اقترب رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف، بنيامين نتنياهو من تسلم مهام منصبه في الولاية السادسة له كأكثر من حكم إسرائيل، وهناك عديد من الملفات والتحديات التي تنتظره، لكن مع تلك المهام يبقى نظر نتنياهو على استكمال الملف الذي وضع من خلاله اسمه في تاريخ الكيان المحتل، وهو ملف التطبيع أو اتفاقيات السلام مع الدول العربية.

ففي 2020 وبعد التوصل إلى اتفاق سلام مع الإمارات، أعلن

نتنياهو

أن تل أبيب ستواصل مساعيها للتوصل إلى مزيد من الدول العربية لتوقيع اتفاقات سلام جديدة، ويدور الحديث الآن عن السعودية التي تعتبر هدف نتنياهو القادم لتوقيع اتفاق قد يُنعت بالتاريخي وغير المسبوق، وقال نتنياهو حينها: «بفضل قوتنا، حققنا سلامًا تاريخيًا، وسنأتي بمزيد من اتفاقيات السلام مع مزيد من الدول».

مغازلة بين تل أبيب والرياض

شهدت ولاية نتنياهو الماضية زخمًا كبيرًا بسبب نجاحه في توقيع اتفاقيات سلام مع الإمارات والمغرب والسودان والبحرين، وبعد رحيل نتنياهو وتولي نفتالي بينيت زعامة إسرائيل لم يشهد ملف التطبيع تحركًا كما كان في عهد نتنياهو وكذلك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بسبب علاقة الأخير الجيدة بإسرائيل من جانب وكذلك الدول العربية حينها من جانب آخر، لكن في عهد الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن في نصفها الأول، الذي تزامن مع ولاية الحكومة الإسرائيلية المنصرفة لم يتحرك ملف التطبيع، وفي يوليو الماضي ظهر الحديث عن ملف التطبيع مجددًا لكن من قبل نتنياهو نفسه، فبحسب ما نشره موقع «

والا

» العبري، قال نتنياهو في كلمة له في الكنيست: «إذا عدت لقيادة دولة إسرائيل ، فإنني أعتزم المضي قدمًا في إبرام اتفاقيات سلام كاملة مع السعودية ودول عربية أخرى».

ولم يخف نتنياهو الدور السعودي في اتفاقات السلام التي وقعتها تل أبيب مع عدد من العواصم العربية، وعبّر نتنياهو عن شكره وتقديره للمملكة وولي عهدها، محمد بن سلمان لدورهما في اتفاقيات السلام، وفي سياق متصل يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي المنتهية ولايته، يائير لابيد، أن التوصل لاتفاق سلام وتطبيع للعلاقات مع الرياض وأن ذلك يعزز المصالح الأمنية والاستراتيجية لإسرائيل، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن بلاده تعمل مع واشنطن وعدد آخر من الدول العربية من أجل حسم هذا الملف، ووقتها لن يكون التوصل لاتفاق سلام مع السعودية مفاجأة، بل مسألة وقت.

وفي لقاء لنتنياهو مع قناة «العربية» منذ أيام في ديسمبر/ كانون الأول الجاري أكد أن تطبيع العلاقات مع الرياض هو مفتاح السلام بين إسرائيل وفلسطين، كما حث نتنياهو، بحسب ما نشرته

رويترز

، الولايات المتحدة على إعادة تأكيد التزامها تجاه السعودية وتعهد نتنياهو بمواصلة العلاقات الرسمية الإسرائيلية مع الرياض من أجل «قفزة نوعية» في السلام.

السلام يمر من بلاد العم سام

انطلاقًا من دعوة نتنياهو لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية والتحذير من أي تقلبات، وفي هذا السياق يقول

نتنياهو

نفسه: «لا ينبغي أن تكون هناك تقلبات دورية أو حتى تقلبات شديدة في هذه العلاقة، لأنني أعتقد أن التحالف هو مرساة الاستقرار»، ويبدو أن الولايات المتحدة ستواصل دورها في اتفاق السلام ومساعي إسرائيل لذلك مع السعودية أو دول عربية أخرى.

وعن الدور الأمريكي والطلبات السعودية لاتمام اتفاق السلام، تحدث المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية، عاموس هرئيل في مقالة كتبها في

صحيفة هآرتس

بعنوان: «نتنياهو في حاجة للتطبيع مع السعوديين، لكن الطريق يمر من واشنطن»، وفي بداية المقال كشف هرئيل عن أن التوصل لاتفاق سلام كأنه طوق نجاة بسبب التحديات التي تنتظر نتنياهو سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية، يُذكر أن حكومة نتنياهو القادمة هي يمينية يغلب عليها طابع الصهيونية الدينية المتطرفة، ما قد ينذر بوقوع صدامات ضخمة مع الجانب الفلسطيني، ويرى هرئيل أن الملف الإيراني يعد تحديًا مشتركًا سوف يجمع السعودية وإسرائيل ويقربهما، لذا فهناك تنسيق واسع بين تل أبيب والرياض في هذا الملف خصيصًا.

