محتوى مترجم
المصدر

POLITICO Magazine
التاريخ
2016/12/13
الكاتب
كلينت واتس و أندرو ويسبورد

تستعرض مجلة (بوليتيكو) الأمريكية في هذا

المقال

مجموعة من «التدابير الفعالة» التي عمدت روسيا لاستغلالها بغرض التأثير على الناخبين، ودفعهم لاختيار المرشح الذي تفضله موسكو.

ويشير المقال إلى أن نشر الفوضى وإفساد الأنظمة السياسية وتقويض الديمقراطية جميعها نتائج تمخضت عن تلك الإجراءات، التي لجأت إليها روسيا في الانتخابات الأمريكية والاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). ويوضح أن عملاء الكرملين المحنكين استطاعوا – من خلال التأثير على الناخبين – الفوز بأصوات لصالحهم عن طريق نشر الأخبار والقصص غير الحقيقية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وينوه بنجاح تلك الأساليب في تدمير إيمان الكثير من الأمريكيين بالديمقراطية، وتقويض ثقتهم في النظام الانتخابي، ما يمنح موسكو الجرأة لتكرار الأمر نفسه في الانتخابات المقبلة في فرنسا وألمانيا وهولندا. وهذه التدابير على النحو التالي؛ إذ تبدأ روسيا باختيار انتخابات تشهد منافسة متقاربة، فنجدها تستغل حالة الانقسام شبه الكاملة وسط جمهور الناخبين بـ«بريكست» والانتخابات الأمريكية، ومن ثم يفصلها عن تحقيق مبتغاها عدد قليل من الأصوات يمكن كسبه.

ويظهر ذلك في النتيجة النهائية لاستفتاء «بريكست»؛ حيث جاءت نسبة المؤيدين للخروج 51.9% فيما جاءت نسبة الرافضين 48.1%، أي أن روسيا احتاجت فقط لحشد ما يقرب من 157 ألف صوت في عموم المملكة المتحدة؛ لتوجيه ضربة عنيفة للاتحاد الأوروبي.

أما في الولايات المتحدة، فعلى الرغم من كبر عدد الناخبين، فإن التلاعب بنظامها الانتخابي يبدو سهلًا، وهنا كان لوسائل التواصل الاجتماعي الروسية أثر على جهود تزكية ترامب وإقصاء كلينتون في 4 ولايات رئيسية. وفاز ترامب في ولايتي ميتشجان وويسكونسن بأقل من 1% وولايتي فلوريدا وبنسلفانيا بأقل من 1.5%!

وهنا يأتي الدور على الخطوة الثانية؛ استقطاب جمهور لانتخاب المرشح المفضل، وهنا ذهبت روسيا لاستهداف أشخاص يمكنهم التأثير عليهم، مثل أنصار اليمين البديل والمتضررين من آثار العولمة والإرهاب والهجرة والمصاعب الاقتصادية. وفي الانتخابات الأمريكية قامت وسائل التواصل الاجتماعي الروسية بعمل حسابات سرية وشبه علنية، واستخدمت أوسامًا (هاشتاجات) لخلق أشخاص يظهر أنهم أنصار محافظون لترامب أو مؤيدون لليمين البديل.



تعمد روسيا لإنفاذ خطتها إلى اختيار أجواء انقسام يمكن التأثير فيها وإحداث التغير المرجو من جراء التدخل الروسي، كما كان الحال في بريطانيا وأمريكا

قام هؤلاء الأشخاص الافتراضيون بإغراق وسائل التواصل الاجتماعي بأوسام مليئة بالعديد من الأخبار الوهمية للجمهور الأمريكي، من أجل تدعيم ترامب وزعزعة الثقة بالحكومة. ثم قامت هذه الحسابات بالتدوين بأوسام وكلمات مفتاحية بشكل متزامن على فترات محددة.

على سبيل المثال؛ في يوليو/تموز الماضي، نشرت اثنتان من وسائل الإعلام الروسية قصة غير حقيقية تزعم أن قاعدة إنجرليك الجوية الأمريكية في تركيا سيطر عليها إرهابيون مستخدمين وسمي #trumppence16 و #benghazi لاستقطاب جمهور مؤيد لترامب.

وما يميز التدخل الروسي أنه يتمتع بالثبات والاستمرارية، فيكون الدعم المبكر للمرشح المفضل والاستمرار، في أوائل أغسطس/آب عام 2015 ظهر دعم وسائل الإعلام الروسية الناطقة بالإنجليزية لترامب في وقت كانت تبدو فكرة فوزه ضربًا من ضروب الخيال. واستمرت وسائل الإعلام الروسية في مسارها خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وكانت ترتفع في الأوقات المهمة. وإذا عدنا لأوائل عام 2015، نجد أن وسائل الإعلام الروسية أثارت المخاوف من الهجرة، بل دعمت اتهامات نايجل فراج، أحد أنصار بريكست بريطانيا، لواشنطن بالتلاعب لكسب الدعم الشعبي في بريطانيا للبقاء في الاتحاد الأوروبي.

