شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 124 «الصدق» هو الصفة التي يمكن أن تصف بها نظرة «أحمد أمين»، هو ممثل بالطبع، وبرنامجه «البلاتوه» يمكنه من أداء أدوار عدة حتى دور الشخص الصادق، ولكن لا، هناك نظرة معينة في عينيه لا تتغير حتى في صورة عادية على حائطه على الفيسبوك، في لقاءاته مع الإعلاميين، حتى في إعلان الزبادي، نظرة تشع صدقًا لا يمكن إغفاله. «الخجل» هو ما يبديه أمين في كلامه عن نفسه رغم أنه من أنجح النماذج التي يمكنك أن تسمع عنها، ليس فقط في برنامجه الذي أوشك موسمه الثاني على الانتهاء بنجاح ساحق، لكن أيضًا في مشواره الطويل قبل أن يبدأ التمثيل، هذا الخجل بالضبط هو ما يجعله قريبًا من القلوب، أمين لا زال يجلس على طرف الكرسي وينفي عن نفسه بعنف كل صفات العظمة التي يبديها آخرون لمجرد أنها وجهات نظرهم الشخصية في أنفسهم. «الاحترام» هو ما يعتمده أحمد أمين في تصرفاته وكلامه وأدواره، إذا تابعته على السوشيال ميديا سوف تجده هنا مثلًا ينفي سخريته من خريجي كلية التجارة في أحد إسكتشاته ويعتذر عن عنوان الإسكتش الذي انتشر على صفحة البرنامج رغم أنه لم يطالبه أحد بالاعتذار، ولم يتهمه أحد بشيء، ولكنه يحافظ على المسافة التي تبقيه نموذجًا محترمًا، تشعر بشكل ما أنه «ابن ناس طيبين» في حركاته وأدائه وطريقة كلامه، قريب منك بطريقة لا يمكن تفسيرها رغم أنها سهلة للغاية. صحفي، سينارست، وأشياء أخرى لم يوجد «أحمد أمين» من اللامكان فجأة، وبرنامج «البلاتوه» هو محطة جديدة من مشواره الذي تعلق بالفن بشكل أو بآخر، فقد كان أحمد أمين سيناريستًا لعدد من مسلسلات الكارتون الشهيرة مثل «بسنت ودياسطي»، وقد كان منتجًا بجانب أنه سينارست لمسلسل «القبطان عزوز»، أي أنه لم يبزغ فجأة في عالم الفن بلا هوية، فأمين كان في المطبخ لأعوام قبل ذلك، حتى أنه كان رئيسًا لتحرير مجلة «باسم» للأطفال، ويلعب الكثير من الآلات الموسيقية، ويغني في برنامجه أيضًا، فنان شامل كما يقولون، ولكنه لا يملأ الدنيا صراخًا بأنه فنان شامل، بل ينسى أحيانًا أن يفخر بها ويسردها كأنها سيرة ذاتية عادية جدًا وكأن حصوله على جائزة الإعلام العربي عن مسلسله «بسنت ودياسطي» شيء معتاد يمكن أن يحدث لأي شخص. مشوار أحمد أمين الطويل هذا كان ضروريًا جدًا لينضج موهبته لتناسب البلاتوه، عمله الموجه للأطفال في المجلة أو في المسلسلات الكارتونية هو ما حفز دماغه على إنتاج هذا الكم من الكوميديا الراقية، وكان تدريبًا لازمًا ليكون كوميديانًا لا يعتمد على الاستسهال، حيث أنه تعلم بالطريقة الصعبة كيف يستخرج رضا المتلقي الذي كان طفلًا في أعماله القديمة والأطفال هم أصعب أنواع المتلقين، فتعود على العمل الشاق كي يخرج منتجًا يرضي جمهوره قديمًا، ومن يستطع أن يرضي الأطفال يمكنه بسهولة أن يرضي البالغين، ويرضيهم لدرجة كبيرة حيث أنه لم يتعود على الاستسهال، ولذلك حصد البلاتوه هذا النجاح الساحق في فترة قصيرة. التفكير داخل الصندوق يقولون أن أبسط الأشياء هي أفضلها على الإطلاق، ويمكنك أن ترى تلك القاعدة تتحقق حرفيًا في برنامج «البلاتوه»، لا يتطرق الحديث إلى أمور صعبة ومعقدة، بالعكس تمامًا تتحدث الاسكتشات عادة عن أشياء بديهية جدًا تحدث لنا يوميًا لدرجة أنك تظل تهتف طوال الحلقة «أيوة صح والله صح»، هذا القرب الذي تستشعره عندما تجد مشاكلك تعرض أمامك على الشاشة بشكل كوميدي لا يحقرك فيه أحد ولا يسخر منك، تشعر أنك لست وحدك وأن الحياة يمكنها أن تكون لطيفة حتى لو كانت تضحكك ضحكًا كالبكاء. هذا هو التفكير داخل الصندوق الذي نسي الجميع أن ينقبوا