هو لاعب جيد جداً، موهوب وفي الثامنة عشرة من عمره ويمتلك شخصية قوية


زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد متحدثا عن مبابي

.


مشهد تخيلي

«الكرة في المنتصف يالقلة الصبر! أسرعوا يا أوغاد أريد أن أري العالم من أنا، هيا يا سيلفا مرر لي أنا هنا»

«الكرة في المنتصف يالقلة الصبر! أسرعوا يا أوغاد أريد أن أري العالم من أنا، هيا يا سيلفا مرر لي أنا هنا»

مبابي يرفع يده بعد كل هذا التفكير ويشير لبريناردو بالتمرير، فيستجيب له، وتصل الكرة لقدم كيليان.

«الكرة قادمة لي ماذا سأفعل بها ؟ حسنا كن هادئا يا كيليان، لا تتوتر فالأمر بسيط، تذكر فقط ماذا كنت تفعل في الشارع»

في عقل مبابي والكرة في الطريق له. الآن الكرة بين قدميه يدفعها أمامه ويركض خلفها يقابل المدافع الأول، والثاني يلوح في الأفق يموه بجسده فقط نحو اليسار فيذهب المدافع نحوه ثم يأخذ الكرة يمينًا ويترك المدافع في طريقه المجهول، الثاني يأتي مندفعا بكلتا قدميه على الأرض فيرفع مبابي الكرة من فوقه وينفرد بالحارس ويسدد قوياً في أقصى الزاوية، هدف.

ينفجر الملعب فرحًا بالهدف، ويجري مبابي لا يصدق ما فعل وكأنه حتى هو تفاجأ من موهبته، وفي الأعلى، في أقصى مكان أعلى الملعب يجلس رجل يرتدي معطفا طويلا وقبعة يغطي بها صلعته المميزة حتى لا ينكشف أمره ويدخن سيجارة تقع من يده فور تسجيل الهدف من شدة التصفيق.

يبدأ ذلك الرجل في الحديث مع صديقه الجالس بجواره؛ «هل رأيت ماذا فعل؟ يبدو حقًا كما سمعنا، يجب إذن ألا نتركه يذهب من بين أيدينا، أين كنا نحن قبل ذلك حين خطفه موناكو؟»

كان «زين الدين زيدان» هو ذلك الرجل الذي تلقى تقارير عن موهبة فرنسية تستحق المتابعة، وذهب بنفسه لرؤية ذلك المشهد الذي أذهله وجعله يذهب مرات ومرات.

عاد زيزو إلي مدريد محملًا بأفكار لا حصر لها حول ذلك الفتى الأسمر، سرعته وقوته ومهارته، والأهم طلبه الكرة وهو في ذلك السن الصغير مما يدل على شخصيته، وخاطب نفسه يقينا بأنه سيبذل كل شيء في سبيل التعاقد معه.


إذا عرف السبب بطل العجب

مبابي ابن لأب كاميرني الأصل وأم من الجزائر، وكلاهما يعمل بالرياضة، فالأول يعمل كمدرب بنادي «أ س بوندي» الذي لعب فيه مبابي الطفل، والثانية كانت لاعبة كرة يد محترفة. يقول كيليان إن والدته فايزة مبابي كانت كثيرًا ما تحدثه عن كرة القدم لدرجة أنه فور استيقاظه كان يبدأ يومه بمتابعة أخبار الكرة في التلفاز. الشغف الذي تملك مبابي مع رعاية والديه له أسسا رياضيًا يسبق جميع من هم في جيله، لا عجب إذن من سرعة تفجر موهبته وبنيته القوية.


وراء كل رجل عظيم امرأة

ربما ليس بالمعنى الذي يعرفه الجميع عن دور المرأة في دفع الرجل نحو النجاح، هنا الأمر ملتوٍ قليلًا، حيث انفصل الملياردير الروسي «ديميتري ريبولوفليف» مالك نادي «موناكو» عن زوجته، وطبقا للقوانين دفع لها نصف ثروته حو 2.7 مليار يورو في حادثة وصفها الجميع

بالطلاق الأغلي في التاريخ.

حادثة الطلاق تلك أثرت على ميزانية نادي موناكو، فاضطر لبيع «فالماو»، و«جيمس رودريجيز» وغيرهما، ولم يستطع استقطاب آخرين بنفس المستوى، وهنا قرر المعنيون بالنادي تصعيد بعض الشباب، وكان من بينهم مبابي.

