محتوى مترجم
المصدر

PC Games
التاريخ
2016/08/10
الكاتب
إيان بيرنباوم

تبدو القرصنة أمرا محسومًا، أليس كذلك؟ فسرقة الألعاب خطأ، في النهاية. ولكن القرصنة تمثل إحدى أكثر النقاشات شحنا وتعقيدًا واستقطابًا فى عالم الألعاب. إذا تابعت نقاشًا مطولا عن القرصنة لوقتٍ كاف فستجد الأمر يتطرق إلى مسائل معقدة كالسياسة الاقتصادية الدولية ومفهوم «الملكية» فيما يتعلق بالمنتجات الرقمية وحماية الألعاب ومفهوم الكمبيوتر (PC) كمنصةٍ تكنولوجية غير مقيدة.

تبدو القرصنة فى 2016، عصر التوزيع الرقمى والألعاب المستقلة وهيمنة منصة «

Steam»

، مختلفة تمامًا عن قرصنة برمجيات الكمبيوتر في عام 1990 أو 2000 أو 2010. مازال التوزيع غير المرخص للبرمجيات غير قانونى تمامًا مثلما كان عندما كانت عبارة «لا تنسخ هذا القرص المرن» استراتيجية ذات جدوى ضد القرصنة، لكن فهمنا للجريمة ودوافعها لم يساير التكنولوجيا.

للإلمام بآخر المستجدات فى عالم قرصنة ألعاب الكمبيوتراليوم تحدثنا إلى قراصنة ومبرمجين وناشرين. كما تحدثنا أيضًا إلى المدير التنفيذي الذي يقف وراء أحدث برنامج لإدارة حقوق الملكية الرقمية، والذي يعرف باسم دينوفو

Denuvo

، والذى أوقف بفعالية القرصنة العالمية لأى لعبة تستخدمه.


معدلات الجرائم

أحد أسباب كون القرصنة مسألة شائكة هو أنه من المستحيل معرفة الحجم الحقيقى للمشكلة. فكأى سوق سوداء لا وجود لإحصاءات رسمية. لا يوجد كيانٌ مركزي ليقوم بإحصاءٍ شامل لكل تحميل غير قانونى. ولكن على النقيض من باقى الاسواق السوداء، لا يوجد بضائع ملموسة أو أدلة إنتاج صناعى توفر أرضية لتقديراتٍ تقريبية.

ألقى بعض المطورين والمحللين بأرقامٍ مفاجئة في ذلك الفراغ المعلوماتي. أشهرها فى عام 2012 حينما أثار المدير التنفيذى ليوبى سوفت إيفز جيلموت جدلًا شديدًا

بزعمه أن 93% من لاعبي الكمبيوتر

هم قراصنة لايدفعون ثمن الألعاب :«على الكمبيوتر لا يوجد سوى ما بين خمسة إلى سبعة بالمئة من اللاعبين يدفعون لشراء التطويرات فى الألعاب المجانية، ولكن في المعتاد على الكمبيوتر لا يوجد سوى ما بين خمسة إلى سبعة بالمئة يدفعون على أي حال لشراء الألعاب، الباقى مقرصن». طبقا لجيلموت، أجبرت معدلات القرصنة العالية يوبى سوفت على تطوير ألعابٍ مجانية، وهى أسهل فى تطويرها وأصعب فى قرصنتها.

«فى ذلك الوقت، أظهرت أبحاثنا الداخلية والخارجية أن النسبة بلغت 95-97% بالنسبة إلى بعض الألعاب التى تحظى بشعبية»، هكذا أجاب كريس إيرلى نائب رئيس قسم النشر الرقمي بشركة يوبى سوفت عندما سألته عن شعور يوبي سوفت فيما يتعلق بتقديرات جيلموت لمعدلات القرصنة بعد أربع سنوات. دعم مبرمجون آخرون الأرقام التى أعلنتها يوبى سوفت المذكورة هنا: أظهر أيضًا منشورٌ لصانعي لعبة Game Dev Tycoon فى العام 2013 أنه، بعد يومٍ واحد من طرحها، كان

93.6% من اللاعبين قد قرصنوا اللعبة

.

بالرغم من أنه حتى فى سياقه فإن تصريح جيلموت لا يفرق بين الألعاب ذات الشعبية ولاعبى الكمبيوتر ككل، يصر إيرلى على أنه «نحن لم نقل أن كل هذا كان مبيعاتٍ ضائعة او أن الامر نفسه ينطبق على جميع لاعبى الكمبيوتر فى جميع دول العالم».

