حينما تجد أن كل شيء ضدك تذكر أن الطائرة تقلع عكس اتجاة الرياح وليس معها.





هنري فورد مؤسس شركة فورد الشهيرة

لطالما حلم الإنسان بالطيران منذ أن وطئت قدماه الأرض وشاهد الطيور في السماء محلقة، فكانت أولى محاولات الطيران المثبتة على يد العالم المسلم عباس بن فرناس الذي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الانسان لا يمكن أن يتم تزويده بأجنحة وريش ويستطيع التحليق بقوة جسده المجردة، فاتجه بعدها الإنسان إلى استخدام الآلات في التحليق إلى عنان السماء.

وكانت الطائرات الورقية هي أولى الآلات التي صنعها الإنسان وتمكنت من التحليق بنجاح وهي لا تختلف كثيرًا عن الطائرات الورقية المعروفة في وقتنا الحاضر؛ حيث إن الطائرات الورقية لا يمكنها تحقيق حلم الطيران فقد طور البشر طرقًا أخرى مبنية على مبدأ عرفه الصينيون منذ أكثر من ألفي عام وهو أن الهواء الساخن أخف من الهواء البارد، حيث يمكنك إذا قمت بتسخين هواء في حيز محكم وكان حجم الهواء كافيًا فإنه سيحمل هذا الوعاء ويرتفع.

وكانت أولى التطبيقات لهذا المبدأ هو مصباح السماء وهو عبارة عن مجسم أسطواني الشكل في العادة مملوء بالهواء وفي أسفله شمعة أو مصدر لهب يقوم بتسخين الهواء بداخله مما يسبب طيرانه، وكان يستخدم عادة في الاحتفالات.

صورة لمصابيح السماء

صورة لمصابيح السماء، في احتفالية بتايوان

في 19 سبتمبر/أيلول سنة 1783 تم تطويع وإحياء هذة الفكرة في فرنسا على يد Pilatre De Rozier معلنًا بدء عهد المركبات الأخف وزنًا من الهواء، (وهي المركبات التي تستخدم المبدأ سالف الذكر وتحتوي على هواء ساخن أو غاز كثافته أقل من الهواء كالهيدروجين)، وكانت حمولة هذا المنطاد خروفًا وديكًا وبطة.

وقد حلق لمدة 15 دقيقة قبل أن يهوي إلى الأرض. بعد التجربة الأولى بشهرين في نفس العام كان أول منطاد يحمل بشرًا من صنع الأخوين إيتان وجوسيف مونيجولفيه، وقد انطلقت الرحلة زهاء 20 دقيقة من وسط باريس، وفيما بعد أضيفت طرق جديدة للتحكم في حركة المناطيد وارتفاعها.


الطائرات الأثقل من الهواء

يتميز كوكب الأرض بوجود جاذبية، هذة الجاذبية تحتفظ بالغلاف الجوي والقمر ولكنها تؤثر على الأجسام على سطحه بقوة مقدارها كتلة ذلك الجسم مضروبة في عجلة الجاذبية الأرضية (عجلة الجاذبية الأرضية تساوي 9.8 متر لكل ثانية مربعة).

ولكي يستطيع أي جسم الطيران يجب أن يتغلب على قوة الجذب تلك، ويمكن تحقيق ذلك باستخدام خصائص الهواء الديناميكية. فعلى سبيل المثال تستطيع الطيور باستخدام أجنحتها توليد قوة رفع (LEFT) بفضل شكل الجناح وحركته وأحيانًا باستخدام سرعة الريح وبسط أجنحتها في اتجاه الريح. فبدراسة تشريح الأجنحة وحركتها والتعمق في علوم الفيزياء وخاصة الأيرودينمك استطاع الإنسان محاكاة تلك الأجنحة والطيران بها.

تتكون الأجنحة الثابتة وهي الأكثر شيوعًا اليوم في أبسط أشكالها من رقاقة هوائية Air foil لها سطحان أحدهما مستوٍ والآخر مقعر، وتكون مائلة بزاوية معينة على المحور الأفقي تسمى زاوية الهجوم أو الوضع (angle of attack)، وتستخدم المراوح في دفع الهواء ناحية الأجنحة مولدة تيار هواء يمر فوق وتحت الجناح ويكون مساره أطول فوق الأجنحة مولدًا ضغطًا أقل فوق الجناح مما يتسبب في نشوء الرفع، وتساهم زاوية الهجوم وشكل سطحي الجناح في زيادة مقدار الرفع الكلية.

وريقة هوائية ومسار الهواء حولها

وريقة هوائية ومسار الهواء حولها

ومنذ اللحظات الأولى التي طارت بها طائرة الأخوان رايت والتي أعلنت ميلاد الطائرات الأثقل من الهواء وهذه الأخيرة في تطور مذهل وتغلغل مستمر بكل نواحي الحياة المدنية والعسكرية على حد سواء.

ما إن استقرت المفاهيم الأساسية للطيران وتم التحليق السلس بها حتى تلقفتها الجيوش كسلاح جديد في الحرب العالمية الأولى، وكانت الطائرات في تلك الحقبة تصنع من الخشب والقماش ثم تم تقويتها بأنابيب الفولاز ثم تم كسوتها بالألومنيوم حتى الحرب العالمية الثانية، ولكنها الآن تصنع من مواد مركبة مخصوصة.

وقد اقتصر دور الطائرات في الحرب العالمية الأولى على الاستطلاع والقصف والاعتراض، ثم بعد ذلك تم تزويدها بأسلحة رشاشة وتم صناعتها بأعداد كبيرة، وفي سنة 1914 حدث أول التحام جوي في التاريخ.

الباتروس دي2، إحدى طائرات الحرب العالمية الثانية

الباتروس دي2، إحدى طائرات الحرب العالمية الثانية

وبانتهاء الحرب العالمية الأولى أخذت الطائرات بالتطور السريع والدخول في المجالات التجارية، وظهرت طائرات قوية على الساحة الدولية كالإنجليزيتين سبتفاير وهاريكن والزيرو اليابانية والألمانية Messerschmitt Bf 109 واستوكا وغيرها، والتي تصارعت في الحرب العالمية الثانية فيما بينها.

متسيوبيشي A6M زيرو اليابانية

وفى نهاية الحرب العالمية الثانية تم اختراع المحرك النفاث، والذي يعد السبب الأول لما نشهده اليوم من تطور هائل في مجال الطيران سواء المدني أو العسكري.


نطالع في التقرير القادم المقاتلة الخطيرة، التي حلت مؤخرًا ضيفًا ثقيل الظل على محيطنا العربي، بعدما انضمت لسلاح الجو الإسرائيلي، الطائرة الحديثة لوكهيد مارتن F35، والتي لم تُختبر حتى الآن في أي حرب متكافئة؛ ما يجعل التنبؤ بأدوات ردعها أمرًا بالغ الصعوبة.