بالعودة للحديث عن طلبات السعودية للموافقة على تطبيع العلاقات مع تل أبيب، فقذ تحدث عنها عاموس هرئيل في مقالته، وأولها هو تعزيز العلاقات وتحسينها بشكل معلن بين واشنطن والرياض من خلال بيان رسمي من الكونغرس الأمريكي يتسم بالإيجابية، وهذا الطلب يعد تحديًا صعبًا بسبب توتر العلاقات بين الإدارة الأمريكية ذات الأغلبية الديمقراطية التي تتبنى سياسات مضادة للسعودية سواء بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي أو بسبب عدم قبول السعودية لطلبات أمريكا بشأن زيادة إنتاج النفط، وثاني طلبات السعودية سيكون مساواة الرياض في مشتريات الأسلحة والمجال الأمني بباقي دول حلف الناتو ما يمنح السعودية حينها اقتناء طائرات «إف 35» المقاتلة، وكذلك السماح للمملكة بإقامة مشروع نووي سلمي اعتمادًا على مخزون اليورانيوم الضخم لدى المملكة.

تحسين العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تحدث عنه كذلك الكاتب الإسرائيلي، تسفي برئيل في مايو/ آيار الماضي في مقالة منشورة في صحيفة «

هآرتس

» بعنوان «السعودية قد تشترط تحسين علاقاتها بواشنطن من أجل الموافقة على التطبيع مع إسرائيل»، مؤكدًا أن ثمة إعادة لتقييم السياسة الأمريكية تجاه السعودية والشرق الأوسط في الفترة المقبلة، بخاصة علاقة واشنطن بالرياض وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتحدث عن المطالب السعودية المتوقعة بشأن تحسين العلاقات وغيرها.

عام حاسم

نشرت صحيفة «

جيروزاليم بوست

» الإسرائيلية تقريرًا بعنوان «السعودية تريد تطبيع العلاقات مع إسرائيل»، أكدت خلاله أن التطبيع مسألة وقت، وقد يأخذ الأمر عامًا، واستند التقرير كذلك على تقرير آخر نشرته قناة «

i24news

» أكد أن طلبات ولي العهد محمد بن سلمان لم تتطرق إلى القضية الفلسطينية من أجل الموافقة على التطبيع هذه المرة، بمعنى أن القضية الفلسطينية لن تكون حجر عثرة في سبيل التوصل إلى اتفاق سلام مع تل أبيب.

فكرة التوصل إلى اتفاق سلام خلال عام، ليس مجرد توقع، بل مبني على معلومات ومحادثات كما أشار عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، داني دانون الذي شغل منصب سفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، وقال دانون: «سنرى اتفاقًا بين السعودية وإسرائيل خلال عام، أحمل بشرى سارة من القدس، ستكون الأولوية الأولى للحكومة الإسرائيلية الجديدة هي زيادة الموقعين على اتفاقيات إبراهيم، وستكون أول زيارة دولية لرئيس الوزراء نتنياهو إلى أبو ظبي، ونأمل أن تتبعها الرياض»، بحسب ما نشره موقع

allisrael

.

وأكد دانون لصحيفة «

تايمز أوف إسرائيل

» أن كلامه بشأن التوصل لاتفاق سلام خلال عام يستند إلى محادثات أجراها مؤخرًا، وفي تصريحات أخرى قال دانون: «مجرد وقت ويخرج القادة الشجعان من الظل وسوف يتحقق سلام كامل بين جميع أبناء إبراهيم، إننا ندعو ونصلي من أجل أن تنبت تلك البذور التي زرعناها ليعم السلام غير المسبوق لكل الأجيال القادمة».

ثمن الاتفاق

نشرت

وكالة الهجرة الدولية في الشرق الأوسط

تقريرًا بعنوان «السعودية وإسرائيل يستعدان لصفقة القرن»، تحدثت فيه عن التجهيزات الجارية بين الرياض وتل أبيب من اجل التوصل إلى اتفاق سلام غير مسبوق، ستكون السعودية على إثره زعيمة للشرق الأوسط الذي يضطرب بعديد من الأحداث، والهدف هو أن تكون إسرائيل حليفًا لمعظم الدول العربية، في إشارة إلى تخفيف حدة التوتر بين السعودية وإسرائيل، والتراجع عن استخدام مصطلحات عدائية ضد إسرائيل من نوعية «العدو الصهيوني».

وعرض المقال تصريحات الأمير وليد بن طلال حول المصالح الإسرائيلية السعودية وأنهما متوازيتان، وتحدثت المقالة عن الهدف المشترك للسعودية وإسرائيل وهو مواجهة إيران، كما تحدث عن الدور الذي قام به المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط وصهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي وطد العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية ومهد الطريق في سبيل توقيع اتفاقيات سلام.

استعرضت وكالة الهجرة الدولية في تقريرها المجهودات المبذولة منذ سنوات من أجل التوصل لاتفاق سلام بين الجانبين التي بدأت في 2015 من خلال محادثات بين تل أبيب والرياض وكانت حينها اجتماعات سرية، تلتها اجتماعات علنية في ما لم تنكره إسرائيل والسعودية على حد سواء، التي أعقبتها اجتماعات علنية في 2016 حينما قابل رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل وصافح الجنرال يعقوب عميدرور، أحد كبار مستشاري نتنياهو.

ولم يغفل التقرير المكاسب المتوقعة جراء توقيع اتفاق السلام بين الرياض وتل أبيب، حيث تربح إسرائيل نحو 45 مليار دولار بعد رفع القيود التجارية مع عديد من الكيانات التجارية الإسرائيلية، وإبرام صفقات وعقد شراكات متعددة بين الجانبين.