يناير/ كانون الثاني 2017 صدّق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على ترقية اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري إلى رتبة فريق. تلك الترقية أثارت تساؤلات في حينها، إذ لم يتولَ قائد من الجيش المصري قيادة الحرس الجمهوري إلا برتبة عميد أو لواء. باستثناء الليثي ناصف مؤسس السلاح، والذي ترقى فيه إلى فريق، ليصبح زكي أول قائد للحرس يتم ترقيته إلى فريق بعد وفاة ناصف عام 1973.

بتلك الترقية أصبح زكي الرجل الثالث في الجيش المصري من حيث الرتبة. لم يكن يعلوه وقتها سوى وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، ثم رئيس الأركان الفريق محمود حجازي. فدارت الأقوال بأنه يتم إعداد زكي ليخلف صبحي، خاصة أن التاريخ المرتبط بترقية رجل جيش إلى رتبة فريق ثم يتبعها توليته منصبًا أعلى يدعم ذلك.

اقرأ أيضًا:

في عهد السيسي: دورة حياة قيادات الجيش لا تكتمل

كما حدث مع اللواء مجدي حتاتة، الذي رُقي لفريق ثم تولى رئاسة الأركان حتى 2001. ثم اللواء حمدي وهيبة الذي رُقي في 2001 ليصبح رئيس الأركان حتى 2005. وكذلك حدث مع المشير محمد حسين طنطاوي الذي رُقي لرتبة فريق قبل توليه منصب وزير الدفاع عام 1991. وقد صدقت التكهنات بخصوص الفريق محمد زكي، ففي 14 يونيو/ حزيران 2018 تم تسميته وزيرًا للدفاع والإنتاج الحربي في حكومة الدكتور مصطفى مدبولي. ليكون بذلك وزير الدفاع الخامس والعشرين في تاريخ مصر منذ ثورة يوليو/ تموز 1952.


القدوة الحسنة


الفريق محمد زكي وُلد عام 1956 ثم تخرج في الكلية الحربية عام 1977. من ذلك التاريخ حصل على جميع الفرق التدريبية الخاصة بسلاح المشاة، ثم أتبعها بالفرق التدريبية لسلاح المظلات. وبجانبهما حصل على دورة أركان حرب عام، ثم دورة كلية الحرب العليا، ثم الدورة العليا لكبار القادة. أما عن الميدان فقد شارك في حرب تحرير الكويت.

تدرج الفريق في التسلسل القيادي لوحدة المظلات حتى صار قائدًا لها في الفترة من 18 ديسمبر/ كانون الأول 2008 حتى 11 أغسطس/ آب 2012. ثم في 12 أغسطس/ آب 2012 تم انتدابه للعمل في الحرس الجمهوري تحت قيادة الرئيس المعزول محمد مرسي. كان سبب هذا الانتداب ما أظهره من جدارة في تأمين المنشآت الحيوية عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، إذ ساعدت قوات المظلات في تأمين مبنى الإذاعة والتلفزيون ومجلسي الشعب والشورى.

اقرأ أيضًا:

ما هي اتفاقية «CISMOA» التي وقّعتها مصر مع أمريكا؟

في مسيرته حصل على العديد من الجوائز كميدالية 30 يونيو/حزيران 2013، ومن قبلها ميدالية 25 يناير/كانون الثاني 2011. كما حصل على نوط التدريب من الطبقة الأولى، ونوط الواجب العسكري، ونوط الخدمة الممتازة. علاوة على ذلك فقد حصل على ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة.


شهادته ضد مرسي

جئت أُنفذ إرادة الشعب الذي جاء بكم، أنتم معتقلون. هكذا شرح اللواء آنذاك للرئيس المعزول محمد مرسي ومن كان موجودًا معه في القصر الجمهوري سبب دخوله عليهم في الثالث من يوليو/ تموز 2013. لم يكن هذا هو التصريح الوحيد للفريق بخصوص مرسي، كما لم تكن تصريحاته بلاغيةً فقط. بل تبعتها تصريحات وشهادات امتد أثرها إلى إدانة مرسي في قضيتي التخابر وقتل المتظاهرين.


حسب ما جاء في شهادته أنّه في فجر الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2012 تلقى اتصالًا هاتفيًا من مرسي يأمره بفض اعتصام الاتحادية بالقوة وفي ساعة واحدة، لكن زكي رفض تنفيذ الأمر. يستطرد زكي قائلًا إنه حاول التواصل مع مرسي بعدها فلم يتمكن من ذلك فتواصل مع أسعد الشيخة، رئيس ديوان رئيس الجمهورية.

طلب زكي من الشيخة مهلةً قدرها 24 ساعة كي يتمكن من فض الاعتصام دون اللجوء إلى القوة، لكن رد الشيخة كما يرويه زكي كان أن مرسي أصدر أوامره بضرورة عدم وجود أي من المعتصمين حين يعود صباحًا. وأضاف أنه في الصباح كان معظم المتظاهرين قد رحلوا عدا مجموعة نصبت 15 خيمةً أمام القصر الجمهوري. فجاءه الشيخة مرةً أخرى يطلب منه فض الاعتصام لكن رفضه تكرر.

يروي زكي حينها أن الشيخة حين يأس من استجابته قرر أن يأمر المنتمين للإخوان بفض الاعتصام. وأكد زكي أن مبدأه كان ثابتًا مع كل احتجاج يتشكل أمام أحد القصور الرئاسية وهو أنه لن يعتدي على أبناء الشعب ولا يتوقع أن يعتدي المصريون على الحرس الجمهوري. كانت هذه رواية زكي حول كواليس الثالث من يوليو/تموز، وليس من نفل القول أنها رواية من جانب واحد.

ختامًا، لعل مواقفه السابقة هي التي دفعت الرئيس إلى اختياره كوزير للدفاع رغم وجوده مؤخرًا في الحرس الجمهوري بدلًا من اختيار رجل من داخل المؤسسة، خاصةً مع العملية الدائرة في سيناء. أو أن هناك دوافع أخرى وقفت وراء ذلك الاختيار، إضافةً إلى أسباب إقالة الفريق صدقي صبحي، وهو ما ستكشفه الأيام القادمة.