شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 46 عارفة أنا بعتله الرسالة ليه؟ عشان أنا بحبه أكتر حاجة في الدنيا — ملاحظة: «هذا المقال غير علمي، هذا المقال عن الحب» جَنَى وعبد الرحمن في بداية اليوم عندما نعدد أسماء الأطفال، وحين أصل لاسم «عبد الرحمن»، تصرخ «جنى» بلهجتها المختلفة بأنه (يخصها)، بطريقة محببة تضحكني جدًا. فهل جنى تحب عبد الرحمن؟ أجل تحبه، وتحبني، وتحب الفصل، وتحب بعض الدروس دون بعض، وتحب اللعب، ولا تحب أن ترى أحدهم يبكي، وتركض نحو أي شخص يتألم، وتُغير ملامح وجهها للحزن الشديد وتَبقى مطمئِنةً ومُهدِّئة، حتى يتوقف الطفل عن البكاء، وتناديني وتخبرني عن ماذا حدث حتى أتصرف وأحل المشكلة. أما سلمى فعلى عكس جنى، ليست متحدثة بارعة، وليست قوية بهذا الشكل، هي تصمت بهدوء وتخفي إحساسها برفق، ربما لأنها لا تعرفه جيدًا بعد.. مثلًا عندما تتغير تعبيرات وجهي أثناء اليوم سواء صوتي أو ملامح وجهي في أحد المواقع، يضايقها هذا فأسألها: هل أنت متضايقة؟ نعم. لماذا يا سلمى؟ — كده. أراقب تعبيراتها بجدية حين تجيبني، هي لا تكذب، هي فعلًا لا تستطيع التعبير بدقة عما يضايقها. حين أخبرها هل ذلك بسبب صوتي العالي؟ تجيب بإيجاب وارتياح، وحين أعتذر تقبل اعتذاري بمودة وسرعة. وحين أحبّت أحاديث أحمد، لم تفهم أيضًا لماذا تضايقت حين لا يستمع أحمد بجدية حين تُكلّمه، مثلما يفعل بقية زملائها، مثلما أفعل أنا، فتصمت وتتطلع إليه بعتاب صامت. وحين أسألها تخبرني بحزن أنه (أسكتها) وهي تتحدث. وهي مختلفة تمامًا عن (مريم) -صاحبة الجملة الأولى في المقال- لأنها مميزة تسبق سنها بعدة مراحل، وتبهرني دائمًا بطريقة تحدثها وثروتها اللغوية وفكرها وطريقتها في إخباري أنها تود أن تصبح (طبيبة مخ) في عمر لم يدرك فيه زملاؤها المهن بشكل كافٍ كي يعبروا عن أمنياتهم. أراقبها حين تلعب وتنثر شعرها حولها، وحين تتحدث طوال الوقت، وتعبّر بشكل دقيق ومبهر، أراقبها تركض ولا تأبه لما يحدث لملابسها. وشغفها بتعلم كل جديد، وأجد طفولتي في عينيها وفي أحاديثها التي لا تتوقف كشخصية متحدثة شغوفة بما تفعل. حين قررت التعبير عن حبها لصديقها، كتبت له بطاقة تحمل (أنا أحبك)، وأخبرتنا أنها تحبه وأصبح الجميع يعلم أنها تحبه. وحين تحدثنا عن الأمر، قالت لي: لقد كتبت له البطاقة، لأني أحبه أكثر من أي شيء في الدنيا. حتى نحن؟ — أجل. خلال سنوات عملي في التدريس لمرحلة الطفولة المبكرة اعتبرت نفسي محظوظةً باختبار وملامسة أجمل مشاعر الحب التي أجزم أني لن أراها فيما بعد، على الأقل ليس بنفس درجة الوضوح والجمال، وحين أقص هذه القصص من داخل الفصل أتوقع أن تثير البهجة ولمعة الأعين، ولا أتوقع مطلقًا أن تثير الخوف، أو التساؤلات. أو أن تسألني صديقتي بقلق عم يفترض أن تفعله بخصوص رسالة ابنتها لصديقها؟ ربما لأنها لم تسألني ذات السؤال حين كتبت رسالة لمعلمتها، وبالتأكيد لم أتوقع مطلقًا حين نشرت أحد المقالات عن التربية الجنسية أن يكون أحد التعليقات لأم تسألني عن مشاعر حب بين الأطفال، لم يكن اعتراضي على التساؤل بقدر توجيهه خلال حديث عن التربية الجنسية، ما يثبت أن البعض مازال يربط بين الحب والجنس حتى في الطفولة المبكرة! ثم اكتشفت أن الكثير يتساءل ذات السؤال هل يحب الأطفال فعلًا؟ إجابتي هي نعم، وبالطبع، وبالتأكيد. بل إنهم لا يفعلون شيئًا إلا (الحب). لكن هل هذا يدعو للقلق؟ إجابتي هي لا. منذ متى أصبحت المحبة شيئًا يدعو للقلق؟ حين يخبرك طفلك في عمر الخمس السنوات أنه (يكره) فهو شيء مقلق، وعليك التوقف لمعرفة ماذا حدث، لتحل مشكلته التي أدت لكراهيته شخصًا/ شيئًا ما. لكن حين يخبرك أنه يحب، فعليك أن تكون ممتنًا لما في قلب طفلك من براءة العالم، فعاجلًا أو آجلًا سينزع العالم عنه جزءًا كبيرًا من هذه المحبة، هذا إن لم ينتزعها كلها ويزرع بداخله الكراهية! أحاول جديًا أن أقف عند اللحظة التي أصبح فيها الحب مخيفًا، لدرجة أن يتحول الكبار لمجانين يخبرون أطفالًا في عمر السادسة أن يتبعوا جملة (أحبك)، بأنكم (إخوة). لابد أن الطفل يشعر بأن هناك شيئًا غير مفهوم، لأنك لم تخبريه أن يقول لمعلمته أنتِ أختي، حين أخبرها أنه يحبها. هل الحب بين الأطفال يتبع التربية الجنسية؟ فصلي الحالي، يحتوي عددًا متعادلًا من الفتيات والصبيان، وتشكيلة جنسيات مختلفة تمامًا، وتلمع أعينهم بالحب حين يتشاركون أطعمتهم المفضلة، ويعتبرون أنه من الطبيعي أن تقسم الأشياء بالتساوي عليهم، وحين يلعبون ويعبرون عن حبهم وتعاطفهم تجاه الآخر أتساءل، إلى متى؟ في الواقع ليس لوقتٍ طويل. أعرف هذا جيدًا. وحين يعبرون عن حبهم لا يفرقون بين جنسية/ جنس. ولا يبدو أنهم يدركون بعد هذه الفروقات، لكنهم يعرفون أن هذا حب، يحدث أن تختار طفلتي صديقتها المفضلة (فتاة)، ويحدث أن تختاره (صبيًا). وأعرف جيدًا دون العودة لمقالات علمية أن هذا بالتأكيد لا علاقة له بميولهم (الجنسية)، ربما لأني أدرك أنهم في مرحلة (كمون) ولا علاقة للجنس بتصرفاتهم. وهذه هي النقطة الأهم في تربيتنا الجنسية للطفل، أنه لا يفقهه في هذه المرحلة، وعليه أن يفقهه حتى لا يستغل جهله في الاعتداء عليه. لكن أثناء رحلتنا في التربية الجنسية علينا ألا ننسى أو نتغافل أو نغفل أن «الحب» ليس «الجنس»، حتى لا نضطر لتأسيس علوم تربوية للحب، وهي بالتأكيد غير موجهة للأطفال. لماذا هذا المقال غير علمي؟ لأني حقيقةً حاولت الوصول لمحتوى علمي يخبرني كيف نتعامل مع حب الأطفال، لكن يبدو أن السؤال غير منطقي بالنسبة للعلم. ولم أجد إجابة علمية أستطيع الاستناد عليها. لأنه على ما يبدو فإن (الخوف من الحب) خاصية عربية فقط. قد يعجبك أيضاً الشريعة: أزمة الأخلاق والدولة سيمفونية المقصلة – الحلقة الثانية تلك المقبرة – الحلقة الثالثة من فضلك، لا تعطني بديل الدواء! شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram ندى القصبي Follow Author المقالة السابقة مكان تحترمه المقالة التالية رحلة القراءة: كيف يمكنك اختيار رفيقك؟ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك ما زلنا في أزمة الثلاثينات الهجرية! 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دليل الكتابة (7-8): كيف تُكتب القصة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «خاوية»: لكلٍ معركته الخاصة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الحرية في أصول الدين وعلم الكلام 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك التدليس الذي يمارسه البعض: جائزة نوبل للطب نموذجًا 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك حضور التصوف في حياتي 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دوستويفسكي والمسيح: بين الصراع والمعاناة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الشيخ الضرير والمثقف وبؤس العلمانيين المصريين 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك العرب والعداء للقراءة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أوقاف النساء على «رواق المغاربة» 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.