كعادته، وُلد ليتصدر المشهد، قرر كريستيانو رونالدو بالاتفاق مع ناديه ريال مدريد الانفصال بعد علاقة ناجحة دامت لتسع سنوات حتى ظن الجميع أنها كاثوليكية الطباع لن تنتهي إلا باعتزاله الكرة، ولكن لعوامل كثيرة قُتلت بحثًا وضع رونالدو العديد من الخطوط السمراء على قميصه الأبيض ليُمثل عملاق إيطاليا يوفينتوس.

فنيًا تحدث الجميع عن ريال مدريد ويوفينتوس بوضعيتهما الجديدة وكيف يمكن للأول رحيل الدون إلى الثاني ومدى تأثير دخول الثاني قائمة البيانكونيري وكيف سيُشكل ثُنائيًا مميزًا مع ديبالا؟ ولكن ماذا عن الخلفية الأكبر؟ كيف سيستفيد الكالتشيو – إن أراد- من صفقة القرن كما سُميت؟


مغلق للتحسينات

ما يقرب من العشر سنوات والكرة الإيطالية تعاني على مستوى الأندية والمنتخب من مشاكل تراجع في المستوى وندرة واضحة في مواهب شباب الطليان. فبين آخر دوري أبطال فاز به فريق من الكالتشيو ويومنا هذا ما يزيد على ثماني سنوات عندما حقق الإنتر ثلاثية 2010 الشهيرة، وآخر إنجاز للآتزوري كان رفع كأس العالم 2006 منذ 12 عامًا، والأدهى أنهم غادروا كأس العالم من الدور الأول في نسختي جنوب أفريقيا والبرازيل بفوز واحد ولم يتأهلوا من الأساس لنسخة روسيا 2018 في واقعة لم تحدث منذ 60 عامًا.

كل تلك الأزمات لم تكن صدفًا أو مجرد قلة مواهب، ولكن سوء تخطيط وإهمال وصل بالكالتشيو إلى تلك المرحلة.

الكُرة الإيطالية مليئة بالأزمات، ولكني لا أعتقد أني قادر على حلها بمفردي، في الغالب يتحمل المدرب كل شيء، ولكن تلك مشاكل في البنية التحتية. على سبيل المثال، هل يمكن أن تخبرني لماذا نحن البلد الوحيد بأوروبا الذي لا يمتلئ إستاداته بالجماهير ولا حتى للنصف؟ أعتقد أنها ليست مشكلة فينتورا.





تصريح كارلو أنشيلوتي عن الكرة الإيطالية مؤخرًا

الوضع أشبه بفجوة زمنية دخلتها إيطاليا ولم تستطع الخروج منها. نفس الملاعب التي لم تجدد منذ تنظيمها لكأس العالم 1990، وإهمال في إنتاج مواهب شابة والمحصلة فشل ذريع. وكأن إيطاليا قررت تعليق نشاطها الكروي للتحسينات ولكنهم لم يقوموا بها.


سكة الأموال

لا يخفى على الجميع المشاكل المادية التي يعانيها عديد من أندية الكالتشيو، من إفلاس بارما مرورًا بتحكم قوانين اللعب المالي النظيف في قطبي ميلانو. حتى يوفنتوس الذي يبدو مستقرًا يعاني حتى يمول صفقة كبيرة، فإما بشراكة مع شركات راعية أو بالتخلي عن أحد نجومه.

المشكلة الكبرى في المشاكل المادية أنها تمثل دائرة مفرغة حيث إن عوائدك الضعيفة لن تتيح لك التعاقد مع لاعبين كبار أو الاستقلال بملعب خاص وبالتالي ستسوء نتائجك، ولن تستطيع تحصيل أموال كثيرة جراء عقود الإعلانات والبث وخلافه ومن ثم تعاد الكرة. بدأت القصة في أوائل العقد الثاني من الألفية عندما قرر الميلان توفير النفقات تبعًا لسياسة بيرلسكوني وقام بالتخلي عن معظم نجومه وعلى رأسهم إبراهيموفيتش وبيرلو، ومن يومها وحتى الآن ما زال الميلان يبحث عن نفسه.

ليس غريبًا الآن وبعد كل هذا التأكيد أن يوفنتوس هو النادي الوحيد من بين كبار إيطاليا الستة «يوفينتوس، إنتر، ميلان، لاتسيو، روما ونابولي» الذي يمتلك ملعبًا خاصًا، أما الباقي فيلعب على استادات حكومية، وبالتالي يصعب عليهم التحكم في سعر التذاكر والتحصل على ربحها بالكامل. تأخر بسنين يعيشه القائمون على الكرة بإيطاليا في ظل توحش أندية الليجا والبريميرليج اقتصاديًا، حيث وصلت أرباح البريميرليج من

البث التلفزيوني

لموسم 2016/2017 لـ2.7 مليار يورو مقابل 924 مليون يورو للكالتشيو، أكثر من الضعف تقريبًا.


تصريحات خافيير تيباس

عن عقود رعاية الليجا بعد رحيل رونالدو

تصريح يدل على مدى الثبات والقوة التي أصبحت فيها الليجا لدرجة أنها لا تعتمد على رحيل أحد أفضل لاعبي العالم عنها، الشيء الذي يجب أن تعمل على تنفيذه السلطات في إيطاليا.


تقنيًا، ضاعت الهوية

منتخبات إيطاليا وأنديتها على مر التاريخ لم تكن مجرد فرق قوية وحسب بل كانت تمتلك من الإرث الكروي ما يجب أن يُورث من جيل إلى جيل. شهرة الطليان امتدت لدرجة قد تجعل سؤالك لرجل شارع غير مهتم بالكرة عن مُنتخب إيطاليا سينطق بكلمتين وهما «الدفاع والحماس».

