أرقام مفزعة صدرت من المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض CDC، بخصوص موسم الأنفلوانزا الشتوي للعام الماضي. الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة أقوى منظومة صحية في العالم، شهدت

تسجيل أكبر معدل وفيات بسبب الأنفلونزا

منذ السبعينات من القرن الماضي. لكن إذا عُرِف السبب، بطُلَ العجب … الإجابة هي مصل الإنفلونزا.

شهد العام الماضي تراجعًا ملحوظًا في معدل تعاطي مصل الإنفلونزا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث

وصلت النسبة إلى 37%

فقط، وهي أقل نسبة منذ أكثر من 8 سنوات. مما أسهم في تسجيل حوالي 50 مليون حالة إصابة بالأنفلونزا، منهم حوالي المليون حالة استدعت الحجز بالمشافي، بينما بلغت الوفيات رقمًا قياسيًا بما يقارب 80 ألف حالة ! وهو حوالي 20 ضعف عدد القتلى الأمريكيين في 13 عامًا من حرب العراق الضارية. وتقدر الإصابات سنويًا حول العالم بحوالي 600 مليون إصابة، ينتج عنها أكثر من نصف مليون حالة وفاة. وفي أوروبا، يتجاوز ع

دد ضحايا الأنفلونزا الموسمية، ضحايا حوادث الطرق

.

هل ما زلت تظن أن تعاطي تطعيم الأنفلونزا رفاهية يمكن الاستغناء عنها؟ إذًا عليك قراءة السطور القادمة جيدًا.


1. فيروس الأنفلونزا … دكتوراه في التحور الفيروسي

الوسيلة الوحيدة الفعالة لحمايتك ضد فيروس الأنفلونزا، هو أن تحصل على المصل الموسمي كل عام





المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض على موقعه الرسمي


أنواع عديدة من فيروسات الأنفلونزا

تتقاسم المسئولية عن الدور المرضي المشهور، والذي نكاد جميعًا نصاب به في كل موسم شتوي. هناك أربعة أنواع رئيسة من فيروس الأنفلونزا، هي A وB وC وD، والأخير يصيب الماشية بالأساس. النوع A هو الأشهر في إصابة الإنسان، ويندرج تحته أنواع عديدة يتم

تسميتها وفق حرفي H و N

، وهما أول حرفين من اسم بروتينيْن على سطح فيروس الأنفلونزا لهما دور كبير في نشاط الفيروس المرضي، فمثلًا فيروس أنفلونزا الطيور اسمه H5N1، وفيروس أنفلونزا الخنازير H1N1 .. الخ، وإصابة الإنسان بنوع من أنواع الأنفلونزا، لا يكسب الجسم مناعة إلا ضد هذا النوع فقط.

من أخطر ما يميز فيروس الأنفلونزا، بجانب كثرة أنواعه، هو قدرته الكبيرة على التحور، وتكوين سلالات جديدة مقاومة، وأكثر شراسة، غير مسجلة سابقًا لدى أجهزة مناعتنا، مما يجعلها عديمة الجدوى في مقاومتها. لهذا السبب يتم دراسة فيروسات الأنفلونزا معمليًا بشكل دوري، وذلك لتحديد الأنواع الأكثر انتشارًا في كل بلد، لإنتاج المصل المناسب لها. وفيروس الأنفلونزا واسع الانتشار، ويمكن أن تكون إصابته شرسة للغاية لدى بعض الشرائح كالأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة .. الخ، ومن هنا تأتي أهمية لقاح الأنفلونزا السنوي.

تذكر الإحصاءات أنه في الولايات المتحدة في موسم 2016-2017،

منع لقاح الأنفلونزا أكثر من 5 ملايين إصابة بالأنفلونزا،

ووفَّر 85 ألف مرة دخول إلى المستشفى، وقلل الحاجة للعرض على الطبيب بسبب الأنفلونزا بنسبة 40-60%. يمكن ترجمة الإحصاءات السابقة إلى مئات الأرواح، ومئات ملايين الدولارات.


