شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 58 استغلال السلطة من أجل المنفعة الخاصة. — هكذا يكون الفساد من وجهة نظر (منظمة الشفافية العالمية) يعد تفاقم قضية الفساد في مصر متزامنًا مع تصاعد سياسات الانفتاح الاقتصادي واتساعها، والنشاط المتزايد لرفع القدرة التنافسية للمنتجات، والذي ترافقه حركة الأموال، وحركة غسل الأموال، المتصلة بالجريمة المنظمة. وبلغ في التسعينيات درجات غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم وخاصةً في مصر. ولذلك تزايد الوعي بضرورة مكافحته. وأظهرت الأبحاث العديدة التي نُشرت من قبل المؤسسات المتخصصة الكلفة الباهظة التي يتطلبها القضاء على الفساد، كما أظهرت دوره في إعاقة النمو وتخريب التنمية على المستوى الاقتصادي، وانعكاس ذلك على الوضع الاجتماعي في أي بلد يعاني تلك الآفة العظيمة. وفي دراسة الحالة المصرية نجد أن الفساد في مصر يصيب بالدوران إذ أصبح صاحب الكلمة العليا في انتقاء النخب الحاكمة وتدعيم قواعدها ونفوذها على سدة الحكم لعشرات السنين. صناديق الفساد في مصر الصناديق الخاصة هي أوعية موازية في الوزارات أو الهيئات العامة، وتنشأ بقرارات جمهورية، لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة، هذه الحصيلة لا تدخل إلى خزينة الدولة ولا علاقة للموازنة العامة بها، وبالتالي لا يناقشها مجلس الشعب، ولكنها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات. ترجع النشأة الرسمية لـ«الصناديق الخاصة» أو «الحسابات الخاصة» إلى عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات من خلال القانون رقم (53) لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة. فقد أباح هذا القانون إنشاء صناديق خاصة ووحدات ذات طابع خاص في المادة رقم (20) منه التي تقضي بأنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء صناديق تخصص لها موارد معينة لاستخدامات محددة، ويعد للصندوق موازنة خاصة خارج الموازنة العامة للدولة وتتبع الجهات الإدارية كالجهاز الإداري، أو الإدارة المحلية، أو الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة. الصناديق الخاصة هي أوعية موازية في الوزارات أو الهيئات العامة، وتنشأ بقرارات جمهورية، لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد. في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، قد تشعبت تلك الصناديق وانتشرت في كل الوزارات والمحافظات والشركات القابضة. ففي هذه المرحلة صدرت سلسلة من القوانين تعطي الحق للعديد من الجهات في إنشاء صناديق خاصة، مثل قانون التعليم رقم (139) لسنة 1981، وقانون الجامعات رقم (49) لسنة 1992. الأمر الذي يجعل من هذه الحسابات المخبأ الرئيسي لأموال الدولة المسروقة التي لا يتم تحويلها إلى خزينة وميزانية الدولة، لكنها في المقابل كانت بمثابة حصالات بنكية للجنرالات والمسؤولين الكبار في أجهزة الدولة البيروقراطية، الأمر الذي سمح لهم تجميع مكافآت بعيدًا عن أعين المراقبين والأجهزة التنظيمية ومرؤوسيهم، فيما يعرف باسم «الصناديق الخاصة». وقد بلغت حصيلة الصناديق الخاصة 14.1 مليار دولار في بداية السنة المالية 2010/2011 بنهاية عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. بينما في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، اتخذت الصناديق طابعًا آخر، فأصبحت تدار هذه الصناديق بأشكال ثلاثة (شكل شرعي يتمثل في حسابات بالبنك المركزي المصري وحسابات لهيئات