وعلى النقيض من مقاربة يوبى سوفت تجاه إدارة حقوق الملكية الرقمية، والتى تتضمن Uplay launcher والعديد من برامج التحقق من خلال الخوادم، أصبحت شركة سي دي بروجكت رِد CD Projekt RED المطورة للعبة ذا ويتشر The Witcher خبيرة فيما يطلق عليه مارسين لوينسكى أحد مؤسسيها والرئيس التنفيذى المشارك مقاربة «الجزرة، لا العصا».

«طالما أن هناك أية عوائق أو مضايقات أو بطءٍ فى الأداء أو أى شكلٍ من أشكال القصور يواجه المستخدم النهائى، سوف نختار دومًا المقاربة الخالية من إدارة حقوق الملكية الرقمية. نريد أن يشترى اللاعبون منتجاتنا لأنهم يرغبون بذلك وليس لأنهم لا يملكون القدرات التقنية لقرصنتها، بالنسبة إلينا يتعلق الأمر دائما ببذل جهدٍ أكبر ومنح قيمة إضافية وإقناع اللاعبين بشراء ألعابنا».





يقول لوينسكى

فيما يتعلق بالأرقام، فإن لوينسكى يقر بأن الأرقام الدقيقة مستحيلة. بينما تم بيع ما يربو على العشرين مليون وحدة من سلسلة ذا ويتشر، يقول لوينسكى إن تقديرًا غير دقيق على الإطلاق يشير إلى أن ثلاثة أو أربعة أضعاف هذا الرقم من النسخ المقرصنة قد تم تنزيله. «على الرغم من ذلك، أظن ان الأرقام لا تحكي القصة كما تحكيها ردود الفعل الإيجابية»، يقول لوينسكى. «لا شئ يجعلنى أكثر سعادة من رؤية تعليقات للاعبين يقولون فيها إنهم اعتادوا الحصول على نسخٍ مقرصنة ولكن لأننا نعاملهم جيدًا ونعمل جاهدين لإعطائهم أفضل قيمة بمحتوى إضافى مجانى وإصدارات عظيمة ..إلخ فإنهم قرروا شراء نسخةٍ قانونية».

بينما لا يمكننا الجزم بالعدد الكلى لألعاب الكمبيوتر المقرصنة، فإنه بالتاكيد ليس 93%. بعد تعليقات جيلموت فى العام 2012، أصدر مات بلويهار، الذي يعمل بشركة إنتل،

منشورًا ضخمًا

يحوي عددًا هائلًا من الحسابات ويتضمن معدلات القرصنة والمبيعات العالمية وأفضل البيانات المتوفرة. باحتساب أكثر 5 ألعاب شعبية على مواقع التورنت ومقارنتها عبر المنصات المختلفة، قدّر بلويهار أن 17.6 مليون وحدة، بما يوازى نسبة 14.6% من السوق العالمي لألعاب الكمبيوتر، هى عمليات تحميل غير شرعية.

فحص بلويهار أيضًا بيانات مسح steam للهاردوير، والتى تضمنت آنذاك قائمةً بالتطبيقات الشائع تثبيتها. فى هذا المسح الطوعي لأكثر مستخدمى steam إخلاصًا ونشاطًا، وُجد أن برامج التورنت توجد على30-35% من عينة الحاسبات الشخصية. بافتراض أن جميع من لديهم برنامج تورنت مثبت قد استخدموه لقرصنة الألعاب، وهو افتراضٌ غير دقيق بالتأكيد، يوفر هذا المسح تقدير بلويهار لرقمٍ في الفئة العليا: 15-35% من لاعبي ألعاب الكمبيوتر يسرقون الألعاب.

بالرغم من ذلك، وحسب شركة ترو أوبتيك لأبحاث السوق، فإن 15-35 % مازال رقمًا أقل بكثير من الحقيقة. بتتبع عمليات التحميل عبر التورنت على مدار عدة سنوات، تحاول ترو أوبتيك تكوين صورة عن الألعاب الأكثر شعبية والمطلوبة من قِبل الجمهور الأصغر سنًا. طبقا لتقريرهم لعام 2014، فإن رقمًا مذهلًا يصل إلى 2.4 مليار لعبة تم تحميلها ذلك العام. ذلك الحجم من عمليات التحميل هو أعلى بـ136 ضعفًا من أكثر تقديرات بلويهار جموحًا.