فيه، كلهم ينادي بالتفكير خارج الصندوق والبحث عن حلول خارج الصندوق ونسوا تمامًا أن الصندوق ما زال مليئًا بأشياء تنتظر من يبحث عنها، أما فريق البلاتوه فقد قرروا أن يبحثوا داخل الصندوق الذي نسيه الجميع أو تناسوه عمدًا حتى يظهروا مجددين ومختلفين. أبطال البلاتوه فريق عمل الكتابة في البرنامج مواهب طازجة جدًا، يمكنك متابعة بعضهم على الفيس بوك لتفهم أن الكوميديا أسلوب حياة لهم، «سارة هجرس» مثلًا أم آدم ويحيى وكانت تعمل في مجال الديكور، صفحتها على الفيس بوك مكتظة بمواقف تسردها من حياتها الشخصية مع أبنائها تستشعر معها أن تلك الموهبة كان لا بد أن تتحرر، كان لا بد أن ترى إفيهاتها النارية على الشاشة بالفعل، سارة هي العنصر النسائي الوحيد في فريق الكتابة وتشعر أنك تعرف بالضبط الاسكتشات التي قامت بكتابتها، لونها مميز وروحها حاضرة، «الشغف» هو اسم اللعبة التي تلعبها سارة باقتدار. بالطبع هناك آخرون في فريق الكتابة يستحقون الإشادة، خاصة عندما يكونون ذوي خلفية «فيسبوكية» عتيدة مثل «وجيه صبري» مثلًا، الذي تشعر دائمًا أنه يكتب كوميديا لأنه «زهقان»، دائمًا تشعر أن زهقه هذا يجعله كارهًا للحياة الحقيقية والوجوه الكالحة والأشياء العادية كلها، فتخرج منه الإفيهات وأنت تشعر انه «مكشر» فيضحكك هذا أكثر، وجيه صبري صغير السن، وهذه ميزة أخرى تميز البلاتوه، المهم أن تجيد ما تفعله. أما فريق التمثيل فيمكننا أن نتحدث عنهم بلا انقطاع، ﻻ تري لقطة واحدة تضم ممثلًا لا يجيد التمثيل أو تنقصه الكاريزما أو ثقيل الدم أو يمثل زيادة عن اللازم، كلهم رائعين وكلهم يجيدون ما يفعلونه ويفعلونه بحب، ولذلك تخرج كل حلقة كما يجب أن تخرج بالضبط. تجربة البلاتوه تجربة ممتعة، ممتعة لمن يعملون عليها وممتعة لمن ينتظروا الساعة العاشرة من يوم الجمعة أسبوعيًا ليشاهدوا شيئًا واحدًا نظيفًا ومعمول بروقان. قد يعجبك أيضاً في ذكرى رحيل «العم» إبراهيم أصلان: جيل يسلم جيل فيلم «Rifkin’s Festival»: مهرجان وودي آلن لسينما الفن «نوارة»: ذلك الخيط الرفيع بين الإيمان والكفر الحزن الأزرق: مرثية «بيكاسو» للحياة شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram إنجي إبراهيم Follow Author المقالة السابقة حكايات مومياء الثلوج – الحلقة الأولى المقالة التالية «Toni Erdmann»: ألمانيا صاحبة الوجهين قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك ما خفي كان أعظم: الدلالات السياسية في السينما 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الواقعة البوشكارية 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك Youth.. عن الجيتو النفسي والفلسفي للشيخوخة 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك بعد وفاة حسني مبارك: كيف تقرأ مسلسل «مسيح»؟ 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هؤلاء «الكتّاب» يقدمون لكم دراما رمضان 2018 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل يستحق فيلم The Revenant جائزة الأوسكار؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك موسيقى مسلسل Westworld: الفن والفلسفة وما بينهما 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيلم «Mad to Be Normal»: ثورة على إرث الطب النفسي 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مهرجان الجونة: مادة للتندر أم تظاهرة فنية حقيقية؟ 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك انطباعات أولية في الدراما الرمضانية: الإخراج 03/03/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.