اقتصادية وحسابات لأجهزة إدارية بالدولة وحسابات بعملات أخرى غير الجنيه المصري، إضافةً إلى حسابات غير شرعية وتتمثل في حسابات خاصة في البنوك الحكومية، انتهاءً بالشكل المجهول من الحسابات وتدار هذه الحسابات من قبل أجهزة سيادية بالدولة) وبحلول أغسطس 2014، قال وزير المالية السابق، هاني قدري ديميان أن إجمالي حجم أموال الصناديق الخاصة يقدر بـ 3.8 مليار دولار، ولم يحدد ما إذا كان هذا تقدير رصيد نهاية السنة أم النشاط الائتماني السنوي. وقد فتح رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار هشام جنينه، ذلك الملف أمام الرأي العام حين قام بعض المدققين الحكوميين بالذهاب إلى مبنى وزارة الداخلية، بهدف كشف مخالفات من السجلات المالية لوزارة الداخلية، بعد مزاعم استنزاف عدد من المسؤولين في الوزارة أموال الدولة لصالحهم، والتي تقارب الـ12 مليون دولار كمكافآت ومزايا مالية، وقبل أن يقوم المدققون بمراجعة الحسابات، تم إلقاؤهم خارج مبنى الوزارة. وقد بررت وزارة الداخلية تصرفها تحت بند «الحرب على الإرهاب»، موضحين أن الطريقة التي تُنفق فيها أموالُ الدولة يجب أن تبقى سرًا. وعلى إثر ذلك تم عزل هشام جنينة وإحالته للتحقيق. حق المصريين المفقود بعدما تمت الإطاحة بمرسي، في صيف عام 2013، قام السيسي بالإشراف على إصدار دستور جديد للبلاد، وتوظيف مجموعة من التكنوقراط والمحققين رفيعي المستوى بهدف معالجة جوانب مشكلة الفساد في البلاد، ولكن جميع هذه المبادرات قد أثبتت أنها غير فعالة. فعلى الرغم من أن الدستور المصري يلزم الحكومة بشكل كبير بمكافحة الفساد، فإن «المنافسة بين المؤسسات القائمة، جنبًا إلى جنب مع تداخل الاختصاصات يقوض تنفيذ إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد». التكنوقراط قد ظهروا بشكل بارز في المشهد السياسي في عهد الرئيس السيسي، ولكنهم كانوا أيضًا، وفي أحيان كثيرة، موضعًا لاتهامات غير لائقة. وقد ضرب مثالًا على ذلك برئيس وزراء مصر الأسبق، إبراهيم محلب، الذي لم يمكنه تفادي الخلافات الطويلة المتعلقة به والتي تعود إلى عهد مبارك، حيث تولى محلب في وقت سابق رئاسة إحدى كبرى شركات الإنشاءات في البلاد، والتي اتهمت بأنها نفذت التجديدات في المساكن الخاصة بأسرة مبارك على نفقة الدولة. مؤكدًا على أن هذه الاتهامات قد شوهت من مصداقية محلب وأضرت بسمعة حكومته باعتبارها حكومة تكنوقراط. كما أن أبرز عمليات الملاحقة لرجال الأعمال البارزين كانت في الجزء الأكبر منها نتيجة لقرارات تعسفية ذات دوافع سياسية تزامنت مع الأوقات الصعبة التي يعيشها نظام السيسي. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى مسألة اعتقال رجل الأعمال صلاح دياب، صاحب مجموعة بيكو، وقد تسبب الاعتقال في صدمة كبيرة لمجتمع الأعمال المصري؛ ما دفع الحكومة إلى التراجع سريعًا والإفراج بهدوء عن دياب، ورفع التجميد عن الأصول المملوكة له بعد أيام قليلة من اعتقاله. في حين تجاهلت الدولة وثائق بنما والتي أشارت إلى امتلاك علاء مبارك، النجل الأكبر للرئيس السابق حسني مبارك، شركة بان وورلد للاستثمارات والمسجلة في جزر فيرجن البريطانية، ويديرها بنك كريدي سويس. وعندما أطيح بوالده من السلطة في عام 2011 اعتقل علاء من قبل السلطات المصرية وأخبرت السلطات في جزر فيرجن البريطانية شركة موساك فونسيكا بتجميد أصول الشركة بما يتفق مع تشريعات الاتحاد الأوروبي إلا أن مصيرها بات اليوم مجهولًا. وبالرغم من تورط النظام المباركي في تلك القضية لم يبحث