شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 68 هو إنجاز وطني هام. هكذا عبّر وزير الطاقة الإسرائيلي «يوفال شتاينس» عن سعادته بتوقيع اتفاقية الغاز مع الأردن، الذي فتح ملف التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل من جديد، هذه المرة بوجه اقتصادي يُمكّن تل أبيب من السيطرة على 40% من صندوق الطاقة في الأردن. وقد اعتبر «يوسي آبو» الرئيس التنفيذي لشركة «ديلك» الإسرائيلية للتنقيب، أن توقيع الاتفاق كان يومًا تاريخيًا من شأنه أن يضع حقل ليفاتان على رأس خارطة الغاز بالمنطقة، وأن يخلق حالة من الازدهار الاقتصادي في البلدين، متوقعًا أن تتواصل الجهود الإسرائيلية للدفع باتجاه مزيد من الاتفاقيات مع الدول المجاورة كمصر وتركيا والسلطة الفلسطينية للاستفادة من حقل ليفاتان. الأردن تبرر لعل الغريب في أمر إتمام الصفقة أنه في الوقت الذي تتجه فيه العواصم الأجنبية إلى مقاطعة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في إطار المساندة والدعم الإنساني للحقوق الفلسطينية المنتهكة في الأراضي المحتلة، تتجرأ الدول العربية بل ويلهث بعضها خلف التطبيع الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي معه على أمل خدمة مصالحها. اتفاقية الغاز لم تكن الأولى التي تُبرمها الأردن مع «إسرائيل»، لكنها تُعد الأكبر بعد اتفاقية وادي عربة المُوقعة قبل 22 عامًا. في الصفقة التطبيعية الأخيرة ساقت الحكومة الأردنية انقطاع الغاز المصري، وتكبد الخزينة العامة في الأردن 6 مليارات من الدولارات جراء الهجمات على خطوط الغاز المصري في سيناء منذ اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وتعليق صادرات الغاز المصري إلى الأردن، مبررًا لإبرام الصفقة مع الاحتلال الإسرائيلي، وأوضحت على لسان وزير الدولة الأردني لشئون الإعلام «محمد المومني» أنها صفقة اقتصادية من شأنها أن توفر للأردن قرابة 600 مليون دولار سنويًا، وقال:«إن اتفاقية الغاز مع إسرائيل أحد خيارات المملكة في الإستراتيجية المبنية على تنوع مصادر الطاقة، وأنها مرتبطة بمعاهدة السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل سابقًا، والتي تسمح بتبادل المنافع والمصالح الاقتصادية بين البلدين». وكانت الأردن أعلنت في العام 2014 بشكلٍ خجول عن نواياها لشراء الغاز من شركة «نوبل إنرجي» الأمريكية التي تعمل في حقل ليفاتان الإسرائيلي، وبرغم الاحتجاج الشعبي والبرلماني آنذاك إلا أنه لم يحمل الحكومة الأردنية على التراجع، بل سعت على مدار العامين التاليين إلى إنجازها واقعيًا واستطاعت ذلك خلال الأسابيع السابقة بعد أن أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إتمام الصفقة بشكلٍ رسميّ، وبدء تنفيذها على الأرض مع حلول العام 2019. وبدءًا من العام 2019 ستُزود شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز من قبل حقل «ليفاتان» البحري الواقع قبالة شواطئ حيفا المحتلة، وتُقدر الكمية التي ستستوردها الأردن بـ 8.4 ملايين متر مكعب يوميًا بقيمة 10 مليارات دولار على مدار 15 عامًا. هذه الاتفاقية لم تكن الأولى التي تُبرمها الأردن مع إسرائيل لكنها تُعد الأكبر بعد اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل الموقعة قبل 22 عامًا، والتي تمنح إسرائيل تنسيقًا أمنيًا واعترافًا عربيًا مقابل استعادة الأردن منطقة الباقورة التي كانت محتلة من قبل إسرائيل، وكذلك الحصول على 30 مليون متر مكعب من حقوقها في بحيرة طبريا، وتمكينها من وصاية دينية على المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، إلا أن عدم التزام إسرائيل ببنود الاتفاقية كان سببًا في تأزيم العلاقة بين عمان وتل أبيب، وقد حاولت الأخيرة إصلاحها بالمزيد من الاتفاقات الاقتصادية. اتفاقية سياسية بامتياز تمتلك الأردن بدائل محلية وعربية أخرى، بعيدًا عن البديل الإسرائيلي المعروف أنه سُرق دون وجه حق من المقدرات الطبيعية العربية المحيطة. زعمت الحكومة أن نتائج الدراسات والتحليلات الفنية تُشير إلى جدوى استيراد الغاز من شركة «نوبل إنرجي»، وإمكانية أن