2. مم يتكون لقاح الأنفلونزا؟

لا يوجد تكوين محدد للقاح الأنفلونزا السنوي، إذ قد يتم تعديل مكوناته حسبما ذكرنا آنفًا، طبقًا للأنواع الشائعة من فيروس الأنفلونزا في الموسم في كل بلد. لذا فلقاح الأنفلونزا في مصر قد يختلف عنه في الولايات المتحدة الأمريكية .. الخ. و

تتولى منظمة الصحة العالمية

عملية المراقبة المستمرة لفيروسات الأنفلونزا لتوقع الأنواع الأكثر انتشارًا في كل موسم. تتكون معظم لقاحات الأنفلونزا من أجزاء من بعض أنواع الأنفلونزا A و B لأنها الأكثر شيوعًا في معظم مناطق العالم، وأكثرها انتشارًا ما يسمى

بمصل الأنفلونزا الثلاثي

، والذي يتكون من مضادات لنوعين من الأنفلونزا A الأكثر انتشارًا في البلد و

غالبًا ما يكونا H1N1 و H3N2

، وفيروس B (ليس له أنواع). ولذا فأمصال الأنفلونزا

غير فعالة ضد النوع C

، وهو لحسن الحظ أضعف كثيرًا في شدة دور الأنفلونزا الذي يسببه.

جدير بالذكر أيضًا أن هناك قائمة كبيرة من الفيروسات

تسبب أعراضًا شبيهة بالأنفلونزا

كمرض البرد الشائع، وهذه لا يقي منها مصل الأنفلونزا أيضًا، وعمومًا هي أشد وطأة على الجسم من إصابات فيروس الأنفلونزا، ومضاعفاتها نادرة للغاية.

عندما يتم حقن الجسم باللقاح، وهو عبارة عن أجزاء غير كاملة من الفيروسات، فإن جهاز المناعة يتفاعل ضدها، و

خلال أسبوعين، يقوم بإنتاج أجسامٍ مضادة

كتلك التي يكونها عن الإصابة الفعلية بتلك الفيروسات. وبذلك يكوّن الجسم مقاومة ضد الأنفلونزا، دون أن يخوض تجربة المرض الفعلية. هذه المقاومة إما تمنع الإصابة تمامًا، أو على الأقل تضعف الأعراض وتقلل فرص حدوث المضاعفات.

هناك عدة أسماء تجارية من لقاحات الأنفلونزا، أشهرها في مصر

حقن


الفاكسجريب

، وكان سعره العام الماضي 65 جنيهًا مصريًا، ويعطى بالحقن العضلي. ولأنه يتم استزراعه في البيض، فلا يُنصَح لمن يعانون من حساسية ضد البيض. يتوافر اللقاح عمومًا في غالبية الصيدليات خاصة في المدن، وكذلك يتوافر في بعض مراكز الرعاية الصحية الأولية.


3. هؤلاء يجب عليهم أخذ لقاح الأنفلونزا

أفضل موعد لتعاطي اللقاح،

هو شهرا أكتوبر ونوفمبر

، لتكون المناعة قد تكوَّنت قبل دخول موسم الشتاء الذي تشيع فيه إصابات فيروس الأنفلونزا.

وكل إنسان تجاوز 6 أشهر من العمر،

يستفيد كثيرًا إذا تمّ إعطاؤه لقاح الأنفلونزا، لكن هناك

شرائح معينة يُنصَح لها بشدة

بتعاطي لقاح الأنفلونزا لكثرة فرص تعرضها للإصابة وللمضاعفات، وكذلك فرص نقل الإصابة للغير.

  • العاملون بالمجال الصحي من أطباء وتمريض .. الخ.
  • المرضى المصابون بالسكر، وأمراض القلب المزمنة.
  • مرضى الأمراض الصدرية المزمنة كالربو الشعبي.
  • مرضى الفشل الكلوي والكبدي المزمن.
  • المصابون بالسرطان، ومتعاطو العلاج الكيماوي، ومضادات المناعة كالكورتيزون وغيره.
  • السمنة المفرطة.
  • الحوامل، لا تقتصر الحماية على الأم، إذ تمتد إلى الطفل حتى 6 أشهر من عمره.
  • الأطفال من سن 6 أشهر إلى 5 سنوات.
  • كبار السن فوق 50 عامًا.

