لم أستطع الموافقة، ووفقًا للعقد لم أكن أستطع التدريب داخل إنجلترا لموسمين. عرض داني ليفي مبلغًا لكسر العقد لكنني رفضت؛ لأنني أحب جماهير تشيلسي.






جوزيه مورينيو عند سؤاله

عن تدريب توتنهام بعد رحيله عن تشيلسي في المرة الأولى.

بمجرد ذكر مورينيو، عليك فقط أن تبحث في تصريحاته القديمة، لأنك بالتأكيد ستجد شيئًا مناقضًا للواقع الحالي. فكل لحظة حاول فيها البرتغالي أن يستحوذ على حب الجماهير بدلاً من الاكتفاء بتقديرهم لعمله، ستكلفه اليوم مزيدًا من الإحراج.

قديمًا كان محبًا، واليوم أصبح محترفًا، سواء برغبته أو لحاجته، فقد عاد البرتغالي ليتصدر العناوين بعد غياب 11 شهرًا، على أنقاض إرث ماوريسيو بوتشيتينو، وبفضل الرجل نفسه الذي جلبه لإنجلترا في المرة الأولى.


كيف يقنعهم؟

لنبدأ بالسؤال الذي حير الجميع: كيف حصل مورينيو على الوظيفة؟ ألم تكن مباريات مانشستر يونايتد مذاعة في هذا الجزء من لندن؟ مدرب بورتو السابق كان صداميًا في تجاربه الثلاثة الأخيرة مع كل من اللاعبين والإدارة، فكيف لهذه السيرة الذاتية المهلهة في آخرها بأن تحصد لصاحبها ما يريد؟

يبدو أن معايير طاولة المفاوضات تختلف قليلاً عن معايير الجماهير، فمشهد الإقالة دائمًا ما يخفي الجزء الأهم من القصة: الفشل.

ذلك الفشل لا يتحمله شخص بعينه، بل يتحمله كافة أفراد المنظومة بما فيها الإدارة واللاعبين، لكن بنسب مختلفة. لكن عندما تصل الحكاية إلى آخرها، ويجد صاحب القرار نفسه مضطرًا للضغط على زر «Refresh»، سيجد أن التخلص من المدرب هو الحل المتاح الوحيد، لأنك ببساطة لن تستطيع التخلص من الإدارة أو اللاعبين.

بالطبع، لا يتم تفنيد تلك النسب على طاولة المفاوضات، لكن يعرض كل طرف ما يمكن تقديمه لإقناع الآخر، مع الاحتياج إلى دفعة لتقريب المسافات. وفي عالم كرة القدم هنالك شخص واحد قادر على ذلك، الوكيل السوبر «

Super Agent

»، وبطل هذه المفاوضات هو أحد رجال صفقة نيمار وباريس سان جيرمان؛ «

بيني زاهافي

».


«زاهافي» البالغ من العمر 76 عامًا، يعتبر أحد أكثر الوكلاء نفوذًا في اللعبة، وقد كان السبب وراء إقناع «رومان أبراموفيتش» رئيس نادي تشيلسي بجلب المدرب الشاب مورينيو في عام 2004. يمكننا أن نفسر قدرة زاهافي العجيبة في التأثير على الثنائي أبراموفيتش، وداني ليفي باشتراكهم جميعًا في الجنسية الإسرائيلية.

أما عن وسيلة الإقناع، فكانت بسيطة وتتمثل في إحدى الكلمات الرنانة المستهلكة؛ «عقلية الفوز». لدى توتنهام فريق قوي تم بناؤه بالتوازي مع بناء الإستاد، ثم ماذا بعد؟ بالطبع هي وجهة نظر ليست فنية، لكنها كانت كافية بإيذان بدء المفاوضات ثم نجاحها مع واحد من أكثر المدربين تحقيقًا للبطولات في الألفية الجديدة.

تغيير هادئ

الكل يعلم أن إقناع رئيس نادي توتنهام، داني ليفي ليس بهذه السهولة. لكن يبدو أن سحر زاهافي قد نجح بإقناعه ليتعاقد مع مدرب

يتقاضى تقريبًا ضعف أجر بوتشيتينو

، فضلاً عن إنفاقه في سوق الانتقالات أثناء تدريبه في إنجلترا فقط أكثر مما أنفقه ليفي مع توتنهام منذ توليه رئاسة النادي في أكتوبر 2001، مما يبشر بتغير منتظر في سياسة ليفي، أو توافق مؤقت بين الثنائي.


أما بالنسبة لمورينيو، فلا أعرف هل كرر تعاونه مع زاهافي على سبيل التفاؤل – خاصة أن وكيله هو البرتغالي خورخي مينديز – أم أنها محض صدفة، لكن ذلك كان كافيًا لمنحه فرصة أخرى في نادٍ ما زال غير محدد التصنيف. صحيح أن توتنهام هو وصيف دروي أبطال أوروبا 2019، لكن من منا يرشحه لبطولة قبل بداية الموسم؟ لا أحد.

وبالتالي قد يمثل هدوء النادي استراحة مؤقتة ليبحث مورينيو عن ذاته بعيدًا عن ضغط المنافسة. بل على العكس، قد يجلب لهم بعضًا من الصخب، الذي سيحاول مورينيو السيطرة عليه هذه المرة بفضل بعض التعديلات.

والتي بدأها

بإضافة عناصر جديدة لجهازه الفني

، بجلب ثنائي ليل الفرنسي «جواو سكرامنتو» مساعدًا و«

نونو سانتوس

» مدربًا لحراس المرمى. لكن يظل التغيير الأهم والمنتظر هو التغيير في شخصية البرتغالي لاحتواء لاعبي الفريق، الذين اعترف بأن

جودتهم كانت حافزًا لقبوله المهمة

.

على الورق، يضم الفريق عناصر مناسبة تمامًا لمورينيو و 4-2-3-1 خاصته. لاعب ارتكاز كإريك داير، كان يرغب مورينيو في جلبه لليونايتد، بجواره المتوازن إندومبيلي. مهاجم ذكي داخل وخارج المنطقة مثل هاري كين، سيساعد مورينيو بالارتكاز عليه مباشرة في التحولات. إضافةً إلى ديلي آلي، الذي يمكن أن نعتبره من النوع المفضل لجوزيه، لإجادته تنفيذ الواجب الدفاعي عندما كان يكلفه ماوريسيو بمراقبة ارتكاز الخصم.

كل هذه الأسماء وغيرها لا غبار عليها، لكن فجأة تحولت من تقديم أداء فوق المتوقع إلى أشباح مع نفس المدرب رغم إشادة الجميع بقدراته، فلماذا حدث ذلك العطل؟ وكيف يمكن لمورينيو المعروف بإفساد غرف خلع الملابس إصلاحه؟

عطل متوقع

بعد انقضاء عصر أرسين فينجر والسير أليكس فيرجسون، ومع تغير مراكز السلطة وعقلية الجيل الجديد من اللاعبين – بات البقاء فترة طويلة داخل جدران نفس النادي أمرًا شبه مستحيل. سواء فزت بالبطولات أم لا، فإن التعامل مع نفس المجموعة من اللاعبين كل هذه المدة، سيخلق حالة من التشبع تؤدي إلى ملل وانعدام القدرة على التحفيز.

لو فكرت في الأمر ستجده منطقيًا، وما سيزيدك قناعة هو حديث السير أليكس المتكرر عن

دورة الـ 4 سنوات

، حيث كان يحرص على تغيير قوام الفريق تدريجيًا بلاعبين جدد، يصاحبهم تجدد في الأصوات، المناظر، الأفكار. وإذا حاولنا تطبيق هذا على لاعبي الجيل الجديد فيمكن أن تنخفض الـ 4 سنوات إلى ثلاثة.

قد يكون هذا هو السبب وراء تحركات جوارديولا من فريق لآخر، قبل أن تزيد المدة عن المقبول ويتمكن من الحفاظ على نجاحه.

بالعودة إلى توتنهام، فإننا نشاهد أكبر مثال على هذه الحالة، قوام رئيسي ثابت لمدة 5 سنوات تقريبًا، حتى تحولوا من

فريق متوازن قوي بالكرة، وشرس بدونها

– إلى أشباح لا تستطيع تأدية أبسط أفكار المدرب.

مصدر من داخل غرفة خلع الملابس أخبر جريدة «

The Athletic

» أن اللاعبين لا يتذمرون لرحيل المدرب، لكنهم سئموا من روتين بوتشيتينو الصارم، وتيقنوا بأنهم لن يستطيعوا تقديم المزيد. حالة لا يمكن وصفها، لطالما اعتبر اللاعبون ماوريسيو صديقًا لهم، وكانت علاقتهم الإنسانية تتجاوز نظرة اللاعب لمدربه، لكنهم الآن بين نارين كما يقولون.


وفقًا «

لجوليام بالاج

»، الصحفي بهيئة الإذاعة البريطانية، فقد حذر بوتشيتينو رئيس النادي من هذا الانهيار أكثر من مرة، لكن ليفي كان مشغولاً ببناء الإستاد، وطامحًا للبقاء ضمن الـ 4 الكبار بأقل النفقات. هل كان على المدرب الأرجنتيني القفز قبل غرق المركب؟

كان ماوريسيو أشجع من أن يفعل ذلك، وقرر البقاء حتى قرر داني ليفي أن يدفعه بعيدًا عن المركب، ويتحول مورينيو من مفسد العلاقات إلى شخص ينتظر رئيس النادي منه أن

يعيد الحيوية والثقة

إلى غرفة خلع الملابس.

كعادة مثل هذه المواقف، يأتي التغيير عادة بنتائج إيجابية، لكن لأنه مورينيو فسينتظر الجميع ما هو أكثر من تحسن البدايات. وبالنسبة لمورينيو، فمن حقه أن يقاتل لاستعادة بريقه في المكان الذي يراه مناسبًا، حتى لو ظهر بشخصية المحترف الهادئ بدلاً من ذلك المندفع العاطفي.