحق منتسبي الحشد دوليًا عملت على تقنينه كما أوضحنا سابقًا، وقد يعتبر البعض أن تقنين البرلمان للحشد سيقيده لأنه أصبح تحت طائلة القانون، ولكن هذا -على الأغلب- لن يحدث بل هو حماية له من أي مسائلات مستقبلًا، إضافةً لدعمه من ميزانية الدولة، ويؤكد ذلك رفض الكتلة السنية في البرلمان هذا التشريع وانسحابها، ولكن دون جدوى فقد مُرر القانون ليحجز دورًا مستقبليًا للحشد ولحمايته.

وقد زادت انتهاكات الحشد في المناطق التي يدخلها إلى حد

دفع

الشباب السني إلى الانضمام لداعش وخاصة في معركة الموصل الجارية الآن، وأداء البيعة لأبي بكر البغدادي للدفاع عن أرضهم، وهذا ما سيصعب تحرير الموصل، وقد

اعترف

بذلك قادة الحشد أنفسهم.


هل يوحد الحشد الشيعة؟

رغم صدور فتوى الحشد من أعلى مرجع شيعي بالعراق، ومشاركتهم في العمليات ضد داعش، إلا أنه مع قرب انتهاء المعارك من المرجح وقوع خلافات كبيرة بين الميلشيات، فالفتوى الصادرة وإجراءات الحكومة وتشريع البرلمان لم يصهر الميلشيات المكونة للحشد في مكون واحد، فكل منهم محتفظ بكيانه ومرجعيته الدينية.

وقد ساهم هذا في بروز الخلافات والتناحر بين مكوناته، وهو كفيل بأن يقضي على هذا التجربة، فالعدو الذي وحّدهم وهو داعش وفق المؤشرات الجارية في طريقه إلى الهزيمة، وهذا ما سينمي التنافس على الغنائم السياسية بعد الحرب، فمثلًا

هدد

رئيس جماعة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي أحد فصائل الحشد بمحاربة إقليم كردستان بعد الانتهاء من داعش، ورد مسؤولو الإقليم بأنه إن فعل ذلك سيلاقي مصير داعش!

وهذا يوحي بأن إيران تعد لعدو جديد لإشغال الحشد به، وهم الكرد، الذين يعتبروا خطرًا عليها أيضًا. ولم تهدد فصائل الحشد الكرد، شركائهم ضد داعش وتهجير العرب السنة من بعض مناطقهم، فقط. ولكن توعد شركاءه الشيعة في الحشد، وخاصة أتباع مقتدى الصدر، والذين هاجموا نوري المالكي وحيدر العبادي في مظاهرات الساحة الخضراء، مهددين باحتلال البرلمان، وهو ما وضع الميلشيات الأخرى مثل بدر في مواجهة معهم، إلا أنه في اللحظات الأخيرة تم حل هذه المسألة بتدخل إيراني.

وكشف وقوع

انفجار

سبتمبر/أيلول الماضي ببغداد في أحد مخازن السلاح التابعة للحشد، عن وجود العشرات من هذه المخازن التابعة للعديد من الفصائل، التي ليست لها علاقة بالحرب ضد داعش، ما يوحي بأن هذه الميلشيات تتحسب لحدوث مواجهات فيما بينهم فيما بعد داعش، فكل فصيل سيسعى إلى تثبيت وجوده السياسي بسلاحه.