النظام الحالي عن تلك الأموال وحق المصريين فيها بدلًا من إنشاء صندوق تحيا مصر والذي يدعمه جيب المواطن. صفقات مشبوهة جديدة بينما تورط النظام الحالي للرئيس السيسي في قضايا وصفقات وصفها الكثيرون بالمشبوهه، إستكمالا لحالة الفساد التي أنتابت مصر لسنوات طويلة وأستمرت بعد ثورة 25 يناير 2011، ومن أشهر تلك الصفقات: 1. محطات التوليد الألمانية وصف رئيس شركة سيمنز الألمانية العقد الذي أبرمته الشركة مع مصر – 4 يونيو 2015- لإنشاء محطات توليد كهرباء تعمل بالغاز والرياح بلغت قيمتها 8 مليار يورو (9 مليار دولار) بأنه لا مثيل له، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق سيزيد إنتاج الكهرباء بنسبة 50%. فأكبر تعاقد في تاريخ الشركة سيضيف 16.4 جيجا وات – بحسب سيمنز- إلى الشبكة العامة للكهرباء في مصر عند اكتمال المنشآت الخاصة به. وبالرغم من إمكانية الصفقة في المساهمة لحل مشاكل الكهرباء في مصر مستقبلًا، فقدانتقدت هذه الصفقة نظرًا لارتفاع سعرها نتيجة لإبرامها عن طريق الأمر المباشر لا المناقصات ، وهو ما قد يكلف مصر المزيد من الأعباء الاقتصادية مستقبلًا كان من الممكن تخفيفها إذا تم إبرامها عن طريق المناقصات التي تعتمد على طلب الحكومة المصرية محطات كهرباء بمواصفات محددة، وتعرض الشركات المختلفة عروضًا مختلفة بأسعار متنوعة تختار الحكومة أفضل تلك العروض. وتجدر الإشارة إلى أن سيمنس تبرم عقود مثل هذه المحطات للطاقة التي تعمل بتوربينات الغاز في الخارج فقط في الوقت الراهن، إذ يشهد سوق مثل هذه المحطات ركودًا حاليًا في أوروبا ولا سيما في ألمانيا، مما دفع سيمنس إلى المزيد من الشطب لآلاف الوظائف منها ألفان ومئتا وظيفة في ألمانيا وحدها. 2. قطارات المجر في 12 يونيو 2015 ذهب السيسي إلى المجر لعقد اتفاق قرض مع دولة المجر بقيمة 900 مليون يورو لتمويل توريد 700 عربة قطار. كان هذا جزءًا مما كشفه تحقيق أجرته صحيفة (المصري اليوم) في 11 أكتوبر 2014، الذي جاء تحت عنوان بالمستندات: إهدار 13 مليار جنيه في شراء «قطارات مجرية» تصنع محليًّا، وكشف عن مستندات رسمية عن سعي وزارة النقل للحصول على قرض بقيمة مليار يورو (10 مليارات جنيه) من أحد البنوك التجارية المجرية، بفائدة تتراوح ما بين 2.25% و3.30%، لتمويل شراء 700 عربة درجة ثانية، و16 قطارًا كاملًا، على الرغم من عدم وجود دراسة فنية، أو اطلاع على المصنع المجري الذي سيصنع تلك العربات، كما أن الهيئة العربية للتصنيع لديها إمكانيات تفوق المصانع المجرية، في هذا الشأن، وبإمكانها توريد تلك العربات بأسعار أقل كثيرًا، بحسب الصحيفة. 3. الرافال تعد الصفقة هي الأولى التي تبيعها فرنسا من هذا النوع من الطائرات بعد فشل مستمر لبيع ولو “طائرة واحدة” منها بعد ثلاثة عقود من بدء تطويرها وعقد واحد من بدء استخدامها في فرنسا في عام 2004، وانتقدت الصفقة – بشدة- نظرًا لتعدد الدول التي رفضت شراءها سلفًا. فالمغرب رفضت صفقة قوامها 24 طائرة في عام 2007 برغم العلاقات المغربية الفرنسية القوية، لتعقبها البرازيل التي رفضت شراء الطائرة وفضلت عليها طائرات (جربن) السويدية، بالرغم من أن رئيس فرنسا فرونسوا أولاند قام شخصيًّا بالترويج لها في زيارة رسمية له للبرازيل في ديسمبر 2013. 