وكوسيلة فعالة للدعم، كانت البروباجاندا المختلقة وسيلةً جيدة، حيث تقوم وسائل الإعلام الروسية مثل وكالة سبوتنيك، وقناة روسيا اليوم، بنشر رسائل سياسية ومالية واجتماعية تصحبها آثار كارثية لإذكاء مشاعر الخوف والتآمر في بيئة المعلومات الخاصة بالديمقراطيين المعادين لروسيا. ومنذ صيف عام 2015، لوحظ أن الرسائل الروسية وصلت لجميع الأطياف السياسية اليسارية واليمينية ،وأيضًا جماعات الفوضويين والمناهضين للرأسمالية والعنصريين البيض والميليشيات المناهضة للحكومة.

لم تؤتِ بعض الحملات الروسية أكُلها، لذا عندما تجد الدعاية الرقمية الروسية رسالة يتردد صداها بين الساخطين من الجمهور الأمريكي يعيدون تركيز جهودهم لاستغلالها، حيث تلقى نجاحًا في الغالب بين المحافظين الساعين لجمع المعلومات الضارة عن كلينتون.

على سبيل المثال، نشرت وكالة «سبوتنيك» الروسية موضوعًا يحوي بريدًا إلكترونيًا مسربًا من ويكيليكس وحولته إلى بروباجاندا لا معنى لها، مفادها أن كلينتون مصابة بـ «ملل القرار»، وهي قصة وهمية أخرى ساهم في تضخيمها فيديو لموقع (إنفو وورز) حصد ملايين المشاهدات.

القصص الأخرى التي تنطوي على تزوير أو قرصنة الانتخابات تصدرت التغطية الإعلامية لـ «روسيا اليوم» و «سبوتنيك» في الأسابيع الأخيرة قبل التصويت، وتم تضخيمها من قبل دونالد ترامب نفسه.

كما أن الرسائل الروسية أصبحت أكثر شمولًا وتحسنًا مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، وكانت فعالة للغاية حتى أن ترامب نفسه وقع ضحية للدعاية الروسية عندما استشهد بقصة غير حقيقية نشرتها وسائل الإعلام الروسية عن مسئولية كلينتون عن هجوم بنغازي. وكدعم للبروباجندا المختلقة وجبت قرصنة المعلومات ونشر قصص مختلقة.



نشر الأخبار الكاذبة واختلاق القصص، والترويج لها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل، واحدة من الأدوات الروسية الأصيلة، لزعزة الثقة الشعبية في أي عملية انتخابية

في الماضي كان عملاء «كي جي بي»، جهاز الاستخبارات السوفيتية، يستخدمون أدوات المساومة الشخصية أو ما يُعرف باسم (كومبرومات) لابتزاز المسئولين الغربيين والشخصيات العامة. واليوم تقوم فرق القرصنة الروسية باستغلال الكومبرومات مع العديد من المسئولين الحكوميين الغربيين والإعلاميين والخبراء الأمنيين.

بعد ذلك تقوم روسيا بنشر معلومات مفبركة بمواقع مثل ويكيليكس، ثم تغزو تلك المعلومات وسائل الإعلام الرئيسية وتصبح مادة تتغذى عليها المواقع الإخبارية المعادية. ويبدو أن الكومبرومات الروسي لديه هدف جديد، ألا وهو (ألمانيا) اللاعب الرئيسي في الاتحاد الأوروبي، حيث أشارت إلى تعرض (البوندستاج) للقرصنة من قبل موسكو العام الماضي، فضلًا على حملات التضليل الروسية قبيل الانتخابات المقبلة.

ولأن الخطوات الـ5 – سالفة الذكر – ركزت على الدعم الروسي للطرف الأقرب لها، جاءت هذه الخطوة مستهدفةً الخصم، فكان استخدام القوة لإرباك المعارضين، وفيها تعمد وسائل الإعلام الروسية بعد اختلاقها للمعلومات إلى الترويج لقصص وتضخيمها من خلال برامج «بوت»، ثم تقوم مجموعة من الحسابات المبرمجة للظهور كأفراد ضمن الجمهور المستهدف بنشر تعليقات أو إعادة نشر تدوينات أو مشاركة تلك المعلومات المفبركة بوتيرة مذهلة تحولها إلى تريند على تويتر.

في حال نجاح ذلك، يغري ذلك الكم من المعلومات المفبركة وسائل الإعلام الرئيسية للانخراط في تلك القضية. وإذا ثبت عدم صحة تلك المعلومات المفبركة من قبل البوتات الروسية لاحقًا، يتم تصحيحها لكن الناتج النهائي يكون كمًا كبيرًا من المعلومات لا يستطيع خلاله الناخبون تمييز الحقيقي من المفبرك؛ ما يؤدي لتقويض نزاهة المؤسسات الديمقراطية وثقة الناخبين.

ولأن النجاح لا يكون مضمونًا في معارك كهذه، خُتمت الوصفة الروسية، بمحاولة الخروج بأقل الخسائر؛ تفضل روسيا أن يحظى مرشحوها بالفوز في نهاية الأمر، لكن حتى وإن خسروا لن يكون ذلك سيئًا لها، حيث سيتولد لدى بوتين ورفقائه شعور بالسعادة لنجاحهم في نشر الفوضى والتشكك والبلبلة. فمجرد الادعاء بتعرض قوائم الناخبين للاختراق في ولايتي إلينوي وأريزونا، قد زاد من المخاوف من تزوير النتائج النهائية، ما يضفي مصداقية على مطالب، مثل الخاصة بمرشحة حزب الخضر جيل ستاين بإعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن.