هل فكرت يومًا في البحث عن شيء مشترك بين قطبي مدينة مانشستر؟ ناديا اليونايتد والسيتي لا يجتمعان سوى على تلك السفينة. لو أمعنت النظر قليلاً في شعار كلا الناديين، فستجد تلك السفينة، التي تعتبر

رمزًا تاريخيًا

لمدينة مانشستر. فهي تعبر عن قناة مانشستر الملاحية، وكذلك أهمية المدينة على المستوى التجاري. لكن الأهم من ذلك هو ما أثبته لنا التاريخ، فسفينة واحدة فقط هي التي تبحر، والأخرى تظل واقفة أو تسير ببطء.

فيما مضى كانت سفينة مانشستر يونايتد تبحر بقيادة السير أليكس فيرجسون، وبعد رحيله انقلب الوضع. حتى وصلنا إلى ذلك اليوم الذي لا يدري مشجع الشياطين الحمر أيهما أخف ألمًا على قلبه، فوز ليفربول بلقب البريميرليج أم فوز صغير المدينة به؟ أمنيته الوحيدة هي الحصول على آلة الزمن، كي يعود إلى حيث ينتمي. يعلم الجميع أنه لا وجود لذلك الاختراع، لكن أحد لاعبي فيرجسون الأوفياء قرر إقناعهم بوجوده.



وهم روح 99

ترك خليفة السير أليكس، دافيد مويس مهمة تدريب اليونايتد والفارق بينه وبين مانشستر سيتي

22 نقطة

. اليوم يدخل اليونايتد ديربي مانشستر بقيادة أولي جونار سولشاير، والفارق

26 نقطة

، وزاد إلى 29 بعد انتهاء اللقاء. لا أحد يمكنه أن يلوم المدرب الشاب، لكنه بالغ في صناعة الوهم قليلاً.

أحد أعضاء الفريق الفائز بثلاثية الدوري والكأس ودوري الأبطال في 1999، أوهم الجميع بقدرته على إعادة ما افتقده الفريق في حقبتي لويس فان خال، وجوزيه مورينيو. الحديث عن عقلية الفوز، والكرة الهجومية الجريئة، وعقلية اليونايتد، عوضًا عن تصريحات مورينيو السلبية. ومع تحقق النتائج الإيجابية في بداية المشوار، تضاعف تأثير تلك التصريحات المعسولة.

ولأن النتائج أهم من التفاصيل، اختلط تأثير المدرب بتأثير الدفعة النفسية التي حصل عليها اللاعبون عقب التخلص من مورينيو. وكما أتت النتائج الإيجابية من حيث لا يحتسب أحد، انهالت عليهم النتائج السلبية بنفس الطريقة. حتى حاول سولشاير فعلاً أن يعود بالزمن إلى الوراء.

في إطار التحضير لديربي مانشستر، قرر المدرب النرويجي خوض الحصة التدريبية الأخيرة على

ملعب التدريب القديم

لليونايتد والمسمى بـ«The Cliff» بدلاً من المقر التدريبي الحالي، الكارينجتون «Carrington». في محاولة يائسة لرفع الروح المعنوية للاعبيه، واستحضار أرواح قدامى لاعبي الفريق الذين صنعوا تاريخ مانشستر يونايتد. لكن كل وسائل التنمية البشرية تلك لا تعوض الفقر الفني، وسوء الإدارة فكانت النتيجة ما حدث.



فريق قائده بوجبا

هكذا صرح لاعب مانشستر يوناتيد السابق «روي كين» قبل الديربي بساعات، عندما حل ضيفًا بقنوات

SkySports

. لأن اللاعب الذي كان يعرف بصرامته وجديته، لا يثق في الجيل الحالي من اللاعبين. كم مرة نحتاج لنذكر أنفسنا بموهبة بول بوجبا، وأنتوني مارسيال، وماركوس راتشفورد؟ الموهبة لا تعني الإنتاجية، وكذلك المرتب الأسبوعي.