لا تفرق عينة تقرير ترو أوبتيك بين ألعاب الكمبيوتر وأنواع الألعاب الاخرى، ولكن من المؤكد أن لها نصيب الأسد. فباستعراض أكثر مائة لعبة شعبية على موقع بايرت باي Pirate Bay، وجدت أن 94.6% من إجمالي نشاط قرصنة الألعاب كانت لألعاب الكمبيوتر، وبافتراض أن هذه النسب ممثلة، فإن جميع عمليات التحميل غير القانونية في العام 2014 والبالغ عددها 2.4 مليار عملية تحميل كانت لألعاب الكمبيوتر.

ورغم ما سبق، قد يكون صحيحًا أيضًا أن تصريحات بلويهار عن تقديرات مسح steam صحيحة: ربما 30 -35% من جميع لاعبى الكمبيوترالألعاب يقرصن، ولكن حجم الألعاب التى يقرصنونها أعلى بكثير من المتوقع.

منذ عام 2012، نما السوق العالمي لألعاب الكمبيوتر من تحقيق إيراداتٍ تبلغ

18.6 مليار دولار

إلى تحقيق إيراداتٍ تبلغ

30 مليار دولار

. أصبحت حلول إدارة حقوق الملكية الرقمية أكثر شراسةً ومقاومة لمحاولات إبطال فاعليتها وأصبحت الألعاب المجانية ذات شعبية. أصبحت جهود هيئات إنفاذ القانون لمكافحة القرصنة المنظمة للبرمجيات أكثر ضراوة، وهو ماظهر فى إغلاق موقعى

Kick Ass Torrents


وTorrentz

خلال الشهر الماضى. وبغض النظر عما كان عليه الحال في عام 2012 وما قد يكون عليه الآن، إلا أنه إذا استمر هذا التوجه فإن معدلات القرصنة سوف تنخفض بالضرورة.

«أعتقد أنه قريبًا سيكون النقاش بشأن إدارة حقوق الملكية الرقمية بكامله غير ذي صلة على أية حال»، هكذا أخبرنى مارسين لوينسكى المدير التنفيذى لسي دي بروجكت في نهاية حوارنا. «وحتى فى الوقت الحالي فإن أهمية إدارة حقوق الملكية الرقمية أقل بكثير عما كانت عليه قبل بضع سنوات. الألعاب غنية بالقدرات الوظيفية المخصصة للإنترنت، والتى – إن صممت جيدًا– سوف تضيف قيمةً كبيرة للتجربة وستجعل القرصنة بلا قيمة. فى أحيانٍ كثيرة تكون القرصنة بلا معنى، إذ أنك تفتقد الجزء الاجتماعي/المجتمعي الجوهري من التجربة».


اتبع الدافع



منذ عام 2012، نما السوق العالمي لألعاب الكمبيوتر من تحقيق إيراداتٍ تبلغ 18.6 مليار دولار إلى تحقيق إيراداتٍ تبلغ 30 مليار دولار

الآن لدينا تقدير أولي لعدد لاعبي الكمبيوتر الذين يقرصنون ألعابهم فمن هم هؤلاء اللاعبون، ولماذا يلجأون إلى السرقة؟

مجتمع ريديت Reddit لقرصنة الألعاب، الذي يدعى

r/CrackStatus

، هو تجمعٌ نشط للقراصنة. يتابع حوالى 15 ألف قارئ الموقع لمعرفة الألعاب الجديدة التى سيتم قرصنتها ومتى والكيفية التي سيتم بها ذلك. فى وسط هذه العملية، أجد شخصًا لم أكن توقعه، خريجٌ حديث من دراسة تقنية المعلومات من بلغاريا. مستعملًا الاسم المستعار «أوفر-كِل» Overkill، أثبت هذا اللاعب أن الاقتصاد ببساطة هو محور القرصنة.

«الألعاب هنا تكلف الكثير، وبالنظر إلى الانخفاض الشديد للحد الادنى للأجور. أعتقد أن هذا هو سبب لجوء أغلب الناس إلى قرصنة الألعاب. إنهم يفتقدون إلى المال. بالنظر إلى مدى سوء الألعاب المحولة للحاسوب من منصاتٍ أخرى والتى حظينا بها العام الماضي، انا لا أريد أن أنفق ثروة على لعبة سيئة أو تم تكييفها على نحوٍ سيء».