هناك نوع خاص من

لقاح الأنفلونزا، يعطى عبر الأنف

، وهو يتكون من الفيروس كاملًا، لكن تم إضعافه. يسبب هذا النوع رد فعل مناعيًا أقوى، لكن لا يمنع استخدامه في

حالات ضعف المناعة

، كمرض الإيدز، أو أمراض اختلال المناعة الوراثية، أو الأورام السرطانية المنتشرة، أو تتعاطى العلاجات الكيماوية أو العلاج بالكورتيزون، أو مرض السكر، أو ضعف مزمن بعضلة القلب، أو أمراض صدرية مزمنة .. الخ. كذلك لا يُنصح به للأطفال تحت عاميْن، ولكبار السن فوق 50 عامًا، وللحوامل.


4. هل هناك أعراض جانبية للقاح الأنفلونزا؟

قد يحدث

بعض الأعراض المؤقتة غير الخطيرة

، مثل الألم والتورم والاحمرار في مكان الحقن، وارتفاع درجة الحرارة بشكل طفيف، وإحساس ببعض الإرهاق أو آلام متفرقة في الجسم. عمومًا تتحسن هذه الأعراض إن حدثت خلال 48 ساعة.

لا ينصح بتعاطي اللقاح

أثناء الإصابة بالحمى خاصة إذا كانت شديدة، ولا ينصح كذلك بتعاطيه لمن سبق إصابتهم بحساسية من التطعيم سابقًا إلا تحت إشراف طبي.


5. أصبتُ بالأنفلونزا، ماذا أفعل؟

الغالبية العظمى من أدوار الأنفلونزا تشفى خلال بضعة أيام، طالما كانت المناعة جيدة. كذلك إذا كنت ممن حصلوا على مصل الأنفلونزا، فهو وإن فشل أحيانًا في منع الدور ابتداءً، فإنه يقلل من حدته ومضاعفاته. إذا كنت مصابًا بأي من

حالات ضعف المناعة

، كمرض الإيدز، أو أمراض اختلال المناعة الوراثية، أو الأورام السرطانية المنتشرة، أو تتعاطى العلاجات الكيماوية أو العلاج بالكورتيزون، أو مرض السكر، أو ضعف مزمن بعضلة القلب، أو أمراض صدرية مزمنة .. الخ فعليك طلب المشورة الطبية منذ البداية، وكذلك الحوامل.

أما التعليمات العامة للتعامل مع الأنفلونزا فهي كالتالي:

أولًا: لا تأخذ مجموعة البرد الشهيرة التي يتعاطاها الكثيرون اعتباطًا، ويفترضون فيها قدراتٍ سحرية، بينما في الواقع ضررها أكبر من نفعها.

اقرأ أيضا:

مجموعة البرد: هيا ندمر المناعة وندرب البكتيريا.

ثانيًا: الراحة ثم الراحة.

ثالثًا: الغذاء الصحي الجيد .. وأساسه الفواكه، الخضروات، المشروبات الطبيعية، منتجات الألبان .. الخ فهي وقود جيد لجهاز المناعة.

رابعًا: التحكم في الأعراض باستخدام المسكنات وخوافض الحرارة، وأكثرها أمانًا الباراسيتامول، لكن يمكن اللجوء مؤقتًا إلى المسكنات الأشد كالبروفين والديكلوفين .. الخ خاصة أنها مضادات للالتهاب أيضًا. كذلك يمكن استخدام مضادات الاحتقان والحساسية لتقليل أعراض الرشح واحتقان الأنف.

اقرأ أيضًا:

المسكنات والكلى .. قصة مؤلمة حزينة.

اقرأ أيضا:

المسكنات تؤلم .. وتقتل أيضُا.

خامسًا: إذا لم يحدث تحسن خلال 5-7 أيام، اطلب المشورة الطبية.