مبابي لم يخيب الظن، وبالفعل أصبح أصغر من حمل قميص فريق الإمارة الفرنسية وكسر رقم الأسطورة تيري هنري وسجل بعمر 17 عامًا و62 يومًا ليصبح أصغر من يسجل هدفًا لنادي موناكو.


الشخصية: من هنا يبدأ كل شيء وأي شيء

مبابي نجم موناكو يتمتع بشخصية قوية

عندما تدخل غرفة مبابي ستجد صور كريستيانو رونالدو في كل ركن، ربما يفسر الكثيرون ذلك بأنه يحب رونالدو كأي طفل، ولكن عند التعمق أكثر في حياة رونالدو كلاعب ستجد التحديات من هنا وهناك وشخصيته هي التي تنتصر في الغالب، عناده وإصراره هما المحركان الأساسيان له، ربما بل بالتأكيد لم يفكر الطفل الفرنسي ذو الـ 12 عامًا بكل هذا حين أخذ رونالدو قدوة، ولكن الأكيد أن بداخله شيئًا ما دفعه نحو الإعجاب به.

أريد الفوز بدوري الأبطال أكثر من الكرة الذهبية





مبابي متحدثا عن طموحه.

هل هذا تفكير شاب بالثامنة عشرة من عمره؟ سنجد له تصريحا آخر بأنه بسن يحتاج فيها للعب أكثر من أي شيء، حسنًا من في العالم الآن بعمر 18 يستطيع رفض اهتمام ريال مدريد وتشيلسي ومانشستر سيتي ليؤكد رغبته في اللعب أولا وكأنه يملي شروطه، تشعر أنه يلعب منذ زمن وحقق تاريخًا يجعله قويًا عندما يطلب شيئًا مثل هذا بدلًا من اللهث وراء تلك العروض المغرية كما يفعل الآخرون. كذلك عدم تأثره بتشبيه هنري الجديد الذي هبط بالكثير من اللاعبين للأرض كمارسيال.

نضوج ملفت إلى حد كبير من الفتى الأسمر يشعرك بأن هناك شيئا أكثر إبداعًا مما رأينا سنرى، وأن تلك البداية هي حقًا إشارة انطلاق لنجم انتظره العالم كثيرًا لكسر ملل ثنائية «ميسي ورونالدو».


على العشب، ماذا ننتظر؟

مبابي يمتلك مهارة مذهلة نسبة إلى عمره، يستطيع اللعب في كل مراكز الهجوم بكل كفاءة، ولكنه يفضل استقبال الكرة في المساحة والمرواغة، لذلك يلعب على الأغلب كجناح أيسر، يسدد قويًا بكلتا قدميه كما أنه هادئ أمام المرمى، كل تلك مميزات تتواجد في لاعبين كُثُر، إذن ما المميز في كيليان؟

بالطبع كل الرؤى تتفق بتفجر موهبته، ولكن شيئين يميزانه، الأول وهو سرعة قدميه وليست السرعة في المساحات التي يمتلكها بالفعل، سرعة القدمين في التحرك والمراوغة أو كما تعرف بـ«foot work»، كذلك قدرته على سرقة المدافعين في العرضيات عن طريق الـ«short sprint»، وكأنه مولود بمنطقة الجزاء كهدافي التسعينيات.

الشيء الثاني والأهم الذي أكدته تقارير كثيرة مثل تقرير مفصل نشره موقع «

outside of the boot

» هو عدم أنانيته على عكس صفة معظم لاعبي الكرة العظماء عندما كانوا بعمره حتى ميسي ورونالدو، فهو دائمًا ما يرفع عينيه عندما يمتلك الكرة، حتى وإن كان التسديد خيارا متاحا، فإنه يبحث عن خيار أفضل بالتمرير لمن يمتلك وضعا أكثر مثالية للتسديد.

ليس أدل من ذلك على كرة سجلها هو بنفسه في بروسيا دورتموند، ولكن عيناه قبل التسديد شرحت الكثير. قد يفسر ذلك البعض بقلة الثقة أمام المرمى، ولكن هدفه في مانشستر سيتي بإنجلترا يثبت ثقة وقدرة على الإنهاء يمتلكها قليلون بالعالم.


https://www.youtube.com/watch?v=9ogb0RqUPuE

إذن نحن أمام لاعب كامل؟ بالطبع لا فهو يحتاج للكثير من العمل كما صرح جارديم مدرب موناكو، ولكن كل تلك الإضاءات التي يبعثها تظل على مخزون خفي يحتاج للكثير من العمل كما صرح جارديم مدرب موناكو، ولكن كل تلك الإضاءات التي يبعثها تظل على مخزون خفي يحتاج من يخرجه.