تساهم الاتفاقية في خفض التكلفة على شركة الكهرباء الوطنية، وتجنب أي ارتفاعات حادة في التعريفية الكهربائية على المستهلكين مستقبلًا. وهو ما رد عليه الدكتور عبد الحي زلوم، المستشار البارز في مجال البترول، بقوله: «إن اتفاقية الغاز الإسرائيلي الأردني سياسية بامتياز، وأنها جزء من تطبيع اقتصادي لربط الدول المجاورة مصر والأردن وفلسطين بالاحتلال الإسرائيلي». وأضاف أن الولايات المتحدة هي من قدمت الرعاية المتكاملة لإتمام الصفقة من الألف إلى الياء. وأكد زلوم أن ذلك الموقف لا يُفسر إلا باللهاث وراء تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ليست العلاقات الاقتصادية فحسب وإنما السياسية أيضًا، والاعتراف بها كدولة لها سيادة على الأراضي المحتلة، وفي ذات الوقت نفي تلك السيادة عن أصحاب الأرض الذين يتوقون للحرية والعودة، وشدد أن البوابة الاقتصادية خيارًا سهلًا في ظل العجز عن الاتجاه للخيارات الأخرى لتحسين واقع الطاقة في الأردن، والمتمثلة باستغلال الزيت الصخري والطاقة الشمسية المتجددة في إنتاجها. التطبيع الاقتصادي سبيل للتوسع في المنطقة العربية الجدوى الاقتصادية التي ساقتها شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، لم تنفِ عن «إسرائيل» أهدافها الاستعمارية في اتخاذ التطبيع الاقتصادي سبيلًا للتوسع والتمدد في المنطقة العربية، لتحقيق حلمها الكبير بالدولة العظمى من النيل إلى الفرات. وفي قراءة خصنّا بها الدكتور معين رجب، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر بغزة، أشار إلى وجود بدائل محلية وعربية بعيدًا عن البديل الإسرائيلي المعروف أنه سُرق دون وجه حق من المقدرات الطبيعية العربية المحيطة، وقال: «إن إسرائيل استطاعت أن تستولي على الغاز العربي سواء في المياه الاقتصادية اللبنانية أو المصرية». لافتًا إلى ضرورة استمرار رفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي من البوابة الاقتصادية لأن هدفه السيطرة على الموارد الطبيعية العربية، وتسخيرها لخدمة مصالحها الاستعمارية في البلاد العربية، وتقوية وجودها التنافسي أمام الأسواق الروسية التي تُعد الأكبر في مجال الغاز الطبيعي. وفي السياق ذاته حذّر الكاتب والمحلل «بسّام البدارين» من خطورة اتفاق الغاز المبرم بين الأردن وإسرائيل على الأمن القومي وأكد أن معطيات إبرام الصفقة مُثيرة للجدل، إذ وُقّعت بداية من قبل شركة الكهرباء الوطنية الأردنية في ظل غياب مجلس النواب ما يجعلها منافية للدستور، وبذلك تصبح إسرائيل في موقع متقدم ومتسلل في عمق المعادلة الاقتصادية والسياسية الأردنية، وتجعلها الأكثر استفادة مما يجري في المنطقة العربية. استثمار في قتل الشعب الفلسطيني على الصعيد الفلسطيني جوبهت الاتفاقية بالرفض، فما ستُنفقه الأردن لإسرائيل من أموال لتوصيل الغاز لتوليد الكهرباء لديها ستُحوله إسرائيل إلى قنابل موقوتة لتُفجرها في وجه الشعب الفلسطيني وقتما شاءت، وهو ما عبّر عنه الكاتب الفلسطيني أسامة الأشقر بالقول: «إن صفقة الغاز الأردنية – الإسرائيلية استثمار في قتل شعبنا». وأردف أن الاتفاقية برغم ما ستُحدثه من حلول لمشاكل الطاقة في الأردن، إلا أنها ستكون ذات تأثير سلبي على الأملاك الفلسطينية المنهوبة من قبل الاحتلال، وسيُشرّع نهبها والتصرف بها دون وجه حق، مؤكدًا أنها ملك للشعب الفلسطيني وحده، وأن رزوحه تحت نيّر الاحتلال يُنهي أي وسيلة لديه لاستثمار موارده الطبيعية والانتفاع بها في تحقيق عملية التنمية. لا ينفي الأشقر على الحكومة الأردنية حقها في إيجاد الحلول للمشاكل التي يُعانيها الشعب في مجال الطاقة، بالبحث عن مصادر جديدة غير متوافرة في حدود الوطن، لكنه في ذات الوقت يُشدد على ضرورة ألا تكون تلك الحلول على حساب شعب آخر وحقوقه وممتلكاته، لافتًا النظر إلى أن الاتفاقية ستسمح للاحتلال الإسرائيلي بالتحكم بقوة في سياسات الأردن والمنطقة من خلال ملف الطاقة التشغيلية، ومؤكدًا أنها لن تتردد في استخدامه كسلاح إذا تعرضت للاستهداف من قبل المقاومة الفلسطينية. رفض شعبي اعتبر البعض أن صفقة الغاز الأردنية – الإسرائيلية