يحكي أوفر-كل

لا يبالغ أوفر-كل عندما يقول «ثروة»، فالنشر الرقمى عن طريق مواقع مثل جوج GOG أو steam حقق فرصة مذهلة للنمو فى سوق الألعاب العالمى، ولكنه أيضًا كشف عن فوارق محزنة في كيفية تأثير التكنولوجيا والألعاب وأسعار الترفيه على الشعوب المختلفة حول العالم. قمنا سابقًا بكتابة مقالٍ عن كيف

تختلف اسعار

الالعاب حول العالم وكيف تكون باهظة الثمن على نحوٍ مجحف في بعض المناطق. الاقتصادات الصغرى والمناطق التى شهدت حروبًا أو إضطرابات هى التى تعاني بشدة في ذلك التبادل.

فى بلغاريا، يبلغ الحد الأدنى للدخل 340 ليف شهريًا. عادةً ما تكلف لعبة مثيرة جديدة يوم صدورها حوالى 120 ليف أى ما يوازى ثلث الراتب الشهري لمن يحصلون على الحد الأدنى. للقراء في الولايات المتحدة، تخيل لو أن كل إصدار ضخم يكلف أقل بقليل من 400 دولار. «الأمر هو، إنهم يعتقدون أن 50 دولار و50 يورو لها نفس القيمة في جميع البلدان، لكنها ليست كذلك، لأن الأجور والإقتصاد مختلفين»، يقول أوفر-كل .الأنواع الأخرى من الترفيه مثل الأفلام أو الحفلات ليست مكلفة لأنها مسعرة حسب الاقتصاد المحلى، لا من قِبل ناشرين دوليين يسعرون الألعاب حسب اليورو.



الأنواع الأخرى من الترفيه مثل الأفلام أو الحفلات ليست مكلفة لأنها مسعرة حسب الاقتصاد المحلى، لا من قِبل ناشرين دوليين يسعرون الألعاب حسب اليورو

بالنسبة لهؤلاء المتصلين بالإنترنت العالمى فإن هذا قد يثير الحنق. إيجاد مجتمعٍ من المعجبين متشابهي الفكر والتفاعل معهم كأقران قد يكون تجربة تغير حياتك بالنسبة للاعبٍ شغوف بعيد جغرافيًا عن التيار الرئيسي للثقافة التكنولوجية. كما كانت المنتديات والغرف ملاذا آمنا للعباقرة الخجولين فى التسعينات وبداية الألفية الجديدة، بنفس الطريقة التي كانت عليها المنتديات ملاذًا آمنًا للـ«نيردز» الخجولين في التسعينيات والألفينات. بعيدًا عن الجدال الأخلاقى، والذى قد يستمر إلى الأبد، فإن الحصول على لعبة سعرها يفوق ميزانيتك بكثير بسبب الإشراف البيروقراطى يجعل القرصنة أكثر قابلية للتفهم – على الأقل مقارنةً باللاعبين الذين لا

يرغبون

بالدفع ببساطة.

ولأكون واضحًا، عدد القراصنة الذين لا يرغبون بالدفع كبيرٌ للغاية. حسب تقارير المتابعة الخاص بترو أوبتيك، فإن

أ

غلب القراصنة النشطين هم من

الولايات المتحدة

، تليها البرازيل ثم المملكة المتحدة. قد يكون لدى القراصنة الذين تحدثت إليهم فى بلغاريا وأستراليا حجة إقتصادية قوية، ولكنهم لا يمثلون أغلب القراصنة.

رغم ذلك، يسارع أوفر-كل إلى إخباري، مرارًا وتكرارًا، أنه عندما تعجبه لعبة، فإنه يبادر إلى شرائها فى التخفيض التالي على steam . فبالأسعار البلغارية، تخفيضات steam هى فرصة جوهرية بالنسبة إليه. (لم تستجب فالف Valve مالكة steam لطلب التعليق على هذا المقال).

بالنسبة لأوفر-كل، تتمحور القرصنة حول تفادى الخسائر. إن كان لا يمكنك الوثوق بتقييمات اللعبة، كما ادعى كثيرٌ ممن حاورتهم، ولا يمكنك الوثوق بجودة الحمل من منصةٍ إلى أخرى، فإن القرصنة قبل الشراء هى أفضل طريقة لتجنب أخطاءٍ مكلفة.