لماذا ريال مدريد؟


غرفة مبابي الخاصة وتعلقه برونالدو

غرفة مبابي الخاصة وتعلقه برونالدو

السؤال يجب أن يكون أكثر تحديدًا، أو بالأحرى يجب أن يكون قسمين، لماذا اختار ريال مدريد مبابي؟ ولماذا يريد مبابي الانضمام لريال مدريد؟ الإجابة على الأول أنه ببساطة سياسة بيريز في ولايته الأخيرة تغيرت من قدوم الجلاكتيكوس إلى استقطاب لاعبين شباب واعدين ليشكلوا مستقبلًا للفريق حتى لا يعاني من تعاقب الأجيال وحتى يكتسبوا الخبرة من سابقيهم مثل «رونالدو»، و«مودريتش»، و«راموس»

لنجد أن ريال مدريد لم يجلب «جلاكتيكو» منذ 2014 وهو جيمس رودريجيز ومنذ ذلك الوقت تعاقد مع فاييخو، وفاسكيز، وكوفاسيتش، وأسينسيو، ومؤخرا سيبايوس، وثيو هيرنانديز، وأعاد يورينتي من الإعارة، حتى أن فيهم من أصبح نجمًا مثل أسينسيو الذي يعتقد الكثيرون أنه سيصبح نجم الملكي القادم.

شيء آخر يرجح كفة مبابي، وهو تطوره حيث في موسمه الأول سجل هدفًا وصنع مثله بينما في موسمه الثاني سجل 26 هدفًا. لذلك فمبابي الصفقة التي ربما حلم بها بيريز كثيرًا وللتو وجدها، نجم مشهور واسمه يليق بريال مدريد وفي الوقت نفس دون العشرين عامًا.

أما عن أخبار تفضيل مبابي للميرينحي قد يرجعها البعض لأسباب شخصية، كتشجيعه لريال مدريد أو حبه لرونالدو ولكن الأمر ليس بتلك البساطة، مبابي أو من يفكرون له يعلمون جيدًا أن ريال مدريد هو النادي الأقوى حاليًا علي الصعيدين المادي والفني فدوري الأبطال للمرة الثانية تواليًا خير دليل، هنا لن يغامر مبابي في مشروع جديد، بل سيدخل في إطار مشروع ناجح بالفعل.

كذلك زيزو فرنسي الجنسية ويستطيع التفاهم معه بسهولة بل تواجد فاران وثيو وبنزيما يشجع أكثر، ولكن الأهم هو قدرة زيزو التي أظهرها آخر الأعوام بتطوير المواهب والمداورة وتجهيز الجميع لدرجة أن الموسم المنصرم ريال مدريد كان يلعب بفريقين بنفس الكفاءة رغم أنه لم يستقطب سوى موراتا.

مبابي يرى نفسه في أسينسيو وناتشو وغيرهما، يريد أن يخوض تلك المغامرة مع الرجل الأقدر في العالم على توجيهه. سبب آخر قد يجعل مبابي يفكر في الالتحاق بريال مدريد حتى ولو لم يلعب باستمرار في موسمه الأول، هو أن ثلاثي الهجوم في ريال مدريد غير مستقرين بأشكال مختلفة، فرونالدو يتقدم في العمر، وعاجلًا أم آجلًا سينهي مشواره وبنزيما متذبذب المستوى وبيل كثير الإصابات مما يزيد فرص حصوله على فرص للعب، كذلك اعتماد زيزو كثيرًا على اللعب بثنائي هجومي قد يتيح لمبابي اللعب بجوار رونالدو.

أفكار كثيرة حول ذلك الفتى الذى سجل 26 هدفًا مع موناكو منهم 6 فى ربع ونصف نهائى بدورى الأبطال، اللاعب الذى حصد كأس أوروبا للشباب مع فرنسا مسجلًا 5 أهداف، الصبى الذي شبهوه في السابعة عشرة من عمره بهنري وبالغ آخرون وقالوا إنه يلعب كنيمار ويسجل كرونالدو، اللاعب الذى لم يسبق للعالم رؤية من هم في سنه ممن سبقوه فعل ما فعله ليجعل السؤال الذي يطغى حاليا هو: هل مبابى ولد ليلعب لريال مدريد؟