هي استثمار واضح في قتل الشعب الفلسطيني. صُدم الشارع الأردني بالإعلان عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية عن توقيع اتفاق الغاز رسميًا، ما أدخله في حالة من الغضب تطورت إلى مظاهرات سلمية خرجت في كافة المحافظات تأكيدًا على رفضهم للاتفاقية، التي تُعد بنظرهم خطوةً على طريق التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل، وشرعنةً للاحتلال، مؤكدين وجود بدائل أُخرى لدى الأردن لكنها لم تلجأ إليها، ورأوا أن أموال الغاز التي ستدفعها الأردن لإسرائيل ستُمكنها من الاستمرار في مشاريعها الاستيطانية والتهويدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وستمنحها الضوء الأخضر في استمرار سرقة حقول الغاز في سواحل فلسطين، رافعين شعار «غاز العدو احتلال». وعلى وّقعِ تلك المظاهرات أطلق ناشطون شباب حملاتٍ على منصات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، كان إحداها (#العتمة_أكرم_من_ضوء_مصدره_إسرائيل)، فأطفئوا الأنوار في بلدهم ليلًا، ولمدة ساعة كاملة تعبيرًا عن احتجاجهم الشديد على اتفاق الغاز، خاصة بعد انسداد الأفق السياسي وعدم جدوى وسائل الاحتجاج الاعتيادية. والجدير بالذكر أن الحملة الشبابية حظيت بحضور وتفاعل واسعين على الساحة الأردنية والعربية، لكن لم تحمل الحكومة على إلغاء الاتفاقية أو إعادة النظر فيها. المراجع عبد الحي زلوم، “اتفاقية الغاز الإسرائيلي الأردني: إنها سياسية بامتياز”، صحيفة الرأي اليوم، 2 أكتوبر 2016. “الأردن يتمسك بصفقة الغاز والوفورات المتوقعة”، موقع الجزيرة نت، 3 أكتوبر 2016. أسامة الأشقر، “قراءة في صفقة الغاز الأردنية الإسرائيلية”، موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 27 سبتمبر2016. “عمّان تطفئ أضواءها ردًا على اتفاقية الغاز الإسرائيلي”، شبكة راية الإعلامية، 3 أكتوبر 2016. “حملة غاز العدو احتلال تدين توقيع الأردن اتفاقية الغاز مع إسرائيل”، موسوعة فلسطين الإخبارية. “الأردن: اتفاق الغاز مع اسرائيل تطبيق لبنود معاهدة السلام 1994″، رابطة الصحافة الإسلامية، 2 أكتوبر 2016. بسام البدارين، “غاز إسرائيل يتسلل بعمق لأخطر معادلات الأردن وتحذيرات من خطورة الصفقة على الأمن القومي”، صحيفة القدس العربي، 28 سبتمبر 2016. قد يعجبك أيضاً القضية الفلسطينية في أسبوع – 14 إبريل/نيسان 2017 فلسطين «وحدها» تنتصر على الاحتلال في معركة الأقصى كيف عاش العرب واليهود في فلسطين قبل 1948م؟ طلت البارودة: 8 أغان شعبية فلسطينية خلّدت حكايات الحب والحرب شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محاسن أُصرف Follow Author المقالة السابقة أين ذهبت حركة سلفيو كوستا المقالة التالية فوز العدالة والتنمية المغربي: هل هو سراب خادع؟ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك من عجائب الدنيا: القدس في عيون الرّحالة 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «سنفطر في القدس»: ماذا لو شاهدنا إعلان «زين» عام 2000؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ليس أول فرار عبر نفق: تاريخ السجون الإسرائيلية والفرار منها 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك عملية الأقصى تهز الاحتلال، واقتصاد غزة يقترب من الانهيار 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك عزمي بشارة: ما القدس؟ ولماذا القدس؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف عاش العرب واليهود في فلسطين قبل 1948م؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك بين البوسنة وفلسطين: المعادلة الصعبة للمسلمين البشناق 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك عزمي بشارة: فلسطين، قضية العرب أم مشكلة الفلسطينيين؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 5 أفلام وثائقية تضع «إسرائيل» تحت مجهرك 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك السلطة تتربص بغزة، وثيقة حماس، اليونسكو ينتصر لفلسطين مجددًا 01/03/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.