وفقًا للأرقام التي نشرتها شبكة «سكاي سبورتس» فإن

متوسط المسافة

التي يقطعها لاعبو اليوناتيد مع سولشاير (107.4 كيلو متر) أقل من نظيره تحت قيادة مورينيو (108.1 كيلو متر). الفارق الطفيف لا يعني أفضلية مدرب على آخر، بل يعني حقيقة ما يقدمه اللاعبون الذين يخدعون أنفسهم قبل جمهورهم. فقط هم قدموا عددًا أكبر من الجري السريع «

Sprint

» رفقة المدرب النرويجي، بعد أن ارتاحوا نفسيًا للهجمات المرتدة التي كانوا ينفرون منها من قبل.

عندما كان يتواجد زلاتان إبراهيموفيتش وواين روني ومايكل كاريك داخل غرف ملابس اليونايتد، كانت الأمور تحت السيطرة. وعندما تسلمها بوجبا ورفاقه، أصبح المشهد هزليًا. في الأخير لا يمكن لوم أحد سوى إدارة النادي، لأن سوء التخطيط والسعي وراء المكسب التجاري، قابله على الجانب الآخر انتفاضة مشروعي ليفربول مع يورجن كلوب، والسيتي رفقة جوارديولا.



أفضل لاعب وبديل فيرنا

هؤلاء نفس اللاعبين الذين ألقوا بمورينيو تحت الحافلة، وسيفعلون نفس الأمر مع سولشاير.

على النقيض مما يظهره بوجبا من تعال، يبرز على الجانب الآخر من المدينة برناردو سيلفا. البرتغالي القصير يستحق المكثير من المديح، وإن كانت قيمته التسويقية ليست كما يجب. اعتاد لاعب موناكو السابق اللعب في مركز الجناح الأيمن، وبعد أن قضى الموسم الماضي حبيسًا لدكة بدلاء السيتي، انفجر. قرر جوارديولا الاستعانة به كلاعب وسط ثالث مائل لليمين بجانب مركزه الأصلي كجناح، ليقدم لنا كل شيء في كرة القدم.

لا يدخر جهدًا دفاعًا وهجومًا، مع قدرة عالية على الاختراق والتحرك بين الخطوط. يمكن القول إنه حمل على عاتقه خط وسط الفريق السماوي في ظل إصابات كيفين دي بروين المتكررة، وتذبذب مستوى الإسباني دافيد سيلفا. إحرازه الهدف الأول لفريقه في ديربي مانشستر ليس إلا تتويجًا لمجهوداته، وتذكيرًا للجميع بأن فيرجيل فان دايك ورحيم ستيرلنيج ليسا الأفضل وحدهما.

وبما أن اللاعب البرتغالي تمكن من تعويض دي بروين، فتظل معضلة بديل فرناندينيو بلا حل. يحظى لاعب الارتكاز البرازيلي بأهمية خاصة في تشكيلة بيب جوارديولا. فقدراته الدفاعية تفوق كل أقرانه في تشكيلة مانشستر سيتي.

ولنوضح لك الصورة أكثر، بإمكانك الإطلاع على أرقامه في النصف الأول من موسم 2018/19. وفقًا لتقرير موقع

FootballWhispers

لم يكن ضغط لاعبي الخط الأمامي للسيتي على ما يرام، واستطاع فيرناندينيو تعويض ذلك بمزيد من التدخلات الدفاعية بمعدل 5 تدخلات للمباراة الواحدة، بعد أن أنهى النصف الثاني من الموسم السابق بمعدل 1.8. لذلك، إذا أراد مانشستر سيتي الاستمرار في هيمنته، عليه أن يبحث عن بديل للاعبه البرازيلي ذي الـ33 عامًا.

في النهاية فاز مانشستر سيتي بالديربي، وأيًا كانت نهاية الموسم سواء حقق لقب الدوري أو خسره لصالح ليفربول، فإننا الآن قد نشهد إعادة كتابة تاريخ البريميرليج من جديد. فبعد أن عبث به السير أليكس فيرجسون لسنوات واضعًا مانشستر يونايتد على القمة، قد تنقلب الآية ونشاهد تراجع الشياطين الحمر لصالح أعدائهم القدامى.