ضاعت هذه الهوية في الفترة الأخيرة لأسباب عدة منها نزوح المدربين الطليان عن إيطاليا نفسها والتدريب في إسبانيا وإنجلترا مثل كونتي وأنشيلوتي وكابيلو وأخيرًا ساري وبالتالي افتقاد العنصر الأهم الذي سينقل هذا الإرث من مجموعة لأُخرى. أنشيلوتي نفسه ذكر أنه رفض مهمة تدريب المُنتخب الإيطالي خلفًا لفينتورا بعد فضيحة عدم التأهل للمونديال وأنه كنظرائه من المدربين الطليان يسهل عليهم العمل في البلدان الأخرى وملاعبها المجهزة، قد يكون ذلك سببًا أيضًا في قلة المواهب الإيطالية نتيجة ضعف الإمكانيات المُسخرة لقاعدة الناشئين.

فقدان الهوية الإيطالية لم يشمل فقط فقدان التركيز على منهج اللعب المتحفظ والهجوم المركز. مدافعين وصناع لعب تاريخيين تميزت بهم إيطاليا على مر تاريخها فمن باريزي ومالديني إلى نيستا وكانافارو ومن باجيو ومانشيني إلى ديل بييرو وتوتي، أما الآن فتقف إيطاليا دون عمود فقري تعتمد عليه كعاداتها،حتى إن

كيليني

انتقد الوضع قائلًا: «المدافعون الآن أصبحو يهتمون بتمرير الكرة أكثر من رقابة الخصم».

إذا صعب عليك تخيل الموقف تذكر هدف ديل بييرو في ألمانيا في مونديال 2006، كانافارو وتوتي وديل بييرو عرفوا الكرة الإيطالية في هدف واحد!


أين يضع رونالدو مفتاح الجنة؟

تراجعت نسبة قلقي على الليجا بشكل كبير ففي الماضي كنت أخشى من توابع رحيل رونالدو بدرجة 9/10 لكن اليوم أصبحت الأمور بدرجة 4/10.

إيطاليا فازت باليانصيب.


تصريح كريستيان فييري

نجم الكرة الإيطالية السابق عن قدوم رونالدو للكالتشيو

جنة كرة القدم، الاسم الذي طالما أطلقه محبو كرة إيطاليا على دوريهم ولكن الحقيقة كانت عكس ذلك في السنوات الأخيرة. الجنة كانت كذلك لأنها كانت تستقطب النجوم الكبار، رونالدو وكاكا وشيفتشينكو وسيدورف وإبراهيموفيتش وتريزيجيه وغيرهم. أسماء يصعب بل يستحيل حصرها. أما الآن فقد تحولت إلى جحيم طارد لكل النجوم، حتى الطليان منهم، وبالتالي فإن تعاقد اليوفي مع لاعب باسم رونالدو وقدراته كفيل بإعادة إحياء الكالتشيو.

بكل الطرق الممكنة سيستفيد الدوري الإيطالي من قدوم كريستيانو رونالدو.

1. ماديًا بالتأكيد سترتفع عقود البث التلفزيوني التي تمثل أكثر من نصف دخل معظم الأندية في إيطاليا؛ نظرًا لعزوفهم عن مشاهدة المباريات في الملعب، الأمر الذي سيتغير بالطبع بقدوم رونالدو بدليل

بيع يوفينتوس لكل تذاكره الموسمية

قبل بدء الموسم مرتفعًا عن نسبة حضور وصلت إلى 94% حققها النادي الموسم الماضي.

2. العوائد المادية التي ستدخل إيطاليا عن طريق كريستيانو رُبما تكون أحد الحلول لإعادة هيكلة المنظومة الكروية في إيطاليا، وتحديدًا في بناء وتجديد الملعب والاهتمام بقواعد الناشئين.

3. الإضافة الثالثة التي سيقدمها رونالدو ستكون على مستوى كرة القدم نفسها، فاليوفي في الأساس مُرشح دائمًا لنيل لقب الدوري، فما بالك عندما يضيف رونالدو لقائمته. جرس إنذار يدب في كل أرجاء إيطاليا وبالتالي ستسعى الأندية الكبرى للتدعيم بقوة لمحاولة سد الفجوة التي يصنعها اليوفي وبالتالي منافسته. ارتفاع مستوى أندية الكالتشيو بالتبعية سيعود على المنتخب الإيطالي.

4. الشيء الأهم الذي سيقدمه رونالدو في نظر الكثيرين هو الهيبة التي فُقدت مُنذ عقد تقريبًا، فقدوم كريستيانو يُنذر الناس بأن زمن جذب النجوم قادم، أيام رونالدو وكاكا وتشيفا لم تنتهِ. وبالفعل، كثرت أخبار انتقال نجوم كبار للكالتشيو فور قدوم رونالدو مثل إشاعات رغبة نابولي في عودة كافاني والتعاقد مع دي ماريا. بالتأكيد الرغبة ستكون مزدوجة من الأندية واللاعبين للقدوم إلى الكالتشيو لمنافسة المستوى الأعلى من اللاعبين، كذلك سيجد شباب إيطاليا بطلًا يقتدون به ويتمنون النجاح ليُصبحوا مثله.

5. الفائدة الأخيرة من قدوم رونالدو لليوفينتوس هي احتمالية فوزه معهم بدوري الأبطال، وهو اللقب الغائب عنهم مُنذ 22 عامًا بينما أحرزه رونالدو 5 مرات، 4 منها في آخر 5 سنوات. إن حدث ذلك، فإن اليوفي سيكون قد استفاد الاستفادة القصوى من الآخر وفازت إيطاليا باليانصيب كما قال فييري فعلًا.