4. الطائرات الرئاسية التكنوقراط قد ظهروا بشكل بارز في المشهد السياسي في عهد الرئيس السيسي، ولكنهم كانوا أيضًا، وفي أحيان كثيرة، موضعًا لاتهامات غير لائقة. في ظل ما تعانيه مصر من مشكلة اقتصادية، قد قررت الحكومة مواجهتها بالاستعانة بأسواق الاستدانة الدولية بواقع 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي و3 مليار دولار من البنك الدولي و1.5 مليار دولار من بنك التنمية الإفريقي، إضافةً إلى 3 مليار دولار سندات سوف يتم إصدارها و1.5 مليار دولار من مصادر أخرى. ذكرت صحيفة (لاتريبون) الفرنسية إن مصر اشترت أربع طائرات خاصة من طراز (فالكون 7 أكس) من شركة داسو الفرنسية بنحو 300 مليون يورو (338 مليون دولار)، لتجديد الأسطول الذي تستخدمه الحكومة المصرية والذي يتألف حاليًا من طائرات أميركية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصفقة تأتي بعد أن باعت الشركة الفرنسية نفسها للقاهرة 24 طائرة حربية من طراز رافال في فبراير/شباط 2015. الأمر الذي أثار جدلًا نسبيًا في الشارع المصري خاصةً بعد أن أعلن السيسي في خطاب له أن المصريين مطالبون بمزيد من التقشف وشد الأحزمة، في حين أن أول خطوات التقشف ما أثبتته بيانات رسمية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن أكثر من 70% من المصريين سيواجهون ظروفًا صعبة جدًا. المراجع In Egypt, a Rare Problem for a World Leader The who’s who of Middle East leaders and their secret billions Those Who Are (and Are Not) Sheltered From the Panama Papers Five Years After the Revolution: Curing Egypt’s Corruption Opening the black box of Egypt’s slush funds مصر توقع اتفاق قرض مع المجر بقيمة 900 مليون يورو لتوريد 700 عربة قطار زيارة السيسي للمجر تحسم صفقة الـ 700 عربة قطار مصر توقع عقدًا للطاقة مع سيمنس بتسعة مليارات دولار وسائل إعلام مصرية تعترف بصفقة الطائرات الرئاسية قد يعجبك أيضاً 3 مرات كان جسد المرأة جزءًا من صراع المتحاربين نظرية «التبعية»: لماذا تنمو دول وتتأخر دول أخرى؟ استثمارات ومليارات: تعرف بالأرقام على ثمن تيران وصنافير 14 مشهدا مهدوا للتدخل العسكرى المصرى فى ليبيا شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram عبد الله المصري Follow Author المقالة السابقة الدولة المستحيلة مرة أخرى: قراءة نقدية جديدة (3/1) المقالة التالية خلف الأسوار تقبع إمبراطورية الجيش الاقتصادية قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك ابن جهور: «أتاتورك الأندلس» الذي أسقط الخلافة الأموية 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك جوردان بيترسون: علم النفس في مواجهة النسوية 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك قصة السجائر: أسطورة علاج السرطان وانتقام الهنود الحمر 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك شمس بدران: الضوء الأخير لـ «رجل الظلال» 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نادية عبده: أول محافظة في مصر «بنكهة الحزب الوطني» 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف نكتسب علومنا ومعارفنا؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دم المماليك: عندما يصبح القتل أسلوب حياة 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك التاريخ في روايتهم: كيف صوّر مؤرخو المغول «فتح بغداد»؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك جدل الدين والعقل: الغزالي وابن رشد وابن تيمية 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الفرد والأنانية والصالح العام: كيف تنمو أخلاق شعب حر؟ 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.